رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
+ أحد افتقاد النفس المتعبة – أحد الابن الضال + أحد الابن الضال هو يوم الإنسان المُعذب الواقع في حالة الفلس المُريع والجوع القارس الذي جعله ينزل لأحط المستويات وأقذرها، أنه يوم هزة القلب وتأسفه وندمه على حاله، أنها ساعة يقظة صريحة مع النفس زعزعت سلامة التي زيفته له رغبة غريبة شريرة دخيلة هيأت له أسباب خادعة ليترك بيت المحبة ويذهب لأرض غريبة لا يعرفها، ليس فيها سوى أصدقاء الظلمة الذين أفلسوه وتركوه وحيداً شريداً لا يعلم ماذا يفعل وإلى أين ذهب حتى فقد كل رجاء وأمل في طريقة معيشته، وقد أدرك تمام الإدراك أنه أن مكث في مكانه سيعيش الأيام الباقية في بؤس وشقاء مصيره الموت والفناء لا محالة، فلا مناص من الرجوع والعودة لبيته مهما ما كانت مشقة الطريق أو حتى أنه لن يصير سوى مجرد عبد في بيت أبيه، لأن المكوث عند أبيه تحت التأديب كعبد خيرٌ له من أن يحيا في أرض التيه، أرض الموت والشقاء. لذلك فأن هذا اليوم هو أحد خلاص النفس المتعبة الحزينة، المتغربة عن دارها الحقيقي وحضن أبوها المحب، أنه يومي ويومك عزيزي القارئ، وكل من يرى نفسه خاطي بل وفعل كل فجور لا يخطُّر على عقل إنسان، أنه الآن يوم عظيم لابد من أن ننتبه إليه، لأنه يوم افتقاد عظيم بالعودة للنفس في اعتراف صريح، مع قرار واضح حاسم بأنه ليس لي إلا العودة لحضن أبي السماوي لأنه ينتظرني بالمحبة الخالصة، لأنه لا يحبني أحد مثله في الوجود كله، فالله أبانا محبة، مستحيل يتغير ويكون غير ما هوَّ عليه: (محبـــــــــــــــــــة)هذه المحبة أَعلنها لنا الكتاب المقدس، ولكنها لم تُعلن كمجرد كلام منطوق، إنما في مواقف مصيريه تدخل فيها الله ليكشف عن طبيعته، لأن عمل الله تجلى بقوة وقت ضعف الإنسان وهو في حالة خطأ واضح للغاية، بل وهو تحت الموت وفي حالة فجور، مثل حالة الابن الضال، ولنا أن ندقق ونعي ما أُظهر وأُعلن لنا من الله: فيا إخوتي لا ينظر أحد لأعماله الصالحة وكم هو قادر أن يفعل من أعمال برّ ليُقدمها لله، لأن لو نظرنا لأعمالنا وانتظرنا أن نعمل شيءٌ ما يأهلنا للعودة إليه، فسنظل ننتظر وننتظر ونؤجل عودتنا، وفي النهاية سنهلك حتماً في مكاننا لأننا سنتضور جوعاً وعطشاً إلى البرّ الذي من المستحيل – في المطلق – أن نحصل عليه بأعمالنا، لأن ليس عندنا إمكانية لكي نصنع براً يليق بشخصه القدوس حتى يقبلنا، لأننا مقبولين في سرّ المحبة التي ظهرت، لأنه مكتوب:+ بل من محبة الرب إياكم وحفظه القسم الذي أقسم لآبائكم، أخرجكم الرب بيدٍ شديدة وفداكم من بيت العبودية من يد فرعون ملك مصر (تثنية 7: 8) فلا يوجد أي اتكال على شيء آخر سوى محبة الله – وحدها – التي ظهرت لنا، لأن المسيح الرب مات في الوقت المعين لأجلي أنا الخاطئ والفاجر والميت بالخطايا والذنوب.+ ولكن الله بيَّنَ محبته لنا، لأنه ونحن بعد (لا زلنا) خُطاة مات المسيح لأجلنا (رومية 5: 8) +++ وأنتم إذ كُنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا، التي سلكتم فيها قبلاً حسب دهر هذا العالم، حسب رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية، الذين نحن أيضاً جميعاً تصرفنا قبلاً بينهم في شهوات جسدنا، عاملين مشيئات الجسد والأفكار وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضاً.فكيف لإنسان قد أفلس تماماً ولا يملك شيئاً قط، وطُرِحَ في أرض صحراء جافة ميتة ليس فيها شيءٌ قط، بأن يعمل فيها ويُفلحها ويأتي بثمر ليبتاعه ويغتني به ويشتري الثياب الفاخرة ويصنع لنفسه بيتاً جميلاً، هكذا كل من سار في طريق الشرّ وفسد وصار فقيراً من كل نعمة وسند، فأنه غير قادر أن يفعل شيئاً من قداسة أو برّ لأن ليس له قوة ولا قدرة، فهو مثل المريض الذي خارت كل قوة فيه وضعف جسده وقد شارف على الموت، فكيف له أن يُعيد الصحة لنفسه بلا طبيب أو دواء: فكل الرأس مريض وكل القلب سقيم. من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جرح وإحباط، وضربة طرية لم تعصر ولم تعصب ولم تُلين بالزيت. بلادكم خربة، مدنكم محرقة بالنار، أرضكم تأكلها غرباء قدامكم، وهي خربة كانقلاب الغرباء. (أشعياء 1: 5 – 7)، فهل يُغير الكوشي جلده، أو النمر رقطه، (أن استطاعوا) فأنتم أيضاً تقدرون أن تصنعوا خيراً أيها المُتعلمون الشرّ (أرميا 13: 23) لننتبه جداً يا إخوتي لأن حينما أيقن الابن الضال هلاكه ورجع لنفسه وتذكر بيت أبيه، اتخذ قرار العودة وقام ليذهب فوراً، لأنه كان عنده انجذاب خاص حدث في داخله نحو أبيه، لأنه أساساً خارجاً من داره الخاص، لذلك في داخله ما يجعله يشتاق بحنين شديد إليه، وهذا الحنين يحصره ويضغطه لكي يعود سريعاً، وهذا هوَّ سرّ الحنين الذي في داخلنا يضغطنا لكي نعود إلى حضن الحب الذي نفتقده بشدة، وهذا اسمه جذب الله لنا: "لا يقدر أحد أن يُقبل إليَّ أن لم يجتذبه الآب الذي أرسلني وأنا أُقيمه في اليوم الأخير" (يوحنا 6: 44)وهذا هو يوم وساعة افتقاد الله لنا، لو ضاع منا وأهملناه سنظل في الموت ويصير صوت بكاء المسيح الرب في الإنجيل نحونا كما كان في ذلك الزمان عن أورشليم التي خُرِبَت ولم يبقى فيها شيء: "ويهدمونك وبنيكِ فيكِ، ولا يتركون فيكِ حجراً على حجر، لأنك لم تعرفي زمان افتقادك" (لوقا 19: 44) فاليوم هو يوم زمان افتقاد النفس المتألمة من رُعب الفراغ الذي خلفته الخطية فيها، الخطية التي استخدمتها الحية القديمة لتزرع بواسطتها في القلب الزوان التي أتلف حقل قلبنا وخلَّف الموت وأثمر شوكاً وحسكاً، لكن شكراً لله الذي يجذبنا إليه بروح الرجاء الحي بقيامة يسوع، لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح (2تيموثاوس 1: 7) حتى نعود متكلين على غنى رحمته الفائقة: + ولكن لما استراحوا رجعوا إلى عمل الشرّ قُدامك فتركتهم بيد أعدائهم فتسلطوا عليهم، ثم رجعوا وصرخوا إليك وأنت من السماء سمعت وأنقذتهم حسب مراحمك الكثيرة أحياناً كثيرة... ولكن لأجل مراحمك الكثيرة لم تفنهم ولم تتركهم لأنك إله حنان ورحيم (نحميا 9: 28؛ 31) |
|