رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سؤال مرسل من عضو* انا عندي قلق بسبب أني ممكن أغلط ضد وصية الله من غير قصد أو معرفة وبالتالي مش أقدم عنها توبة ومش أنال الغفران، وربما في قرب رحيلي من العالم أغلط ومش الحق اتوب، فالكلمة الآبائية بتقول: "ليست خطية بلا غفران إلا التي بلا توبة" فإيه الحل العملي الواقعي المعاش لحل المشكلة دية على وجه التحديد!!! وكمان هل الله ممكن يغفر الخطايا اللي عملتها عن قصد وترتيب وتخطيط مني، لأني لاحظت في العهد القديم فيه خطايا مش ليها ذبيحة للتكفير عنها بل عقوبتها الرجم أو الموت، مثل الزنا والقتل والخطايا اللي تمت عن قصد ووعي وتخطيط وترتيب وتنظيم وكبرياء!!! + طبعاً قبل أن أضع الإجابة حسب إعلان الإنجيل وبشارة الحياة الجديدة في المسيح يسوع، رجاء خاص من شخصك العزيز وكل أخ دخل ليقرأ الرد، أن لا يقرأ أحد سطرين ويستنتج باقي المكتوب لينتقد أو يضع رد فلسفي أو اتهامات في مخيلته فقط، ورجاء قراءة الموضوع بتدقيق من أول سطر لآخر سطر بتأني للفهم والاستفادة بغرض الحياة وليس جمع معلومات ولا فلسفة ولا مجرد انتقادات ليست بذات قيمة تدل على سذاجة روحية وعدم استنارة. _____الإجابة_____ أولاً ينبغي أن تعلم أن الاقتطاع من أقوال الآباء أو من عظة، مقولة من وسط الكلام تؤدي دائماً للتشويش وعدم الدقة في التعليم التي تُأثر على حياة الناس ويبنوا عليها خبرات عملية غير منضبطة حسب الإنجيل تسبب القلق والاضطراب، فمقولة: "لا توجد خطية بلا غفران إلا التي بلا توبة" فيها عدم دقة تؤدي للتشويش لأن استخدامها كتعليم في المُطلق بهذه الصورة خاطئ للغاية وهو الذي جعل حياة الناس في قلق واضطراب وعدم فهم لعمل المسيح الخلاصي مع تشوية لحياة التوبة الحقيقية، طبعاً انا متيقن أن هناك من سيدخل وفي تسرُع لن ينتهي من الرد للنهاية وسيقف عند هذا الحد ويبدأ الهجوم المعتاد بدون أن يفهم الكلام في إطاره الصحيح، لكن ما علينا. المهم، لابد من أن ندرك أن لم تنفتح مداركنا ووعينا على عمل الله الخلاصي سنظل نلف وندور في تيه متغربين عن الله لا نعرف كيف الطريق ولا كيف نحيا لله على المستوى العملي، بل سنتوه وسط الكلام والعظات المتضادة ولا نعرف يمين من يسار... لذلك أخي الحبيب وكل من يقرأ معنا ما نكتب، لابد أن نعرف أنه لا ينبغي لنا أن نحيا على مستوى العهد القديم، لأنه مستوى طفولة الإنسان وفترة تهذيبه وتأديبه لأجل البرّ الآتي حسب الوعد والنبوات، فذبائح العهد القديم كانت مجرد ظل رمز باهت للمسيح الرب يتناسب مع طفولة الإنسان الساقط وحالته المُزرية واختلاطه بشعوب وثنية ضالة عن الحق، لذلك الذبائح قاصرة على أن تطهر ضمير الإنسان وتخلصه من تأنيبه، ولم تكن بقادرة أن تبرئ القاتل أو الزاني، لكن مسيح القيامة والحياة حمل الله رافع خطية العالم، لم يكن على مستوى ضعف ذبائح العهد القديم، لأنها ذبائح حيوانية كمجرد مثال يوضح أن الخطية أجرتها موت بسفك دم، فالذبيحة صورت ضرر الخطية وخطورتها بالنظر لما يحدث للذبيحة المقدمة، أما ذبيحة المسيح الرب هي ذبيحة إلهية فائقة، فالرب أخذ طبيعتنا المائتة التي هي أقل من الملائكة، أي أنه أتخذ جسد قابل للموت، وشرب كأس الألم بإرادته بكل سرور المحبة الفائقة أو لأجل السرور الموضوع أمامه، أي شرب كأس مرار الخطية التي مررت حياتنا كلنا وتألم جداً من أجلها في الجسد، ولكنه ضم كأس كل إنسان في كأس واحده ليشربها وحده ليذوق الموت بنعمة الله لأجل كل واحد بلا استثناء، ويجتاز بنا الفرقة التي تمت بيننا وبين الله بسبب خطيانا سواء عن قصد ام بدون قصد لذلك قال: إلهي إلهي لماذا تحجب وجهك عني، لأن الذبيحة هنا تفوق كل حدود إمكانيات كل أعمال للإنسان وكل ذبيحة وكفارة حيوانية، لأن دمه يطهر من كل خطية ويزيل ضمير الخطايا ويرفع كل تأنيب ويبرئ الإنسان فعلاً في برائته الخاصة كبار، فهو يزيل الخطية ويغفرها بغسل الضمير، مهما ما كانت هذه الخطية لأن ذبيحة نفسه على الصليب من أجل كل واحد ليست قاصرة، لأن المسيح الله الكلمة المتجسد قدم نفسه بروح أزلي، قدم نفسه حمل الله بلا عيب ودخل بدم نفسه للأقداس بجسم بشريتنا فوجد لنا فداء أبدي، فهو كفارة لأجل العالم كله وعلى الأخص الفجار والأثمة الذين فعلوا خطية عن قصد وعمد وعن وعي وإدراك تام، وايضاً عن غفلة ودون قصد، بمعنى أنه ذبيحة كفارة أبدية أكثر من كافية للجميع. لكن عملهُ لن يتم إلا في التائبين فقط، وهنا نعود لنُظهر عيب المقولة ونقصها وقصورها التي تُقال: "ليست خطية بلا غفران إلا التي بلا توبة". ففي الواقع المسيحي العملي المُعاش، أحنا لا نقف قدام الله ونظل نفكر في كل خطية عملناها لنُقدم عنها توبة واحدة بواحدة، خطية فكر وخطية لسان ويد ورِجل.. الخ، ولو نسينا خطية تبقى مشكلة حقيقية ومعوق أمامنا يؤدي للانهيار والخوف من أن الله يُحاسبني ويرميني في الجحيم، هذه توبة على مستوى الأمم المبتعدين عن الله أو الذين لا يزالون يحيون بروح العهد القديم العائشين تحت الناموس في خوف، ولا زالوا مبتعدين عن العهد الجديد ويريدوا أن يكفروا عن خطيئتهم ظناً منهم أن توبتهم هي تكفير عما صنعوه فيبحثون عن مجرد أعمال صالحة يقدموها أو يظنوا أن الصلاة والصوم وقراءة الكلمة هي تفكير عما صنعوه وبذلك الله يقبلهم.أما التوبة في واقع الإنجيل متلازمة وملتصقة بالإيمان والرجوع لله الحي خلاص النفس وشفائها وتغييرها بإعادة تشكيلها لتصير خليقة جديدة، ففي بداية الإنجيل الرب قال: "توبوا وآمنوا بالإنجيل"، لم يقل توبوا وصمت، بل آمنوا بالإنجيل الذي هو قوة الله للخلاص وفرح الحياة الأبدية، فالتوبة هنا التي تُلازم الإيمان بالإنجيل هي حالة وليست شيء وضعي لزمان ومكان معين، يعني التوبة هي حالة نحيا فيها وليست مجرد توبة عن خطية واحدة أو شوية خطايا، بل هي ترك وتخلي بيتم بعملية انسلاخ وخلع جسم الخطايا للبس آخر جديد، من أجل حياة جديدة مجيدة فيها فك قيود وعتق من الموت وحرية في حياة أبدية ممتدة للأبد، أي أنها استمرار موت مع المسيح واستمرار قيامة معه وفيه على المستوى العملي في حياتنا الشخصية واليومية. لذلك فأن السؤال ليس هو ماذا يحدث لو عملت خطية بدون علمي أو قُرب مماتي ولم يكن عندي الوقت للتوبة عنها، بل السؤال الصحيح هو: هل أنا في المسيح الرب حصني وخلاصي وبري وقيامتي وكفارتي وصرت ابناً لله في الابن الوحيد، والا أنا خارج عنه حتى وانا تائب توبة الأمم في مجرد الابتعاد عن الخطية وعدم ارتكابها وأعمل شوية أعمال صالحة كتيرة والا قليلة !!!إذاً الموضوع ليس هل أنا تُبت عن الخطية الفلانية والا العلانية، بل هل أنا دخلت في حياة التوبة الحقيقية التي تعني أولاً إني تركت ورائي حياتي القديمة بكل ما فيها من ذكريات حلوة وأليمة، وثانياً صرت فيها أتغير عن شكلي بتجديد ذهني وألبس كل يوم الإنسان الجديد الذي يتجدد كل يوم حسب صورة خالقة في القداسة والحق والبرّ، أم أني عريان من المسيح الحي ولم أرتديه بعد وأحيا في تذكار الخطية المُلبس الموت ولازلت حامل ضمير الخطايا متألماً بثقل آثامي، لأن التوبة الحقة هي التي فيها استمرار خلع الإنسان العتيق مع كل أعماله القبيحة وحتى الجميلة، مع لبس مستمر ودائم للرب المسيح الذي يحفر بروحه فينا ملامحه الخاصة حتى نصير فعلاً نور للعالم وملح الأرض، أي نعكس جماله الخاص بملاح سيرة روحانية تفيح منها رائحة المسيح الزكية أمام الجميع فنكون شهادة حسنة لله تجذب إليه الجميع لأننا صرنا مثاله. فيا إخوتي احنا درسنا وعرفنا التوبة خطأ، فركزنا على اننا نبطل خطية فقط ونسينا الإنسان الجديد، لأن المسيح الرب أتى ليجعلنا خليقة جديدة فيه، والأشياء العتيقة تمضي وتنتهي، فحالنا كمسيحيين أننا نتغير كل يوم ونصير على صورة المسيح الرب وهذه هي توبتنا. وأيضاً عرفنا الإبراء من الدينونة خطأ إذ اعتقدنا وعلَّمنا وتعلَّمنا أننا نفلت منها لأننا بطلنا الخطية فقط ونعمل أعمال حسنة، مع أنه مكتوب في رومية 8: إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد (من جهة كل أعماله وفكره) بل حسب الروح، لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت. إذاً السؤال الصحيح هوَّ: "هل أنا في المسيح يسوع أم انا خارج المسيح يسوع"، لذلك يقول الرسول: "جربوا أنفسكم هل أنتم في الإيمان؟، امتحنوا أنفسكم، أم لستم تعرفون أنفسكم أن يسوع المسيح هو فيكم أن لم تكونوا مرفوضين" (2كورنثوس 13: 5)فهل المسيح فينا واحنا في المسيح ودخلنا في سرّ التوبة الحقيقية على مستوى ارتداء ثوب العُرس والاستعداد لمجيئه بظهور ثمار الروح القدس فينا... فنحن في البداية نتوب بالرجوع لأنفسنا ونؤمن بمسيح القيامة والحياة وشفاء النفس الحقيقي ونسأل ونُفتش عن أبينا ونستجيب لدعوته المقدسة لنا في أننا نقوم - في التو واللحظة - ونترك حياتنا القديمة بكل ما فيها تماماً، ونتوجه لحضن أبينا السماوي مثل الابن الضال، فيحتضنا ويُلبسنا خاتم وثوب جديد ويُدخلنا إلى حضرته البهية ويصنع لنا وليمته الخاصة ويُجلسنا على مائدته في شركة القديسين في النور، فنتذوق حلاوة البنوة الحقيقية ونحيا في حرية مجد أولاد الله، ولو تعثرنا وسقطنا عن ضعف فأننا نقوم وننفض عنا التراب الذي تعلق بنا ونستمر، وبكوننا أبناء فلن نُطرد من بيتنا لأننا رعية مع القديسين وأهل بيت الله، لأن هناك فرق عظيم بين من هو لابس ثوب العُرس ولكن ممكن أن يتعثر ويسقط، وبين من هو لابس ملابسه الرثة القديمة ورائحة عرقة الكريهة تفوح منه ويتعثر ويسقط ويمتلئ جروح وقروح وليس من شافي ولا مطهر ولا غاسل، لأن هناك فرق ما بين ابن الإمبراطور والملك وبين ابن العامة من الشعب، فابن الملك مكانة القصر حتى لو تعثر أو عنده بعض الحماقة، لأن أبيه سيؤدبه ويقومه بكل صبر الأبوة الحانية لكي يصلح أن يرث مُلكه الذي يعده له، وبين ابن العامة الذي اعتاد على القُبح في الكلام والحماقة في التصرفات وهو لا يقدر أن يتواجد وسط الأمراء ولا يقدر أن يحضر حفلات الملوك مهما ما أصلح من حاله. هل عرفت الآن أخي الحبيب وكل من قرأ بخبرة روح الإنجيل بشارة الحياة الجديدة المفرحة، الفرق بين التوبة الحقيقية التي حسب قصد الله المُعلن في الإنجيل، وبين توبة الأمم والعبيد الذين هم مستعبدين تحت الناموس الذي يحكم في ضمائرهم بملامة انهم خطاة مائتين وليس لهم رجاء حي في المسيح يسوع خلاص النفس، بل القلق يحيط بهم من كل جانب لأنهم يخافوا الموت لأنهم عبيد تحت سلطان الخطية وينتظرون الدينونة برعب الذي ارتدى الثياب الرثة وصار كله قبحاً وغرغرينة مرض الخطية المُميت يمسك في كيانه كله حتى أن لم يعد فيه صحة، وقد جَمَل نفسه من الخارج بلصق أعمال تُشابه أعمال الروحانيين فخدع نفسه وزاغ عن الحق وعاش في عدم سلام، فصار مثل الميت الذي أنتن الملفوف في كتان غالي الثمن مُعطر بأغلى العطور الثمينة وموضوع في تابوت من الذهب المرصع بالحجارة الكريمة لكنه في النهاية ميت قد أنتن وليس فيه حياة. |
|