رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كيف نجح الفراعنة في مواجهة السيول وفشل المصريون بعد 7 آلاف سنة؟
تواجه مصر أمطارًا غزيرة على محافظاتها الساحلية، مع قرب فصل الشتاء، ومع كل موجه سيول تهبط من السماء، تقف الأجهزة المعنية بالدولة عاجزة عن مواجهة ظاهرة معروفة الموعد والقدرة، في حين استطاعت دول أن تتحدى كوارث أضعاف ما نواجهه بفضل التخطيط الجيد وحسن إدارة الأزمات. وعلى الرغم من عجز الحكومات المصرية المتتالية عن حل هذه المشكلة، إلا أن الكاتب المصري، محمد أنور شكري، أثبت في كتابه "العمارة في مصر القديمة"، أن القدماء المصريين خوفًا على الزخارف الملونة داخل المعابد، حال تسربت إليها مياه الأمطار، كانوا يحفرون قنوات صغيرة على طول الفواصل بين الكتل والتماثيل الحجرية، لتأخذ المياه إلى مجرى النيل. وكان للحضارة الإسلامية دورها أيضًا في معالجة الآثار السلبية لتدفق مياه الأمطار، فلا تزال أسقف البنايات القديمة بمدينة القيروان التونسية شاهدة على عظمة حضارة بلاد الأندلس، فقد صممت بوجود ميل معين يسمح بنزول مياه المطر في خزانات، لتستخدم فيما بعد كمياه للشرب. وفي الوقت الذي نضع فيه أيدينا على قلوبنا في انتظار حجم الدمار الذي ستلحقه بنا الأمطار، يستخدم أناس آخرون أيديهم في البحث عن حلول للمشكلات وتحويلها إلى نقاط قوة تخدم المجتمع وتحافظ عليه. تظل تجربة أوروبا الغربية، وبخاصة ألمانيا في الأربعين عامًا الأخيرة هي الرائدة في مجال الاستفادة من الظواهر الطبيعية، فقد طورت ألمانيا بنيتها التحتية الخضراء اعتمادًا على مياه الأمطار، وأصبحت مدنها من أكثر المدن الخضراء في العالم وأسطح مبانيها تكتسي باللون الأخضر، بفضل النظام الذي يعتمد على مواسير موزعة حول المنازل تستقبل مياه الأمطار وتخزنها لاستخدامها في أعمال التشجير والري. واستطاعت ولاية كاليفورنيا القضاء على مشاكل مياه الأمطار نهائيًا عن طريق إنشاء مصارف على جانبي الشوارع، وفوق الأرصفة تتصل مباشرة بشبكة صرف متكاملة أسفل شوارع المدينة بالتوازي مع شبكات الصرف الصحي، والحفاظ على صيانتها بشكل دوري، للحفاظ على المياه التي يعاد استخدامها مرة أخرى. وأنفقت مدينة شيكاغو الأمريكية مبلغ يقدر بـ 3.1 مليار دولار من أجل بناء خزانات كبيرة للمياه تحت المدينة للحفاظ على المياه، ولعدم وجود مصارف في البحار أو مناطق لصرف المياه داخل الولاية. وتعتبر ماليزيا من الدول التي تغلبت على مشكلة السيول بطريقة مبتكرة، حيث أنشأت النفق الذكي الذي ساهم في حل مشكلة مرورية كبيرة في كوالالمبور، ويتم غلقه أمام السيارات وتحويله إلى مصرف كبير لمياه الأمطار إلى خارج المدينة، وبذلك حل مشكلتين ضخمتين في الوقت ذاته. ونجحت السعودية في القضاء على كثير من أضرار السيول التي تضربها كل عام، ببناء مجموعة كبيرة من مجاري السيول، عبارة عن أنفاق ضخمة تستوعب مياه السيول الجارفة وتلقي بها في الصحراء الواسعة. وتمتلك الكثير من الدول الأوروبية، مثل "السويد وفرنسا"، مجاري كبيرة لتجميع المياه أسفل الطرق، ويتم تركيزها في مجمعات كبيرة ويتم ضخها لمركز خارج المدينة للتخزين، لأن مياه الأمطار هي مياه نظيفة ويمكن بعد تنقيتها إعادة توزيعها للسكان كمياه شرب نظيفة ومعقمة. أما في مصر، فالمدن التي تمتلك بالوعات صرف للأمطار لا تستفيد منها، فهي تظل مفتوحة طول العام دون صيانة، ما يؤدى إلى امتلائها بالأتربة والقمامة، فلا تؤدي الغرض المطلوب منها وقت الأمطار الشديدة، وهذا ما حدث في المصارف القليلة بمدينة الإسكندرية، حيث وجد أن أغلبها مغلق بالحجارة. وتظل المشكلة الأكبر في مواجهة الكوارث داخل دولة مثل مصر، هي الهروب من المسئولية، ما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا، فالمسئول عن مواجهة مشكلة تصريف مياه الأمطار غير محدد هل هي الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي أم وزارة التنمية المحلية أم المحليات، فالكل يلقي بكرة اللهب في ملعب الآخر. التحرير |
|