رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العبد والوحي
إنّ الطريقة التي يتعامل بها الإنسان مع كلمة الله تؤدي دوراً لا يقل أهميّة عن الإيمان بسلطانها المطلق. فهي التي تحدّد موقف الإنسان تجاه الله وتظهر مقدار النور الإلهي الذي يشعّ في أعماقه. ومن الحقائق الجوهرية الظاهرة في كتاب الله وفي الاختبار الإيماني، أن وجود كلمة الله بين يدي الإنسان، ووجود الإيمان لديه بصدق إرشاداتها وكمالها غير كافٍ للوصول به إلى الهدف، إذ يعوزه أن يدرك فحواها بمعونة الروح القدس، ويحسن استخدامها، ويستنبط منها الحقائق الروحية كما أرادها الله، وإلاّ انتهى به الأمر إلى أغوار بحور الشطط . القولبأنّ الكتاب المقدس بسيط ويستطيع أي كان أن يفهمه، هو قول حق، لكنه يصح فقط على مستوى التعاليم الأخلاقية والسلوكيات الروحية، ولا ينطبق على مستوى التفسير العميق وفهم المعاني والنبوّة والرموز. فهذا يتطلب قدرة علمية ومعرفة روحية عالية. لقد أساء قادة شهود يهوه في تعاملهم مع وحي كلمة الله من أربعة جوانب: أولاً: أساؤوا في نظرتهم الخاطئة إلى موضوع الوحي وهدفه. فنحن نؤمن بأنّ موضوع الوحي هو شخص الرب يسوع، كما أنّ هدفه إنارة الذهن والبصيرة لمعرفة مجد المسيح والتمتّع ببركات خلاصه. لكن شهود يهوه لا يشاركوننا إيماننا، بل يعتقدون بوحي يراد به إعلان مقاصد الله المتعلّقة بملكوته الأرضي بقيادة المسيّا ابنه. ومن البديهي، نظراً لإيمانهم هذا، أن يخرجوا بنتائج متعارضة مع إعلانات الكتاب المقدس والمعتقدات المسيحية المُسلّم بها. فعلى الرغم من تمسّكهم الشديد بالكتاب واعترافهم بسلطانه المطلق، ضلّوا الطريق إلى الحياة وأصابهم ما أصاب فطاحل اليهود وعلماء الكتاب قديماً، الذين جالوا باحثين في الكتب المقدسة عن الحياة بينما أمسكت عيونهم عن رؤية رب الحياة ورئيسها يسوع؛ لقد قبلوا الكتاب ورفضوا ربّه، ممّا دفع الرب ليردّ على حماقاتهم قائلاً: "فتّشوا الكتب لأنكم تظنّون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي. ولا تريدون أن تأتوا إليّ لتكون لكم حياة"(يوحنا 5: 39و 40). ثانياً: أساؤوا في الأساليب الغريبة التي يعتمدون عليها في تفسير الكلمة، وألّخصها في ثلاثة: أ - التفسير بالتنقل من موضع إلى آخر في أسفار الكتاب المقدس بغرض تدعيم تعاليمهم، فيقتبسون الآيات بمعزل عن سياق النص، ثم بعد تجريدها من معناها الحقيقي الذي لا يتكامل ولا يتّضح إلا في السياق، يصلونها بآيات من أسفار أخرى لتعطي المعنى المطلوب منها. ب - التفسير الحرفي والمجازي. النصوص المتّفقة مع فكرهم لها تعبير حرفي لا يتغيّر، أما المتعارضة معه فيفسّرونها مجازياً ويضفون عليها ما أرادوا من معانٍ. ويظهر هذا الأسلوب بشكل خاص في حساباتهم لزمن النهاية حيث يحوّلون الأيام إلى سنين والسنين إلى مئات وآلاف متى شاءوا ورغبوا. ت - التفسير بالمقارنة والرموز. يستنتج المرء من قراءة مطبوعات برج المراقبة إن معظم ما جاء في كلمة الله موضوعه شهود يهوه ومنظّمتهم الملقّبة "عروس الله"، فاعتبروا أن الزيتونتين والمنارتين القائمتين أمام الرب في رؤيا 11 هما "رذرفورد ورجاله"، فيما النار الخارجة من فمها "هي الكرازة التي تقتل أعداءهما"، أي الكنيسة. والوحش الصاعد من الهاوية غلبهما وقتلهما "وذلك حين ألقاهما الأعداء سنة 1918 في السجن بتهمة باطلة". وحل فيهما روح حياة من الله حين "أطلق سراحهما بكفالة مادية سنة 1919". ثم دعاهما صوت من السماء للصعود، أي أنهم"نالوا شهرة عالمية لم يحظ بها رسل المسيح". [24] ثالثاً: أساؤوا إلى كلمة الله باحتكارهم السلطان على فهمها وتفسيرها. والادعاءات المتكرّرة من جانب الهيئة الحاكمة أحدثت في شهود يهوه شعوراً بالعجز التام عن فهم كلمة الله بمعزل عن مطبوعات الجمعية، فباتوا يقرؤون الكلمة ليس للتعمّق في معرفة الله وتغذية أرواحهم بشخص المسيح، بل لاستخراج الآيات التي تدعم تعاليم الجمعية وحفظها غيباً للاستشهاد بها عند الحاجة. وعليه جاز القول، إنّ الكتاب المقدس صار لهم بمثابة قاموس مساعد على فهم تعاليم الجمعية، وبالتالي حرفاً ميتاً لا روح فيه، إذ إنّه لا يقرأ في ضوء الروح القدس وإنما في ضوء تفسيرات الهيئة الحاكمة. وهكذا على قدر إيمان الهيئة ومعرفتها بالله يعرف شهود يهوه ويؤمنون، لا أكثر ولا أقل. رابعا: أساؤوا في ترجمتهم للكتاب المقدس، الترجمة التي خرجت إلى الوجود بدافع التغلّب على بعض الصعوبات التي واجهتهم في التفسير*. |
|