أما البار فبالإيمان يحيا
( عب 10: 38 )
أريد أن أبيّن لكم كيف أن الله أحياناً يتكلم بطرق عجيبة خاصة ليصل إلى قلب الإنسان. في حادثة وقعت لمارتن
لوثر، ذلك الرجل الذي أقامه الله في القرن السادس عشر ليكون أداة مكرمة لتحطيم سلاسل الظلمة الدينية. في ذلك الوقت كان الناس يُلَقنون أن الخلاص إنما بالأعمال وبحفظ طقوس الكنيسة. فقام لوثر يكرز بالإنجيل الصحيح وأن الخلاص بالإيمان وليس بالأعمال الميتة، وأن كل من يؤمن بالمسيح الذي مات وقام، ويقبله نائباً عنه في حمل الدينونة التي يستحقها الإنسان عدلاً، ينال بإيمانه الحي العامل حياة أبدية. ولكن قبل أن يصير لوثر كارزاً للآخرين، كان ينبغي أن يتعلم هو أولاً حق الإنجيل في نفسه.
كان في مدينة روما وبالقرب من أحد أبوابها بناء يُسمّى " قصر لاتيران " وهو قديم جداً وبداخله درج من الرخام وعدد درجاته ثماني وعشرون. وبحسب التقاليد يُقال إن درجات هذا السلم أُحضرت من أورشليم في القرن المسيحي الأول وكانت أصلاً في بيت بيلاطس البنطي، وتصعد عليه جموع الناس ليس على أقدامهم بل على أيديهم وركبهم، وهى عملية شاقة ومُتعبة. وكانوا يعتقدون أنه ببلوغهم الدرجة الثامنة والعشرين يحصلون على غفران خطاياهم!!
ومنذ أربعمائة سنة، ذهب ذلك الراهب الشاب - لوثر إلى روما مثقلاً بحمل ثقيل من خطاياه غير المغفورة وأخذ يصعد درجات ذلك السلم مع الصاعدين في بُطء وتعب ليحصل على الغفران والسلام. وإذ كان في ذلك الموضع سمع لوثر صوتاً في أعماق نفسه وضميره قائلاً "البار بالإيمان يحيا". كان قد سمع ذلك الصوت مرتين قبل الآن وها للمرة الثالثة تتحرك الذاكرة وتأتي إليها كلمة الله بقوة ملتهبة. وكانت تلك هي نقطة التحول في حياته. ومن تلك اللحظة التي سمع فيها صوتاً على السلم، رجع إلى ألمانيا لينادي بالخلاص والفرح لكل من يؤمن، وبالغضب والدينونة لكل من يرفض الإيمان بالمسيح المخلص.
وأنت أيها القارئ العزيز .. قد يأتيك صوت الله ممثلاً في عبارة من عبارات الكتاب المقدس، وأنت على السلم، أو أنت تحت التينة، أو أو، فاستمع له وصدّق قول الكتاب!