منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 07 - 2016, 01:23 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس


الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس
مقدّمة: الجهاد للجميع
لماذا يتحدّثُ إليكُم راهب، وقد خرج من ديره، بخلاف المعهود أنّ الرّهبان يلازمون أديارهُم؟
كانَ وقتٌ غيرُ بعيدٍ منّا، ظنَّ فيه الناس أنّ الحياة الرّهبانيّة أمسَت غير نافعة في الكنيسة، وهي تنتمي إلى زمَنٍ غابِرٍ، ويجبُ ابتكار أنماط أخرى من التّكريس لله. كلُّ مَن ظنَّ هكذا يَجهَل أنّ الحياة الرُّهبانيّة ليست في الأساس سوى الدَّعوة الرَّسوليّة. الرّاهبُ رسولٌ من حيثُ إنّه عَرَفَ أن يُلَبّي دَعوةَ المسيح لَهُ بِلا شُروط (أنظر مر16: 17). إنّه يَشهَدُ أمام العالَم بحياتِهِ، لا بكلامِه، أنّ وُعودَ الإنجيل يُمكِنُ تحقيقُها منذُ الآن، وفي أيِّ الظُّروف، وأنَّ ملكوتَ السَّموات، الّذي افتَتَحَهُ المسيحُ بمجيئِه إلى العالم، أضحى في مُتناوَلِنا.
في الوقتِ ذاتِهِ، يَبدو الراهبُ شخصيّةً نَبَويّة، حيثُ إنَّ سيرَتَهُ الخارجَة عن أُطُرِ المألوف في الحياة العاديّة والاجتماعيّة تُناقِضُ مسيحيّةً عَهِدناها راغبَةً في التَّأَقْلُمِ وَمُقتَضَيات الحياة في عالَمِ الموت هذا. تمامًا كما فَعَلََ الأنبياءُ القدماءُ في إسرائيل، ومن بعدهم النّبيُّ يوحنّا سابق المسيح، يأتي الراهبُ ليُذكِّرَ الناسَ بحُقوق الله، حتى في لباسِه، وبأنَّ الله يتطلَّبُ منّا تكريسًا كاملاً له.
فبخِلافِ الظَّنِّ الغالبِ عندَ الناس، ليس هدَفُ الرُّهبان أن ينعزلوا عن العالَم وعن المجتَمَع، بل أن يصيروا أشخاصًا يخدِمون التواصُل والله des êtres de communion، ومن خلالِ اللهِ التواصل والآخرين، بوساطة الصّلاة. يَكفي للمَرءِ أنْ يَزورَ أحدَ الأديار ليشهَدَ عيشَ الشَّرِكَة الأخويّة، بالأحرى من القطيعة مع العالَم. لهذا فالشّركة الرّهبانيّة هي أُسرة روحيّة، كنيسةٌ مصغَّرة حيث يَختبر الإنسان الشَّرِكةَ مع المسيح يومًا فيومًا. لهذا يُعرِّفُ أحدُ النّصوص الرهبانيّة حياة الدّير بأنّها “انتظار الله في التسبيح”.
رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:23 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

فالرُّهبان لم ينصَرفوا قطُّ عن حياة الكنيسة، بل ما زالوا، منذ ألف وستّمئة سنة ونَيِّف، أوّلَ مَن تَعهَّدَ الإرساليّاتِ والتبشيرَ في سائرِ البلادِ المسيحيّة، في الشَّرق والغرب معًا. وإنّ المُحَرِّك الأوّلَ لتبشير شعوب البلاد السوريّة هم النُّساك العَموديّون من الرُّهبان. هنا أَخُصُّ بالذِّكر مثالَ الجبَل المقدّس (آثوس)، الّذي يوصَفُ بمَكان الخلوة والصّمت بامتياز، ولكنّه، منذ تأسيسه في القرن العاشر، بَقِيَ المَصدرَ الأساس لتبشير الشعوب السّْلافيّة في البَلقان وروسيّا، ولاعتناق تلك الشُعوب الدِّيانة المسيحيّة.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:24 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

هدف الحياة الروحيّة: اكتساب الروح القدس
حياةُ الراهب إذًا مَصدَرٌ للتَّجَدُّد ولاجتذاب الناس إلى الإنجيل، بالأحرى من الاعتكاف والانقطاع عن العالم. فالرُّهبان، سواءٌ في جبل آثوس أو في أيّ مكان آخر، ليسوا سوى مسيحيّين عَشِقوا المسيح وقرَّروا أن يتبَعوه حتى النهاية، على غِرار الرّسُل، تاركينَ خلفَهُم كلّ ارتباطٍ بالعالم. هذا الموقِفُ القطعيّ الّذي يميّز دعوتَهم يَجعلُهُم مثالاً لسواهُم من المسيحيّين، يقتدي به كلٌّ حَسَبَ إمكاناته، ومقدارِ شوقِهِ إلى المسيح. فالرُّهبان هم مِلحُ الأرض، بفضلِه تُثمِرُ للحياة الأبديّة.
إنّ المسيح، في بَدء بشارتهِ، ردّدَ مرارًا هذا الكلام: “إنْ أرادَ أحدٌ أن يأتي ورائي، فليُنكِر نفسَه ويحمِل صليبَه ويتبعني”. إذًا كلُّ مسيحيّ، لا الراهب وحدَه، هو مَن يُلبّي دعوةَ المخلِّص، ويُنْكِر حياتَه وتَقَوْقُعَه على ذاتِه، وعلى أنانيّتِه، ليتْبعَ المسيحَ حيثُ يذهَب، حتى إلى موته، الّذي هو عربون الحياة الأبديّة. نحن كلّنا اعتَمَدْنا بالمسيح، ونزَلنا في المياه المُحييَة، على مثالِ نزولِه إلى الموت، للاشتراك في قيامته. وبالتّالي حياتُنا كلُّها ينبغي أن تكون “حياةً بالمسيح”، لأنّنا “لَبِسْنا المسيح”.
علينا إذًا أن نتخلّى عن الفكرة السّائدة أنّ المسيحيّة ديانة بين الدِّيانات أو هي إحدى الرُّوحانيّات. هذه الكلمة رائجة اليوم في الغرب، وهي تشير إلى نوعٍ من الحِكمة أو نَمَط من العيش الرَّفيع يُحقّقُهُ الإنسان بجُهدِهِ الشخصيّ وحدَه، وهو أقرَبُ إلى الحكمة عند فلاسفة الإغريق.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:24 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

أمّا المسيحيّة فشيءٌ آخَر: إنّها دخول حياةِ الله في مَدى حياة الإنسان. هي نوعٌ من الظُّهور الإلهيّ، لا كالظُّهور في العهد القديم، حيث يُشيرُ الله إلى حضوره بالرّموز. إنّما هنا الله نفسُه يلبَسُ الإنسان، ويصعَدُ به إلى السَّماء ليَجلِسَ عن يمين الآب، كما في عيد الصّعود. لقد تعوَّدنا الاحتفال بهذه الأعياد، ولم نعُدْ نَلتَفِتُ إلى العَثَرة الصّارخة الّتي تَضَعُها للعقل البشريّ. فبالنِّسبة للعقل، كما لفلاسفة الإغريق، أن يصبِحَ الله إنسانًا أمرٌ غيرُ وارد. إنّه عَثَرَة، العَثَرة الّتي من أجلها صَلَبَ اليهودُ المسيح. لم يستطِعْ الإغريقُ أن يُطيقوا هذا التزاوج بين المحدود واللامحدود. وقد أَعثَرَهُم بالأكثَر أن يصعَدَ هذا الإنسانُ إلى عَرشِ الله. رُغمَ ذلك، فهذا هو جوهر إيماننا: نحن لا نقولُ إنّ الله صار إنسانًا فحَسْب، بل إنّنا مَدعُوّون لنصير مثل الله في المسيح بفِعْل الرّوح القدس. من هنا ليست الكنيسة مؤسّسة بشريّة، ولا حتى “ديانة”، إنّما هي جماعة (شَرِكَة) المتألّهين”، كما يقول القدّيس غريغوريوس بالاماس. هذا يَعني أنّنا نؤلِّفُ معًا جماعةَ الّذين يبتغون أن يعيشوا في شَرِكَةٍ مع الله. الكنيسة هي ملكوت السموات بيننا، ولكنْ يبقى علينا أن نكتشفَهُ شخصيًّا بمساهمة حرّيتنا الشّخصيّة. فهدف الحياة المسيحيّة، بحسب القدّيس سيرافيم ساروف، هو اقتناء الروح القدس، وتحقيق ملكوت السموات في ذاتنا، هذا الملكوت الّذي دخلَ فينا يوم معموديّتنا.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:24 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

هدفُ الحياة المسيحيّة إذًا هو أن نعيش حياة الله. لذا ليسَ أمام الإنسان المسيحيّ طريقان: واحدة تكفيه لتأمين خلاصه بعد الموت، وأُخرى تقودُ إلى الكمال الإنجيليّ، تَسْلُكُها أَقلِّيَّةٌ مُختارَة من الناس. لا، فَكُلُّ إنسانٍ مَسيحيّ مَدعوٌّ إلى الكمال، ولا يُمكن الفصل بين الخلاص والكمال الخُلُقيّ، أو بين “الحياة الكنسيّة” و”التألّه”، أي المشاركة في حياة الله. فالخلاص يقتضي أن نَتْبَعَ المسيح، وأن نسعى لتنمية بذار الحياة الإلهيّة الّتي أُلقِيَت فينا يومَ المعموديّة. وكما يَقولُ القدّيس يوحنا الذّهبيّ الفم، “الإنسان المسيحيّ هو الّذي يُفكِّر في سلوكِه وقراراته كلّها أنّ المسيح مَعَنا في كلِّ مكان”. لذلك لا يمكن التَّمييز بين حياة مسيحيّة مخصَّصَة للرُّهبان، أو للكهنة، وحياة أخرى مموَّهَة، يكتفي بها المؤمنون المرتبطون بالواجبات العائليّة والدّنيويّة. كلّنا مدعوّون إلى الكمال. لا يمكننا أن نكون مسيحيّين “بنِصْفِ دَوام”، كما يقول القدّيس يوحنّا الذّهبيّ الفم. ويقولُ أيضًا: “وَهْمٌ كبيرٌ ظنُّكَ أنّ الرّهبان والعلمانيّين ليس لهم الواجبات ذاتها، لأنّهم، ما عدا الزّواج أو البتوليّة، سيؤدّون الحسابَ نفسَه… فالمسيح لا يتكلّم في الإنجيل على علمانيٍّ وراهب، إنّما هذا التَّفريق من نتاجِ العقل البشريّ، وهو مجهول تمامًا في الكتاب المقدّس، الّذي يودّ أن يحيا الناس جميعًا حياة الرّهبان، ولو تزوّجوا”.
أجل، إنّ النُّصوص الروحانيّة الأُرثوذكسيّة في مُعظَمِها كَتَبَها الرُّهبان أو كُتِبَت للرُّهبان في الأساس، ولكنّ ذلك لأنّ الحياة الروحيّة الّتي يعيشها الرّهبان تبقى المثال الأعلى والمَرْجع الأوّل لكلّ إنسان مسيحيّ، وما هي إلاّ الحياة المسيحيّة الإنجيليّة المُعاشة في أقصاها. هذه الحياة المُنبَسطة إزاءَنا هي استجابَتُنا لموهبة الله، استجابةٌ تُكَلِّفُنا جُهودًا صعبةً. وهذه الجهود تُعَبِّرُ عن شَوقِنا لله وتبرِزُ قيمةَ حرّيتِنا، الّتي هي صورة الله فينا.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:24 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

انتصار المسيح المسبَق
لقد قال المسيح: “جئتُ ألقي نارًا على الأرض”، وأردفَ حالاً “وكم أودُّ لو تشتعل” (لو12: 49). فهو يقصُدُ بكلامِهِ هذا أن يُشعِلَ الروحُ القدسُ في النَّفْس اشتهاءً لا يَرتوي للملكوت الأبديّ. لقد ارتضى المسيح أن يَتَسربَلَ الطبيعةَ البشريّةَ ويَقْبَلَها في ذاتِه، فخاضَ المعركة في بشريَّتِه، وأحرزَ لنا انتصارًا حاسمًا على العدوّ الأكبر للإنسان، أعني الموت. هذا ليُظهِرَ لنا أنّه علينا اتّباعَ خُطاه وإحراز انتصاره في بشريّتنا. قد يَعترضُ كثيرون قائلين إنّه كان يستطيع أن يخلّصنا بعملٍ باهرٍ يُظهِرُ اقتدارَه. أجل، ولكنّه آثرَ أن يتنازل إلى ضُعفنا، ويصيرَ بشرًا مثلنا، ويتّخِذَ ضُعفنا الّذي هو الموت، من غير أن يتّخذَ سَبَبَ الموت الّذي هو الخطيئة. منذ تجسّده، صار مثالاً لنا أنّ الإنسان يستطيع أن يعيش من غير خطيئة.
غالبًا ما يصوِّرُ لنا الآباء عملَ الخلاص هذا كحربٍ ما بين الإله الإنسان والشيطان، بدأتْ بالتجربة على الجبل، حينما صام المسيح أربعين يومًا وواجهَ التَّجارب الثَّلاث الرّئيسيّة. ثمّ استمرَّتْ هذه الحربُ على مدى حياة المسيح الأرضيّة، حيث أظهر غلبَتَه على قُوى الشيطان كلِّها: المرض، والمَسّ الشيطانيّ، وسواهما. وبلغَت هذه الحربُ ذروتَها في سِرِّ موتِه على الصّليب، وانتصارِه بالقيامة، حيث “أماتَ الّذي أماتَنا”. لهذا فالإيقونة الأرثوذكسيّة للقيامة لا تصوِّرُ حدثَ القيامة، الّذي يتعذّر تصويرُه، بل تُمَثّلُ نزولَ المسيح إلى الجحيم، وهو حاملٌ الصّليب، به يحطِّمُ أبوابَ الجحيم. فصليب المسيح – الّذي كانَ أفظعَ ميتةٍ في عَهدِ الرّومان-، أضحى سلاحَ انتصار المسيح على الموت والجحيم والشيطان.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:25 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

نرى المسيح (في الإيقونة) يُمسِكُ آدمَ وحوّاء بيديه، ويَنتَشِلُهما بقوّة من الجحيم والموت. هنا يَكمنُ عملُ الخلاص. هنا نَجِدُ معنى الفترة الفِصحيّة حينما نُعيّدُ لغَلَبَة المسيح على الموت، فَيُحَيّي المسيحيّون بعضُهُم بعضًا هكذا: “المسيح قام! حقًّا قام”! هذا الفرح الفصحيّ ينبغي أن يكون موقف المسيحيّين الدّائم، ولذلك يدوم التَّعييد أربعين يومًا، لأنّ الرقم أربعين في الكتاب المقدّس يرمز إلى الاستمرار، والديمومة. لهذا ليس من عيبٍ وأمرٍ مُشين للمسيحيّة أكبر من رؤية مسيحيّين واجِمين، مُكتئبين، يغتمّون من مواجهة الموت. هؤلاء لا يَشهدون في حياتِهم لفرح القيامة، في حين أنّ الرسول بولس يَحُثُّنا على الفرح كلَّ حينٍ هاتفًا: “أين شوكتكَ يا موت؟ أينَ غلبتُكِ يا جحيم؟ ولكنْ شُكرًا لله الّذي يعطينا الغلَبَة بربّنا يسوع المسيح”! (1كور15: 57) لقد أحرزَ المسيح انتصاره من أجلنا بالآلام والقيامة، في طبيعته البشريّة، لكي تنتقلَ هذه الغلبة إلينا جميعنا، وتصيرَ لنا “مثالاً لنتبع خطواته”، كما يقول بطرس الرسول (1بط2: 21). لقد فتحَ الطريق الّتي قطعَتْها أبوابُ الموت، ليجتذبَنا مع آدمَ وحوّاء في انطلاقة الصعود إلى السماء.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:25 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

كلُّنا إذًا مدعوّون إلى كمال الحياة السماويّة، ولنا اختيار نمط هذه الحياة: إمّا الزّواج وإمّا البتوليّة المكرّسة، ولكنّ المطلوب واحد، وهو التخلّي عن الدُّنيا، عمّا يسمّيه الكتاب المقدّس “الإنسان القديم”. هذا التخلّي دُعِيَ إليه كلُّ مسيحيٍّ يومَ معموديّته، عندما سألَه الكاهن –أو سأل العرّابَ إذا اعتمدنا صغارًا-: “هل ترفض الشيطان، وكلّ أعماله، وكلّ ملائكته، وكلّ عباداته ومطرباته”؟ فيجيب الموعوظ: “نعم أرفض الشيطان”. وبعد هذا التعهّد، يُمسَح المُقبِل إلى المعموديّة بالزّيت، كما كان الأقدمون يفعلون أثناء تهيئة المصارعين للدّخول إلى حَلَبة الجهاد. هكذا يُمسَح المعتمِد قبلَ تغطيسه في الماء ثلاث مرّات، رمزًا إلى الأيّام الثلاثة الّتي قضاها المسيح في القبر. ثمّ يقوم المعتمِد، مشتركًا في قيامة المسيح، وقد أصبحَ إنسانًا جديدًا لابسًا المسيح (غلا3: 27)، ومدعوًّا بعد ذلك ليسلك في كلِّ أمرٍ بما يوافق المسيح، “في المسيح”، ويقتنيَ في سائر الظروف “فكرَ المسيح”.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:25 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

في المعموديّة إذًا، أصبحنا مشاركي سِرَّ الخلاص من دون أيّ جُهد، ولكن يبقى علينا أن نحقّقَ هذا السّرّ في ذاتنا على مدى العمر، وأن نتبعَ المسيح في انتصاره. فإنّ صورة الله المرسومة فينا بالطبيعة تستعيد بالمعموديّة حيويّتَها، وامتدادَها نحو “المِثال”، كما هو مكتوب في سفر التكوين: الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله. ويُولي آباءُ الكنيسة هذا التمييز ما بين “الصورة” و”المثال” أهمّيّة كبيرة. فبسقوطه، فقدَ آدمُ “المثال”، من دون أن يفقد “الصّورة”، وهذا ما يفسّر الإحساس الفطريّ بصورة الله فينا أو الشعور الفطريّ بحضوره عند غير المسيحيّين، أو عند الّذين لم يسمَعوا قطُّ بالمسيح، سواءٌ عاشوا في أقطار الأرض البعيدة أو قبل المسيح كالفلاسفة القدماء. ولكن يبقى هذا الشعور عند هؤلاء ناقصًا، لأنّ “المثال” مفقود. في المعموديّة نستعيد بنعمة الروح القدس هذا التحرّك من الصورة إلى المثال. ولكن علينا أن ننمّيه إراديًّا. علينا أن نخوض هذه المعركة الرابحة مسبَقًا، ونطبّقها في ذواتنا. المفارقة هي أنّ الله الكلّيّ القدرة لا يريد أن يفعل شيئًا من دوننا. هذه كانَتْ مجازفته حينما خلقَنا أحرارًا، ثمَّ حينما أعاد خَلقَنا بالمسيح. فحتّى بعد القيامة، ليس الخلاص إجباريًّا، وحتّى بعد المعموديّة ليس ما يجبِرُنا على اتّباع وصايا المسيح.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2016, 01:25 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,577

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

أعداؤنا: الجسد والعالم
لِنَرَ الآن من هم أعداؤنا, وضدّ مَن يجب أن نحاِرب.
عندما يَذكرُ الكتاب المقدّس كلمتَي “العالم” و”الجسد” ، لا يعني بهما الخليقة المادّيّة، ولا جسم الإنسان، كما يفهم كثيرون، واصِفين المسيحيّة بأنّها ضدّ الجسم البشريّ والعالم المادّيّ. إنّما تشير هاتان الكلمتان الكتابيّتان المعروفتان منذ العهد القديم إلى كلّ ما لم يَخضَعْ فينا لانتصار المسيح، وإلى ميولنا الّتي تجرُّنا نحو حالتنا قبل المعموديّة، حالة الانفصال عن الله والتمرّد عليه، الّتي سبّبَت مرَضَ الجنس البشريّ كلّه. وما الموت والفساد سوى مظهَر من مظاهر هذا المرض العامّ. “الجسد” هو ما يَعزُلُنا عن الله، ويحرمنا شركةَ الروح القدس. لهذا لا ينبغي أن نأخذ هذه الكلمة كما يَفهَمُها فلاسفةُ الإغريق، حيث الجسد هو ضدّ النفس، بل يجب أن نأخذها في المفهوم الكتابيّ، حيث الجسد هو ضدّ الروح. الروح هي نَفخة الله، هي حياة الله الّتي تأتي وتَمُدُّنا بالحياة الحقيقيّة. فإنّ آدم صار “نفسًا حيّة” لمّا نفخ فيه الله من روحه.
هذا تمامًا هو مفهوم بولس لما يسمّيه “أعمال الجَسد” حيثُ لا يكتفي بإدراج الخطايا الجسديّة: “زنى، دعارة، عبادة أوثان، سِحر…”، بل يضيف إليها كلَّ ما يَمُتُّ إلى النّزعة الأنانيّة عند الإنسان: “عداوة، خصام، سخط، تحزُّب، شقاق، غيرة، حسَد…”(غلا5: 19). ويمكن أن نضيف إلى هذه اللائحة في أيّامنا ما في هذا العالَم من مظاهر كاذبة، وحضارة اللذة، والطّمَع، والمنافسة العائليّة والمِهَنيّة، وكذلك الكسَل، وفقدان الحسّ الروحيّ (الضّجر)، والضياع الرّوحيّ، والخلَل في أحكامنا وفي مقاييسنا بسبب تراجع القيَم. وإلى ذلك نُضيف القَلَق، والتَّعب العصبيّ، والتخيّلات الّتي تولّدها حضارةٌ مُتخَمَة بالصُّوَر والمعلوماتيّة، حضارةٌ “ظاهريّة” (virtuelle) نزداد غرَقًا فيها. كما نذكر السّعي وراء إشباع الرّغبات الأنانيّة، وشراهة البطن والعين، وطلب النّجاح الباهر وإعجاب الآخرين بنا.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يتطلَّب الجهاد للحصول على النقاوة الكاملة؛ جهاد النفس والجسد معًا في أعمال التوبة
العناد مع النفس في الجهاد الروحي
سلام النفس والروح يهدياننى
ترنيمة يا إللي سلام النفس في قربك - المرنم الشماس مينا
الرب يسوع هو سلام النفس


الساعة الآن 03:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024