رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ناموس موسى: نظام مستقل متكامل
يعلّمنا العهد الجديد بأن برّ الإنسان الذي يثق في المسيح كمخلّص، لا يعتمد كليّا أو جزئياً على حفظ ناموس موسى، وهذا الموضوع يثير قدراً كبيراً من الحيرة والتشويش بين المسيحيين، ومن أجل هذا التشويش سنبدأ أولاً بالتعرّف على حقائق معيّنة بخصوص الناموس ناموس موسى نظام مستقل متكامل الحقيقة الكبرى الأولى هي أنّ كل الناموس قد أعطي بموسى مرّة وإلى الأبد لأن الناموس بموسى أُعطي، أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا. يو 1\17 لاحظ العبارة "الناموس بموسى أٌعطي". ليس جزءاً من الناموس أو بعض شرائعه فقط، إنما الناموس كله في نظام جامع وشامل أُعطي في فترة زمنية محدّدة من التاريخ ومن خلال أداة بشرية هي رجل واحد يدعى موسى. فالكلمة "الناموس" في الكتاب المقدس تشير إلى نظام الناموس الكامل الذي أٌعطي من خلال موسى، عدا بعض المقاطع التي تشير إلى غير ذلك في سياق النص. وتأكيداً على هذا نقرأ في الرسالة إلى أهل رومية فإنه حتى الناموس كانت الخطية في العالم. على أنّ الخطية لا تُحسب إن لم يكن ناموس. لكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى وذلك على الذين لم يُخطئوا على شبه تعدّي آدم. رو 5\13-14 لاحظ أن العبارتين "حتى الناموس" و "من آدم إلى موسى" تشيران إلى فترة زمنية محدّدة. فعندما خلق الله آدم ووضعه في الجنة، لم يعطه نظاماً ناموسياً كاملاً بل أعطاه وصيّة (سلبية) واحدة أما ثمر الشجرة التي في وسط الجنّة فقال الله: لا تأكلا منه ولا تمسّاه لئلا تموتا. تكوين 3\3 عندما تعدّى آدم هذه الوصية دخلت الخطيئة إلى حياة الجنس البشري وسادت على آدم ونسله منذ ذلك الوقت وصاعداً. والدليل على ذلك هو أنّ الإنسان صار معرّضاً للموت الذي هو نتاج الخطية. فمنذ الخطية التي تعدّى بها آدم وصية الله الأولى والوحيدة وحتى زمن موسى، لم يكن هناك ناموس أو نظام ناموسي معلن ومفروض على الجنس البشري، وهذا يوضّح كيف تشير العبارتان"حتى الناموس" و "من آدم إلى موسى" إلى الفترة الزمنية نفسها من التاريخ البشري، وهي الفترة ما بين تعدّي آدم لتلك الوصية الوحيدة في الجنة وحتى أعطى الله النظام المتكامل للناموس الإلهي على يد موسى. خلال هذه الفترة كان الجنس البشري من دون نظام ناموسي مفروض من الله. وهذا يتوافق تماماً مع العبارة التي اقتبسناها من يوحنا 1\17: الناموس بموسى أُعطي وقد أعطي هذا الناموس كنظام مستقل كامل للوصايا والطقوس والأحكام. كل هذه محتواة بمجملها في أربعة أسفار من الكتاب المقدس هي الخروج واللاويين والعدد والتثنية قبل عصر موسى لم يكن هناك نظام ناموسي إلهي ولم يُضف إلى ناموس موسى شيء بعد ذلك العصر. ويوضّح موسى حقيقة أن الناموس الكامل قد أٌعطي مرة واحدة وإلى الأبد بقوله فالآن يا إسرائيل اسمع فرائض والأحكام التي أنا أعلمكم لتعملوها لكي تحيوا وتدخلوا وتمتلكوا الأرض التي الرب إله آبائكم يعطيكم. لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها. تنثية 4\1-2 هذه الكلمات تُظهر أن نظام الناموس الذي أعطاه الله لإسرائيل على يد موسى كان نظاماً كاملاً ونهائياً، فلا مجال للزيادة عليه أو الحذف منه وهذا يقودنا بشكل طبيعي إلى حقيقة عظيمة أخرى يجب أن تؤكّد بوضوح بخصوص حفظ الناموس وهي أن كل شخص يوضع تحت الناموس مُلزم بحفظ الناموس كلّه دائماً. فحفظ بعض أجزاءه وإهمال الأخرى هي مسألة غير واردة على الإطلاق، وليس وارداً أيضاً أن يتم حفظه في أوقات معيّنة دون أخرى. فكل من هو تحت الناموس ملزمٌ بالضرورة بحفظه كاملاً وفي الأوقات كلها. لأن من حفظ الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل . لأن الذي قال لا تزن، قال أيضاً : لا تقتل . فإن لم تزن ولكن قتلت فقد صرت متعدياً الناموس. يعقوب 2\10-11 هذا واضح ومنطقي، فلا يستطيع إنسان أن يقول: "أنا أحفظ بعض الأمور التي أعتبرها مهمة في الناموس ولا أحفظ تلك التي اعتبرها غير مهمة. " فكل من هو تحت الناموس عليه أن يحفظ متطلباته كلها، فإذا كسر وصية واحدة فقد كسر الناموس كله فالناموس نظام فريد متكامل لا يمكن تقسيمه إلى أجزاء ينبغي تطبيقها وأجزاء أخرى لا تطبّق، بل يجب أن يُقبل وأن يطبّق كاملاً من دون نقص لتحقيق البرّ وأي مقياس أقل من هذا المقياس، يفتقر إلى الفائدة وإلى الشرعية مهما كان لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة لأنه مكتوب: ملعون كل من يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به . غلاطية 3\10 لاحظ العبارة "يثبت في جميع ما هو مكتوب" . إنها تؤكد مرة أخرى على أنّ كل من هو تحت الناموس مطالب بحفظه كله كل الوقت ، ومن يتعدى وصية واحدة فقد تعّدى الناموس كله ووقع تحت اللعنة المعلنة على كل من يتعدى الناموس ومن هنا نأتي إلى الحقيقة المهمة الثالثة بخصوص الناموس وهي حقيقة تاريخيّة واقعية تؤكد أن نظام الناموس المعطى بواسطة موسى، هو نظام عيّنه الله لقطاع صغير من البشر فقط هو شعب إسرائيل، وذلك بعد تحريرهم من عبودية مصر. ولا يوجد مكان في الكتاب المقدس يشير إلى أن الله طالب الأمم بحفظ الناموس أو جزء منه، لا على مستوى الجماعات ولا على مستوى الأفراد. والإستثناء الوحيد لهذا نجده في بعض الأفراد الأمميين الذين اختاروا طوعاً أن يصيروا من شعب إسرائيل، فوضعوا أنفسهم بذلك تحت كل الإلتزامات الدينية والقانونية التي فرضها الله على إسرائيل. ومثل هؤلاء الأمميين المتهودين يسميّهم العهد الجديد "الدُخلاء" أنظر أعمال 6\5. عدا هذه الإسثناءات لم يفرض الله إلتزامات الناموس على أحد من الأمم سنلخّص الآن باختصار هذه الحقائق الثلاث المهمة والتي ينبغي أن نعرفها قبل دراسة العلاقة بين المؤمن المسيحي والناموس أعطي الناموس مرة واحدة وإلى الأبد كنظام مستقل وكامل على يد موى . لذلك لا يمكن أن نُضيف إليه أو أن نحذف منه شيئاً ينبغي أن يُحفظ الناموس بأكمله كنظام متكامل، وكسر وصية واحدة منه تعني كسره بأكمله كحقيقة تتعلق بالتاريخ البشري ، لم يُفرض نظام الناموس على الأمم أبداً بل على شعب إسرائيل فقط |
|