أهم الفضائل التي جاهد لأجل اكتسابها آباء البراري بلا حدودٍ وحتى اية حياتهم
هي: الطاعة، والاتضاع، والصلاة الدائمة، والصمت، والدموع … كل هذه وغيرها
زرعوا بها القفار فأثمرت لهم قداسة ومتعتهم بالتطهير من خطاياهم، كما أن معظم
الفضائل كانوا يقتنوها بالدموع والعرق والجهاد في الصلاة.
وبتراكم الخبرات الشخصية في الحياة الروحانية صارت تنبثق منها الإرشادات التي سُجلت في أقوال الآباء، وبالتدريج صارت أكثر وضوحا وفهما لمن جاءوا بعدهم. بل إن هذه الأقوال تعتبر عطية نافعة لكل المسيحيين بصفةٍ عامة. وهي عندما تفهم جيدا تلهِب الغيرة على اقتفاء إثر خطوات الذين نطقوا بها، وهي تدعو الإنسان إلى أن يتحرك نحو حياةٍ أفضل مما يحياها الآن.
واختبارات الآباء هذه التي تركوها لنا تعتبر ميراًثا ثمينا يُجنب كلٍّ منا مخاطر الطريق
الروحي الذي يحاول السير فيه بطرقه الخاصة. ولم يوجد في الحياة النسكية مجال للانشغال بالأمور العقائدية، ولا مناقشة مواضيع أو مشاكل الكتاب المقدس، لأن كل هذه تفقد الراهب سلامه الداخلي كما توجِد الانقسام في الرأي والتحزبات والأحقاد. أليس هذا هو سبب انقسام وتفتت المسيحيين الغربيين في القرون الأخيرة الذي أنشأ طوائف لا حصر لها؟!
مثالٌ على ذلك: [دعي الأب "كوبرس" ذات مرةٍ إلى اجتماعٍ للبحث في شخصية
ملكيصادق، هل هو شخصية إنسانية أم إلهية، فلما وصل سألوه عن هذا الموضوع، فضرب على فمه ثلاث مراتٍ قائلا: ”الويل لك يا كوبرس لأنك أهملت كل ما طلبه الله منك وشرعت تفتش عما لم يطلبه منك“! فلما سمع الإخوة ذلك رجعوا إلى قلاليهم]!