رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مفهوم الخلاص أولاً :- إنقاذ من عقوبة الخطية. ثانياً :- إنقاذ من سلطان الخطية. ثالثاً :- إنقاذ من جسـد الخطية. في بساطة نستطيع أن نقول إن الخلاص معناه (الإنقاذ) فمثلا: (الخلاص من الغرق) هو الإنقاذ من الغرق. (الخلاص من يد العدو) هو الإنقاذ من يده.. وبهذا المعني نفهم خلاص المسيح لنا أنه: أولاً :- إنقاذ من عقوبة الخطية: عندما ترتكب إحدى الخطايا تتبكت وتتألم لأنك ترى شدة غضب الله، وتحس بأنك تستحق الموت لأنك فعلت الشر في عيني الرب إلهك.. هذا شعور سليم لأن "أجرة الخطية هي الموت" (رو23:6). فان كان هذا شعورك فأنت تستطيع أن تفهم معنى الخلاص، فالخلاص هو إنقاذك من قصاص الخطية ودينونتها، أو بمعنى أوضح إنقاذ من عقدة الشعور بالذنب. "لأنه لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح". (رو1:8). فيسوع بموته على الصليب قد وفى قصاص الخطية، قد احتمل في جسده عقوبة خطاياك ليطلقك أنت بريئاً. "لأن الرب وضع عليه إثم جميعنا". (اش6:53). "والمسيح أيضاً تألم مرة واحدة من أجل الخطايا. البار من أجل الآثمة لكي يقربنا إلى الله". (1يو18:3). ولهذا فان "دم يسوع المسيح ابنه يطهر من كل خطية". (1يو7:1). فان كنت حزيناً على خطاياك مرتجفاً من العذاب الذي تستحقه ارفع نظرك إلى المعلق على خشبة الصليب نيابة عنك، فتحمل العذاب عوضاً عنك، ومات هو بدلا منك، فترتاح نفسك ويصير لك سلام مع الله. "متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح .. بالإيمان بدمه" (رو25:3). "إذ قد تبررنا ولا تنسى أنك علي هذا الإيمان قد قبلت المعمودية بالإيمان وصرت عضواً في الكنيسة لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (رو1:5). هل تثق وتؤمن في كفاية دم المسيح المسفوك عنك ليوفى دينك؟ أم أنك تظل حزينا مرتجفا من العقاب غير واثق في تبرير الرب لك بدمه. "ونحن متبررين الآن بدمه نخلص به من الغضب". (رو9:5). إنك إن لم تثق في ذلك فانك تنقص من قيمة دم المسيح وعمله الكفاري على الصليب !!. ولكن هل معنى هذا أنك تتمادى في خطاياك وشرورك على حساب دم المسيح؟ كلا.. أريدك أن تلاحظ جيداً أن الكتاب عندما قال: "إذاً لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع" أكمل قائلا: "السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح"(رو1:8). والسيد المسيح نفسه قال لمريض بيت حسدا بعد أن شفاه من مرض الجسد ومرض الخطية "ها أنت قد برئت فلا تخطئ أيضاً لئلا يكون لك أشر". (يو14:5). وبولس الرسول يؤكد هذا القول بقوله: "فماذا نقول. أنبقى في الخطية لكي تكثر النعمة. حاشا. نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها" (رو1:6،2). أرجو أن هذا الأمر لا يحيرك كثيراً فان المقصود بالسلوك حسب الروح أن تكون اتجاهاتك ورغبات قلبك هي أن تعيش مع الله وتسلك في الطريق المؤدى للحياة الأبدية، فان تعثرت فيه وسقطت عن ضعف، يقيمك الرب ويغفر خطاياك ولا يحسب عليك خطية. وفي هذا قال يوحنا الحبيب "يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا.. ليس لخطايانا فقط بل الخطايا كل العالم أيضاً" (1يو1:2،2). وفال أيضاً:- "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يو9:1). وأما الحالة التي يحذر منها الكتاب هي أنك تعيش في حياة الإثم ولكن لإسكات صوت ضميرك عن تأنيبك وصوت الروح القدس عن تبكيتك تقول أن الدم يطهر من كل خطية!! وفي هذا قال الرسول "إن قلنا أن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق ولكن إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح يطهرنا من كل خطية". (1يو6:1،7). فان لم تكن لك توبة صادقة لن تغفر خطيتك. "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون:. (لو3:12). "فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم". (أع19:3). فعلى هذا الإيمان تسرى فاعلية سر المعمودية وسر التوبة في الخلاص من قصاص الخطية. ثانياً :- إنقاذ من سلطان الخطية: هذا هو المعنى الثاني للخلاص أو بتعبير أدق الجانب الثاني للخلاص. فالإنقاذ من سلطان الخطية ومحبتها لا يقل أهمية وقيمة عن الإنقاذ من قصاص الخطية وعقوبتها. فلو كان عمل المسيح قاصراً فقط على الإنقاذ من قصاص الخطية فحسب دون التحرير من سلطانها لكان عملاً مبتوراً وحاشا أن يكون عمل الله ناقصا. فما قيمة تسديد ديون أحد السكيرين دون تحريره من سلطان الخمر، ربما كان هذا العمل مدعاة له أن يتمادى في سكره وديونه متكلا على من يسددها له!! إن هذا العمل يضره أكثر مما يفيده، لهذا وجب على من يسدد الديون أن يعمل على التحرير من سلطان الكيوف والخطية. وشكراً لله بيسوع المسيح ربنا الذي قيل عنه "فمن ثم يقدر أن يخلص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله .. إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم". (عب25:7). فيسوع لم يسدد الدين فحسب بل قد وهبنا روحه الذي يحررنا من سلطان الخطية ومحبتها والعبودية لها. هو ذا بولس الرسول يتكلم عن خبرته في هذا الأمر، فبعد أن كان يصرخ متأوها. "أرى ناموساً آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي .. ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت". (رو23:7،24). نراه بعد ما حصل على اختبار التحرر من سلطان الخطية يقول "إن ناموس روح الحياة في المسيح قد أعتقني من ناموس الخطية والموت". (رو2:8). ويلاحظ أن هذه النعمة تالية لنعمة الخلاص من دينونة الخطية إذ في الآية السابقة مباشرة لهذه الآية يقول الرسول "إذا لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح". (رو1:8). فلا تكتفي يا مبارك بنعمة الخلاص من قصاص الخطية وعقوبتها بل اطلب بإيمان لتختبر الخلاص من سلطان الخطية بقوة روح المسيح وجاهد جهاد الإيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية. إن السر في هزيمتك المتوالية يا أخي هو أنك لم تعتمد على الروح القدس ليحررك من عبودية الخطية. وتسرى فينا قوة المسيح في سرى الميرون والتناول، فعندما نثبت فيه نستطيع أن نجاهد جهاد الإيمان الحسن. (1تى12:6). ثالثاً :- إنقاذ من جسد الخطية: هذا هو النوع الثالث من مفاهيم الخلاص. فالمؤمن يظل طيلة أيام حياته في حرب طاحنة بينه وبين رغبات جسد الخطية أو الإنسان العتيق الساكن فيه والذي يحاول إبليس أن يستثيره بمغريات العالم وشهواته ليفقده الخلاص والنعيم. ولا يتوقع المؤمن راحة طالما هو في الجسد. لذلك فهو ينتظر مجيء الرب يسوع من السماء ليخلصه من جسد الخطية (الإنسان العتيق أو الطبيعة الفاسدة). لهذا فكمال خلاصنا هو بتغيير أجسادنا الترابية إلى أجسام روحانية "يزرع جسما حيوانيا ويقام جسما روحانياً_ يوجد جسم حيواني ويوجد جسم روحاني. لكن ليس الروحاني أولا بل الحيواني وبعد ذلك الروحاني .. وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس أيضاً صورة السماوي" (1كو44:15،49). وأيضاً يقول معلمنا بولس الرسول " فان سيرتنا نحن هي في السموات التي منها ننتظر مخلصنا هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده". (فى20:3،21). وهذا النوع الأخير من الخلاص نناله بظهور شخص ربنا المبارك يسوع المسيح. " أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (يو2:3). فكمال خلاصنا يا أخي هو بظهور ربنا في مجده فيقوم الأموات ويلبسون الجسد الروحاني والأحياء الباقون على الأرض يتغيرون من الصورة الترابية إلى الصورة الروحانية في لحظة.. في طرفة عين."هو ذا سر أقوله لكم لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير .. فانه سيبوق فيقام الأموات عدمي فساد ونحن نتغير". (1كو51:15،52). " آمين تعال أيها الرب يسوع ". (رؤ20:22). وقد وضح القديس أوغسطينوس هذا المفهوم بكل جلاء إذ قال: "إذا سألني أحد عما إذا كنا قد خلصنا بالمعمودية؟ فأنا لا أستطيع أن أنكر ذلك إذ يقول الرسول "خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس " (تى5:3). ولكن إن سألني عما إذا كنا قد خلصنا تماما من كل ناحية بواسطة المعمودية؟ أجيب بأن الأمر ليس كذلك. فقد قال نفس الرسول "لأننا بالرجاء خلصنا ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضاً. ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر". (رو24:8،25). ثم يعود القديس أوغسطينوس موضحاً فيقول: (لأن المعمودية تغسل كل الخطايا عامة.. ولكنها لا تنزع الضعف البشري الذي يظل يقاومه المتجدد في جهاده الحسن). فهو يوضح هنا الجانب الأول والثاني من "الخلاص من قصاص الخطية وسلطان الخطية". وفي الفقرة الآتية يوضح أيضاً الجانب الثالث من الخلاص فيقول "ولكن هذا الضعف الذي نقاومه بين سقطة وقيام حتى الموت..سينتهي بتجديد آخر قال عنه الرب: "في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم على أثنى عشر كرسياً" (مت28:19). فيسمى الرب القيامة الأخيرة تجديداً وقد سماها بولس الرسول (تبنى وفداء) إذ قال "نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أنفسنا أيضاً نئن في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا" (رو3:8). ثم يتساءل القديس أوغسطينوس قائلا: "ألم نتجدد؟ ألم نحصل على التبني والفداء بالمعمودية المقدسة؟ نعم ولكن يوجد أيضاً تجديد وتبني وفداء يجب أن نتوقعه بالصبر". ويجمل القول: "لهذا فخلاص الإنسان قد حدث فعلا في المعمودية .. ولكن ثمة خلاص آخر سوف يحصل عليه المؤمن (في المجيء الثاني) وبهذا الخلاص لا يستطيع أن يخطئ." |
|