رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأنبا بولا يعلن عن موقف حاسم بخصوص تدخل الأمن في الكنائس 130 كيلومتراً قطعتها السيارة من القاهرة إلى موطنه بدير «مارمينا أبيار» بمدينة طنطا فى الغربية، لم يكسر مشقة الطريق سوى لقائه بعد أن صام عن الإعلام لما يزيد على عام ونصف العام، لاسيما أن الحوار معه دائماً به جديد، فهو الأنبا بولا؛ أسقف طنطا الذى يتولى أرفع المناصب وأهمها داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فهو مقرر لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس ومسئول العلاقات بين الكنيسة والدولة والمشرف على ملف الأحوال الشخصية بالكنيسة الذى أفنى أكثر من ربع قرن فى تولى مسئوليته، ويعتبر مهندس هيكلته الجديدة فى عهد البابا تواضروس، فضلاً عن إشرافه على إعداد قانون بناء الكنائس، بالإضافة إلى أنه كان ممثل الكنيسة فى «لجنة الخمسين» لوضع الدستور. الحكومة تعد قانون بناء الكنائس والكنيسة تقدم مقترحات.. وعلى المشرع أن يمنح الأقباط حقهم المنتظر منذ عشرات السنين.. و لن نقبل بتدخل الجهات الأمنية فى بناء الكنائس على غرار الماضى .. ويجب تقنين كل ما سبق بناؤه للعبادة دون ترخيصثلاث ساعات فى الهواء الطلق داخل الدير تحيطنا سماء صافية وأشجار وارفة ترسم صورة جمالية رائعة، جلسنا خلالها مع الأنبا بولا الذى انطلق يفتح كل الملفات الشائكة معنا بوضوح وصراحة، يتحدث عن الوجع القبطى من منع السفر للقدس، ليعرج بنا إلى قانون بناء الكنائس ومقترحات الكنيسة فيه، ويتحدث عن ملف الأحوال الشخصية وسعيه بكل ما أوتى من قوة لحل أزمته. وبوطنية خالصة تناول أسقف طنطا فى حواره مع «الوطن»، الذى تزامن مع احتفال الكنيسة والأقباط بعيد القيامة، حسب الاعتقاد المسيحى، الأوضاع التى تمر بها مصر، كاشفاً عن مساعيه للمساهمة فى تقديم حلول للدولة والتعاون معها، مشيراً إلى خطورة الدعوة لثورة ثالثة، معتبراً أنها ستؤدى إلى انهيار مصر.. وإلى نص الحوار: ■ كل عام، بالتزامن مع عيد القيامة، يطفو على السطح الحديث عن زيارة الأقباط للقدس ويثار جدل بين أنصار السماح بالسفر إلى هناك وبين من يتهم المسافرين بالتطبيع.. كيف ترى هذا الجدل؟ - الصحافة انشغلت فى الفترة الأخيرة بعدد من سافر للقدس من الأقباط؛ فمنهم من أجمل العدد فى 5680 قبطياً، ومنهم من كتب كل يوم عدد ركاب كل رحلة، وهذه الأرقام مقارنة بعدد الأقباط فى مصر وعدد من كانوا يسافرون قبل المنع ما زالت محدودة جداً، والحقيقة أريد أن أناقش الموضوع بشىء من الموضوعية؛ فأنا أرى أننا نحتاج فى هذه المرحلة لإعادة دراسة قرار منع الأقباط من السفر للقدس دراسة متأنية وموضوعية وكنسية، وعلى أرضية وطنية، وذلك بسبب المتغيرات الكثيرة التى طرأت على الساحة المصرية والإقليمية منذ إصدار المجمع المقدس لذلك القرار، وهنا أود أن ألخص بعض المتغيرات: أولاً: الأسباب التى صدر من أجلها القرار وقتها تختلف كثيراً عن الظروف الحالية، فقد كان أحد أسباب المنع يتعلق باستيلاء بعض الرهبان الأحباش على دير السلطان القبطى، وتخاذل السلطات الإسرائيلية فى تنفيذ حكم نهائى من المحاكم الإسرائيلية بتمكين الأقباط من الدير مجاملة للأحباش، وحالياً تسعى الكنيسة القبطية لتوطيد العلاقة بين الكنيستين والشعبين من أجل أهداف وطنية أكثر أهمية تتعلق بمياه نهر النيل وحل مشكلة سد النهضة، وهذا يحتاج منا تجاوز أزمة دير السلطان فى هذه المرحلة. الأقباط لن يعودوا لثكناتهم مرة أخرى.. وكان للكنيسة دور واضح فى تشجيعهم للخروج فى «30 يونيو» متخطين «أحداث ماسبيرو» ثانياً: السبب الآخر للمنع فى ذلك الوقت أنه كانت هنالك حالة من الرفض العربى والفلسطينى للتطبيع مع إسرائيل بالإضافة لرفض السواد الأعظم من الشعب المصرى للتطبيع، وكان أهم صور التطبيع هو زيارة الأقباط للقدس وبيت لحم وغيرها من الأماكن المقدسة فى فلسطين المحتلة، وأعتقد أن المناخ الرافض للتطبيع قد تغير بصورة كبيرة بالرغم من أن المحتل الإسرائيلى هو العدو الأول للعرب، خاصة مع احتلاله للأراضى الفلسطينية، إلا أنه يوجد نوع من التغيير فى العلاقة والنظرة للتطبيع، ومن مظاهره: التطبيع الاقتصادى مع إسرائيل مثل «اتفاقية الكويز» التى أدت إلى إنتاج مشترك للمنسوجات بين الشركات المصرية والإسرائيلية لتصديرها للولايات المتحدة الأمريكية، وقد قبلنا هذا الأمر، ومنها أيضاً التعاون الأمنى فى بعض الأحيان والذى من مظاهره وجود عسكرى فى سيناء الآن، بالرغم من منع اتفاقية السلام مع إسرائيل لذلك، حيث يحلق الطيران الحربى المصرى فوق سيناء الآن، وتوجد المعدات العسكرية الثقيلة على أرضها لدحر الإرهاب. وبالتالى توجد «حلحلة» فى العلاقة ونوع من المصالح المتبادلة، فإذا قبلنا هذا فلماذا لا نقبل تغيير قرار منع الأقباط من زيارة القدس. ثالثاً: السلطة الفلسطينية فى أكثر من مناسبة تطالب قيادة الكنيسة بالسماح للأقباط بزيارة القدس، ولعلنا نتذكر كلمات الرئيس أبومازن للبابا عن أن «زيارة الأقباط للقدس هى زيارة للسجين وليست للسجان»، بما يعنى أن الشعب الفلسطينى سجين الاحتلال الإسرائيلى ويطلب المساعدة بزيارة الأقباط كنوع من الدعم الاقتصادى والسياسى والمعنوى. رابعاً: هنالك من القيادات الإسلامية من قام بالفعل بزيارة الأراضى المقدسة فى فلسطين دعماً للشعب الفلسطينى. خامساً: مر على منع الأقباط من زيارة الأراضى المقدسة بفلسطين نصف قرن من الزمن وذلك منذ حرب 1967 وحتى الآن وهذا يعنى حرمان جيل كامل من الزيارة، وفى نفس الوقت لا تتضح أى انفراجة فى المستقبل القريب بخروج الاحتلال الإسرائيلى الجاسم على الصدر الفلسطينى. سادساً: يقوم حالياً الكثير من أقباط المهجر بزيارة المقدسات فى فلسطين دون قيود مما يُشعر أقباط مصر بمزيد من الضيق. سابعاً: تعتبر القدس هى المكان المقدس المسيحى الوحيد فى العالم الذى يحج إليه المسيحيون حيث قبر السيد المسيح وغيره الكثير من الأماكن المقدسة التى ولد وعاش فيها السيد المسيح، ويشعر مسيحيو مصر بمعاناة الحرمان من التقديس فى حين أنهم يرون إخوتهم فى الوطن (المسلمين) يتمتعون بالحج والعمرة دون قيود. ثامناً: من يذهب للقدس الآن يذهب دون إشراف من الكنيسة فى حين أنهم كانوا فى الماضى وقبل قرار الحرمان يخرجون فى رحلات منتظمة تنظمها رابطة القدس التابعة للكنيسة القبطية فكانوا يتمتعون بإشراف ورعاية الكنيسة. كل هذا وغيره من الأمور تحتم علينا إعادة النظر فى الأمر مع وضع الصالح العام ومصلحة الوطن والأمن القومى فى الاعتبار قبل اتخاذ القرار. ■ هذا يعنى أن الأنبا بولا مؤيد لسفر الأقباط للقدس؟ - أنا لم أقل إننى مؤيد للسفر للقدس ولكن مؤيد لقرار المجمع المقدس بعد دراسة الوضع، والقاعدة الشعبية المصرية تشعر بهذا، وهنا أخاطب جميع المصريين ليشعروا بحقيقة الأمر، فالدراسة توضع بموضوعية أمام المجمع المقدس والقرار ليس قرار فرد، ولكن قرار المجمع، تحت مظلة وطنية تخدم الصالح العام والأمن القومى لمصر. ■ أنت أحد رجال الكنيسة الذين لهم ثقلهم، لماذا لم تتقدم مباشرة بطلب الدراسة للبابا؟ - أنا أحب أن أطرحها للشعب المصرى أولاً. ■ ولكن ما تقوله يتفق مع تصريح للبابا تواضروس مؤخراً عن دراسة إعادة النظر فى القرار؟ - لم أتقدم بشىء لقداسة البابا، ولكن ربما فى بعض الأحيان أطرح عليه أن أخرج إلى الإعلام لطرح قضية القدس، وهى مجرد فكرة ولم يحدث تنسيق حتى اللحظة، وحسب كلامك فإن البابا يفكر فى هذا الأمر، وأنا كذلك، وأعتقد أن كل مصرى يفكر فى هذا الأمر، ولكن أنا أسلط الضوء على حقيقة الأمور التى ربما غير واضحة للكل، وينبغى أن نحكم الأمر بعقل مع قليل من العاطفة. ■ بحكم الدستور، لا بد من إقرار قانون بناء الكنائس خلال الدورة الحالية، فلماذا خَفُت الحديث عنه وإلى أين وصل؟ - بخصوص بناء وترميم الكنائس فى مصر لنا عدة ملاحظات: أولاً: لا بد أن نتفق على أن بناء الكنائس وترميمها فى مصر وعلى مدى عقود كثيرة كان يمثل أهم أسباب معاناة ومتاعب الأقباط، وكان أيضاً أحد أهم أسباب الفتنة الطائفية فى بلادنا بسبب تعدى بعض المتشددين على الكنائس والمصلين. ثانياً: الوقت قصير ويحتاج الأمر سرعة إصدار هذا القانون خلال أيام أو أسابيع معدودة قبل عطلة مجلس النواب وفقاً للمادة 235 من الدستور والتى نصها: «يصدر مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانوناً لتنظيم بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية». ثالثاً: علينا أن نقر بأن الحكومة هى المسئولة عن إعداد مشروع أو مسودة القانون وليس أى جهة أخرى وأن البرلمان وحده هو جهة التشريع. رابعاً: الكنيسة إذا تقدمت بشىء فهى، وفقاً للمناخ الصحى الجديد فى مصر ما بعد ثورتين، تتعاون مع الحكومة بتقديم بعض المقترحات من خلال صياغة قانونية، لأن الكنيسة هى الأكثر معرفة باحتياجاتها وعلى دراية بالمشاكل التى عانت منها فى الماضى لذا وجب عليها التقدم للحكومة بمقترحاتها ومن هنا تعددت اللقاءات بين الكنيسة والحكومة لهذا الغرض فى الآونة الأخيرة، فالكنيسة تقدم مقترحات وليس قانوناً. خامساً: اشتركت كل الطوائف فى مصر فى صياغة بعض المقترحات الأولية وتم تقديمها للحكومة منذ عهد وزير العدالة الانتقالية السابق. ■ وما المقترحات التى تقدمت بها الكنائس للدولة لإدراجها فى هذا القانون؟ - أولاً: لا بد أن ندرك أنه وفقاً لنص المادة 64 من دستور 2014 أصبحت ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للمسيحيين حق ينظمه القانون، حيث تنص هذه المادة على أن «حرية الاعتقاد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون»، وما أكثر القرى وبعض المدن أو امتداداتها المحرومة من حق الأقباط فى ممارسة شعائرهم الدينية وإقامة دور العبادة، لذا على القانون أن يضع حلولاً عملية لحصولهم على حقهم الدينى المنتظر منذ عشرات السنوات. ثانياً: ينبغى أن يراعى القانون المساواة التى كفلها الدستور لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم وذلك حسب المادة 53 التى تنص على: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر. والتمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض». الأنبا بولا: أطالب بإعادة النظر فى قرار منع الأقباط من زيارة القدس.. وتوجد حلحلة فى العلاقة ومصالح متبادلة بين مصر وإسرائيل والنظرة للتطبيع تغيرت.. فلماذا نمنع الأقباط الآن من زيارة القدس؟! وعليه بالتأكيد فإن المجتمع المصرى، وفقاً للدستور ووفقاً للروح الجديدة التى تدب فى الجسد المصرى، لن يقبل تمييزاً سلبياً للأقباط فى بناء كنائسهم بتولى جهات معينة مهام الترخيص بالبناء على غرار الماضى كالجهات الأمنية وغيرها، وذلك مراعاة للمادة 92 من الدستور التى تنص على أن «الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها». ثالثاً: لا بد أن يحدد القانون سقفاً زمنياً لاستصدار الترخيص بالبناء اتفاقاً مع قانون البناء المصرى وتجنباً لمشاكل الماضى حيث كان بناء كنيسة يتطلب الانتظار لسنوات عديدة. رابعاً: ينبغى أن يتضمن القانون فصلاً عن بعض التعريفات التى تسهل على المشرع إصدار القانون، ومنها «محتويات مبنى الكنيسة من صحن الكنيسة، الهياكل، المنارة، المعمودية»، وتعريف مبنى الخدمات ومحتواه. خامساً: ينبغى أن يعالج القانون تقنين كل ما سبق أن تم بناؤه وممارسة العبادة فيه دون استصدار تراخيص، حيث كان يضطر الأقباط فى بعض الأحيان وبسبب استحالة الترخيص بالبناء إلى إنشاء مبنى يتم تحويله إلى كنيسة. سادساً: للكنيسة وحدها تحديد المساحة المراد البناء عليها وليس أى جهة أخرى بما تراه يتفق مع النمو السكانى والتمدد العمرانى تجنباً لبناء العديد من الكنائس. ■ وإلى أين وصلت صياغة القانون حالياً؟ - سنصل قريباً للصياغة النهائية للقانون الذى يسعى لتلافى كل المشاكل التى كان يعانى منها الأقباط. ■ انتهت الكنيسة فى 2014 من وضع قانون الأحوال الشخصية الجديد.. لماذا أعيد فتح النقاش حوله مجدداً؟ - أولاً: لا بد أن نقر بحقيقة، فلقد عانى الأقباط كثيراً فيما يخص شئون أحوالهم الشخصية لأسباب عديدة، منها أن القوانين المعمول بها فى المحاكم والتى تجيز التطليق والبطلان غير مأخوذ بها فى الكنيسة، وبالتالى الكثير من الأقباط كانوا يحصلون على طلاق ولكن يصعب حصولهم على تصريح بالزواج الثانى، يضاف إلى ذلك أن «المجلس الإكليريكى» للأحوال الشخصية كان مخولاً إليه هذا الملف على مستوى العالم كله، وهذا يصعب الأمر وكان يحتاج منى ثلث السنة سفريات، ولم يكن الأمر كافياً، وبعد عهد جديد وروح جديدة فى مصر وبمبادرة فريدة من نوعها من رئيس الدولة خاطب فيها وزارة العدل بالاهتمام بقانون الأحوال الشخصية للأقباط المعطل، بعد أن سبق للكنائس أن أصدرت 3 مشروعات لقوانين الأحوال الشخصية وتم طرحها مرة على البرلمان ومرتين على الجهات المسئولة الأخرى ولم يؤخذ بأى من هذه القوانين، ومن خلال مبادرة الرئيس أرسلت وزارة العدالة الانتقالية فى ذلك الوقت مشروع القانون الموحد الأخير الذى سبق للكنيسة أن أرسلته للدولة لكنه أُرسل معدلاً عبر الحذف والإضافة، وبتكليف من البابا تواضروس عكفت لفترة على دراسة مشاريع القوانين من خلال خبرة 27 عاماً فى رئاسة المجلس الإكليريكى على مستوى الكنيسة كلها فى الداخل والخارج، ومن خلال معايشتى لمعاناة الكثير من الأقباط ومن خلال رؤية إنجيلية عبر الكتاب المقدس ورأيه فى هذا الأمر، ووضعت فى الاعتبار روح الإنجيل إن أمكن وليس نص الإنجيل، وبدأت أعمل فى هذا الإطار وشاركنى فيه مجموعة من القانونيين المخلصين فى الكنيسة القبطية، ثم انتقلنا إلى مرحلة ثالثة بإشراك مجموعة من القانونيين من الطوائف الأخرى، وانتهت تلك الفترة باجتماعين متتاليين لقيادات الطوائف أو ممثليها وتم تقديم هذا القانون به ملاحظاتنا جميعاً للدولة بشكل مبدئى وليس نهائياً، إلى أن كلفنى البابا بطرح القانون على لجنة الإيمان والتشريع بالمجمع المقدس وعلى مدى جلستين متتاليتين حضر أعضاء اللجنة والكثير من غير الأعضاء، وحُسمت نقاط كثيرة وتبقت بعض النقاط الخلافية، وفى المؤتمر الذى عقد منذ بضعة أسابيع فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون للمجمع المقدس، أشركنى البابا فى إدارة جلسة مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية، وفى الآخر صغنا مشروع قانون يحقق توافق جميع أعضاء المجمع المقدس وبدون استثناء، وتقدمت بهذا المشروع إلى وزير الدولة للشئون القانونية ومجلس النواب. الإرهاب فى سيناء مدعوم بأنظمة مخابراتية إقليمية وأموال من كل الألوان.. والأقباط والكنيسة يتمتعون بعلاقة غير مسبوقة مع الدولة.. ونشعر بروح جديدة فى الشارع المصرى ■ هل ذلك يعنى إلغاء فكرة القانون الموحد للأحوال الشخصية؟ - القانون الذى قدمناه به الكثير من المواد المشتركة مع الطوائف كلها، وقدمناه كقانون خاص بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية مع الوضع فى الاعتبار المواد المشتركة المتفق عليها والتى تتماشى مع المادة الثالثة بالدستور، مثل الاحتكام لشريعة العقد، وبالتالى تم حسم الأمر بخصوص شهادات تغيير الملة وما وراءها من ابتزاز للكثيرين، فضلاً عن اتفاق الجميع على رفض ما يسمى «الزواج المدنى»؛ لأننا لا بد أن ندرك أن الزواج فى المسيحية يختلف عنه فى أى ديانة أخرى لأنه عمل دينى وعبادى، وبالقانون مواد كثيرة خاصة ببطلان الزواج والطلاق، وهنا تركت لكل كنيسة أن تقدم رأيها الجديد، وعلى سبيل المثال عند إخوتنا الإنجيليين تغيرت رئاسة الطائفة وقد يكون فى عهدها الحالى رأى آخر، وهذا من حقها، فلكل كنيسة حقها فى إبداء رأيها والإدلاء بدلوها لما يناسبها فى تلك اللحظة، ولدى الإخوة الكاثوليك باب كامل عن الفرقة ومن حقهم إضافة هذا الفصل، وقد يحتاج الأمر إما أن الحكومة تجمع قوانين الطوائف وتعرض على الكنائس المنتج النهائى للقانون الذى يضم فصولاً لكل طائفة، أو تجتمع الكنائس مع بعضها البعض وتضع لكل كنيسة موادها التى تختلف عليها فى الصياغة أو خاصة بها وتوضع فى القانون وتقدم للدولة، ولكن ما تم الانتهاء منه بالفعل هو رأى الكنيسة الأرثوذكسية فى مشروع القانون الخاص بها. ■ لماذا أعيد مناقشة القانون مرة أخرى فى لجنة الإيمان والتشريع فى 2015، هل لاعتراض عدد من أساقفة الكنيسة عليه؟ - لا بد أن ندرك أن ما قُدم كان مشروع قانون مبدئى، وجهة التشريع فى الكنيسة هى «المجمع المقدس»، والقانون المبدئى لم يعرض عليه ولذا كان لا بد من عرضه عليه، وقد كان. ■ وماذا دار خلال المؤتمر الأخير للمجمع المقدس بخصوص هذا القانون؟ - تتعجب لو علمت أننا حسمنا كل الأمور فى لجنة الإيمان والتشريع، واللقاء الأخير كان فقط حول مادة واحدة أخذ النقاش حولها جلسة مسائية وجزءاً من الجلسة الصباحية الختامية للمؤتمر، وهى مادة «ما فى حكم الزنا أو الزنا الحكمى»، فقد كانت هناك بعض المواد التى تنص على أن الزنا الحكمى؛ مثل الفرقة التى تدفع الآخر للانحراف، وتلك الجزئية تم رفعها من المادة تلك ووضع لها مادة خاصة تحمل رقم 114 فى القانون، وهى التى أخذت نقاشاً كبيراً جداً، فقد لا يرتاح البعض للمادة كما كانت ولكى يقبلها كان يجب أن يشعر بأنى غير مجبر على أننى أزوج المطلقين وفقاً لهذه المادة، ولهذا صيغت المادة لإراحة ضمير الكل، وبما يسمح بفتح الباب نسبياً للتطليق بالفرقة بين الزوجين إذا استمرت 3 سنوات دون أطفال و5 سنوات فى وجود أطفال. ■ كانت لديكم لقاءات مع وزير العدل السابق بخصوص استرشاد المحاكم برأى الكنيسة فى قضايا الأحوال الشخصية، لماذا ترغبون فى ذلك؟ - أريد أن أوضح نقطة مهمة، وهى أنه قبل عام 1956 كانت الكنيسة هى من تصدر الأحكام عبر ما يعرف باسم المحاكم الملية، ثم انتقلت إلى المحاكم العادية ثم إلى دوائر الأسرة وأصبح للكنيسة فقط حق التصريح بالزواج الثانى من عدمة كحق مطلق، خلافاً لما يحدث فى المنطقة العربية التى يوجد فيها مسيحيون، فحتى الآن فى سوريا ولبنان والأردن الكنيسة هى من تزوج وتطلق، فطبعاً الكنيسة تتمنى أن يعود الأمر إلى ما كان عليه لأن الكنيسة قادرة بنظرتها على الوصول إلى الحقائق وتستطيع أن تصدر القرار المنصف وبسرعة، وإنما الأمر يعود فى النهاية للدولة فى إمكانية هذا من عدمه. ■ هناك اتهامات للقانون بأن مواده هلامية وصعبة التطبيق والإثبات مثل الإلحاد والفرقة؟ - نحن هنا نتكلم عن الإلحاد المثبت، فالملحد فى شخصيته يتمنى ترويج فكره ولا ينكر إلحاده ويجاهر به، وقد يخفى إنسان تغيير دينه من دين إلى آخر، وهذا عكس الإلحاد الذى يجاهر به الشخص، والفرقة وسائل إثباتها كثيرة والأمر يعود للقاضى فى إثباتها. ■ بالرغم من أن المادة الثالثة بالدستور تعطيكم حق الاحتكام لشرائعكم فى شئونكم الدينية، فإن قانون الأحوال الشخصية خلا من مواد «التبنى» و«المواريث»؟ - نتمنى أن نضع ذلك، ولكننا لا نريد أن نضع عراقيل أمام الموافقة على القانون. ■ هل تخشى الكنيسة تمرير قوانينها داخل البرلمان؟ - الأمر يرجع للبرلمان، وأنا أعتقد أن اللجان النوعية فى البرلمان تشكل جلسات استماع لذوى الشأن والخبرة لأى قانون من القوانين، وأعتقد أننا ذوو شأن وخبرة، وإذا رجع البرلمان للاستماع إلينا فإنه يوجد ما نوضحه فى ذلك. ■ وماذا إذا طلب البرلمان الاستماع لمتضررى الأحوال الشخصية من الأقباط؟ - الكنيسة هى جهة التشريع عبر مجمعها المقدس وليس أى فرد آخر، فالإنسان المتضرر يحتاج تسهيلات على حساب الدين وغيره، وجهة التشريع الكنسية هى التى تراعى القانون والدين معاً، وتراعى الله والناس معاً، فهى الجهة المخول إليها هذا الموضوع، والأمور الدينية لا يمكن الخروج عن جهة التشريع الدينى حولها. ■ لذا ترفضون طرح القانون للحوار المجتمعى؟ - هذا الحوار لن يغير من الأمر شيئاً إن كان سيؤدى إلى أمور تتعارض مع الدين أو مع الإنجيل. ■ بحكم أنك مهندس هيكلة ملف الأحوال الشخصية بالكنيسة، هل تعتقد أن تلك الهيكلة ستريح الأقباط المتضررين؟ - الحقيقة القانون بشكله الحالى قدم تسهيلات عديدة سواء فى التقاضى أو إمكانية التطليق غير المسبوقة حتى فى لائحة 1938، مثل الزنا الحكمى، وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك تسهيلات فى التقاضى ففيما مضى عندما كانت زوجة تشكو زوجها بأنه غير قادر جنسياً كان القاضى يحيلهما إلى الطب الشرعى والزوج المصاب كان يرفض الذهاب إلى الطب الشرعى لأنه سيكتشف أمره، وتستمر القضية سنوات فى المحاكم لأن القانون ينص على تحويل الزوجين إلى الطب الشرعى، الآن فى القانون الجديد يتم الحكم بخضوع أحد الزوجين للطب الشرعى، وبذلك نعجل من زمن التقاضى. ■ هل يزعجك الهجوم والاتهامات التى تتعرض لها حول ملف الأحوال الشخصية؟ - 27 عاماً من الخضوع للوصية ولقانون الكنيسة فى الأحوال الشخصية، ورغم أنك قادر على أن ترد على كل كبيرة وصغيرة بما لديك من أسرار تخص أطراف المشكلة، فاخترت الطريق الأصعب علىّ ولكن الأفضل عدم إفشاء أسرار الناس، ومن حق أى إنسان أن يعبر عن رأيه ولكن من حق القارئ أو المستمع أن يحكم عقله. ■ بحكم منصبك داخل الكنيسة فأنت مسئول العلاقات بين الكنيسة والدولة، كيف ترى المشهد المصرى حالياً؟ - لا بد أن نكون منصفين ونحن نتعامل مع احتياجاتنا اليومية فى مصر التى نواجه خلالها معاناة فى الكثير من الأمور، ولكن يجب ألا نحمل قيادة البلد أو حكومتها كل الأعباء، فينبغى أن ندرك أن الثورة قامت بسبب مشاكل متغلغله فى الجسد المصرى على مدار عقود من الزمن وهذه المشاكل لن تحلها شهور، وعلى سبيل المثال لا الحصر نعانى فساداً متغلغلاً فى أجهزة الدولة على مدى عقود، وتردياً فى التعليم بدءاً من المنشأة التعليمية مروراً بالمعلم والمنهج وغياب الأنشطة، ونعانى بشدة من المنظومة الصحية، فالمستشفيات الحكومية غير آدمية ومستشفيات التأمين الصحى خالية من الأجهزة ولا تصرف أهم الأدوية، وتوجد مستشفيات خاصة فندقية لا يقدر عليها حالياً غير راكبى «المرسيدس» والـ«بى إم دبليو»، كما أننا نعانى ترهلاً غير مسبوق فى العالم فى الأنظمة الإدارية، وما بعد الثورة نعانى من مشكلة أمنية خطيرة فكل حدودنا وبكل طولها مشتعلة، بل أقول إنها مصدرة للإرهابيين ومهربة للأسلحة، فضلاً عن المشكلة الكبرى فى شمال سيناء وهى تغلغل الإرهاب على مدى شهور ما قبل الثورة والسنتين الأوليين بعدها، مدعوماً بأنظمة مخابراتية إقليمية وأموال من كل الألوان، ثم تأتى ضربة السياحة، واسمح لى أن أقول إن ضربة الطائرة الروسية تلقفتها أنظمة دولية وإقليمية بصورة ممنهجة لإطالة تأثيرها السلبى على الاقتصاد المصرى. المجمع المقدس جهة التشريع فى الكنيسة.. ولم نضع مواد «التبنى والمواريث» فى «الأحوال الشخصية» تجنباً لوضع عراقيل أمام الموافقة عليه.. والمتضررون يحتاجون إلى تسهيلات على حساب الدين.. وقدمنا قانون الأحوال الشخصية الجديد للأقباط الأرثوذكس للدولة.. والمشروع يتضمن الزنا الحكمى وتسهيل إجراءات التقاضى.. والقانون قدم تسهيلات لم تكن موجودة فى لائحة 1938.. و نتمنى العودة لما قبل 1956 ومنح الكنيسة حق التطليق والزواج بعيداً عن المحاكم.. والأمر يعود للدولة بالموافقة أو الرفض كل ذلك لا يمكن أن نحمله لرئيس الدولة أياً كان، فمن جهته منذ اللحظة الأولى سعى لتوطيد علاقاته أفريقياً ثم أوروبياً وآسيوياً، وبحكمة يحافظ على الخيط الرفيع الذى يربط بيننا وبين الولايات المتحدة الأمريكية بل ويسعى بكل ضبط نفس وحكمة لتنمية هذه العلاقة بما لا يتعارض مع الكرامة المصرية، ويسعى لتنويع مصادر السلاح وجذب الاستثمارات وإقامة المشروعات العملاقة ومشروعات البنية التحتية، وبصورة غير مسبوقة يرصد مبالغ للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بل ويطرح فكراً جديداً غير مسبوق بألا نسلم مالاً للمستثمر الصغير، بل نسلمه مصنعاً فى موقع معد حتى لا يهدر أمواله ووقته بين المكاتب، فماذا يصنع رئيس الدولة فى مثل هذه الظروف؟، اسمح لى أن أقول إن ما ينقصنا فى هذه اللحظة هو الاتحاد ووحدة الصف لمواجهة كل ما نعانيه، فنحتاج فى هذه المرحلة لتجاوز بعض السلبيات، وأقول السلبيات لأنها موجودة بالفعل ولأن تغييرها يحتاج وقتاً، ونحتاج فى هذه الآونة لربط الحزام وإلى فترة من الانتظار لأن الثمرة تحتاج لوقت حتى تطرح، واسمح لى أقول إنه قد تضطر الحكومة فى الفترة المقبلة لإصدار بعض القرارات الاقتصادية الصادمة والتى لا مناص منها ولا حل دونها فربما يتم تقليل الاستيراد وربما يحتاج الأمر لمنع الاستيراد الترفيهى وربما يحتاج الأمر لقرارات جراحية وليست علاجية وهى مؤلمة ولكنها ضرورية لأن العلاج أصبح دون تأثير. لا يمكن تحميل معاناتنا اليومية لرئيس الدولة والحكومة.. وأتمنى أن يضع كل مصرى يده فى يد القيادة السياسية.. وتجاوزنا مرحلة أزمة «دير السلطان» مع إثيوبيا من أجل حل مشكلة سد النهضة ■ زيارات مكوكية يقوم بها الأنبا بولا بين مختلف دول العالم، ظاهرها رعَوى وباطنها الترويج لمصر، حدثنا عنها؟ - اسمح لى أن أتكلم بصراحة، فاليوم ما أكثر الكلام، وما أقل الأفعال فعلينا جميعاً أن نعمل، وسأسلط الضوء على خبرة شخصية فى هذا المجال؛ فأنا طبيعتى صعب إنى أشوف وماعملش، وأقدر وماعملش، وصعب إنك تحطنى داخل حواجز تسميها دى حدود رسالتك وخدمتك، ماقدرش، وأتخطى هذه الحدود كثيراً إلى الحدود المصرية وأحياناً إلى ما هو أكثر، فمثلاً فى مرحلة من المراحل أثناء قصة الطائرة الروسية، سعدت جداً ببيان أصدرته الكاتدرائية بتحفيز الأقباط على السياحة فبادرت مسرعاً للقاء قداسة البابا لتفعيل هذا البيان ونسقت معه واستأذنت منه لإرسال إيميلات لكل أساقفة وكهنة الكنيسة فى الخارج لتحفيز الرحلات القبطية إلى مصر، لأننى حينما أتحدث للمصريين فى الداخل عن تنمية السياحة كمن ينقل مالاً من جيبه اليمين إلى جيبه اليسار، وسينقل عملة مصرية من هنا إلى هناك ولكن نحن فى حاجة إلى ما يأتينا من الخارج ونحتاج العملة التى نستورد بها احتياجاتنا، إذ لا بد من التعامل مع الخارج، ولكن وجدت أن الأمر غير كافٍ؛ ففكرت فى التسهيلات التى يمكن أن أقدمها للأقباط فى الخارج حتى أجذبهم لهذا الأمر فبادرت وسعيت للقاء الوزراء المختصين رغم أن هذا ليس من اختصاصى وتقابلت مع وزير السياحة السابق وطلبت منه عمل برامج سياحية تشمل ثلاثة أنواع هى الدينية المسيحية، وترفيهية عبر الشواطئ، وثقافية عبر الآثار والمتاحف، وأشكره فقد كلف لجنة من لجان الوزارة للعمل معى وعملنا تلك البرامج، ثم سعيت لمقابلة وزير الطيران السابق وقلت له إننا نشجع السياحة القبطية فى الخارج إلى مصر وأريد تلك الرحلات أن تستخدم الطيران المصرى وليس الطيران التركى الذى يقدم تسهيلات، وشكل لجنة للتعاون معى وجلسنا وعملنا لقاءات عديدة لتقديم تخفيضات للمجموعات المقبلة على ألا يقل عدد المجموعة عن كذا، وحددنا المواسم التى يتم فيها التخفيضات، ولكن منذ تلك اللحظة وحتى الآن لم يتم ذلك إلا للرحلات المقبلة من أمريكا فقط ولكن للأسف فى أوروبا، وغيرها من البلاد، التنافسية عالية جداً مع الطيران المصرى، وما زال لدى إصرار على أن نصل إلى شىء. والأكثر من هذا قابلت وزيرة الهجرة بخصوص شهادات الاستثمار الدولارية وبخصوص المصريين فى الخارج والاستفادة من شباب الأقباط الموجودين فى الخارج الذين تم إهمالهم، فقد أهملنا الجيل الثانى والثالث من أقباط الخارج على مدى عقود، أفلم تأتِ الساعة للاستفادة من هذا الجيل على مستوى الدول التى هم فيها وتأثيرهم عليها والاستفادة من مستوى تفكيرهم وخبراتهم وأموالهم التى يمكن أن تصب فى داخل مصر، وبدأنا نفكر فى هذا الإطار وكل هذا أخذته لرحلة إلى أمريكا وكندا ونقلته، وكنت فى أستراليا ونظمت احتفالية كبرى تحت مسمى 20 عاماً على المدارس القبطية لأنى أنا الذى أُشرف على تلك المدارس، ودعيت فيها قيادات المجتمع الأسترالى وبين الكلمات كانت الفقرات الفاصلة أفلاماً عن السياحة فى مصر، والبوسترات المعلقة على الجدران كانت عن السياحة لمصر والأكثر من هذا قررت أن تنظم جميع المدارس القبطية فى الخارج رحلة سنوية إلى مصر من ضمن البرامج الدراسية الخاصة بها، واتفقنا على أن نعمل فكراً جديداً وهو عمل «يوم مصر» فى كل كنيسة خارج مصر ونحضر بها الأجانب، ونقدم لهم أفلاماً وأعمالاً ومأكولات مصرية ونوزع منشورات عن السياحة المصرية لتوسيع القاعدة إذا استطعنا، ومن يقول «إنت مين وشغلتك؟ إيه»، أقول له «أنا مصرى». يضاف إلى ذلك أنى اجتمعت ببعض منظمى الرحلات وبعض مالكى الشركات السياحية للتنسيق فى جلب رحلات لمصر وعرض البرامج التى أعدتها وزارة السياحة لهم وأخبرتهم بأن الكنيسة ستشرف عليهم خلال تلك الرحلة منذ وصولهم وحتى المغادرة وتحدثوا معنا عن المعوقات التى تمنع تلك الرحلات وكتبوا عن المعوقات فى المناطق السياحية وفى المطارات وكان بها أمور كثيرة يمكن أن تراعى وتمثل عامل جذب بدلاً من أن تمثل عامل طرد وإعاقة، وقد رجعت بقائمة كبيرة من الملاحظات، وزرت وزير السياحة وقدمتها إليه ولأكثر من جهة سيادية فى الدولة حتى تتابع هذه الملاحظات وإمكانية تغييرها، فأنا لست صاحب سلطان لمتابعة إزالة تلك المعوقات، وأفعل ذلك لأنى مصرى وأتمنى فى الآونة الحالية أن كل مصرى يضع يده فى يد القيادة السياسية برأى منصف وواقع وفكر جديد، لأنه سهل أن تقول المشكلة ولكن لا بد أن يكون لك دور فى وضع الحل. ■ وكيف ترى العلاقة بين الكنيسة والدولة؟ - يتمتع الأقباط وبالتالى الكنيسة بعلاقة غير مسبوقة بالدولة فى الآونة الأخيرة، ولقد شارك الأقباط فى ثورة 30 يونيو مشاركة فعالة وكان للكنيسة دور واضح فى تشجيع الأقباط على الخروج وكان لنظام الحكم السابق تأثير مضاعف على إخراج الأقباط نظراً لما عانوه وما كانوا سيعانونه فى المستقبل، ولقد كان للأقباط دور واضح بدءاً من الانتخابات الرئاسية السابقة رغم أنها لم تؤتِ ثمارها إلا أنه كان لهم دور فعال، ولأول مرة نجد الأقباط كلهم يخرجون إلى صناديق الانتخابات متخطين سلبيات الماضى وإحباطات «أحداث ماسبيرو»، وخرج الأقباط ولن يعودوا إلى ثكناتهم مرة أخرى وسيستمرون فى أداء دورهم الوطنى فى هذه الآونة، إلى أن جاء دور الكنيسة مع وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى ذلك الحين فى رسم خريطة الطريق ووجود البابا مع شيخ الأزهر، وهذا ما سجله الدستور فى ديباجته، ومن تلك اللحظة سارت الكنيسة فى مسار المشاركة وكان لها دور مؤثر وإنجازات بالتوافق مع ممثلى كل طوائف المجتمع لإخراج دستور مدنى ينصف الكل دون استثناء، ثم كان للكنيسة دور واضح جداً فى الانتخابات البرلمانية الماضية وتحفيز الأقباط، وكانت النتيجة خروج الأقباط للانتخابات ونجاح عدد غير مسبوق من الأقباط فى الانتخابات سواء بالقائمة أو الفردى، وكان للدولة دور فى هذا الأمر، فالدولة هى التى راعت الأقباط عبر وضع نظام القوائم حرصاً على تمثيل الأقباط والمرأة والشباب مما أوجد 24 قبطياً منتخباً على القوائم، غير من نجح فى الانتخابات الفردية. وعلى مستوى الرئاسة حدث ولا حرج، فهناك موقف الرئيس من أحداث شهداء ليبيا، حيث قاد بنفسه ضربة عسكرية للاقتصاص والثأر لدمائهم من هؤلاء الإرهابيين وهو أمر غير مسبوق، ثم أتى بعد الضربة إلى الكاتدرائية للتعزية، وتوالت الأمور من لقاءات وذهاب الرئيس للكاتدرائية فى عيدى الميلاد السابقين، وتلك روح جديدة، فسهل جداً اليوم علىّ كرجل دين أن أخاطب مؤسسة الرئاسة وأقول لهم على بعض المقترحات التى أحب أن أعرضها عليهم. كما أن تلك الروح الجديدة متمثلة فى الحكومة التى تستمع لآراء الكنيسة حول القوانين التى تخص الأقباط كقانون بناء الكنائس أو الأحوال الشخصية وتلك روح جديدة، واسمح لى أن أقول إننى أشعر بتلك الروح الجديدة، فممكن تذهب وتجلس وتتكلم ولا يوجد من يسمع، أو يسمع ولا يتجاوب، ولكن نحن نشعر بأن هناك روحاً جديدة وتلك الروح بدأت تتغلغل للشارع المصرى، فما يفعله الرئيس أو القيادات مع الكنيسة يخلق روحاً جديدة بين المسلمين والأقباط فى الشارع المصرى. ■ بالحديث عن البرلمان، تم تسريب تسجيل صوتى لكم قبيل الانتخابات تدعم فيه قائمة «فى حب مصر»، وقد عقدت العديد من اللقاءات مع لجان العلاقات العامة بالكنائس توجه الناخبين خلالها.. كيف تفسر ذلك؟ - أنا مسئول ملف العلاقة بين الكنيسة والدولة لأنى مقرر لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس، وأنا ممثل الكنيسة فى كل ما يتعلق بالأمر الوطنى مثل دستور أو قانون، وكونى مقرر لجنة العلاقات العامة فكرنا فى دورات تثقيفية للشباب القبطى، وانتهزت فرصة أنه كان هناك انتخاب برلمان فكان لا بد أن أشرح لهم حقيقة الأمر فيما يتعلق بالمكتسبات الدستورية التى اكتسبها الأقباط فنستعرض أمامهم المكتسبات بالإضافة إلى نظرة عامة على إيجابيات الدستور المصرى، وأن يفهموا أن الدستور بكل ما فيه أساس والبناء عليه هو القانون، فلن نستفيد من الدستور شيئا لو لم يتوافق وتتفق القوانين الصادرة عن البرلمان مع الدستور، ولذا لا بد أن يكون هناك دور إيجابى للقبطى لاختيار الأفضل تحت قبة البرلمان لاستصدار القوانين المناسبة، ولا بد أن يشعر كل من ينجح فى البرلمان بأن القبطى كان له دور فى إنجاحه بما يؤثر بالإيجاب على القوانين التى تمس الأقباط فى المستقبل ومن هنا كان التحفيز، هذه هى المحاضرة دون الدخول فى أى تفاصيل. وعن هذا التسجيل حدث الآتى، فأنا فوجئت بعد أن أنهيت محاضرتى وفتحت باب تلقى الأسئلة أن أحد الأشخاص يتحرك باسم قائمة من القوائم ويوزع بيانات للقائمة على الداخلين، والأكثر من هذا وجدت أناساً فى وجودى يهاجمون قائمة أخرى وهى القائمة المنافسة والأكثر حظاً، خاصة أن تلك كانت هى الجولة الثانية، فما كان علىّ أن أصمت، وكان علىّ أن أطرح أن تلك القائمة التى تهاجم هى القائمة الوحيدة التى سعت للتنسيق مع الكنيسة، وأن المسئولين عنها تقابلوا معنا عدة مرات حتى ولو لم يحققوا رغباتنا بالكامل ولكن يكفى أنهم تقابلوا معنا، فى حين أن القائمة الأخرى حينما اتصلوا بى فى البداية طرحنا عليهم اعتراضنا على اسم من الأسماء لأسباب منطقية، ولم يتجاوبوا معنا وقطعوا الاتصال، فكان لا بد أن أتكلم بهذا الوضوح، ولو سألتنى «جواك كان إيه وقتها؟»، هاقول كان نفسى أن القائمة التى هوجمت أن تنجح، وقد نجحت. هذا الخبر منقول من : الوطن |
|