|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
زويل لخريجى معهد «كالتيك» بكاليفورنيا: الشباب المصرى أسقط مبارك فى 18 يوماً فقط باستخدام مهارات غير مسبوقة.. نعيش فى حقبة المعلومات.. والنجاح لا يأتى كالمطر للجميع وإنما للعقول المستعدة فقط دكتور أحمد زويل أكد العالم المصرى الدكتور أحمد زويل أن التكنولوجيا صارت سلاحا له تأثيره الفعال فى مختلف المجالات حتى السياسى منها، مدللا على ذلك بلجوء الشباب المصرى إلى هذا السلاح فى ثورتهم السلمية التى تمكنت من التخلص من مبارك فى 18 يوما فقط، مشددا فى كلمة وجهها لحفل تخريج دفعة جديدة من طلاب معهد كاليفورنيا للعلوم والتكنولوجيا «كالتيك» أن المعلومات فى حد ذاتها يمكن ألا تشكل معرفة مفيدة، وكل من المعلومات والمعرفة ليست كافية من أجل اكتساب الحكمة، «فالمرء يحتاج إلى تعليم لائق جنبا إلى جنب مع الخبرات التى يكتسبها».. وإلى نص الكلمة: أتحدث إليكم وقد تنقلت بين بيئات مختلفة وأحمل مناصب متعددة، فأنا مثلكم تعلمت الكثير كونى جزءا من البنية الأكاديمية الفريدة من نوعها بمعهد كالتيك، فقد حصلت على المعرفة وربما بعض الحكمة فى الشؤون العالمية، كونى أحد الأعضاء المنتمين لتلك المؤسسة، وكمواطن يهتم بشؤون العالم، وربما يكون لهذا الاحتفال أهمية خاصة لى، حيث شعرت عائلتى بما تشعر به عائلاتكم اليوم فى حفل التخرج، فمنذ حوالى 20 عاما وقفت على تلك المنصة لأسلم ابنتى شهادة التخرج من هذا المعهد. أعزائى: أنتم تتسلمون شهادات تخرجكم، إلا أننى أود أن أخبركم أنكم سوف تدركون قريبا أن هذا التخرج ليس سوى الخطوة الأولى فى طريق طويل سوف تخوضونه فى المستقبل، فاليوم وفى مثل هذا التقليد الذى يعود إلى العصور الوسطى احتفاء وعرفانا للأرواح التى كرست نفسها من أجل التعلم والحكمة، هذا اليوم يمثل بداية جديدة فى حياتكم، فأنتم تعيشون فى حقبة خاصة، يمكننا تسميتها بـ«حقبة المعلومات»، وقد جئتم إلى كالتيك من أجل الحصول على المعرفة، وما يجب أن تدركوه أنه ليس من الضرورى أن تمثل المعلومات فى حد ذاتها معرفة مفيدة، وكل من المعلومات والمعرفة ليست كافية من أجل اكتساب الحكمة، فالمرء يحتاج إلى تعليم لائق جنبا إلى جنب مع الخبرات التى يكتسبها، وأحيانا يفيد الأمر أن يكون لديك الجينات الوراثية التى تساعد على ذلك.. لذا اختر والديك جيدا! «مازحا». أقول لكم إن رسالتى منذ البداية بسيطة للغاية: دع ضوء المعرفة والحكمة يرشدانك ويساعدانك فى صياغة مستقبلك ومستقبل بلادك بل ومستقبل العالم بأكمله. عندما جئت إلى الولايات المتحدة عام 1969 لم أكن أحلم بالحصول على جائزة نوبل أو تكوين ثروة كبيرة كثروة بيل جيتس، وإنما جئت طالبا المعرفة، وأسعى للحصول على درجة الدكتوراه، من مؤسسة جامعية ذات سمعة جيدة فى أرض الفرص متسلحا بما حصلت عليه من تعليم ممتاز فى مصر، ولكن لغتى الإنجليزية كانت ضعيفة للغاية. كانت الولايات المتحدة بمثابة المغناطيس الذى يجذب العديد من خريجى جيلى نظرا لتقدمها فى مجال العلوم والتكنولوجيا بالإضافة إلى قيمها الديمقراطية الفريدة، فقد كان الهبوط التاريخى لنيل أرمسترونج على القمر فى عام 1969 كافيا لإثبات الرؤية الأمريكية لآفاق جديدة من الثورة المعرفية، وكنت أعلم جيدا قول أديسون المأثور «العبقرية تتمثل فى %1 إلهام و%99 عمل جاد»، لذلك استغللت فرصة كونى موجودا بالمكان المناسب فى الوقت المناسب، كونى فى الولايات المتحدة وفى معهد كالتيك، وحقيقة كانت الأجور فى كالتيك والنظام المشجع فى الولايات المتحدة سببا رئيسيا فى تمكن أستاذ مساعد والفريق العامل معه من تنفيذ بحث خلال عشر سنوات فقط تمكن من خلاله من الحصول على جائزة نوبل عام 1999. الناس غالبا ما يسألوننى «كيف يمكن للشخص أن يفوز بجائزة نوبل، وما هو سر تحقيق النجاح؟»، والغريب أن هؤلاء الأشخاص، لم يكونوا يهتمون بمثل هذه الأمور قبل حصولى على جائزة نوبل، أعتقد أن الشغف بالعلوم هو الذى أمدنى بالطاقة، والتفاؤل جعل من الأمور التى تكاد تكون مستحيلة ممكنة. أعزائى الخريجون النجاح لا يمكن أن يأتى كالمطر من السماء للجميع وإنما يأتى فقط للعقول المستعدة، والنجاح هو أن تحصد ما زرعته بشغف وتفاؤل. الآن الأوقات تغيرت والعالم صار أكثر تعقيدا، وأمريكا اليوم ليست كما كانت فى السابق عندما جئت فى أواخر الستينيات من القرن الماضى، إننا نعيش اليوم فى عصر العولمة، وصرنا مهددين بالكوارث الكيميائية والبيولوجية والنووية، الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة كصعود قوى اقتصادية كالصين والهند والأهم من ذلك التغير فى القيم السياسية والثقافية والتعليمية. بالنسبة لكم، فأنتم حصلتم على تعليم استثنائى فى القرن الحادى والعشرين فى مجتمع متطور، وما حصلتم عليه من تعليم غير متاح لأكثر من 80 بالمائة من سكان كوكب الأرض الذين يبلغ تعدادهم حوالى ستة مليارات شخص ممن يحصلون على دولار واحد فى اليوم. إن الولايات المتحدة تمنحكم من الفرص ما لن تجدوه بمكان آخر فى العالم، فهنا يمكنك أن تتحدث وتتعبد بحرية كما تريد، كما يمكنك أن تنام مستريحا دون أن تخاف من الشرطة أو الحكومة، هذه القيم الأساسية تجدون جذورها فى هذا البلد التى تأسست على أعمدة الحياة، والحرية، والسعى نحو تحقيق السعادة. أود أن أخبركم أن عالمنا اليوم ملىء بالفرص، وأنتم تلقيتم تعليما خاصا فى العلوم كما غرس النظام التعليمى بداخلكم منهجية التفكير العقلانى، فلا تستمعوا إلى المتشائمين، ولكن استمروا فى مشاركة خبراتكم فى أى مجال تتحمسون له، سواء كان فى مجال الأعمال أو الحكومة أو القانون أو الفنون أو العلوم. أنا لا أعلم مستقبل الأعمال أو السياسة، ولكننى أعلم مستقبل العلوم، جيلكم والأجيال القادمة ستواصل السعى من أجل فهم الطبيعة، وسيقومون باكتشافات مثيرة يحملها المستقبل لنا، من فك رموز المكونات الأساسية للطبيعة والتحكم بها، واكتشافات تصل لحدود الكون، وكشف حقيقة أصولنا ومعجزة الحياة. جيلكم سيكتشف أيضا كواكب جديدة، وربما يصل إلى مجرات أخرى، أنتم الآن تجلسون على بعد بضعة أميال من «جى بى ال» – مختبر طائرات الدفع بوكالة ناسا لأبحاث الفضاء – حيث يتم بناء معمل أبحاث المريخ المتنقل، من أجل إطلاقه فى نوفمبر من هذا العام. وعندما يهبط المعمل المتنقل الذى يحمل اسم «curiosity» – أى «الفضول» – فى أغسطس من العام المقبل، سيقوم بأول هبوط دقيق مباشر على المريخ وسيساعدنا فى معرفة ما إذا كان الكوكب من الممكن أن يحوى حياة «ميكروبية» على سطحه أم لا. يوجد وراء تلك الإنجازات العلمية، منفعة مباشرة من أجل حرية الأفراد، فمنذ فجر التاريخ يعتبر طلب المعرفة قوة دافعة للتغيير والثورة، مسببا بذلك تحولا فى مفهومنا للكون، وأيضا مؤديا دوره كعامل لنهضة المجتمعات البشرية، فالنهضة الأوروبية كان من الممكن أن تكون مستحيلة لولا التنوير الذى حدث بشأن أهمية المعرفة والتفكير العقلانى، وأعتقد أن تقدير مدى تأثير السياسة على تقدم المجتمع كان مبالغا فيه، فبدون العلم لن يكون هناك تطور، والسياسة لن تتمكن من تقديم وعود بالرخاء وقتها. فكروا معى: كيف كان من الممكن أن يكون شكل عالمنا بدون الكهرباء؟ أو البنسلين؟ أو الطائرات؟ بدءا بالثورة الزراعية والصناعية، وحتى ثورة علم الجينوم، وثورة التكنولوجيا فى عصرنا هذا.. وحتى فيما يتعلق بالسياسة، أصبحت التكنولوجيا سلاحا جديدا فى التغيرات التى تحدث بالمجتمع، جيل الشباب يمكنهم الآن تسخير تكنولوجيا المعلومات من أجل تحقيق ما ظن جيلى أنه مستحيل. فى أماكن أخرى حول العالم مازال هناك قمع واحتلال ومعاناة بشرية، والشباب يثورون من أجل الحصول على الحرية من الأنظمة القامعة، ولكن الأمل الذى شهدته مؤخرا فى مصر يعد مؤشرا حقيقيا على دور العلم فى الديمقراطية، فبلاشك أنتم على علم بالثورة الشبابية التى تجتاح الشرق الأوسط الآن، لقد شهدت بنفسى ثورة المصريين التى بدأت فى 25 يناير عام 2011، والتى قادت إلى التخلص من مبارك فى 18 يوما فقط، رأيت مئات آلاف من طلبة ومواطنين آخرين ينطلقون فى مسيرات لميدان التحرير، الذى يحمل معنى الحرية فى اللغة العربية، وهو ما أراده الشباب تحديدا من النظام القديم الذى ظل 30 عاما فى مكانه «الحرية». هؤلاء الشبان تظاهروا بشكل سلمى وبمهارات تنظيمية غير مسبوقة، وانسجام تام، فى جيلى ربما كنا نضطر إلى استخدام الحجارة والعصى والأسلحة «المسدسات» لكى ننتفض، ولكن بالنسبة لجيلكم فقد استخدموا facebook وtwitter والرسائل القصيرة، وبدون التطورات التكنولوجية اللاسلكية والإنترنت، ربما لم تكن لتنجح تلك الثورة أبدا كانتقال متحضر وسلمى، وعلى الرغم من أن الطريق أمامنا به عقبات، ولكنى متفائل بأنه من خلال الاستثمار فى التعليم والتنمية باستخدام العلم، ستبزغ مصر الديمقراطية. ربما تكونون مهتمين بمعرفة أنه بعد الثورة بشهور قليلة أعلنت مصر إنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا على مساحة 300 فدان، ويمكنكم بالطبع أن تخمنوا أى من النماذج لمعاهد الأبحاث سيتم اتباعه فى تنفيذ المدينة .. نموذج معهد كالتيك. أود أن أؤكد لكم أنه عندما يحصل مواطنو الشرق الأوسط على حرياتهم، سيصبح العالم مكانا أفضل.. بعض الباحثين يقولون أن العالم محكوم عليه بالخوض فى الصراعات والحريات، ولكن تلك الصورة الكئيبة بالتأكيد ليست نتاج ظاهرة طبيعية، فنحن، الأفراد، من نسبب تلك الصراعات، ونحن كأفراد يمكننا إما أن نشغل النيران أو نساعد فى إطفائها. أود أن أقول لكم أيضا أن الولايات المتحدة لا يمكنها تغيير ثقافة الآخرين، والأمم مسؤولة عن المحن التى تواجهها، ولكنه نصيب وقدر الولايات المتحدة أن تحتل مركز القيادة فى العالم، باستخدام أكثر قواها قيمة ألا وهى القيم الأمريكية التى تهتم بالحريات الفردية، والعدالة، وحقوق الإنسان، أنا أؤمن أنه يمكن تحقيق المزيد ولكن ليس من خلال السيطرة ولكن بالاستخدام الاستراتيجى للقوة الأمريكية الحقيقية، ألا وهى القوة الناعمة. فالقوة الناعمة للعلم لديها الإمكانية على إعادة تشكيل العلاقات الدبلوماسية فى العالم، وذلك بتكلفة أقل كثيرا من التى تحتاجها استخدام القوة العسكرية للتدخل، لدى أمل أنه سيتم وضع سياسة على المستوى القومى من أجل تحقيق مكانة قيادية فى الإبداع. وهذه السياسة يجب أن تتضمن ما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية العلمية من أجل عقد شراكات للتنمية مع دول العالم.. ربما يجادل البعض أنه من السذاجة أن نفكر بتطبيق تلك القيم المثالية فى عالمنا غير المثالى، ولكن الاستفادة من تأثير العلاقات الدبلوماسية العلمية يعد فى مصلحة الولايات المتحدة، ومن خلال قوة المعرفة يمكننا أن نمحو الجهل، نشكل مستقبلا يربط بين الثقافات والحضارات. فى خطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى القاهرة عام 2009، تحدث بشكل مفصل عن مبادرة جديدة للتعاون والشراكة التى تؤكد على دور العلم فى العلاقات الدبلوماسية وتحديدا مع الدول ذات الأغلبية المسلمة، وفى وقت سابق كان الرئيس قام بتعيينى ضمن مجلس مستشاريه للعلوم والتكنولوجيا، ولاحقا أصحبت مبعوثا للولايات المتحدة للعلوم بالشرق الأوسط، وبدأت وقتها بعثة دبلوماسية أعادتنى إلى المكان الذى أتيت منه، ولكن مع هدف مختلف، وبعد الجولات التى قمت بها والاطلاع على حالة العلم والتعليم، ليس فقط فى دول المنطقة ولكن أيضا حول العالم، أؤمن أننا سنواجه عواقب خطيرة إذا لم نتخذ إجراء فعليا. قرأت مؤخرا دراسة هامة تركتنى مرعوبا حول التركيبة السكانية للمعرفة فى كوكبنا بأكمله، ففى دراسة «تعليم كل الأطفال: أجندة عالمية» يرى جويل كوهين ودايفيد بول أن العمل من أجل تعليم كل الأطفال بالمرحلتين الابتدائية والثانوية أمر ملح ويمكن تطبيقه، ومع ذلك فبحلول 2015 سيكون هناك أكثر من 300 مليون طفل لم يدخلوا المدارس، لذلك يجب القيام بكل المجهودات الممكنة من أجل تغيير ذلك الوضع كى نأمل فى مستقبل أفضل لعالمنا. قبل أن أختم حديثى تحضرنى كلمات ربما تكون الأفضل لوصف قيمة التعليم والمعرفة حيث قال توماس جيفرسون فى عام 1782، الأهداف العامة «لمشروع قانون لنشر المعرفة بشكل أكبر بين عامة الناس» تتمثل فى تقديم نظام تعليمى يمكنه أن يتكيف على مدى السنين، ويتواءم مع قدرات ووضع كل فرد، ويوجه من أجل خدمة حرياتهم وسعادتهم، فهى كلمات تكشف كيف أن جيفرسون تمكن قبل قرنين من الزمن من رؤية فائدة التعليم على مستوى الأفراد وعلى المستوى العالمى. أعزائى الخريجيون، حفل التخرج هذا هو بمثابة المرحلة المبدئية لعملية التطوير، فهو بداية لرحلة طويلة، عليكم أن تستثمروا ثروتكم المعرفية بحكمة، وعليكم أن تصنعوا بأيديكم المكان والزمان للحصول على الفرص، ويجب أن يكون لكم حلم تعملون بجد على تحقيقه، مثلما فعل الرجل العظيم الذى قال تلك الكلمات المدوية، الدكتور مارتن لوثر كينج جونيور، إنه «بدون العلم الجاد لا يحق لنا أن نعيش حياة كريمة، وبدون التعاطف لن نحقق حياة كريمة فى عالم يعيش غالبية سكانه وهم لا يملكون شيئا». عائلاتكم وبلادكم استثمرت فى عملية تعليمكم لأسباب جيدة، فأنتم تحتاجون إلى تعليم جيد كى تقودوا حياة كاملة وغنية، والدولة بحاجة إليكم لبناء المستقبل، والعالم سيصبح مكانا أفضل إذا استبدلنا بالجهل المعرفة. |
|