18 - 06 - 2012, 07:06 AM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
كامبريدج رحاب مصر
١٨/ ٦/ ٢٠١٢
بقلم فاطمة ناعوت
«علّموا أولادَكم الفنونَ، ثم أغلقوا السجون». قالها أفلاطون قبل أربعة وعشرين قرنًا. لهذا أنا هنا، فى «مدرسة كامبريدج نادى الرحاب»، لأُحيّى أمهات مثقفاتٍ، أرسلن أطفالهن وطفلاتهن ليتعلّموا الفنون، وأُحيّى كذلك الأساتذةَ الأكاديميين الذين يبذلون أنفسهم ليرتقوا بأطفال مصر. فالعلومُ والفنونُ والعمل هى المفاتيحُ السحرية و«الوحيدة»، للارتقاء بالمجتمعات. العلمُ يعلو بالعقل، الفنونُ تسمو بالروح، والعملُ هو الخيطُ الفاصلُ بين دول «تُعطى» ودول «تأخذ»، دول جادّة تُنتجُ، ودول كسولة تستهلك. بتلك المفاتيح الثلاثة تكون اليوتوبيا، التى لا تعرفُ الجريمةَ ولا الظلام.
الحفلُ السنوىّ السابع، فى يونيو من كل عام، يستعرضُ ما تعلّمه الصغارُ من فنون الموسيقى والباليه فى المدرسة التى تأسست عام ٢٠٠٦. مديرتها، د. هاميس عثمان، شابّةٌ مثقفة جميلة، تعلّمت فنون تدريس الموسيقى فى بريطانيا، ثم عادت لوطنها لتُعلّم أطفالنا هذا الفن الرفيع، على نهج كلية كامبريدج الإنجليزية.
بعد السلام الجمهورى الذى يرتجفُ لسماعه قلبُ كلّ مصرىّ ومصرية، عرضت الصغيراتُ أحد أجمل ما أبدع تشايكوفسكى من موسيقى، عام ١٨٩٢، فى باليه «كسّارة البندق»، عن قصة أرنست هوفمان، وتصميم رقصات ماريوس بتيبا، وليف إيفانوف. الصبيّةُ الجميلة «كلارا» أدّت دورها «نينت نظمى»، فيما أدى «ممدوح حسن» دورَ الأمير الوسيم، الذى خرج من دُمية «كسّارة البندق». وكلاهما صوليست محترف بفرقة باليه أوبرا القاهرة. وفيما يصحبُ الأميرُ كلارا إلى «مملكة الحلوى»: نتذوّقُ الشيكولاته فى الرقصة الإسبانية، ونحتسى البنَّ فى الرقصة الشرقية، والشاى فى الرقصة الصينية، ثم تدخل عرائسُ الماتروشكا فى الرقصة الروسية، لتختتمَ العرضَ تنويعاتُ فالس رائعة مع رقصة «فالس الزهور». كان وراء هذا العرض المدهش مدربون أكاديميون كبار، منهم هانزاده عصمت، وهشام إبراهيم، وكلاهما مدرسٌ، مساعد بالمعهد العالى للباليه، إضافةً إلى ندى سعد، وبيالا مدربة الجمباز بالمدرسة.
وبعدما اختفى الأمير، واستيقظت كلارا من حلمها الساحر الذى نسجته لها دميتُها المكسورة، قدم الأطفال مقطوعات صولو على الآلات الموسيقية المختلفة، وهو تتويجٌ لجهد أساتذة جعلوا مشروع حياتهم تنشئة جيل يحترمُ الموسيقى ويُنتجها. د. هاميس، د. مرفت عبدالمنعم، د. هالة على، وكلهن أستاذ بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان، إضافةً إلى د. سعاد رمضان، أستاذ الدراسات العليا بكلية التربية النوعية جامعة كفر الشيخ، وهى التى أشاد الموسيقار محمد عبدالوهاب بصوتها وهى بعدُ طالبةٌ بمعهد الموسيقى العربية، قائلا إن صوتها سليمٌ مائة بالمائة. ورغم اعتزالها الغناء، إلا أنها لم تبخل علينا بأغنية «أنا فى انتظارك» لأم كلثوم، لنعلم جميعًا أننا خسرنا صوتًا كان مُقّيدًا له أن يكون خليفةً لكوكب الشرق، كما بشّر بذلك كمال الملاخ فى عموده بالأهرام، وحُسن شاه بعمودها بالأخبار، فى السبعينيات الماضية.
أما كورال المدرسة، وبمصاحبة بيانو د. مصطفى صبرى، فأبهرونا بعدة أغان من سيد درويش والرحابنة، ومن تراثنا الفريد: الأقصر بلدنا، التى أخفقت قلوبُ الحضور لدى سماعها، شأن المصريين حين ينتشون بأى أغنية تحمل اسم «مصر».
الموسيقى هى الفنُّ الذى عرفه الإنسانُ الأول، ونقش ملامحه على جدران الكهوف، والذى أتقنه أجدادنا الفراعين فابتكروا آلة الهارب التى هى الآن عماد الموسيقى فى أمريكا اللاتينية. علّموا أولادكم الموسيقى، تسلمْ أرواحُهم.
المصرى اليوم
|