سرقوا منك الفرح، والروح تتمزق حائرة مابين الشك واليقين. ساحات مدنك خجِلة لم تتزين لاستقبال العيد، والأشجار التي تضيء ليالي الميلاد قُطعت. وتناثرت أوراقها لتنشر الحزن في القلوب الخائفة.
عيد الميلاد قد اقترب يا سوريا العريقة. أتذكرين؟ كنت شاهدة على ولادة فادي الكون، وقد أستنرت باشعاع من نوره العظيم. فأولى بك اليوم أن تتفاءلي وتتسلحي بالأمل، لأن العائلة المقدسة تبحث عن مكان تبيت فيه.
هيا سوريا فالظروف مواتية لولادة المخلص، لأن الظلمة تعم أرجاء الوطن، والشر يزداد. المدن محطمة والنفوس المُنكسرة تبتهل إلى الفادي لينقذها من الموت، ويعطيها حياة جديدة وأفضل.
سوريا: المجوس يعلمون أن هيرودس يطلب الطفل القدوس ليقتله، ومعه كل الأطفال الأبرياء. والرعاة ما أكثرهم اليوم، لكن قلة منهم فقط سوف يُبشرون الناس بالفرح القادم.
هيا سوريا استعدي لاستقبال الفادي، فقد وعد أنه على الأرض السلام. أرجوك اطلبي منه سلاماً، وياأهل النخوة والكرامة اقرعوا أبواب العيد، لكي تعود الضحكة لوجوه الناس، والمسرة إلى قلوبهم.
سوريا كفاك حزناً. انهضي من رقادك بحق السماء، ولا تخجلي من واقعك الحالي، فالرب يحبك كما أنت، لا تتجملي أو تتزيفي، بل ابقي كما كنت جميلة، وخيرك يمتد على مساحة الوطن.
سوريا لا تحزني لأن الكهرباء انقطعت ودكاكين زينة العيد قد أُغلقت، فطفل المغارة لا تهمه تلك المظاهر. ولا تنسي إعلام أطفالك أن ينتظروا هداياهم: كيس من الحنطة يبشرهم بالخير القادم، وقلم ملون يرسمون فيه مستقبل سوريا، وإطار جميل ومزخرف، فيه صورة الشهداء يضحكون بافتخار.
سوريا ابشري، فالطفل يسوع في ليلة عيده، سوف يدور على كل بيت ويمسحه بدمه القدوس. سيعزي الحزانى ويكفكف دموع المتألمين، ويُدخل الطمأنينة والغفران إلى قلوب كل السوريين.
كذلك ياأهل سوريا، لا تتأسفوا لأجل تقصيركم في هداياكم، فطفل المغارة يعرف امكاناتكم، فلن يطلب الذهب. بل يريد قلوبكم، ثقوا أنها غالية عنده. ولا يريد اللبان(البخور)الغالي الثمن، فأنتم رائحته الزكية في هذا العالم الشرير. لكنه يريد هدية واحدة فقط (المُر). إذاً، قدموا له آلامكم ومعاناتكم. أحزانكم.غضبكم ومخاوفكم، فقد وعدكم، إن تألمتم معه، سوف تتمجدون معه أيضاً.
أبناء الوطن الغوالي: أنتم اليوم نور العالم، ونوركم كنجمة العيد سيضيء في سماء سوريا. كل عام وأنتم بخير.