يَا حمَامَتيِ فيِ مَحَاجِئِ الصَّخرِ، فيِ سِتْرِ الْمَعَاقِلِ، أَرِيِني وَجْهَكِ، أَسمِعيِنِي صَوْتَكِ، لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جميل ( نش 2: 14 )
إن كانت العروس تَحِّن إلى رؤية حبيبها، وسبق أن نادته قائلة: «أخبرني يا مَن تحبه نفسي، أين ترعى، أين تُربض عند الظهيرة؟» ( نش 1: 7 )، فإن الحبيب أيضًا يشتاق إلى رؤياها، فهو هنا الذي يدعوها، ويقول لها: «قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي ... أَريني وجهك، أَسمعيني صوتك» ( نش 2: 13 ، 14). تُرى ما هو تجاوبنا مع دعوة رقيقة كهذه؟ أَ يمكن أننا نتجاهلها وننصرف لحالنا، بدعوى أنه ليس لدينا وقت للوجود في محضر عريسنا الكريم؟
نتذكَّر أن راعوث رجعت من الحقل عند المساء، وأنها ذهبت عند قدمي بوعز عند المساء. وهكذا ينبغي علينا أن نرجع عند المساء من الحقل (العالم والتعب والخدمة)، لكي نوجد عند قدمي الرب يسوع، بوعزنا (مصدر العز) الحقيقي.
أين نجد التمتع المشترك بصورة واضحة كما نجده في الاجتماع إلى اسم الرب، حيث يفرح الرب بقديسيه المجتمعين إلى اسمه، ويفرح المؤمنون بالرب الحاضر في وسطهم، هو يراهم وهم يرونه. وما أحلى أن الرب في الاجتماع يرى من تعب نفسه ويشبع!
وكم يَلذ للرب أن يسمع أصوات القديسين، لا صوت استغاثتهم وقت الخطر، ولا تضرعاتهم عند شدة الاحتياج، بل تسبيحهم وترنيمهم وسجودهم في كل حين. نعم إن الله يلذ له أن يسمع أصواتنا نحن، لا صرخاتنا فقط «لأنك حينئذٍ تتلذذ بالقدير، وترفع إلى الله وجهك، تصلي له فيستمع لك» ( أي 22: 26 ، 27). ويقول المرنم: «أغني للرب في حياتي، أُرنم لإلهي ما دُمت موجودًا، فيَلذ له نشيدي، وأنا أفرح بالرب» ( مز 104: 33 ). وكم يلذ للرب أن يجد قديسيه مشتاقين إلى محضره، فيحضرون بل ويبتكرون إليه! ( إش 26: 9 )، عندئذٍ يرى وجوههم، وهناك يُسمِعونه أصواتهم.
إذا أحب رجل فتاة، فإن كل موسيقى الدنيا لا يعادل في مسمعه صوتها. وهكذا لأن الرب يحبنا، هو لا يعنيه أن يسمع ألحانًا مُتقنة، صادرة من أصوات رخيمة، بل يهمه جدًا أن يسمع أصوات قديسيه، صادرة من قلوب نقية تحبه وتريد أن تُكرمه «ثمر شِفاه مُعترفة باسمِهِ» ( عب 13: 15 ). إنه يُسرّ بأصوات التضرع وانتظار المراحم، إن كنا في ضيقة، وهو يسمع ( أع 12: 5 )، كما يُسرّ بسماع أصوات التسبيح والحمد. بكلمات أخرى يُسر باجتماعات السجود، واجتماعات الصلاة.