المحبة تصدق كل شيء
![المحبة تصدق كل شيء](https://images.chjoy.com//uploads/images/ch-joy.com-f4b1b9ae57.jpg)
(أ) لأنها تركز فكرها على قوة المسيح المغيرة، ولا تركز على الشر. كان المؤمنون يخافون من شاول الطرسوسي ويسمعون أخباره برعب. وعندما طلب الرب من حنانيا أن يذهب إليه ليعمِّده خاف حنانيا، لأن شاول أوقع شروراً كثيرة بقدِّيسي الرب. لكن الرب في محبته طمأن قلب حنانيا، وقال له إن شاول في انتظاره، وإنه بعد معموديته سيتحمل الألم في سبيل المسيح بعد أن يصبح خادماً له. وقد تحقق كل ذلك، وتغيَّر شاول تماماً، وبدل أن يلقي القبض على حنانيا، سمح لحنانيا أن «يُلقي القبض عليه» فعمَّده خادماً للمسيح وأسيراً لمحبة الصليب (أعمال 9: 10-22). لقد صدق حنانيا إعلان الرب له رغم صعوبة تصديقه، لأنه يعلم مقدار قوة المسيح المخلِّص، ومقدار محبته للنفس الخاطئة.
جمع المسيح مجموعة من التلاميذ الضعفاء الذين لا حَول لهم ولا قوة اجتماعية ولا ثروة ولا درجات علمية، معظمهم من الصيادين، وقال لهم إنه سيجعلهم «صَيّادِي النَّاسِ» (مرقس 1: 17) ولم يكن من السهل أن يصدقوا أن الله سيصنع بهم عجائب ويؤسس بهم ملكوت السماوات. ولكن محبتهم للمسيح صدَّقت الذي أحبهم واختارهم ، فآمنوا أن ملكوت السماوات يشبه « حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ، وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلَكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ وَتَصِيرُ شَجَرَةً حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا» (متى 13: 31، 32).
ويتكلم الرسول بولس عن قوة الله الفعالة في المسيح فيقول: « عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، (1) إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، (2) وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، (3) وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْه» (أفسس 1: 19-22). وهذه القوة نفسها التي أقامت المسيح (1) تُقيمنا من موت خطيتنا، (2) وتُجلسنا عن يمينه في السماوات، (3) وتعطينا نعمة الخضوع الكامل له، بعمل الروح القدس في قلوبنا.
(ب) المحبة التي تصدق كل شيء لا تركز على متاعب الحياة، لكنها تركز على رب العناية: «ا لإِنْسَان مَوْلُودٌ لِلْمَشَقَّةِ .. اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ قَلِيلُ الأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَباً » (أيوب 5: 7 و14: 1). حقاً تمتلئ حياتنا بالمتاعب، ولو أننا ركزنا عليها سنضيع. لكن تركيزنا على عناية إلهنا يرحمنا ويرفعنا. سأل إبراهيم المولى: «أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟» (تكوين 18: 25). نعم، سيصنع عدلاً! والمحبة تصدق أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله، الذين هم مدعوون حسب قصده، مهما كانت ظروفهم (رومية 8: 28). فإن الله دائماً يحوِّل نتائج الشر إلى خير.
كلنا يذكر كيف مشى الرسول بطرس على الماء، ولكن ما إن أدار وجهه عن المسيح وحوَّله إلى الأمواج الهائجة حتى أخذ في الغرق (متى 14: 22-33). وفي هذا درس بليغ لنا كلنا.