رضيعة التحرير .. شاهدة على افتتاح قناة السويس الجديدة
حمل على إحدى كتفيه الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها الشهور، وأصر على الحضور بها إلى احتفالية ميدان التحرير بقناة السويس الجديدة، اتجهت بعينيها لتراقب من تقع عليهما من الحضور، لم تستطع الطفلة ذات الأيام القلائل في الدنيا أن تتحدث عن فرحتها إلا أنها استشعرت ذلك بحواسها فالكل من حولها سعيد.
ربما كان وجودها ضمن الاحتفالية بميدان التحرير فرصة وهبتها إياها أيامها القلائل التي أودعتها للدنيا أمانة ستكبر يوما ما وسيسرد لها والديها كم كانت فرحتهما بها وبالقناة معا عندما اجتمع ثلاثتهم في ميدان المصريين الذي لا يزال وسيظل شاهداً على غضب المصريين وأفراحهم، لم تدرٍ الطفلة ذات الشهور القلائل أن قدرها جاء بها إلى الدنيا في هذا التوقيت ليكون لها نصيباً ممن احتفلوا بقناتنا الجديدة.
ستكبر يوماً وسيخلد التاريخ موقفها رغم أيامها القلائل، فهي وإن حُملت على الأعناق لتصبح من ضمن قلائل من أبناء جيلها إلا أنها قد حضرت كمثيلاتها من الفتيات سواء ممن هن من نفس أعمارها أو من يكبرونها سنا، نيابة عنها ردد والدها بعض ما عجزت عنه شفتاها فهي لم تقو بعد على الكلام أو الفهم والإدراك، لكنها لم تحرم نفسها والآخرين من نظرات عابرة تتصيد بمحض الصدفة من يقع في مرمى ناظريها، وكانت البراءة عنوانها التي تملكت تفاصيلها التي بالكاد بدأت في الظهور، جبهتها الرقيقة تزينت باسم علم مصر وألوانه الثلاث، كما نال خدها الأيمن نصيباً من ذلك بعدما زين إحداهم جبهتها وخدها الأيمن.
أصوات الضجيج والصخب واللهو واللعب، ونظرات والدها ووالدتها الحانية جعلاها وبلا شك تدخل في حالة من الفرح بتلقائية طفولية بحتة فهم لم يتركوها بدون حديث وإن كانت حتى لا تستطيع الحديث لم يحرموها من متعة التواصل معهم فحدثوها وإن لم تحدثهم كفاهم بسمتها البريئة وعذوبة ملامحها الأخاذة سيذكرونها غداً عندما يضرب الشيب رؤوسهم بالفرح الذي احتواهم معاً سيذكرونها بحديثهم لها عندما لم تكن تستطع الحديث وسيظل التاريخ شاهداً على كل ذلك في النهاية.
نقلا عن الوطن