ابنك ... الذي تحبه
خُذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض المُريا واصعده هناك مُحرقة على أحد الجبال الذي أقول لك (تك22: 2)
قام إبراهيم، الرجل الأمين، مبكراً، وشد على حماره وأخذ إسحاق والحطب إلى الموضع الذي قال له الرب. ولمدة ثلاثة أيام ظل سائراً في طريقه مع ابنه الطائع « وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم عينيه وأبصر الموضع من بعيد » (تك22: 4)، أبصر إبراهيم الجبل الذي كان سيُصعد عليه ابنه إسحاق مُحرقة لله. وإسحاق هو النسل الموعود به، وهو رمز لنسل المرأة، ومن هنا نرى أن الذبيحة التي طُلبت من إبراهيم تُشير إلى محبة الله الذي لم يُشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين (رو8: 32).
إن إسحاق وهو موضوع فوق المذبح، كما وهو مأخوذ أيضاً من فوق المذبح، له معناه الرمزي والنبوي. فالموت والحياة على جبل المُريا يشيران إلى موت وقيامة ربنا يسوع المسيح، الحَمَل الذي أعده « يهوه يرأه » (تك22: 14). فعندما يوضع إسحاق طواعية على المذبح وكنعجة صامتة لا يفتح فاه، وعندما تُرفع السكين فوقه في يد الأب الشيخ؛ إنما هذا يعادل تماماً موته عند إبراهيم. ولما أخذه إبراهيم حياً من على المذبح، إنما أخذه كمن أُقيم من الأموات إلى الحياة (عب11: 19).
ولا ننسَ، بعد هذا المنظر العجيب، حقيقتين سُجلتا عن إسحاق: الأولى أن إسحاق بقى إلى جوار أبيه، والثانية أن إبراهيم جعل إسحاق وارثاً لكل شيء « وأعطى إبراهيم إسحاق كل ما كان له. وأما بنو السراري اللواتي كانت لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحاق ابنه شرقاً إلى أرض المشرق وهو بعد حي » (تك25: 5،6). وذاك الذي مات وأُقيم في اليوم الثالث من الأموات، الابن الوحيد الذي صار بكراً من الأموات، هو الآن عن يمين الآب والمعيَّن وارثاً لكل شيء » (عب1: 2).
وفي تكوين24 نجد أيضاً صورة جميلة لعبد أمين يذهب باحثاً عن عروس للابن الذي اجتاز الموت والقيامة في مثال، ويا لها من صورة مؤثرة لدعوة وقيادة الروح القدس للكنيسة وهي سائرة لمُلاقاة عريسها السماوي. ومهما طالت مدة السفر، فإن الذي وعد قائلاً:
« ها أنا آتي سريعا » لا بد أن يتمم الوعد. ولسان حال المؤمنين الآن:
ألفانِ ولَّتْ
ولا زلنا على سفرِ يا ضامنَ العهدِ
أين غاية السفرِ؟