مَنْ هو المعلق على الصليب؟
لا صورة له ولا جمال فننظر إليه، ولا منظر فنشتهيه (إش53: 2)
إنه الشخص الحلو الذي قال عنه بنو قورح قديماً « أنت أبرع جمالاً من بني البشر » (مز45) وقالت عنه عروس النشيد « حلقه حلاوة وكله مشتهيات » (نش5)، وكان ضمن أوصافها له « رأسه ذهب إبريز .. خداه كخميلة الطيب .. يداه حلقتان من ذهب .. بطنه عاج أبيض .. ساقاه عمودا رخام .. » هذا هو تقدير الإيمان لشخص المسيح.
لكن ماذا عن تقدير البشر له بعد أن قضى في هذا العالم ما يزيد عن الثلاثين عاماً؟ وماذا عن مكافأة الناس له بعد فترة خدمته الجهارية التي دامت أكثر من ثلاث سنين، كان يجول فيها يصنع خيراً، واختبر التعب والجوع والعطش والألم، بل كان رجل أوجاع ومُختبر الحَزَن؟
في الحقيقة، ما عمله البشر هو أنهم ضفروا إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه (مت27: 29)، ذاك المُكلل بالمجد والكرامة.
أما عن خديه فنقرأ أن الخدام كانوا يلطمونه بعد أن بصقوا عليه (مر14: 65) وواحد من الخونة (يهوذا الإسخريوطي) طبع عليهما قُبلاته الغاشة.
وفي يديه وقدميه دُقت المسامير، وسُمّرت بمطرقة لا تعرف من صاحبها إلا القسوة والوحشية لشخص له كل العواطف الرقيقة.
وحتى بعد أن أسلم الروح ومات، لم يسلم المسيح من كراهية البشر حيث نقرأ أن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دم وماء (يو19: 34). ذاك الذي بطنه عاج أبيض، والذي له أحشاء الرأفات!
ليس شيئاً مثل عمل الصليب يبقى ويظل باقياً أبد الدهر، فريد في عظمته، ويشغل مركز الدائرة في كل مشورات الله، ويعلن لكل كائن على الأرض فساد الإنسان، وعداوته لله من جهة، وصلاح ومحبة الله من الجهة الأخرى.
يا لعظمة هذا العمل، إن الصليب حقيقة تاريخية وحقيقة أزلية، فالجلجثة بقعة تاريخية، وأحداث الصلب التي تمت في ذات المكان أظهرت مشورة الله الأزلية لخير الإنسان وبركته وسعادته.
فكيف أنسى حُبكَ
إذ مُتَّ عن ذنبي مُحتملَ التعييرِ والـ
آلامِ والصلبِِ