لا يعسر على الرب شيء
آه، أيها السيد الرب، ها إنك قد صنعت السماوات والأرض بقوتك العظيمة، وبذراعك الممدودة، لا يعسر عليك شيء
( إر 32: 17 )
إننا أحيانًا كثيرة حينما نكون تحت ثقل الآلام، ونشعر أن العالم ينظر إلينا باحتقار، نرى الرب يرفع وجوهنا إلى قمة مجد الشركة. ولو أننا عشنا في زمن أنبياء العهد القديم لأدهشنا كثيرًا موقف الشجاعة والبطولة الذي وقفه كثيرون منهم في أوقات حالكة مُظلمة. فها هو إرميا يبكي، بينما الناس يسخَرون منه، ويهزأون غير مُكترثين لدموعه وصلواته، بل ويلقونه في السجن، ولو لم يكن الله معه لقتلوه فعلاً. ولكن ها هو إرميا يصعد إلى أعلى جبل الشركة، وهو في ضيقه، فيقول: «آه، أيها السيد الرب ... لا يعسر عليك شيءٌ». وها هو الرب بسرور كامل وقد استجاب صلواته وقال له: «هأنذا الرب إله كل ذي جسد. هل يعسُر عليَّ أمرٌ ما؟» ( إر 32: 27 ) مُستخدمًا ذات الكلمات التي ذكرها إرميا في صلاته في ثقة وإيمان
«لا يعسر عليك شيءٌ».
إنه من الخطأ الكبير أن تنظر إلى أي أمر أو إلى أية مشكلة، كأنه ليس لنا مثل هذا الإله الذي لا يعسر عليه شيء ..! إنه هو نفسه معنا في هذه الأيام، فهو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد، وعلينا فقط أن نثق في مواعيده ونتكل عليه، ولا نَدَع العالم يجرفنا في تياره ويُنسينا ذلك الإله الذي لا يعسر عليه شيء، فتكون النتيجة الابتعاد عنه فنقع في الحيرة والاضطراب أمام ظروف الحياة الصعبة .. فيا ليتنا نحفظ أنفسنا ناظرين إلى الرب كمَن يستطيع ما لا يستطيعه الإنسان، وكمَن لا يعسر عليه شيء.
قد نكون في ظروف مُظلمة من جميع جوانبها ونصرخ من أعماقنا طالبين الخروج منها، ولمّا لا نُجاب بسرعة، نخور ونضعف وينتابنا اليأس والقنوط، ولكن لو تأملنا في حالة الأرض عندما كانت تغشاها ظلمة دامسة قبل أن «قال الله ليكن نور فكان نور» لأيقنا أن هذا «الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة»، هو بعينه الذي يستطيع أن يُضيء جوانب حياتنا بكلمة منه، ويحوِّل ظلامنا إلى نور باهر، لأنه الرب الذي لا يعسر عليه شيء.
فلا تتحدث إذًا أيها الأخ العزيز عن صعوبات أو ظلمات في
حياتك ما دام لك مثل هذا الإله الذي يقول لك
«ادعُني فأُجيبك وأُخبرك بعظائم وعوائص لم تعرفها»
( إر 33: 3 ).