أعتقد أن كل قارئ مُدقق، استوقفَهُ هذا السؤال الذي طرحَته نُعمي على راعوث، بعد أن قضت ليلة فاصلة في مصيرها، عند رِجلي بوعز:«مَنْ أنتِ يا بنتي؟». وكثيرون يرون في هذا السؤال معنىً روحيًا جميلاً. أن راعوث بعد أن قضت ليلةً عند رِجلي بوعز، تغيَّرت، فأثارت هذا السؤال في قلب حماتها. والفكرة جميلة، ولكن من حيث واقعية القصة، هي ليست كافية، لأننا لا نستطيع أن نتخيَّل أن راعوث تغيَّر شكلها بالفعل، بقضاء الليلة في حضرة بوعز، فهذا التغيُّر له مدلول أدبي جميل، ولكن غير كافٍ من الناحية الواقعية. في الحقيقة، أرسلت نُعمي راعوث إلى بوعز في هذه الليلة، وهي تقصد شيئًا مُحددًا جدًا، وهو الفكاك، بمعنى أبسط، أن يدخل بوعز بصفته الولي والقريب، فيشتري حقل أليمالك، أي الميراث وبالتبعية يتزوج من راعوث، وينجب منها، فيُقيم اسم الميت (محلون) على ميراثه. ولكننا نعلم من السِفر أن بوعز لم يكن هو الولي أو القريب الأول، الذي من حقه عملية الفكاك، ولكن الولي الأقرب منه يُذكر في راعوث4: 1، ويُقال عنه: «فلان الفلاني» الذي إذا استعفى ورفض الفكاك، يقوم به بوعز.
فعندما سألت نُعمي كنَّتها هذا السؤال: «مَن أنتِ يا بنتي؟» كانت تقصد أن المرأة تُعرَّف بالانتساب لرجلها، فكانت هناك ثلاث احتمالات واردة للإجابة:
أ- أ أنتِ أرملة محلون، كما أنتِ؟ ولم يمسك بوعز قضيتك؟
ب- أ أنتِ سترتبطين ”بفلان الفلاني“ وهو يرمز للناموس الذي لم يكن له أن يقبل راعوث الموآبية، وكيف يُخالف الشريعة إذًا؟
ج- أم أنتِ عروس بوعز بالنعمة، وسَتُزفين له عن قريب؟
قارئي: تُرى مَنْ نحن؟ أ نحن أرملة محلون، نندب حظوظنا، ونشكو سوءَ زمانِنا، ونطوف في ثيابِ ترملنا؟ أم نحن شعب خُطِبنا لفلان الفلاني، طبقًا لمطاليب الناموس ورجاله العشرة؟ كلاَّ … فنحن عروس بوعز الحقيقي، ربنا يسوع المسيح، خطبنا والذي قريبًا سنُزف له بالنعمة، فنحن لسنا أرملته بل ”امرأته“. فالآن نحن ”عذراء عفيفة“ ولكن آن العُرس سيتم القول: «لنفرح ونتهلل ونُعطهِ المجد، لأن عُرس الخروف (الحَمَل) قد جاء، وامرأته هيأت نفسها» ( رؤ 19: 7 ، 8).