رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القيامة تمنح الرجاء في أنه لا مستحيل بقلم : البابا شنودة الثالث أهنئكم ياأخوتي وأبنائي بعيد القيامة المجيد, راجيا لكم فيه حياة مباركة مقبولة من الرب, ومهنئا الرئيس مبارك بعيد ميلاده السعيد الذي وهبه الله فيه لمصر قائدا وزعيما ومصليا من أجل القضية الفلسطينية لكلي يحلها الله بقدرته حلا يفوق القدرات البشرية, ومصليا أيضا لأجل العالم كله لكي يمنحه الله السلام والهدوء.. وبمناسبة قيامة السيد المسيح, احدثكم اليوم عن القيامة: إن كان الموت هو نهاية حياة قد بدأت, فالقيامة هي بدء لحياة لاتنتهي. إن كان الموت قد غلب كل حي ولم يفلت منه انسان, فإن القيامة هي التي غلبت الموت وتغلبه. إن كان الناس يقفون أمام الموت في يأس ويقولون: لا فائدة لقد أنتهي كل شيء. فإن القيامة تقول لهم. كلا, هناك رجاء في البدء من جديد. لا شيء مستحيل. كل شيء ممكن. حتي الموت ننتصر عليه بالقيامة. نعرف أن القيامة معجزة. والمعجزة هي مايعجز الانسان عن فهمه وكيف يتم! وليس كل مالا نفهمه, لا نصدقه. فإن مخترعات كثيرة قدمتها لنا التكنولوجيا الحديثة: غالبية الناس لايفهمون كيف تتم, وتبدو أمامهم كمعجزة. ومع ذلك يقبلونها وإن كانوا لايفهمون طريقة تكوينها وعملها. إن الله الذي يقيم الموتي, هو قادر علي كل شيء. وما نسميه معجزات هو أمر طبيعي في قدرة الله. والمعجزات تبدو عجيبة جدا أمام العقل البشري, لذلك نسميها عجائب. وما أكثر العجائب التي نتأملها في عمل الله وصنعه لقد بدأت حياة عالمنا الحاضر بمعجزة من الله هي الخلق كما يرويها لنا الكتاب المقدس بعبارة في البدء خلق الله السموات والأرض( تك1:1) والخلق هو الإيجاد من العدم, الأمر الذي لا يقدر العقل أن يفهمه. ولكنه يقبله لأنه التفسير الوحيد لوجود الكون. وقد خلق الله الكون بكلمة منه, بمجرد أمره أو بمجرد مشيئته. فمثلا قال ليكن نور فكان نور( تك1:3), وهكذا مع باقي المخلوقات. وكما بدأ الله الحياة الدنيا بمعجزة منه هي الخلق, فسوف يبدأ الحياة الأخري بمعجزة هي القيامة العامة كيف تم الخلق عمليا؟ لسنا ندري. وكيف تتم القيامة عمليا؟ لسنا ندري. وكيف نشأت الحياة علي الأرض؟ أيضا لسنا ندري ولكن الأجابة الوحيدة التي أمامنا هي هذه: قدرة الله التي لا تحد. قدرته التي هي فوق عقولنا المحدودة, وفوق فهمنا القاصر.. كذلك حياة المسيح علي الأرض توضحها معجزتان أيضا: هما الميلاد من عذراء, والقيامة من الموت. وإذ كانت الأولي ممكنة, كذلك كانت الأخري. يضاف الي هاتين ارتفاعه الي السماء, ومجيئه الثاني في مجد, ومعجزات اخري اجراها. إنها قدرة الله غير المحدودة, الذي يفجر من الصخرة ماء, والذي يشق في البحر طريقا, والذي يمنح الحياة من حيث لا ندري. إنه الله في يده الحياة والموت, وفي يده الحياة بعد الموت. والعقل يقف أمام كل ذلك مبهوتا. ليس له أن يفهم, إنما دوره أن يقبل, ويمجد الله وكما يقول الكتاب كل شيء مستطاع عند الله إنه القادر علي كل شيء, وكما قال له أيوب الصديق علمت أنك تستطيع كل شيء, ولا يعسر عليك أمر( أي4:2) نحن لا نستوضحه كيف يصنع معجزاته, إنما نشكره عليها وفي إتضاع قلب, نقول له: أنت الإله غير المحدود. وعقولنا محدودة, لا تستطيع أن تصعد الي علو قدرتك لتفهم وتدرك كل ماتفعله انت. إننا نري من قدرتك ماتقدر قوة أبصارنا علي أن تراه. أما مايزيد علي ذلك, فإننا نكرر فيه عبارة ايوب الصديق حينما قال عجائب فوقي لم أعرفها أي42.:3) والناس يؤمنون بعجائب الله ومعجزاته, ويؤمنون بالقيامة: لولا ايمان الناس بالقيامة, ماكانوا يتقدمون الي ساحة الاستشهاد, مقدمين أرواحهم. وما كان الشهداء يفرحون بموتهم, ويعتبرونه إكليلا. ذلك لأنهم ينتظرون بعد الموت حياة أفضل ولولا الإيمان بالقيامة, لكان حزن الناس علي مفارقة موتاهم يصل الي يأس من رؤيتهم فيما بعد. ولكن الكتاب يقول لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم( اتس4:13) أي الذين لارجاء لهم في القيامة. ولكن بالإيمان بالقيامة نثق أننا سنري أحباءنا الذين ماتوا وفارقوا عالمنا الفاني ولولا الإيمان بالقيامة, لاستغرق الناس في إشباع نفوسهم من ملاذ الحياة الدنيا, شاعرين بإنها فرصتهم الوحيدة التي أمامهم, كما كان يقول الابيقوريون لنأكل ونشرب فإننا في غد نموت( أكو15:32) ولكن المؤمنين بالقيامة وبالحياة الأخري, يتسامون عن الملاذ, ويمارسون ضبط النفس, والدخول في تدريبات روحية, ويلجأ بعضهم الي حياة النسك والزهد, مهتمين بالملاذ الروحية التي يتمتعون بها في الحياة الأخري. ونحن نؤمن بالقيامة وبها نؤمن أنه لا مستحيل وفي هذا الضوء من المعرفة, ندخل في نور آخر هو الرجاء. ومع الله نرجو كل شيء, ونطلب مالا نستطيعه نحن, قائلين للرب: مالا نقوي عليه نحن, أنت يارب تقوي عليه. لأنك لك القوة والمجد والبركة. وإن حدث ووجدنا الأبواب مغلقة أمامنا, نقول عبارة القديس يوحنا الدائي نظرت وإذا باب مفتوح في السماء( رؤ4:1), حقا إن الله حينما يفتح, لا يقدر أحد أن يغلق( رؤ3:7). أو هو يفتح كل ما يغلقه الناس وكل ما تغلقه الظروف المحيطة. وحينما تقف أمامنا مشكلة, ويعترف عقلنا البشري أن قدرته عاجزة عن حلها, فإننا بالرجاء نتجه الي الله, الذي قدرته لا تحد, ونؤمن أنه قادر علي حل كل مشكلة. بل كل مشكلة لها حلول عديدة عنده. وكل باب مغلق له عند الله مفتاح أو عدة مفاتيح, فروح القيامة تعلمنا أن كل شيء ممكن بمعونته. وبروح القيامة نري انه وراء كل ليل دامس يوجد فجر مضيء. وبروح القيامة التي تعلمنا أن كل شيء ممكن, نشعر أنه مهما ضاقت الدنيا فلابد ستنفرج كما قال الشاعر. ضاقت ولما استحكمت حلقاتها: فرجت وكنت أظنها لا تفرج يذكرنا هذا الرجاء بلوحة فنية مشهورة تصور أحد الفنانين وقد تقطعت كل أوتار عوده, ولم يبق له سوي وتر واحد. فلم يفشل واستمر يعزف علي هذا الوتر الواحد. وأيضا كم من عاقر, كان يبدو من المستحيل أن تنجب أبناء ولكن لا مستحيل عند الله الذي منح بعض العواقر أن يلدن, ويكون لهن أولاد عظماء مثل القديسة اليصابات التي كانت عاقرا ثم ولدت ابنا في شيخوختها هو القديس يوحنا المعمدان وكما قال الكتاب غير المستطاع عند الناس, هو مستطاع عند الله. لأن كل شيء مستطاع عند الله( من10:27) وحتي بالنسبة الي الذين خضعوا تحت الخطية وبعض العادات المسيطرة الذين ظنوا أنه لا فكاك منها. فإن الله قادر أن يرسل نعمة من عنده تسهل لهم طريق التوبة, لقد عاش اوغسطينوس في حياة الخطية زمنا طويلا. ولكن نعمة الله تدخلت, وقادته الي حياة التوبة. وليس هذا فقط, بل قد صار قديسا عظيما وصاحب تأملات عميقة انتفعت بها الأجيال في حياته ومن بعده.. وكم قادت نعمة الله الي التوبة خطاة آخرين كثيرين, كان يبدو من الصعب رجوعهم الي الله... فإن كانت هناك عادة مسيطرة علي شخص, كالإدمان مثلا, فلا ييأس, ولا يقل من غير الممكن أن أتركها كلا فكل شيء ممكن. وما أكثر المدمنين الذين تخلصوا من إدمانهم. بل أشد من هذا الإلحاد والعودة الي الإيمان. من كان يظن أن روسيا سترجع الي الله بعد سبعين عاما من الإلحاد تربت فيه أجيال لا تؤمن ولكن الله القادر علي كل شيء, أعادهم اليهم, واذا بأكثر من مائة مليون رجعوا الي الله وآمنوا قد يري انسان أن الحق ضائع والباطل قد أخذ مكانه, وقوي الشر مسيطرة. ويظن أن الفساد أصبح من غير الممكن القضاء عليه في كثير من المجتمعات وفي كثير من الدول, وأن الأشرار قد ضربوا بجذورهم في الأرض وتأصلوا! ويقول كما قال أرميا النبي معاتبا أبر أنت يارب من أن أخاصمك ولكني أكلمك من جهة أحكامك. لماذا تنجح طريق الاشرار؟! اطمأن كل الغادرين غدرا!( أر12:1) ويرد اوغسطينوس بأن النار قد تبقي في اسفل, بينما يصعد الدخان الي فوق, ويرتفع, وتتسع رقعته. ومع ذلك فإن الدخان فيما تتسع رقعته يتبدد وينتشع بينما النار تبقي كما هي في قوتها ولهيبها ونورها. وهكذا الحال مع الحق والباطل. كثيرا ما نلاحظ أن الباطل ينتصر اولا, ولكنه يندحر أيضا. بينما الحق قد يبدو في باديء الأمر منهزما, ولكنه لابد أن ينتصر أخيرا. إنه يعود الي وقته بهذا الدرس الذي أخذناه من روح القيامة الوثنية أيضا دوخت العالم زمنا طويلا وبدا كما لو كان الإيمان ضعيفا أمامها: ان تحرك فمصيره الي السجون, أو الي التعذيب أو الي الاستشهاد. ولكن بالصبر والاحتمال انتصر الإيمان الأعزل علي القوة الغاشمة من تلك الدول الوثنية التي زالت من الوجود, بينما بقي الإيمان وانتشر ختاما نرجو من الله أن يمنحنا روح القوة التي تقدمها القيامة, فنشعر أنه لاشيء مستحيل, وأن الخير يمكن أن ينتصر وينتشر ونشعر أن السلام علي الأرض يمكن أن يسود, بقوة من الله وحده تسنده, ذلك الذي قال سلامي اترك لكم. سلامي أنا أعطيتكم وبهذه المناسبة نرجو لبلادنا كل خير, ونرجو أن تعود فلسطين ارضا للسلام, ويتمتع أهلها بالسلام علي ارضها ولالهنا المجد الدائم وكل عام وجميعكم بخير. |
16 - 05 - 2012, 01:32 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
ميرسى كتير ربنا يباركك
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فضيلة الرجاء والعبور إلى القيامة |
القيامة.. رسالةُ الرجاء والأمل |
القيامة ينبوع الرجاء |
تقودنا القيامة إلي الرجاء المبارك |
القيامة بشرى الرجاء |