الصدّيق يترنم ويفرح
الانسان حين يحل به خير يفرح ويسعد ويغني ويرنم ، وحين يحل به شر يكتئب ويحزن ويبكي ويشكو ويتذمر ، لكن المسيحية كسرت تلك القاعدة وقلبت تلك البديهية . المسيحية اتت بالترنيم وقت الضيق وبالاغاني عند حدوث الشر . وسط الاضطهاد والمسيحيون يقادون الى القتل والموت والاستشهاد وهم يلقون للوحوش الكاسرة لتفترسهم أثناء اضطهاد الرومان كانت تصعد اصواتهم وتعلو بالتسبيح والترنيم والغناء . كان صوت ترنيمهم يغطي صوت زئير الوحوش وصراخ الجماهير والمسيحي حين يواجه العقبات والمشاكل والاضطهاد يرنم . يقول بولس الرسول : " لانه قد وهب لكم لاجل المسيح لا ان تؤمنوا به فقط بل ايضا ان تتالموا لاجله " ( فيلبي 1 : 29 ) . الالم لاجل المسيح اسمى من الايمان وحده . وحين كانت الاحجار تلقى فوق جسد شهيد المسيحية الاول استفانوس والاحجار تتساقط على جسده تحطمه وتمزقه ، ارتفع وجهه وكان كأنه وجه ملاك .( اعمال الرسل 7 ). المؤمن وقت الضيق يرى المسيح مصلوبا لاجله فيسعد ويفرح ، ويتشكل الالم داخله انغاما ً وموسيقى والحانا ً فيغني ويرنم .
مرت باحد القديسين ضيقة وظلم واضطهاد ، وبينما هو في ذاته وسط الظلام والبرد والوحدة أشعل نارا ً في مدفأته وجلس وادهشه والظلام يغطي المكان والبرد يملأ البيت سمع صوت موسيقى ، موسيقى رتيبة جميلة ، ولم يكن حوله شيء تنبعث منه موسيقى هكذا . فحص المكان وبحث عن مصدر الموسيقى فوجد بالنار قطعة خشب تحترق وفي احتراقها يصدر منها صوت موسيقى شجية كانت فرعا من شجرة خاصة . وكانت تلك الشجرة كبيرة وارفة تعشعش فيها طيور مغردة واختزنت الشجرة وفروعها تلك الانغام فلما دخلت النار اخرجتها الحانا شجية جميلة رفعت روح الرجل وملئت قلبه تعزية وفرحة وشارك الخشب المحترق في الغناء ورنم وسبّح ونسى معاناته .
قد تكون تمر في نار حامية تُحرق . النار تستطيع ان تخرج من داخلك لحنا ً . التجربة تستطيع ان تعزف على قيثارتك فترنم . رنّم للرب " رَنِّمُوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً. رَنِّمِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِ . "( مزمور 96 : 1 ) . " يحمدك يا رب كل ملوك الارض …يرنمون في طرق الرب لان مجد الرب عظيم . " ( مزمور 138 : 4 – 5 ) . يقول سليمان الحكيم : " الصدّيق يترنم ويفرح ." ( امثال 29 : 6 ) .