صار التبرير الوحيد لاستمراري في العيش هو أني مضطرة و ليس لأني أريد .
و هذا الأمر أشد بؤساً من التشرد والضياع ، فكل متشرد أو ضائع يستيقظ كل يوم من أجل شيء ما ،
إما للبحث عن لقمة العيش أو لايجاد هدف ... أما أنا فأستيقظ لأفعل أشياء لا رغبة لي فيها و لم أختارها منذ البداية ..
فقط لاستمر في اللاشيء الذي يراه الآخرون "حياة "
من رواية ليتني امرأة عادية لـ " هنوف الجاسر "
من أقسي اللحظات اللي ممكن يمر بها أي أنسان هي لما يحس أن حياته ملهاش هدف أو معني ,,
و أنه عايش بس عشان مضطر يعيش ! ,
فوجوده ملوش اي عائد مضاف لا لنفسه و لا للي حواليه ,
انما هو مجرد كائن حي بيشكل كتله محددة من الفراغ الكوني ,
كائن لو تم الأستغناء عنه مش حيحصل اي ضرر او أختلاف , كائن بلا قيمة تفاعلية حقيقية , كائن ميت !
فلاسفة كتير و أدباء كبار خاضوا في قضية " معني الحياة " ,
فيه اللي قال معناها في القوة و السيطرة , و في اللي قال معناها في الخلود الفكري و الأنتاج الأبداعي ,
و في اللي خدها من قصيرها و قال مفيش اي معني ,
لكن ده مجرد وهم بيخلقه الأنسان لنفسه عشان يستمر في الحياة !! فالحياة عديمة المعني .. !
وسط كل دول يطلع العبقري " نجيب محفوظ " في " الشحاذ " و يقول " .. لا معني لها الا الحب .. " !
يمكن أكون متحيز شوية لمفهومي عن معني الحياة ..
بس شايف أن فعلا الحاجة الوحيدة اللي ممكن تدي معني للروتين البشري القاتل و الظلام المادي الخانق اللي أحنا كبشر مغروسين فيه تحت مسمي الحياة هي " الحب " ! ...
فـ" ألبير كامو " في " أسطورة سيزيف " بيتكلم عن معضلة الحياة
و يقول :
(( .. فأن نستيقظ وأن نركب القطار وأن نقضي أربع ساعات في المكتب أو في المصنع أو في الجامعة وأن نتغدّى، ثمّ أن نركب القطار مجددا وأن نقضي أربع ساعات من العمل أو الدراسة ، وأن نتعشّى وأن ننام ، ثم يوم الإثنين فالثلاثاء فالأربعاء فالخميس فالجمعة، وأخيرا السبت ، كلها على الوتيرة ذاتها ، وتستمر .. وذات يوم يطالعنا سؤال “ لماذا ” ؟ )) ..
لا بجد , أيه اللي يخلي راجل يستحمل ضغط الشغل و قرف المجتمع غير أنه بيحب عياله و عاوز يوفر لهم حياة أفضل ؟
أيه اللي يخلي واحدة ست تستحمل التعب و الخنقة بتاعة الحياة غير أنه بتحب جوزها و بتضحي بسعادتها عشان تكون معاه و تشوفه في أحسن حال ؟ ,,
حتي و لو مفيش حد تاني تمارس معاه مشاعر الحب , حبك لنفسك كفيل أنه يديك دفعة رغبة في الحياة !
فمعني وصول الشخص لفقدان اي معني لحياته , أنه حتي نفسه مش قادر يحبها !!
.. فالمعني في التواصل مع الحبيب , الصديق , الأب , الأم , الأبن , الجار , مع الأنسانية ككل ..
في التواجد المستمر مع الناس اللي بيحبهم و بيحبوه .. في الرغبة في ممارسة الحب !! ....
و اللي عمره ما حيتحقق غير لما تبتدي تحب نفسك و تصدق بجد أنها تستحق..
بعيوبها و نواقصها , بغلطاتها و كوارثها , بضعفها و مشاكلها ..
فعلا تستحق الحب .. تستحق الأستمرار في الحياة ..
موضوع لكيرلس بهجت