رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
[ الجزء الأول ] هذه سلسلة عبارة عن شرح المصادر الأولى لشرح الكتاب المقدس؛ أولاً: عناوين الموضوع أ- المدرسة التفسيرية في فلسطين ب- مدرســــــــــــــة الإسكندرية الفيلسوف اليهودي فيلون أولاً: حياته ومكانته ومؤلفاته ثانياً: طبيـــــــــــــــعة فكره منهج التأويل الرمزي The Allegorical Method المدرسة التفسيرية في فلسطين – لمحة تاريخية أهمية الدراسة عند اليهود + ملاحظات وتفسير بعض الألفاظ + + أهمية التلمــــــــــــــــــــــــــــود + + أقسام المشنا – التلمـــــــــــــــود + + المفاهيم الأسـاسية في المـدراش + مدرســــــــة الإسكندرية 1- نشأة المدرســــــــــة + مؤسسي المدرسة ورؤسائها + + مؤسسي المدرسة على مر العصور + مديرو ورؤساء مدرسة الإسكندرية 2- سماتها ومنهجها الموعوظين Catechumens ملامح برنــــامج تعليم الموعوظين محتــــــــــــــوى تعليم الموعوظين منـــــــــــــــــهج تعليم الموعوظين عظات وكتابات الآباء للموعوظين 3- مدرسة الإسكندرية والتفسير الرمزي أهم الترجمات للكتاب المقدس على مر العصور _____________________ _____ثانياً: المراجــــــــــــــع الخاصة بالموضوع_____ 1- دائرة المعارف الكتابية ( الجزء 1 + 2 + 3 + 4 ) 2- مدخل للعهد القديم ( الطبعة الجديدة للكتاب المقدس – موسوعة المعرفة المسيحية ) 3- المعجم الفلسفي – الدكتور عبد المنعم الحفني 4- سلسلة آباء الكنيسة – الكتاب الأول – الناشر : دار فيلون للطباعة 5- تاريخ الكنيسة تأليف يوسابيوس القيصري – ترجمة القمص مرقس داود 6- مشاهير الرجال للقديس جيروم – إعداد وترجة الراهب حنانيا السرياني 7- الكتاب المقدس – أسلوب تفسيرة السليم وفقاً لفكر الآباء الجزء 4 – تأليف الشماس الدكتور إميل ماهر اسحق 8- The NIV Exhaustive Concordance 9- قواعد اللغة العبرية – الدكتور عوني عبد الرؤوف ( 1971 ) 10- فلاسفة الأغريق – تأليف ريكس ورنر – ترجمة : عبد الحميد سليم 11- مدرسة الإسكندرية اللاهوتية – أوريجانوس تأليف المستشار/ زكي شنودة مدير معهد الدراسات القبطية 12- قصة الحضارة تأليف و.ل. ديورانت – الجزء الثالث من المجلد الرابع (عصر الإيمان) ترجمة محمد بدران 13- اليهودية في القرون الأولى من التاريخ المسيحي طبعة جامعة كيمبردج بولاية مشوستس عام 1932 ( Judaism in the first centuries of the Christian era ) 14- نظرة قصيرة في الآداب الدينية اليهودية في العصور الوسطى – ( Short survey of the literature of Rabbinical and Medieval Judaism ) 15- التلمود تأليف د.روهلنج – شارل لوران 16- الحياة اليهودية بحسب التلمود للقمص روفائيل البرموس 17- الدولة والكنيسة للدكتور رأفت عبد الحميد – الجزء الثالث 18- مدرسة الإسكندرية الفلسفية بين التراث الشرقي والفلسفة اليونانية 19- الكنيسة المصرية تأليف لويزا بوتشر ترجمة دياكون د.ميخائيل مكس اسكندر 20- موسوعة الأنبا غريغوريوس – الدراسات الفلسفية 21- سلسلة تاريخ البطاركة (1) ما ر مرقس الرسول ومدرسة الإسكندرية – إعداد أمير نصر – تقديم الأنبا موسى 22- حياة وفكر آباء الكنيسة – الموسوعة الآبائية – القس أثناسيوس فهمي جورج 23- الكتاب المقدس وحياتنا الشخصية – مجموعة من المؤلفين 24- مقدمات في علم الباترولچي القمص تادرس يعقوب مالطي 25- مدخل للكتاب المقدس – مقدمة لطبعة الكتاب المقدس – نشر دار الكتاب المقدس 26- تاريخ العالم للسيرجن أ هامرتن – ترجمة إدارة الترجمة بوزارة المعارف – (تم إصداره في سبعة مجلدات ضخمة) مكتبة النهضة المصرية 27- قاموس عبري عربي – ي قوجمان – دار الجيل ( بيروت ) 28- التلمود الأساسي – أسفار الحكمة – مكتبة السائح – انتقاء وترجمة وتقديم: إميل عباس – الطبعة الأولى 29 – هذه هي المراجع التي تخص الموضوع بخلاف المراجع المذكورة في الحواشي أسفل أجزاء الموضوع _______________________________________ بالنسبة للمسيحيين الأوائل (وبالطبع لنا أيضاً)، “الكتاب المقدس” هو كل ما قاله المسيح الرب بفمه في الإنجيل “الناموس والكتب والأنبياء”، أي العهد القديم كما نعرفه اليوم. ولم تنظر الكنيسة الناشئة إلى الكتاب المقدس كنص حرفي، بل شرحته على ضوء التراث العبري الشفهي الذي كان شائعاً في الفترة مابين العهدين، أي منذ القرن الثالث قبل الميلاد.(وقد حذرت الكنيسة من خطورة التفسير الحرّ للكتاب المقدس والالتزام بالحرف دون الولوج لأسرار كلمة الله العميقة[1]) [ وبالطبع بدون انفتاح الذهن لا يستطيع أحد ان يفهم أسرار الله المعلنة في الكتاب المقدس بل سيشرحها في اتجاه علمي فكري يتوقف على زكاء الشخص الشارح ومدى علمه وقدرته على الفحص والاستقصاء بدون معرفة مقاصد الله بإعلانه الخاص بإلهام الروح في القلب ]، عموماً يُقسم هذا التراث إلى مدرستين أساسيتين (مدرسة فلسطين ومدرسة الإسكندرية): أ- المدرسة التفسيرية في فلسطين: وقد ركزت على شرح الكتاب انطلاقاً من النص العبري للعهد القديم ومن الترجمة الآرامية لهُ، مستنده في ذلك على علم المنطق عند اريستوطاليس الإسكندري (اريستوبولس).. ولكي نستطيع أن نفهم طبيعة هذه المدرسة وطريقة شرحها لا بد من أن نتعرف على رائدها (اريستوبولس):…لا نعرف على وجه الدقة تاريخ حياة اريسطوبولس الإسكندري، فبعض المصادر تُشير أنهُ عاش بالإسكندرية حوالي عام ( 150 ق.م )؛ حيث يُقدر أنه عاش في أيام حكم بطليموس السادس فيلومتر (181- 145 ق.م )، إذ يقال أنه أهدى كتابه الذي وضعه عن ” التوراة ” إلى بطليموس وألقى بعض فقرات منه أمامه. ويروي عنه المؤرخ (إميل برييه) أنه كان يهودياً توجه إلى الملك (فيلو ماتر) بشرح للشريعة يقوم على نفس المبادئ التي نجدها لدى فيلون، وأقل اتساعاً منه؛ فاريستوبولس ارتبط فقط بنقاط محددة هيَّ: (1) تجنب التجسيم أو التشبيه بواسطة التأويل المجازي (2) وجعــــــل موسى أستاذاً للفلاسفة اليونانيين انه من المعروف بالنسبة للنقطة الأولى (1): أن كل ترجمات التوراة منذ القرن الثاني قبل الميلاد سواء الترجمة اليونانية (السبعينية) أو الترجمة الأرمينية كان همها تجنب التجسيم الغليظ، أي التأويل المجازي والمبالغة في التشبيه، وكانوا يستندوا على قوة الله التي رافقتهم على مرّ التاريخ من جهة الخبرة، لأن الله هوَّ مصدر الأقوال والأفعال العجيبة التي تمت في التوراة وكتب الأنبياء والمزامير.. ولعل اريستوبولس قد اعتمد في شروحه على هذه الترجمات واستفاد منها في تجنب التجسيم والمبالغة في الشرح والتأويل. ..وبالنسبة للنقطة الثانية (2): فإن المؤرخين وعلى رأسهم برييه وسارتون يرون أن اريستوبولس كان أول من ربط الفلسفة اليونانية بموسى على نحو مذهبي. ويؤكد سارتون أن اريستوبولس كان أول من زعم أن هوميروس الشاعر وكذلك هزيود وفيثاغورس وأفلاطون وأرسطو قد اقتبسوا الكثير من التقليد أو التراث العبري، وبالطبع فإن هذا الزعم كان فيه – كما يرى سارتون – الكثير من الإسراف والغلو لأنه يعني ضمنياً أن التوراة قد انتقلت قبل هوميروس إلى اللسان اليوناني حتى استطاع أولئك الشعراء والفلاسفة أن يقرؤها ! ______________________________ عموماً من أبرز أعمال اريستوبولس أنه حاول أن يتجاوز التفسير الحرفي للآيات، مستخدماً التشبيه دون المغالاة في التفسير والشرح للكتاب المقدس. وبذلك مهد الطريق الذي سار فيه بعد ذلك فيلون السكندري، وهو الذي صار في عصره مثالاً فذاً على النهج الإسكندري للجمع أو التوفيق بين الفكر الفلسفي اليوناني من جهة، والفكر اليهودي الشرقي من جهة أخرى، وكان بالتالي رائداً للفلسفات السكندرية التوفيقية التي حاولت أن تثبت وحدة الحقيقة رغم اختلاف مظهرها. ب- مدرسة الإسكندرية: وقد ركزت على الترجمة السبعينية للكتاب المقدس، متأثرة بالمنهج الرمزي، وأبرز من أكسب هذه المدرسة منهجها التفسيري الأساسي هو الفيلسوف اليهودي فيلون. و سوف نركز هنا تركيز شديد على حياة فيلون وطبيعة فكرة لكي نستطيع أن نفهم طريقة شرح الكتاب المقدس في العصور الأولى والمنهج ألآبائي السليم والذي نفتقده في هذه الأيام !!! أولاً: حياته ومكانته ومؤلفاته يتمتع فيلون Philo بمكانة فكرية هامة في مدرسة الإسكندرية باعتباره رائداً في الدراسات التوفيقية بين التراث الشرقي والفلسفة اليونانية، وباعتباره أول من حاول بوضوح إثبات وحدة الحقيقة رغم اختلاف مظهرها من ناحية الدين أو من ناحية الفلسفة. وأيضاً يتمتع بمكانة عظيمة بين أعضاء الجالية اليهودية في الإسكندرية، والدليل على ذلك ما يرويه المؤرخون القدامى والمحدثون من أنه أرسل من قبلهم كسفير لدى الإمبراطور كاليجولا [2]Caligula لكي يشرح له المظالم وسوء المعاملة التي تعاني منها الطائفة اليهودية في ظل فلاكوس Flacus واليها الروماني. أما حياته، فالأقوال متضاربة؛ حيث يرى كوبلستون أنه ولد حوالي 25 ق.م ومات حوالي 40 ق.م، بينما يرى برييه إنه عاش بين عامي 40 ق.م و 40 ب.م ؛ بينما يقول محمد يوسف موسى (في كتابه مقدمة الترجمة العربية لكتاب: برييه “الآراء الدينية والفلسفية لفيلون الإسكندري ص1) أنه ولد بالإسكندرية نحو عام 20 أو 30 ق.م وأنه مات بعد عام 54 من القرن الأول للميلاد.. عموماً ما يهمنا أنه عاش فيما بين منتصف القرن الأول قبل الميلاد، ومنتصف القرن الأول الميلادي، وأنه بلغ ازدهاره بين اليهود في عصر الإمبراطور كاليجولا. ومن الواضح أن نشاطه قد تركز في الأربعين سنة الأولى من القرن الأول الميلادي، حيث يقال أنه كتب بعد موت الإمبراطور كاليجولا عام 41م آخر مؤلفاته وهو المسمى L’ambassade a Caius والذي يتناول فيه رحلته إلى الإمبراطور. لقد كتب فيلون مؤلفات عديدة[3]، ورغم أن الكثير منها قد فُقد، إلا أن قائمة بأسمائها احتفظ بها المؤرخون، فضلاً عن أن ما بقى من هذه المؤلفات يكفي لمعرفة جوانب فكره. ويرى المختصون في الدراسات الفيلونية خاصة كوهن Cohn و ماسبيو Massebieau أنه يُمكن تقسيم هذه المؤلفات وفقاً لترتيبها الزمني إلى ثلاثة أقسام: (1) كتابات فلسفية. (2) كتابات في شروح التوراة ( الأسفار الخمسة ). (3) كتابات في التبشير والرد على المخالفين. ثانياً: طبيعة فكره نستطيع أن نقول – على حد تعبير برييه – كان يهودياً حار الإيمان يُحافظ على كل الشعائر والتقاليد الدينية لشعبه، وكان نشاطه وقفاً – كله تقريباً – على شرح الشريعة. ويرى ريتشارد باير Richard Baer أن اهتمام فيلون الأول لم يكن إبداع فلسفة جديدة، بل كان تفسير الكتاب المقدس؛ فقد أراد في الأساس صياغة الحقائق الدينية للتوراة في إطار أفضل ما في العصر من مصطلحات وقضايا فلسفية. لقد كانت مهمة الفلسفة عند فيلون تنحصر في البرهنة على أن حقائق الكتاب المقدس والحقائق الفلسفية متوافقة؛ فمنبعهما واحد وهوَّ الله (مصدر الحق كله). وفي ضوء ذلك يُحدد فيلون – كما يرى ريتشارد – معنى الفيلسوف الحقيقي بأنه هوَّ الذي يسير في طريق المعرفة الروحية لله (الحق المطلق)، كما يُحدد معنى الفلسفة الحقيقية بأنها مسعى حماسي لإدراك الحقيقة النهائية لله نفسه، بالإضافة إلى أن هذا الطريق الملكي للفلسفة متماثل في النهاية مع كلمة الله. على هذا النهج التوفيقي جاء الربط الفيلوني (منهج فيلون) بين الفلسفة والدين، ( بين دور الفيلسوف الذي هو المتصوف الساعي إلى إدراك الحقيقة الإلهية وبين رجل الدين الذي يسعى إلى تفسير النص الديني ليكشف عمق الحق الذي فيه ). ولعل هذا النهج التوفيقي عند فيلون يقوم في الأساس على اعتقاده بأن الحقيقة واحدة، وهو في بحثه عن الحقيقة الواحدة لا يرى فرقاً جوهرياً بين الطريق الديني والطريق الفلسفي و إن كان يعتقد أن الدين هو الأصل وأن الفلسفة ينبغي أن تكون شارحة ومفسرة لهُ ! باختصار، أن فيلون – على حد تعبير يوسف كرم (في كتاب: تاريخ الفلسفة اليونانية ص248) – لا يفصل بين الفلسفة والدين، ولكنه يتخذ من الدين أصلاً ويشرحه بالفلسفة. _______________________ # منهج التأويل الرمزيThe Allegorical Method المقصود به التفسير الرمزي، وهذا الأسلوب كان شائعاً في عصر فيلون. ولفيلون منهجه الرمزي الذي اختلف عن سابقيه لمن لهم هذا المنهج، وهذا الاختلاف في التزام فيلون في كثير من الأحيان بالمعنى الحرفي (الغير قابل للترميز) ووقوفه عن التمادي في التفسير الرمزي والتزامه بالتقليد. إنما كان استخدامه للتفسير الرمزي في كثير من المواضع حتى يتخلص من صعوبات التفسير الحرفي. وطبعاً كان يهدف في الأساس الدفاع عن العقيدة الموسوية ضد من اتهموها بأنها كتابة أساطير. [ فهو حينما كتب مؤلفاته " كان يُتابع منذ زمن طويل عملاً من أعمال التلفيق، هذا العمل الذي كان يوحد أحداث التوراة والأساطير الإغريقية " ]، ولقد كان اتجاهه العام في شرحه للشريعة هو وضع المعنى الخُلُقي بإزاء المعنى الحرفي؛ فقد كان يرى في الطقوس الدينية علامات على الشروط الخُلُقية اللازمة للعبادة بالتقوى، كما كان يرى في تحريم الحيوانات النجسة دلالة على وجوب قمع الشهوات الرديئة، وليس بمعناها الحرفي المتطرف والتمسك بها لحد التنازل عن المعنى الخُلُقي ومخافة الله. ولقد حاول فيلون – من جانب آخر – تخليص الشريعة اليهودية من كل طابع سياسي وتحويلها إلى شريعة أخلاقية؛ فقد كان يرى أن كل يهودي أسكندري إنما هوَّ يهودي بالدين فقط وليس يهوديا بالجنسية. كما كان يرى أن كل يهودي بعد التشتت يجب أن يكون مواطناً في البلد الذي يُقيم فيه. ولذلك فلم يكن فيلون ينتقد مطلقاً – من الناحية النظرية على الأقل – أي وضع من الأوضاع التي يمكن أن تكون عليها الحكومة، وكان كل هاجسه هوَّ الرغبة في حكومة قوية إلى درجة تستطيع بها حماية حقوق اليهود. _________________________ [1] لقد أوضح أوريجانوس ضرورة التعرف على الطريق السليم في تفسير الكتاب المقدس قائلاً: “يليق بنا أن نهتم بالتأكد من صحة الطريق في طريقته وفهمه – الكتاب المقدس – وقد حدثت أخطار كثيرة إذ فشل كثيرون في الاهتداء إلى الطريق الصحيح في تعاملهم مع الأسفار المقدسة”. ويرى أوريجانوس أن اليهود والفلاسفة – بخاصة الغنوصيين – قد بالغا في التفسير الحرفي فتعثرا في الله وكتابه، وأيضاً البسطاء من المسيحيين الذين لا يتمتعون بمعناه العميق غير المحدود مكتفين بما هو على السطح ووقفوا عند حدود الحرف فحرموا أنفسهم من التمتع بإدراك أسرار كلمة الله العميقة.(أنظر مدرسة الإسكندرية اللاهوتية – أوريجانوس تأليف المستشار/زكي شنودة مدير معهد الدراسات القبطية ص90و91) [2] وهو كايوس كاليجولا وقد حكم من موت طيباريوس إلى24 يناير41م- أي أربعة أعوام. أنظر مشاهير الرجال للقديس جيروم إعداد الراهب حنانيا السرياني صفحة33 (للناشر كاتدرائية رئيس الملائكة رافائيل – بالمعادي الطبعة الأولى 1991) [3] يقول القديس جيروم :” ومن بعض الكتابات المعروفة والشهيرة التي لا تعد وكتبها هذا الرجل: كتب عن أسفار موسى الخمسة وكتاباً آخر يتعلق ببلبلة الألسن وكتاباً عن الخليقة وكتاباً عن الأشياء التي يتوق ويمقتها العقل الراجح وكتاباً عن التعليم وكتاباً عن ما ورثناه من مواضيع النبوات وكتاباً عن الفضائل الثلاثة وكتاباً أسمه لماذا تغيرت أسماء عديدين في الكتاب وكتابين عن العهود وكتاباً عن حياة العاقل التي تكمُل بالبرّ وكتاباً يتحدث فيه عن الجبابرة وخمس كتب عن الافتراض أن الأحلام مرسلة من الله، وخمس كتب عِبارة عن “أسئلة وأجوبة عن سفر الخروج وأربعة كتب عن ” خيمة الهيكل والوصايا العشر… وعن حياة المسيحيين….وهناك أعمال أخرى رفيعة المستوى من نتاج عبقريته الفذة والتي هي تحت أيدينا (طبعاً قد أندثر معظمها ولكن يوجد منها بعض المخطوطات بمتاحف ومكتبات أوروبا). اليونانيين يضربون به المثل فيسمونه الأفلاطون “الفيلوني”، أو فيلو الأفلاطوني.. فان التشابه عظيم بينهم في الأفكار واللغة. أنظر مشاهير الرجال للقديس جيروم صفحة33و34) |
16 - 06 - 2012, 01:54 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: مصادر شرح الكتاب المقدس في القرن الأول وأهم الترجمات
تابع سلسلة مصادر شرح الكتاب المقدس في القرن الأول وأهم الترجمات [ الجزء الثاني] المدرسة التفسيرية في فلسطين، لمحة تاريخية سريعة عن التلمود المدرسة التفسيرية في فلسطين: .. لقد جُمعت شروحات العهد القديم في فلسطين في ما عُرف باسم ” التلمود والترغوم “ التلمود: ومنشأ الكلمة هو الفعل [ limmed ] أي عَلَّم، وهو مجموعة تفاسير الناموس والتوراة وقد دوَّنت في شكلها النهائي عام 200ق.م، والتلمود مؤلف من ” الميشنا Mishna ” أي التفاسير التشريعية للناموس، ومؤلف من ” الجيمارا Gemara ” وهيَّ تعليق على شروحات الميشنا. الترغوم: قد أعطيت هذه التسمية للترجمة الآرامية للتوراة وهيَّ في الكثير من أجزائها ترجمة تفسيرية وليست بترجمة حرفية. لمحة تاريخية سريعة كان الكهنة وأحبار اليهود المقيمون في المعابد والمدارس الفلسطينية والبابلية هم الذين وضعوا التلمود الفلسطيني والتلمود البابلي. وكانوا يقولون إن موسى لم يترك فقط لشعبه شريعة مكتوبة تحتويها الأسفار الخمسة، بل ترك له أيضاً شريعة شفوية تلقاها التلاميذ عن المعلمين ووسعوا فيها جيلاً بعد جيل. وكان أهم ما ثار حوله الجدل بين الفريسيين و الصدوقيين الفلسطينيين هوَّ: هل هذه الشريعة الشفوية هي الأخرى من عند الله، وهل هيَّ واجبة الطاعة ؟! وبسبب أن اعتقادهم أن جلوس موسى على الجبل لمدة أربعين يوماً، فأنها أطول من أن يتلقى فيها الشريعة على لوحي الحجر فحسب، لأن إملاء وتدوين موسى للشريعة وكتاباتها على حجر لا يُمكن ان تستهلك أكثر من بضعة ساعات، لذلك يعتبروا أن هذه المدة التي تقدس فيها موسى النبي العظيم على الأغلب قد تلقن فيها القانون أو ما يُدعى بالشريعة “التلمود” (غير الوصايا العشر المعروفة في أسفار موسى – وبالطبع لهم حق في هذا الاعتقاد، لأنه هذا واضح في الأسفار الخمسة الأولى وعلى الأخص في سفر التثنية وايضاً رؤيه مثال الخيمة كما قال القديس بولس الرسول في سفر العبرانيين “كما أوحي إلى موسى وهو مزمع أن يصنع المسكن لأنه قال أنظر أن تصنع كل شيء حسب المثال الذي أُظهر لك في الجبل” (عب 8: 5) – أما موضوع التلمود فهو شيء آخر غير كل ما أُعلن في أسفار موسى الخمسة) وقد تناقله أنبياء إسرائيل من جيل لجيل وهذا ما جعلهم يقدسون التلمود وجعلوه مساوياً لكتب العهد القديم (البنتاتيوك – أسفار موسى الخمسة) حتى أنهم عاملوه مثل معاملة الأسفار المقدسة في الكتابة والنقل، فأسلوب الكتابة والنقل عند اليهود أسلوب دقيق للغاية له قواعد يسير عليها الكاتب الذي ينقل الأسفار المقدسة وهي كالتالي: [ الكتابة تكون على جلد طاهر ويحتوي كل رق على عدد معين من الأعمدة والسطور، وجميع الكتابة تكون ضمن السطور وأي كتابة خارجها تُرفض المخطوطة بأكملها، الكتابة تكون بحبر أسود لا أحمر ولا أخضر ولا أي لون آخر، النقل يكون من الكتاب إلى الكتاب وليس إلى الذاكرة ثم الكتاب، ترك مسافات مُعينة بين الحروف (شعرة) وبين الكلمات (خيط) وبين الفقرتين (تسع حروف) وبين الأسفار (ثلاثة سطور)، لبس الملابس اليهودية، وغسل الجسد بأكمله، وعدم كتابة اسم الله بقلم مغموس حديثاً، وعدم الالتفات أثناء كتابة اسم الله ( يهوه أو إلوهيم ...الخ) ولو نودي الإنسان من قِبل ملك، وتدون عدد الحروف في آخر المخطوطة وتُقارن بحيث يُعرف زيادة حرف أو نقصانه ] وبعد تشتت اليهود عام 70ميلادياً، لم تتوقف الحياة اليهودية، فبمنتهى السرعة والنشاط، تأسست مدرسة لدراسة تفاسير العهد القديم، وإعادة تفسيرها مرة أخرى. ولم يتفق العلماء اليهود في تفاسيرهم في الكثير من النقاط، ولذلك تكونت مدرستان متنافستان، في القرن الأول الميلادي: مدرسة رابي هلليل Rabbi Hillel، ومدرسة رابي شمّاى Rabbi Shammai. هاتان المدرستان اختلفتا في مئات من النقاط المتعلقة بالشريعة اليهودية، حتى في أتفه الأمور، مثل شموع عيد الأنوار Chanuka، هل يتم إنارتها من اليمين لليسار أم العكس. إلى هذا الحد استقلت المدرستان عن بعضاهما في الفكر والأنظمة والعادات، حتى جسد التلمود خطورة ذلك بالعبارة التالية: (أن التوراة الواحدة قد ينتهي بها الأمر إلى توراتين)[1]؛ وأثناء القرون الخمسة الأولى الميلادية، قام علماء اليهود من الرابيين في بابل وفلسطين، بحماسة شديدة لشرح وتفسير كلمات العهد القديم. المجموعة الأولى التي قامت بهذا العمل هي مجموعة ( التنائيم Tannaim) أي المعلمون ( ومفردها معلم Tanna)، وهم فئة من العلماء والحكماء اليهود في القرن الأول والثاني الميلادي الذين أكملوا المجادلات وبحثوا الخلافات التي بدأت بين رابي هلليل ورابي شمّاى والذين خلفوهم .. وأخيراً في حوالي سنة 220 ميلادية، تم تصحيح وتوفيق الخلافات والمناقشات، ثم دونها وصنفها رابي يهودا هناسى (المشهور بيهودا الأمير) Rabbi Yehuda Hanasi. وبذلك تكوّن الجزء الأول من التلمود، والذي يُعرف ب”المشناه”، ويعتبر بمثابة نواة الأدب والتراث اليهودي. وقد أُعتبر مصدراً رسمياً ومعتمداً للتشريعات والأحكام اليهودية (halacha) ؛ والقرون الثمانية التي تجمعت فيها ثمار الجدل، والأحكام، والإيضاح فكانت هي الجمارتين أو شروح المشنا، وانضمام المشنا إلى أقصر هاتين الجمارتين ليتألف منهما التلمود الفلسطيني، وإلى أطولهم ليتألف منهم التلمود البابلي. وكانت مهمة علماء السنهدرين قبل التشتت والأحبار بعد التشتت، هي تفسير الشريعة الموسوية تفسيراً يهتدي به الجيل الجديد والبيئة الجديدة ويفيدان منه: وتوارث المعلمون جيلاً بعد جيل تفاسير هؤلاء العلماء ومناقشاتهم وآراء الأقلية والأغلبية في موضوعاها: على أن هذه الروايات الشفوية لم تدون، ولعل السبب في عدم تدوينها أن هؤلاء العلماء أرادوا أن يجعلوها مرنة قابلة للتعديل، أو لعلهم أرادوا أن يرغموا الأجيال التالية على حفظها (وهذا هو الرأي الأرجح). وكان الأحبار في الستة القرون الأولى بعد ميلاد الرب يسوع يُسمون ” التنإم Tennaim ” أي ” معلمي الشريعة ” وإذ كانوا هم وحدهم المضلعين فيها، فكانوا هم المعلمين والقضاة بين يهود فلسطين بعد تدمير الهيكل. .. عموماً لما كثرت قرارات الأحبار وتضاعفت وأصبحت مهمة (حفظها شاقة وغير معقولة). لذلك حاول هلل و عقيبا Akiba ومإير Mair مراراً أن يصنفوها ويستعينوا على استظهارها ببعض الأساليب والرموز، ولكن هذه التصنيفات والرموز والحيل لم يحظ شيء منها بالقبول من جمهرة اليهود. وكانت نتيجة هذا أن أصبح الاضطراب في نقل الشريعة هو القاعدة العامة، ونقص عدد من يحفظون الشريعة كلها عن ظهر قلب نقصاً مروعاً، وكان مما زاد (من هذه المشكلة) تشتت اليهود الذي ساعد على نشر هذه القلة في أقطار نائية، و نحو عام 189 تابع الحبر يهودا هنسيا Jehuda Hansia[2]عمل عقيبا ومإير، وعدَّلهُ، وأعاد ترتيب الشريعة الشفوية بأكملها، ثم دونها، وزاد عليها إضافات من عنده، فكان هيَّ “مشنا الحبر يهودا”[3] وقد انتشرت بين اليهود انتشارا أصبحت معه (بعد زمنٍ ما) هي المشنا، والصورة المعتمدة لشريعة اليهود الشفوية. و المشنا (أي التعاليم الشفوية) كما نعرفها اليوم هي الصورة النهائية لطبعات مختلفة كثيرة وحواشي متعددة أُدخلت عليها من أيام يهوذا (يهودا) إلى الآن. ولكنها مع هذا خلاصة مدمجة محكمة، وضعت لكي تحفظ عن ظهر قلب بكثرة التكرار. وقد قبلها يهود بابل وأوربا كما قبلها يهود فلسطين، ولكن كل مدرسة فسرت أمثالها وحكمها تفسيراً يخالف ما فسرته به الأخرى، وجمعت ستة أجيال (220-500 م) من أحبار الأمورايم (الشراح) هاتين الطائفتين الضخمتين من الشروح وهما الجمارا الفلسطينية والبابلية، كما اشتركت من قبل ستة أجيال (10-220 م) من الأحبار التنإم في صياغة المشنا (الميشنا). وبذلك فعل المعلمون الجدد بمشنا يهودا ما فعله التنإم بالعهد القديم: فتناقشوا في النص، وحللوه، وفسروه، وعدلوه، ووضحوه، لكي يطبقوه على المشاكل الجديدة، وعلى ظروف الزمان والمكان. ولما قارب القرن الرابع على الانتهاء نسقت مدارس فلسطين شروطها وصياغتها في الصورة المعروفة بالجمارا الفلسطينية. وشرع رب آشي رئيس جامعة سورا حوالي ذلك الوقت في تقنين الجمارا البابلية وظل يواصل العمل في ذلك التقنين جيلاً من الزمان. وأتمه ربينا الثاني بار (ابن) شمويل، وهو أيضاً من جامعة سورا بعد مائة عام من ذلك الوقت (499). وإذا ذكرنا أن الجمارا البابلية أطول من المشنا إحدى عشر مرة، نستطيع أن نستشف لِمَ استغرق جمعها مائة عام كاملة. وظل الأحبار السبورايم (الناطقة) مائة وخمسين سنة أخرى (500-650) يراجعون هذه الشروح الضخمة، ويصقلون التلمود البابلي الصقل الأخير. ..ولنا أن نعرف إن لفظ التلمود – كما أشرنا سابقاً – يعني التعليم. ولم يكن الأمورايم يطلقون اللفظ إلا على المشنا. أما في الاستعمال الحديث فهو يشمل المشنا و الجمارا.. و المشنا في التلمود البابلي هي بعينها مشنا التلمود الفلسطيني، ولا يختلف التلمودان إلا في الجمارا أو الشروح فهي في التلمود البابلي أربعة أمثالها في التلمود الفلسطيني. ولغة الجمارا البابلية و الجمارا الفلسطينية هي الآرامية أما لغة المشنا فهي اللغة العبرية الجديدة تتخللها ألفاظ كثيرة مستعارة من اللغات المجاورة. وتمتاز المشنا بالإيجاز، فهي تُعَبرّ عن القانون الواحد بقليل من السطور، أما الجمارتين فتتبسطان عن قصد وتعمد، وتذكران مختلف آراء كبار الأحبار عن نصوص المشنا وتصفان الظروف التي قد تتطلب تعديل القانون وتضيفان كثيراً من الإيضاحات. ومعظم المشنا نصوص قانونية وقرارات (هَلَكا)، أما الجمارتين فبعضها هَلَكا – إعادة نص قانون أو بحثه – وبعضها هَجَدَة (التفسير الذي لم يرد في الهَلَكا). وقد عُرفت الهَجَدَة تعريفاً غير دقيق بأنها كل ما ليس هَلَكا في التلمود. وأكثر ما تسجله الهَجَدَة هو القصص والأمثلة الإيضاحية. وأجزاء من السير، والتاريخ، والطب، والفلك، والتصوف، والحث على الفضيلة، والعمل بالشريعة. _____________________ [1] Sanhedrin 88 b [2] في قرية صبورة بفلسطين وهيَّ تقع على بحر طبرية في فلسطين [3] يرى أقلية من العلماء أن يهودا لم يدون مشناه، وأنها أخذت تنتقل شفوياً من جيل لجيل حتى القرن الثامن الميلادي. وممكن الرجوع (للتعرف على رأي الأغلبية) إلى = كتاب ج.ف. مور المسمى ” اليهودية في القرون الأولى من التاريخ المسيحي Judaism in thefirst centuries of the Christian era طبعة جامعة كيمبردج بولاية مشوستس عام 1932 المجلد الأول ص151 وكذلك كتاب و.أ. أوسثرلى W.O. Oesterley ، ج.هـ. بكس G.H. Box المسمى نظرة قصيرة في الآداب الدينية اليهودية في العصور الوسطى Short survey of the literature of Rabbinical and Medieval Judaism |
||||
16 - 06 - 2012, 01:55 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: مصادر شرح الكتاب المقدس في القرن الأول وأهم الترجمات
تابع سلسلة مصادر شرح الكتاب المقدس في القرن الأول وأهم الترجمات [ الجزء الثالث ] أهمية الدراسة عند اليهود وأهمية التلمود ولنا الآن أن نعرف أهمية الدراسة عند اليهود: يقول الكهنة اليهود أنه من واجب الإنسان أن يدرس الشريعة مسطرة وشفوية، ومن حكمتهم المأثورة في هذا المعنى قولهم (وهو هام جداً): ” إن دراسة التوراة أجل قدراً (أعظم) من بناء الهيكل “[1] وإن من واجب الإنسان وهو منهمك في دراسة الشريعة أن يقول لنفسه كل يوم:” كأنا في هذا اليوم قد تلقيناها من طور سيناء”[2]، ويعتبرون كل كلمة في الكتاب المقدس من كلمات الله بالمعنى الحرفي لهذه العبارة، وأن الشريعة وجدت لا محالة قبل أن يُخلق العالم ” في صدر الله أو عقله”[3] والتلمود هو الذي يبحث في الشريعة (هالكا) وهو أيضاً كلمات الله الأزلية، وهو صياغة للقوانين التي أوحاها الله إلى موسى شفوياً (التلمود) ثم علّمها موسى وسلمها لمن بعده، ولهذا فإن ما فيها من الأوامر والنواهي واجبة الطاعة وتستوي في هذا مع كل ما جاء في الكتاب المقدس (رغم من أنه لم يقر أي مجمع يهودي رسمي هذا الرأي التلمودي الخاص بالتلمود؛ واليهودية الحديثة ترفضه). ومن أحبار اليهود من يجعلون المشنا مرجعاً أقوى حجة من الكتاب المقدس، لأنها صورة من الشريعة معدلة جاءت متأخرة عنها. وكانت بعض قرارات الأحبار تتعارض تعارضاً صريحاً مع قوانين أسفار موسى الخمسة، أو تفسيرها تفسيراً يبيح مخالفتها. وكان يهود ألمانيا وفرنسا في العصور الوسطى يدرسون التلمود أكثر مما يدرسون الكتاب المقدس نفسه.[4] وعموماً نرى ملامح هذا الرفض موجود في ما يحتويه التلمود نفسه وتحديداً في سفر رأس السنة إذ يحتوي على مقدمة طويلة تتكلم عن أعداء التلمود من صدوقيين أيام الحاكم Antiochus Epiphanes والإمبراطور الروماني Nero، Domaitian، Hadrian، وغيرهم الكثيرين، ورافضي التلمود لم يكونوا فقط من الأمم بل هناك من اليهود: الصدوقيون والسامريون وبالتالي المسيحيين أيضاً، لأن التلمود يحتوي على بعض الافتراضات والتفاصيل المنافية لروح الكتاب المقدس نفسه، [ مثلما تحدث عن السقوط وحديث الشجرة مع الحية، وحديث الله مع الشيطان كالآتي: (( قال الواحد القدوس (للشيطان): أنت ظننت أنك ستقتله (آدم) وتتزوج زوجته (حواء) وتملك الدُنيا: فسأجعل بينك وبين زوجته العداوة، وظننت (أو بكونك ظننت) أنك ستملك العالم، فأنك تكون ملعون من بين الماشية كلها فلا تمشي منتصباً وعلى بطنك تذهب، واعتقدت أنك ستأكل من أطياب الرض، فلن تأكل طول أيام الحياة... الربي سمعان قال: حينها فقدنا خادماً (يتكلم عن الشيطان) كان يُمكن أن يحضر لنا اللآلئ العظيمة لو أنه لم يستطع إمالة الإنسان للمعصية، الربي يهودا قال: [ كان آدم يجلس في جنة عدن والملائكة تخدمه وتُقدم له اللحم والنبيذ، فأصابته الغيرة (يتكلم عن غيرة الشيطان من آدم)، كيف آدم خُلق، في بالساعة الأولى جُمعت غبار طينته، وبالثانية (اي الساعة الثانية) خُلِقَ، وبالثالثة اكتمل جسمه، وبالرابعة فُصِلَّت أعضاؤه، وبالخامسة ظهر، وبالسادسة أُيد بالروح، وبالسابعة ارتفع على قدميه، وبالثامنة زُوِجَ من حواء، وبالتاسعة أُسكن جنة عدن وبالعاشرة أُوكِلَت إليه القيادة، وبالحادية عشر أثمَ (أخطأ)، وبالثانية عشر طُرد ] وهكذا احتوى التلمود في بعض التعليقات عليه والشروحات ما هو غير متفق مع الكتاب المقدس وتلقفت منه أديان أخرى نفس النظرة والكلام والأحاديث، وقد أُدخل بعضها عند بعض المفسرين وشارحي الكتاب المقدس واعتبرتها الكنيسة آثار يهودية لا يصح أن يتم بها شرح الكتاب المقدس لأنها منافيه لروحه، واعتبروا بعض الأفكار التي دخلت عن طريق بعض الكهنة والأساقفة أنها أفكار مهدت للهرطقات، وأنها دخيلة على روح العهد الجديد ولا يصح التعليم بها إطلاقاً بكونها تفسد عقول البسطاء، ولا زال بعضها موجود إلى اليوم في فكر البعض كآثار للشروحات الغير منضبطة بالروح ولا يعلم أحد أن أصلها يهودي متطرف، وقد رفضتها الكنيسة لأنها في الأصل تهدف لتهويد المسيحية، (ومن أمثلة ذلك الملك الألفي وظهور إيليا وأخنوخ، وموضوع عدم إيجاز صلاة المرأة الحائض أو مسها الكتاب المقدس … وغيرها الكثير والذي لا يمكننا كتابته بالتفصيل الآن لأنه سيطول الحديث جداً ونخرج عن الموضوع الأساسي والرئيسي) وعموماً هذا ليس بغريب أن يحدث، لأنه حدث منذ العصر الرسولي كما هو واضح في سفر الأعمال وانعقاد مجمع أورشليم الأول الذي حدد فيه الرسل الابتعاد فقط عن نجاسات الأصنام والزنا والمخنوق والدم (أنظر أعمال الرسل 15)… وبالرغم من كل ذلك لا نستطيع أن لا نلتفت لأهمية التلمود وبعض الشروحات الكثيرة والصحيحة اتي يحتويها والتي لها أهميتها القصوى لنا لنفهم الكثير والكثير من أسفار العهد القديم بدقة … _____________________________________ [1] Catholic Encyclopedia, XIV, 38. [2] Ashley. Introd, To English Economic History, II. 279 [3] “فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء ولأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل” ( مت5: 18) (أنظر مت3: 9) هذه اللفظة تعني “الحق أقول” وهذا التعبير دائماً يتصدر تصريحاً مهيباً. اسم مؤنث مفرد في حالة الفاعل، معناه النقطة التي توضع على الحروف العبرية (dagesch داجش דּ גַ שׁ) لتميز بينها أو توضع تحت الحروف العبرية بقصد التشكيل (وهي تُشبه النقاط التي توضع فوق الحروف في اللغة العربية فحرف س في العربية يختلف عن حرف ش بوضع ثلاث نقاط فوق حرف س.. وهكذا) والمقصود هنا “أصغر جزء من الحرف”. الحرف هو أصغر الحروف في الأبجدية العبرية اليود (י)، والنقطة هي النقطة التي كانت تُستخدم لتمييز الحروف العبرية المتشابهة. ويذكر التقليد اليهودي أن الحرف يود (י) يتعذر نقله أو إزالته، ويضيفون أنه لو اجتمع جميع الرجال في العالم لكي يزيلوا أصغر الحروف من الناموس، فإنهم لن ينجحوا، وأن جريمة تغيير هذه العلامات التي تُميز بين الحروف العبرية هي جريمة خطيرة، فإذا تمت، فإن العالم يقبل على الدمار. وهكذا يذكر السيد المسيح أنه لا يزول حرف واحد وإن كان أصغر الحروف أو نقطة واحدة صغيرة إلى أن يصير الكل. للنفي القوي بمعنى “أبداً – لن” وخاصة مع الصيغة المصدرية للماضي فإنه يُفيد النفي المؤكد أو المشدد المتصل بالمستقبل (لن يزول أبداً) وفي غالبية استخدام العهد الجديد لهذا التكوين يعبر عن التأكيدات النبوية كما في (مت18: 3) (أنظر تحليل لغة الإنجيل للقديس متى في أصولها اليونانية إعداد الدكتور موريس تاوضروس ص140 و141) [4] أنظر قصة الحضارة (عصر الإيمان) ج14 من ص10 إلى ص17. |
||||
16 - 06 - 2012, 01:56 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: مصادر شرح الكتاب المقدس في القرن الأول وأهم الترجمات
تابع سلسلة مصادر شرح الكتاب المقدس في القرن الأول وأهم الترجمات [ الجزء الرابع ] ملاحظات وتفسير بعض المصطلحات؛ التلمود وأقسام المشنا + أولاً: ملاحظات وتفسير بعض المصطلحات + (1) المشنا – Mishna: وأصل الكلمة Shanah – شنا، وتعني [ يُكرر (تثنية) أو يتعلم أو يُعلم ] وهي العقيدة غير المكتوبة وتفسيرها، وتُسمى أيضاً بالتعليم الثاني، وهيَّ على وجه الخصوص عُبارة عن: أ – كل الناموس غير المكتوب الذي ظهر إلى حيز الوجود حتى نهاية القرن الثاني الميلادي. ب – تعليم أحد الحاخامات الذين عاشوا خلال القرنين الأولين للميلاد. جـ – ويطلق الاسم أحياناً على إحدى العقائد أو مجموعة من العقائد. د – يُطلق الاسم بشكل خاص على المجموعة التي جمعها الحاخام يهوذا الناسي في نهاية القرن الثاني الميلادي. (2) الجيمارا – الجَمارة: (والكلمة مأخوذة من “جمار” بمعنى يُجزأ ويتعلم) ويُطلق هذا الاسم – منذ القرن التاسع – على مجموعة مناظرات “الأمورايم” أي المعلمين الذين قاموا بمهمة التعليم من عام 200 إلى 500 بعد الميلاد. (3) التلمود: ومنشأ الكلمة هو الفعل Limmed ومعناه (الدراسة أو التعليم) وقد استخدمت الكلمة في العصور القديمة للدلالة على مناظرات “الأمورايم”، أما الآن فتعني “المشنا” وما دار حولها من مناقشات وتفاسير. وقد قسم التلمود لعدة أقسام – كما سوف نرى – وهذه الأقسام منقاة ومرتبة من قِبَل الحَبر يهوذا بحسب روايات التنائيم Tanna’im ويعني المعلمون “بالآرامي”، ولكن وبسبب كون التعليم قد أُضيف عليه الكثير مما يتوافق مع الأزمنة من حيث زيادة الشروحات كان لا بد من تدوين هذه الشروحات الذي قُدمت من قِبَل المفسرين المدعوين بالآمورايم Amora’im وتعني الشُراح بالآرامي؛ وقد شُرح شرحاً مسهباً في بابل (وكانت بابل تُسمى حينها باب إيلي Babu ili أي باب إيل، أي باب الله، وتقع إلى خمسين ميل جنوبي بغداد وقد دُمرت المدينة على يد داريوس سنة 516 ق.م)، كما شُرح شرحاً مختصراً في فلسطين. (4) هالاخا أو هلكا: وهي Halkhaبمعنى: يذهب، ويقصد بها: “الحياة المنضبطة بالناموس” و “مبدأ تشريعي”، وهي الستة أجزاء من المشنا وكل ما هو دونها يُسمى Hagada. (5) هَجَدة أو هاغادا: وهي Hagada مأخوذة من كلمة “هَيجيد” بمعنى “يُخبر” وهي التفسير الذي لم يرد في “هَلَكا أو الهلاخا”، وهي تنقسم إلى: أ – الهاغدا التفسيرية: أو ما يُسمى homiletical ب – الهاغدا الدوغماتية: وتشمل كل ما له علاقة بالعقوبة والإيحاء والتدبير والإعجاز والحياة الأبدية والعقاب جـ – هاغدا الأخلاقي: ويشتمل على حِكَم وأمثال وواجبات أخلاقية وغيرها… د – هاغدا التأريخي: ويشمل تاريخ الأحداث والقصص التلمودية والحوادث مع رجال الكنس الإسرائيلي. هـ – هاغدا الباطني: ويشمل البحث حول عالم الملائكة والشياطين وعلاج أرواح… الخ.. عموماً نجد هناك تداخل شديد في القصص التلمودية والتعليم والفكر اعتماداً على الهاغدا، وبعضها مأخوذ من حقائق وبعضها مأخوذ من تفسيرات مختلفة تتداخل ما بين الأساطير والافتراضات والتأملات، ويصعب جداً التفريق بينها وبين بعضها البعض، وتجعل مشكلة التشريع أزمة تعتمد على التفسير وحِساب الجُمل وأعمال الفكر، والكثير منها لا يلقى رواجاً في الأوساط اليهودية ومرفوض من الكثير من معلمي اليهود أنفسهم… * وعموماً بعد عصر يهوذا الأمير، وُجِدَ الكثير من الهاغدا في فلسطين، والتي دُمِجَ بعضها في المدراش وبعضها في التلمود الفلسطيني (الأورشليمي). والهاغدا التلمودية وُجِدَت لها اشباه من الفكر مأخوذة عنها ليست بقليلة في الفكر الإسلامي وعند بعض المسيحيين على مر التاريخ، وعلى الأخص عند بعض الهراطقة التي استخدموا بعض شروحاتها الغير منضبطة في تدعيم بدعتهم، وبعض الأفكار التي تسربت للكنيسة من خلالها على مر السنين، ولكنها لم تُعتمد قط في الكنيسة أو تقنن منها شيء لأنها رفضت من قِبَل آباء كثيرين، إلا الصالح منها في التعليم فقط وتتفق مع روح الكتاب المقدس، وقد استخدم بعض الآباء منها مقاطع تاريخية مهمه، ,ايضاً بعض الأجزاء الهامة في بعض الشروحات التي تخص التاريخ اليهودي وبعض التفسيرات عن الذبائح والأخلاق والشعور باحتياج المخلص في الفكر اليهودي… وهكذا الخ.. ______________________________________ + ثانياً: التلمـــــــــــــــود + # التلمود البابلي: يحتوي التلمود البابلي على 2049 ورقة من القطع الكبير أي نحو 6000 صفحة في كل منها 400 كلمة. وتنقسم المشنا إلى ستة سدريمات Sedarim (ست فصائل) وينقسم كل سدريم إلى عدد من المسكنات Masechtoth (المقالات) يبلغ مجموعها ثلاثاً وستين مسكنة وتنقسم كل واحدة منها إلى عدد من البرقيماب (الفصول) وكل برقيم إلى مسنيوتات (تعاليم). وتشتمل الطبعات الحديثة من التلمود عادة على: (1) شروح راشي Rashi 1040- 1105، وهذه تظهر على الهامش الداخلي لصفحات النصوص. (2) توسافوتات Tosaphoths (إضافات) وهي مناقشات في التلمود للأحبار الفرنسيين والألمان من رجال القرنين الثاني عشر والثالث عشر وهذه تظهر على الهامش الخارجي لصفحات النصوص. وتُضيف عدة طبعات إلى هذه وتلك توسفتات Tosefta (تكملات) وهي بقايا من الشريعة الشفوية التي تخلو منها مشنا يهوذا هنسيا. والمدرش أو المدراش (التفسير) هي خطب ألقاها الأمورايم ولكنها جمعت ودونت خلال الفترة المحصورة بين القرن الرابع والثاني عشر، وتشرح في أسلوب شعبي سهل، كتباً مختلفة من الكتب العبرية المقدسة. ومن هذه المدشيمات (التفاسير) الكبرى تفسير جنثيز رباه Rabbah لسفر التكوين، وويقرا رباه لسفر اللاويين وخمسة ملفات (مجلوتات Megilloth) تشرح سفر إستير، ونشيد الأنشاد، والمراثي، وسفر الجامعة. وتشرح النسكلتا Nschilta سفر الخروج والسفر Sifra يشرح سفر اللاويين، والسفرى Sifre يشرح سفري الأعداد والتثنية، وتحتوي النسقلتا على عظات ذات صلة بفقرات من الكتاب المقدس.[1] # التلمود الفلسطيني: ويسمى أيضاً “يروشالمي” أي مناقشات الفلسطينيين الذين قاموا بمهمة التعليم من القرن الثالث الميلادي حتى بداية القرن الخامس، ولاسيما في جامعات طبرية وقيصرية وسفوريس. وتحتوي مخطوطة لندن على أربعة “صدريم” (1-4) وجزء من “الندّه” ولا نعرف ما إذا كانت المؤلفات الأخرى قد احتوت في أي وقت على “جمارا” فلسطينية، أما المشنا التي يقوم عليها التلمود الفلسطيني فيقال: أنها موجودة في مخطوطة رقم (1- 470 ADD) بمكتبة جامعة كمبريدج في انجلترا. أما “الأدهويوت” (الشهادات) و”الأبهوت” (الأقوال) في التلمود الفلسطيني أو البابلي، فلا تحتوي على “جمارا”[2] ______________________________________ + ثالثاً: أقسام المشنا – التلمود + أحياناً يُطلق على التلمود الاسم “شاس Shas” وهيَّ كلمة عبرية مركبة، مكونة من كلمتين: (Shisha) بمعنى “ستة” ، (Sedarim) שדרים (س د ر ي م) بمعنى “مجلد”. فيكون معنى كلمة “Shas”: “ستة مجلدات”. وتنقسم المشنا (ومن ثم التلمود أيضاً) إلى ستة أقسام أو أجزاء رئيسية، تدل أسماؤها على محتوياتها الأساسية، وهيَّ: Zeraim: זרעים (ز ر ع ي م) ويبحث في مواضيع العشور والبكور والنذور – تقديمات الهيكل – أمور زراعية. Moed: מועד (م و ع د) ويبحث في مواضيع الأعياد بكافة أنواعها. Nachim: נשים (ن ش ي م) ويبحث في مسائل الزواج والطلاق. Nezikin: נזקים (ن ز ق ي م) ويبحث في أمور تشريعية وقانونية. Kodashim: קדשים (ق د ش ي م) ويبحث في نظام تقديم ذبائح الهيكل. Tohorot: סהרח (ص ه ر و ت) ويبحث في مسائل الطقوس التطهيريه.[3] 1- القســـم الأول: “زراعيم” זרעים وتعني الزراعة وتشمل أحد عشر باباً: البـــاب الأول: “براكوت” أي “منح البركة” – “أسمع يا إسرائيل” (تث6: 4) وفيه ثماني عشر بركة، منها طلب بركة على الطعام، وصلوات أخرى. البـــاب الثاني: “بيآه” أي “زاوية” الحقل (لا19: 9و10، تث24: 19-21). البـــاب الثالث: “دماى” أي “المشكوك فيه” وهو عن الثمار المشكوك فيها (حنطة وخلافه) التي لم يتأكد دفع حق الكهنة فيها في السنة المحددة، وكذلك دفع العُشر الثاني في السنة المعينة. البـــاب الرابع: “كيلاييم” ومعناها “غير المتجانس” أي الأشياء الممنوع خلطها أو الجمع بينها (لا19:19، تث22: 9و10) البــاب الخامس: “شبعيت” أي “السنة السابعة”، السنة السبتية (خر23: 11، لا25: 1-7) و”شميتا” أي “الإبراء” (تث15: 1-6) البــاب السادس: “تريموت” أي “رفع القرابين” للكهنة (عد18: 8-20، تث18: 4). البـــاب السابع: “معشروت” أو “معشرريشون” أي “العشر الأول” (عد18: 21-24) البـــاب الثامن: “معشر شاني” أي “العشر الثاني” (تث14: 22-27) البـــاب التاسع: “هالاه” أي “تقدمة رفع العجينط (عد15: 18-21) البـــاب العاشر: “عُرله” أي “غُرلة” أشجار الفاكهة في أثناء السنوات الأولى (لا19: 23). الباب الحادي عشر: “بيكروبيم” أي “باكورة ثمار الأرض” (تث26: 1-11، خر23: 19) 2- القســــم الثاني: “مواعيد” מועד أي الأعياد ويحتوي على أثنى عشر باباً: البـــاب الأول: “شبت” أي “السبت” (خر20: 10، 23: 12، تث5: 14) البـــاب الثاني: “إروبين” أي “المخلوطات” أو المزج النموذجي للمواقع بغرض تسهيل حفظ قوانين السبت. البـــاب الثالث: “فصحيم” أي “الفصح” (خر12، لا23: 5-8، عدد28: 16-25، تث16: 10). و”الفصح الثاني” (عدد9: 10-14). البـــاب الرابع: “شقليم” أي “الشواقل[4]” للهيكل (نح10: 33، خر30: 12-16) البــاب الخامس: “يوما” أي “يوم” الكفارة (لا16) البــاب السادس: “سوقاه” أي “خيمة أو مظلة” وهو عيد المظال (لا23: 34-36، عد29: 12-16،تث16: 13-15) البـــاب السابع: “بيتا” أي “بيضة” أو “العيد” للتمييز بين اليبت وسائر الأعياد (خر12: 10) البـــاب الثامن: “روش ها- شنه” أي “رأس السنة” وهو أول يوم من شهر تشرى في التقويم العبري (لا23: 24و25، عد29: 1و2) البـــاب التاسع: “تعنيت” أي “الصوم” البـــاب العاشر: “مِجلَّه” أي “دَرج” أو سفر إستير و “عيد الفوريم” (إستير9: 28) الباب الحادي عشر: “مُوعيد قفطَن” أي “العيد الصغير” أو “مشكين” وهي الأيام التي تقع بين أول يوم وآخر يوم من أعياد الفصح والأسابيع و المظال. الباب الثاني عشر: “هجيجة” أو “الحجيج” أو “تقدمة العيد” وهي الشرائع المتعلّقة بثلاثة أعياد الحج التي كانت تستلزم السفر إلى الهيكل وهي الفصح والأسابيع و المظال ( تث16: 16و17). 3- القســـــم الثالث: “ناشيم” נשים أي “النساء” ويحتوي على سبعة أبواب: الباب الأول: “بياموت” أي “زوجة الأخ” أي شريعة زواج الأخ لزوجة أخيه المتوفي دون نسل (تثنية25: 5 – 10؛ راعوث4: 5)، (أنظر متى22: 24) الباب الثاني: “كتبوت” أي “وثائق الزواج. البـاب الثالث: “ندهاريم” أي “النذور” ونقضها (عدد30) البــاب الرابع: “نذير” أي “النذير” (عدد6) البــاب الخامس: “جطين” أي كتب الطلاق (تثنية24: 1)، (أنظر متى5: 31) البــاب السادس: “سوتاه” أي المرأة المشكوك في أمانتها لزوجها (عدد5: 11 – 28) البــاب السابع: “فدوسين” أي الخطبة. 4- القسم الرابع : “نزقيم” נזקים أي ” الخسائر” وفيه عشرة أبواب: الأبواب الأول والثاني والثالث “بابا كما” ، “بابا متسيا” ، “بابا باترا” أي الباب الأول، والثاني، والأخير ويشملوا الخسائر والإصابات والمسؤولية عنها في ( أ ) وحق الملكية في ( ب ، ج ) البابان الرابع والخامس : ” سنهدرين” أي “محكمة العدل” ، “ماكوت” أي “الضربات” أنظر (تث25: 1-16)[5]، وكان الباب الرابع والخامس، كتاباً واحداً باسم “القانون الجنائي والإجراءات الجنائية” الباب السادس: “شبهوأوت” أي “القسَمْ أو الحلف” (لا5: 1-4) الباب السابع: “إد هو يوت” أي “شهادات” المعلمين اللاحقين لآراء المراجع السابقة. الباب الثامن: “عَبُوده زارا” أي “عبادة الأوثان” أو المتاجرة مع عابدي الأوثان والاتصال بهم. الباب التاسع: “أبهوت” أي “أقوال” الآباء (التانايم) الباب العاشر: “هورايوت” أي “القرارات” (الخاطئة)، وذبيحة الخطية التي تُقدم في هذه الحالة (لا4: 13-35). 5- القسـم الخامس: “قداشيم” קדשים أي “الأشياء المقدسة” وفيه أحد عشر باباً: البـــاب الأول: “ذبيحيم” أي “الذبائح (لا1: 2-4 :17) البـــاب الثاني: “مناحوت” أي “قرابين التقدمة” (لا2: 5و11-4، 6: 14-23، عد5: 15و16) البـــاب الثالث: “”حُلَّين” أي “الأشياء العادية” أو غير المقدسة وذبح الحيوانات والطيور للاستخدام العادي أي خارج الطقوس. البـــاب الرابع: “بكوروت” أي “الأبكار” (خر13: 2-13، لا27: 26و27و32، عد8: 6-18). البــاب الخامس: “عراكين” أي “التقويمات”، تقويم الأشخاص والأشياء التي أُفرزَت لله (لا27: 2-15) البــاب السادس: “تموراه” أي استبدال شيء غير مقدس بشيء مقدس (لا27: 10و33) البـــاب السابع: “كيريتوت” أي “قطع أو بتر” وهيَّ عقوبة القطع من شعب إسرائيل (تك17: 14و خر12: 15) البـــاب الثامن: “مفيلة” أي “عدم الأمانة” كما في الأشياء المقدسة والاختلاس (عد5: 6-10، لا5: 15و16) البـــاب التاسع: “تاميد” أي “الذبيحة اليومية” الدائمة صباحاً ومساءً (خر29: 38-46، عد28: 3-8) البـــاب العاشر: “ميدوت” أي “مقدسات الهيكل”. الباب الحادي عشر: “قنيم” أي “أعشاش” أو “ذبيحة اليمامتين” أو “فرخي حمام” (لا1: 14-17، 5: 1-10، 12: 6-8) 6- القســـم السادس: “طهاروت” סהרח وهو عنوان مهذب للدلالة على الأشياء النجسة، وفيه أثنى عشر باباً: البـاب الأول: “كيليم” أي “الأواني والمتاع” (لا6: 20و21، 11: 32-35، عد19: 14-18، 31: 20-24) البـاب الثاني: “أوهولت” أي “الخيام” أو تنجيسها بجثة شخص أو جزء منها (عد19: 14) البـاب الثالث: “نجايم” أي “البَرصْ” (لا13: 1-14: 57) البـاب الرابع: “باراه” أي “العجلة الحمراء” واستعمال الرماد المتخلف عن حرقها في التطهير(عد19: 2-5) الباب الخامس: “طهاروت” أي “الأشياء الطاهرة” وتُستخدم للدلالة على الأشياء النجسة. الباب السادس: “ميقواؤت” أي “الاستحمام بالـاء” (لا15: 12و13، عد31: 23و24، لا14: 8و2، 15: 5)[6] البـاب السابع: “ندَّاه” أي “السيل والطمث” (لا15: 19-31، 12: 1-8) البـاب الثامن: “ماكشيرين” أو “المجهَّزون” أو “ماشقين” أي “السوائل[7]” التي يُمكن أن تُنجس الحنطة وغيرها أي التي تُفسدها. (لا11: 34-37) البـاب التاسع: “زابيم” أي “الأشخاص ذو السيل (لا15) البـاب العاشر: “تبهول يوم” أي “الشخص الذي استحم حسب الطقوس في أثناء النهار” ويكون نجساً إلى المساء (لا15: 5، 22: 6و7) الباب الحادي عشر: “يد هايم” أي “الأيدي” (نجاسة الأيدي وتطهيرها حسب الطقوس).[8] البـاب الثاني عشر: “أوقصين” أي “السيقان” (نقل النجاسة طقسياً عن طريق سيقان وقشور النباتات. ______________________ [1] Thomas Aquinas, summa theological, 111ae, xciv, 5. (أنظر قصة الحضارة ج3و4 “14″ ص14) [2] أنظر التلمود تأليف د.روهلنج – شارل لوران صفحة 23 وأنظر أيضاً الحياة اليهودية بحسب التلمود للقمص روفائيل البرموسي من صفحة12 إلى صفحة18 [3] أنظر الحياة اليهودية بحسب التلمود للقمص روفائيل البرموسي صفحة19 [4] الشاقل = وحدة موازين حوالي 1105جم. [5] (1كو11: 24) [6] أنظر (مرقس7: 4) [7] وهيَّ السوائل السبعة: “الخمر والعسل والزيت واللبن والندى والدم والماء”. [8] (أنظر مت15: 2-20، مر7: 2-23) |
||||
16 - 06 - 2012, 01:57 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: مصادر شرح الكتاب المقدس في القرن الأول وأهم الترجمات
الجزء الخامس + يجدر بنا الآن – باختصار – أن نُركز على المفاهيم الأساسية في علم المدراش[1]، لِما كان لها أثر على أسلوب شرح الكتاب المقدس في الكنيسة الأولى: يتناول علم المدراش تفسير الكتاب المقدس على النحو التالي: 1- التفسير الحرفي للنص أو “البيشات” (Peshat) 2- التفسير الرمزي للنص القانوني أو “الرميز” (Remez) وهو الأسلوب المتبع في الشروحات التي تتناول الشريعة أو الهَلَكا. 3- التفسير الرمزي للنصوص التاريخية والشعرية والنبوية أو “الداروش” (Darush) وهو الأسلوب المتبع في (الهَجَدة). 4- التفسير الصوفي للنص أو “السود” (Sod) وقد أنتشر بصورة خاصة بعد سقوط أورشليم في أيدي الرومان عام71 للميلاد عندما أسس المعلم “هلّيل Hillel” مدرسة “الكابالا Cabala” خارج أسوار أورشليم، وقد وصلتنا هذه التفاسير الصوفية من خلال كتابات الآباء في القرون الأربعة الأولى. 5- علم تفسير الأرقام أو “الجيماتريا Gematria” (ومثال على الجيماتريا علامة الوحش في سفر الرؤيا “17″) 6- علم تفسير الألفاظ أو “النوتاريكون Notarikon” وهو يُبسط معاني بعض الألفاظ التي استُخدمت في المدراش لتلخص عبارة ما أو جملة بكاملها: والعبارة (إيكتوس “Ichthys” مثلاً التي استُخدمت في الكنيسة الأولى تلخيصاً للجملة: يسوع المسيح ابن الله (Iesous Christos Theou Yios Sotir)، وهذا أفضل مثال على اقتباس الآباء الأولين أسلوب النوتاريكون. 7- علم تفسير الألفاظ التي تقوم على استخدام كلمة واحدة لتضع الكلمة ذاتها في لفظة جديدة. (وهذا الأسلوب استُخدم في زمن الاضطهاد منعاً لوقوع النصوص الكتابية وخاصة النبوية منها – كسفر الرؤيا – في أيدي غير المؤمنين ومن ثمَّ إساءة تفسيرها واستغلالها سياسياً) وهذا العلم يُسمى “التيمورا Temoorsh” ومثال ذلك: “في سفر الرؤيا عدة ألفاظ، مثلاً: (رؤ16: 16) “فجمعهم إلى الموضع الذي يُدعى بالعبرانية هرمجدون “. هرمجدون = روما هجدول أي روما الكبيرة. مدرسة الإسكندرية: 1- نشأة المدرسة: أ- يقول ألكسندر روبرت (Alexander Robert):”وجد أول كرسي للتعليم المسيحي…وصارت الإسكندرية عقل المسيحية…في الوقت الذي كان فيه الغرب مجرد متقبل يُبسط يديه وساعديه للشرق طالباً استنارة أعظم”[2] تُمثل الإسكندرية عقل العالم المسيحي، الذي قدم له تراثاً صبغ كل فترات تاريخه الفكري، وكانت هناك أفكار كثيرة ظهرت متأثرة بالفكر الفلسفي وحاولت أن تشوش الفكر اللاهوتي للكنيسة وبخاصة عند البسطاء، لذلك كان لا بد من الرد على هذه الأفكار، وكان على الآباء – آباء الكنيسة الأوائل – أن يستخدموا نفس الأسلحة التي يستخدمها ويشهدها الفلاسفة الوثنيون. وحمل لواء هذا الاتجاه الجديد مدرسة الإسكندرية المسيحية، أو مدرسة الموعوظين Catechesis التي ذاع صيتها باسم مدرسة المدافعين Scola apologetica وهي تُعد دون شك أول معهد علمي ذا أهمية كبرى للدراسات اللاهوتية في عالم المسيحية الأول، وأضحى آباء هذه المدرسة مسئولين عن صياغة اللاهوت المسيحي. ووضع التفسيرات والشروح والتعريفات المحددة للأرثوذكسية. “وطبعا” من الخطأ حصر اهتمامات هذه المدرسة في الجدل اللاهوتي وحده. فقد كانت تقدم عديداً من الدراسات الإنسانية والعلوم والرياضيات، وان كان اهتمامها الأول في عصر الإيمان، الإيمان أولاً، حتى يُمكننا أن نُشبهها بالجامعة في احتواءها على فروع المعرفة الإنسانية المختلفة، بل أن أورجين Origenes (185- 254) نفسه، أشهر أساتذتها كان ضمن دروسه محاضرات في المنطق والجدل والعلم الطبيعي والهندسة والفلك[3]. فقد حرصت – مدرسة الإسكندرية – أن تدخل في برامج دراستها مختلف فروع المعرفة الإنسانية في العلوم والآداب إلى جوار مهمتها الأصلية في المسائل اللاهوتية، حتى تجذب إليها فكر الناشئة والدارسين.[4] ب - بدأت مدرسة الإسكندرية بداية متواضعة، فكان الأستاذ يستقبل في منزله كل طارق مسيحياً كان أو وثنياً ويُعلمه بلا أجر. وأغلب الظن أن التعليم كان في بادئ الأمر دينياً صرفاً ولكنه اتسع بعد ذلك حتى احتوى على الفلسفة والعلوم. وأصبحت الدراسة بها تستغرق ثلاث سنوات، والأغنياء من الطلبة يقدمون العطايا للمحاضرين (وذلك تطبيقاً للكتاب المقدس: “الفاعل مستحق أجرته” 1تي5: 18 )، وكان برنامج التعليم يبدأ بعلوم اللغة وينتقل منها إلى العلوم الرياضية والطبيعية ثم الفلسفة والأخلاق، وينتهي بشرح الكتب المقدسة. وقد كان هذا الاتساع في البرنامج التعليمي ضرورياً فيما يبدو نظراً لأن معلمي المدرسة والدارسين فيها كانوا يستهدفون الدفاع عن العقيدة ضد الديانات والمذاهب الفلسفية المختلفة[5] والبعيدة كل البعد عن عمل الله وحياة التقوى والبرّ وقوة الخلاص والفداء. ويُحدثنا القديس إغريغوريوس النازيانزي Gregorius Nazianzenus (الناطق بالإلهيات) عن أخيه Caesarius قائلاً أنه جاء إلى الإسكندرية ليتلقى تعليمه في مدرستها التي تُعَد مركزاً لكل فرع من فروع المعرفة[6]، كما أن القديس إغريغوريوس نفسه أتى إلى الإسكندرية ليستكمل دراسته.[7] ت - اهتمت مدرسة الإسكندرية بالفلسفة اليونانية، وهذا عمل على نزع أي نظرة ضيقة نحو المسيحية كتراث إقليمي يرتبط بجماعة محلية أو ثقافة خاصة. وبهذا ربحت الكنيسة نفوس كثيرة للرب يسوع من عينات مختلفة، على كافة المستويات الفلسفية والفكرية. ولهذا عندما تحدث فارار Farrar عن اللاهوت المسيحي في مدرسة الإسكندرية قال: ((الكرازة بالمسيحية أشبه بالطريقة التي تحدث بها الله قديماً مع الآباء. تحمل سمة التعدد والتنوع. لقد قدمت للعالم حكمة غنية متنوعة. إذ وقفت الكنيسة أمام العالم كابنة للملك التي ذكرها المرتل أنها ملتحفة بثياب مزركشة. تستطيع أن تكون بسيطة مع غير المتعلمين. وكيهودية مع اليهود، وكيونانية مع اليونانيين، وبمعنى صالح ولطيف إنها كل شيء مع كل أحد، هكذا تحدث القديس بولس بطريقة معينة مع فلاحي لسترة، وبطريقة ثانية مع الأبيقوريين Epicurian وأتباع أرسطو Aristotle بأثينا، وبطريقة ثالثة في سنهدريم أورشليم. قليلون هم الذين وهبوا هذا التنوع السامي، لكن ما لا يقدر إنسان بمفرده أن يفعله قام به معلمون مسيحيون متنوعون… لقد لمسوا أوتاراً كثيرة لقلوب الكثيرين.))[8] وقد وصف شاف Schaff قدرة المدرسة على الكرازة بين الفئات المتباينة خلال اتساع نظرتها قائلاً: ((كانت من جهة حصناً للكنيسة ضد الأشرار… ومن جهة أخرى كانت جسراً للعبور من العالم إلى الكنيسة.))[9] + مؤسسي المدرسة ورؤسائها + لقد شهد القديس ﭽيروم أن القديس مرقس الرسول قام بتأسيس مدرسة الإسكندرية المسيحية لتثبيت الإيمان على أساس راسخ، سواء بالنسبة للذين من أصل أممي أو من أصل يهودي. ويختلف بعض المؤرخون مع رأي ﭽيروم الذي أعتمد في رأيه (أن القديس مرقس الرسول هوَّ من أسس مدرسة الإسكندرية) على يوسابيوس القيصري في كتابه المشهور “تاريخ الكنيسة” بالرغم من أن يوسابيوس لم يذكر صراحة القديس مرقس الرسول بل كتب قائلاً:” ونحو هذا الوقت ( حكم كومودس، ورسامة يوليانوس أسقفاً للإسكندرية بعد أغريباس الأسقف في 17 مارس سنة180م) عُهد إلى بنتينوس – وهو شخص بارز جداً بسبب علمه – إدارة مدرسة المؤمنين في الإسكندرية. إذ قد أُنشأت بها منذ الأزمنة القديمة مدرسة للتعاليم المقدسة، ولا زالت حتى يومنا هذا. وكان يُديرها – كما وصل ألينا – رجال في غاية المقدرة والغيرة نحو الإلهيات. وقيل انه برز من بينهم في ذلك الوقت بنتينوس.” (يوسابيوس القيصري الفصل العاشر (1) )[10] عموماً قد قال البعض أنه لم يكن هناك شيء معروف عن مدرسة الإسكندرية قبل بنتينوس (بانتاينوس Pantaenus)، وعلى ذلك يكون بانتاينوس (179 – 216م) أول رئيس لمدرسة الإسكندرية وكان أصلاً من الفلاسفة الرواقيين[11] Stoicism قبل أن يؤمن. وطبعاً هذا الاعتقاد نتيجة أن بنتينوس Panthenus نال شهرة فائقة جداً في هذا الزمان حتى أن البعض اعتبر أن المؤرخ يوسابيوس Eusebius قال عنه أنه أول رئيس للمدرسة مع أنه يؤكد في كلامه “أنه أحد هؤلاء المعلمين”.. إذ قال: ((في ذلك الوقت كانت مدرسة الإسكندرية للمؤمنين يرأسها رجل ذو شهرة عالية جداً كدارس، يدعى بنتينوس. فقد وجدت عادة راسخة أن توجد بينهم أكاديمية في العلوم القدسية. ولا تزال هذه الأكاديمية قائمة حتى يومنا هذا. وبحسب فهمي الذين يديرونها على مستوى عالي. لاهوتيين ذو قدرات خاصة. لكننا نعرف أن بنتينوس هو أحد هؤلاء المعلمين الذي كان أكثر معلمي عصره قدرة وسمواً.))[12] ولكن البعض الآخر من المؤرخين وجميع الكتاب الكنسيين يؤكدون مع القديس ﭽيروم على أن القديس مرقس الرسول هو من أسس مدرسة الإسكندرية ويقول نيافة الأنبا غريغوريوس: ((…فنحن نعلم أن القديس مرقس St. Marc عين يسطس Justus أول عميد للمدرسة، وقد سار البطريرك السادس…))[13] عموماً لما اعتلى يسطس (الأسقف السادس) كرسي مار مرقس أصبح أومانيوس مديراً لها. ثم ارتقى أومانيوس هذا إلى الكرسي ألرسولي (وهو السابع من أساقفة الإسكندرية)، فأدار المدرسة القديس مركيانوس الذي أصبح فيما بعد الأسقف الثامن على كرسي الإسكندرية. * مؤسسي المدرسة على مر العصور باختصار: عموماً لو سرنا حسب الترتيب المعروف تاريخياً وبحسب الدراسة الحديثة للتاريخ نستطيع أن نرتب رؤساء المدرسة كالتالي: إن المؤسس الرئيسي لمدرسة الإسكندرية هو القديس مرقس الرسول الذي أسند رياسة المدرسة للقديس إنيانوس الذي رسمه سنة 62م وساس الكنيسة بحكمة مدة 22 سنة[14]، وقد تولى إدارتها في أواخر سني القديس مرقس الرسول، وفي عهد الأساقفة الأربعة الذين خلفوه القديس يسطس. لما اعتلى يسطس (الأسقف السادس) كرسي مار مرقس أصبح أومانيوس مديراً لها. ثم ارتقى أومانيوس هذا إلى الكرسي الرسولي (الأسقف السابع) ، فأدار المدرسة القديس مركيانوس الذي أصبح فيما بعد الأسقف الثامن على الكرسي السكندري. أما في أيام البابا ديمتريوس الكرام فقد تعاقب على إدارتها ثلاثة من كبار الفلاسفة هم على التوالي بنتينوس (180م) وكان أصلاً من الفلاسفة الرواقيين[15] قبل أن يؤمن وتلميذه الشهير أكليمنضس السكندري الذي خلفه في إدارة المدرسة (202م) ؛ ثم أوريجانوس أو أورجين (232م)ن وفي أيامه – كما هو معروف – وصلت المدرسة لقمة مجدها.[16] عموما نستطيع أن نصنف مدرسيها وتلامذتها كالآتي: أولاً : مديرين مدرسة الإسكندرية الذين أصبحوا بطاركة: ** البابا الأنبا يسطس البطريرك الـ 6 ** البابا الأنبا أومانيوس البطريرك الـ 7 ** البابا الأنبا مركيانوس البطريرك الـ 8 ** البابا الأنبا ياروكلاس البطريرك الـ 13 (وهو أول من سميَّ بالبابا) ** البابا الأنبا ديونسيوس البطريرك الـ 14 ثانياً : تلاميذ مدرسة الإسكندرية الذين أصبحوا بطاركة: ** البابا الأنبا يوليانوس البطريرك الـ 11 ** البابا الأنبا بطرس خاتم الشهداء البطريرك الـ 17 ** البابا الأنبا أرشلاوس البطريرك الـ 18 ** البابا أثناسيوس البطريرك الـ 20 ** البابا كيرلس الكبير البطريرك الـ 24 ** البابا ديسقوروس البطريرك الـ 25 مديرو ورؤساء مدرسة الإسكندرية أولاً : بنتينوس: كان مدير للاكليريكية كرز في الهند بالخلاص احضر من الهند مخطوطة إنجيل البشير متى . كتب الهـيروغلـيفية بحـروف يونانية (اللغة القبطية) . قام بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية . ثانياً : أكليمنضس السكندري: حل محل بنتيوس بعد نياحته وأصبح مدير الإكليريكية (المدرسة اللاهوتية الشهيرة بالإسكندرية ). * كان وثنيـا ولم يجد في الفلسفة شبع نفسه فاعتنق المسيحية. * بقي من مؤلفاته الكثيرة 3 كتب. *عمل على تشـجيع الوثنـيين لاعتـناق المسيحية. ثالثاً: العلامة أوريجانوس: من أعظم من أنجبته الكنيسة القبطية ولد سنة 185م وتنيح سنة 254 ولعلمه وعقلة أصبح مدير الإكليريكية في سن 18[17]. * قام بتفسير الكتاب رمزيا وروحيا. * كرز للوثنيين وعلم في عـدة بلاد منها: أ – روما ب – الجزيرة العربيـة ج – فلسطين د – إنطاكية هـ – اليونان رسـمه أسقف قيصرية كاهنا، فحرمه البابا. * القـي في السـجن وعـذب وتنيح. هناك جدل كبيـر بخصـوص تعاليمه حيث حرم من الكنيسة القبطية ولكنه ما زال يحتل مكانة بارزة في قلوب جميع الدارسين ومحبي المسيح الرب حتى الآن ، حيث يشعر الكثيرين بالفخر من انتماء هذه العقلية الفذة إلى الكنيسة .[18] مديرو مدرسة الإسكندرية منذ تأسيسها باختصار البطريرك المعاصر أسم المدير م مار مرقس وأنيانوس وميليوس وكرنونوس وبريموس يسطس 1 في بطريركية يسطس أومانيوس 2 أوملنيوس مركيانوس 3 يوليانوس الـ 11 ديمتريوس الـ 12 بنتيتوس 4 ديمتريوس الـ 12 اكليمنضس الأسكندرى 5 ديمتريوس الـ 12 العلامة أوريجانوس 6 ديمتريوس الـ 12 ياروكلاس 7 البابا ياروكلاس أول من سميَّ بالبابا ديونسيوس 8 البابا ثاؤونا البطريرك الـ 16 ثاوغست 9 البابا بطرس خاتم الشهداء الـ 17 بيروس 10 أرشلاوس 11 البابا أرشلاوس البطريرك الـ 18 بطرس 12 سرابيون 13 البابا أثناسيوس الرسولي البطريرك الـ 20 مقار السياسي 14 ديدموس الضرير 15 البابا كيرلس الكبير البطريرك الـ 24 رودون 16 ** عموماً يعتبر أوريجانوس و أثناسيوس الرسولي قمة مجد مدرسة الإسكندرية, فيرجع الفضل لأوريجانوس في الانتصار على الوثنية وعلى الغنوصية[19] مستخدماً في ذلك أسلحتهم ، كما استطاع أن يزود الكنيسة بما يُسمى ” بالوعي العلمي “ ويُعتبر أحد المفكرين الأصليين الذين شهدهم العالم ، وقد وصفه القديس جيروم قائلاًإنه أعظم معلم في الكنيسة بعد الرسل) نقلاً عن القديس ديديموس الذي وصفه في مقدمة ترجمة (عظات حزقيال) بمعلمه العظيم ، ولقد لُقب أوريجانوس بلقب (أومانتوس) أي (الرجل الفولاذي) مشيراً بذلك إلى قوة حجته التي لا تنهزم وإلى مثابرته التي لا تقف عند حد[20]. وأيضاً يقول القديس أغريغوريوس صانع العجائب : (لقد جذبنا بأعماله التي فعلها أكثر من تعاليمه التي علمنا إياها)، ويقول المؤرخ يوسابيوس: ( أن سلوكه كان يتفق مع تعاليمه، وكانت تعاليمه تتفق مع حياته، ولذلك فإن القوة الإلهية التي كانت تعمل فيه دفعت الكثيرين جداً إلى غيرته )[21]. ** وأيضاً القديس العظيم أثناسيوس الرسولي الكبير الملقب بأبي الأرثوذكسية والشخصية الرئيسية في العصر النيقاوي[22] قد اثر في التعليم أثر عميق ستظل أثاره لمجيء المسيح الثاني وانتهاء العالم، فقد بلور التعليم اللاهوتي على أدق وجه، وكان له أثر واضح على التعليم ليس فقط في مدرسة الإسكندرية بل في العالم أجمع.. يقول عنه فيليب شاف Philip Schaff المؤرخ الكنسي (1819 – 1893) في كتابه: “تاريخ الكنيسة المسيحية” – الجزء الثالث، صفحة885 : { … دعاه المؤرخ ثيئودوريت (393 – 460) وهو قريب من زمن أثناسيوس، دعاه “المنبر الأعظم” ودعاه يوحنا الدمشقي “حجر الزاوية في كنيسة الله”… وأثناسيوس، على كل حال، واحد من أنقى وأجلّ الشخصيات ذات الوقار العظيم في تاريخ الكنيسة. وهذا هو الآن حكم التاريخ المأخوذ به بصفة عامة }[23] ويقول العالم دين ستانلي[24] (1815 – 1881) مؤرخ انجليكاني ذائع الصيت: { … وبالاختصار، فإن أثناسيوس هو أبو الأرثوذكسية بكل معنى، فقد أثرى الكنيسة أكثر مما ورَثته من أعمالها في الماضي أو حتى من منطوق قانونها الأرثوذكسي الأساسي. فهو المحسوب أنه منشئ الأرثوذكسية بحق، إذ يلزم أن نعرف أن قبل أثناسيوس، بل وقبل مجمع نيقية الذي اشترك فيه، كان التعليم الأرثوذكسي كقانون متكامل غير معروف… إن كتابه عن ((تجسد الكلمة)) يمتد بصلاحياته ليغطي ما بعد زمانه ويصبح (حتى اليوم) صالحاً لاستخدامات لاهوتية متعددة – ليكون في النهاية واحداً من أفضل البراهين على (( الحق )) ! }[25] [1] (Midrash) يعني “الدرس” وكان شائعاً في القرن الأول الميلادي، وهو شرح للمنهج التفسيري المتبع في التلمود. ويختص فيه بالنصوص التفسيرية العقائدية وهي تتناول شرح الأحداث التاريخية والنبوات والكتب الشعرية في العهد القديم ويُسمى هذا القسم ب “هَجَدة” (Haggadah) “(وهو اسم عبري مشتق من الفعل العبري “دَرَش” ويعني بالتحديد” “دَرَسَ وبحث وفحص بدقة تامة”) [2] (عن سلسلة آباء الكنيسة ص9) [3] كان يرى أوريجانوس أن (كل حكمة هيَّ من الله) سواء كانت معرفة خاصة بالفلسفة أو الرياضيات أو الطب أو الموسيقى، ولذلك لا يُدهشنا أننا نجده يمتدح الفلسفة أحياناً، فيقول على سبيل المثال في رسالة بعث بها إلى القديس إغريغوريوس صانع العجائب:” أن الفلسفة اليونانية أشبه بالجواهر التي حملها بنى إسرائيل من مصر، ولكنهم بدلاً من أن يستخدموها في تزيين الهيكل صنعوا بها العجل الذهبي. وفي موضوع آخر يرى أن موسى النبي قد قبل مشورة والد زوجته يثرون الكاهن الغريب، هكذا فإننا (“إن وجدنا كلمة حكمة على شفتي وثني لا نزدري بها على الفور بسبب الناطق بها” فإنه ليس من الصواب أن نتصف بالكبرياء محتقرين كلمات الحكمة بحجة وجود الشريعة التي أُعطيت لنا من الله وإنما بالحري يليق بنا أن نختبر ونقبل ما هوَّ صالح كقول الرسول. (وذلك حسب قول أوريجانوس نفسه). ولكنه في – في الوقت نفسه – يُحذرنا من الفلسفة لأن الوثنيين أفسدوها بإدخالهم أباطيلهم إلى الحق الذي فيها. ومن عبارات التحذير التي قالها أوريجانوس: (( لا تقتات بطعام الفلسفة الخادع، فإنه قد يبعدك عن الحق)) وأيضاً ((إذا امتنعنا عن أن نطلب لمرضانا عوناً من فلسفة أبيقور والأطباء الأبيقوريين الذين خلبوا عقول الوثنيين ألا نكون محقين في ذلك؟؟ أننا بهذا ننقذهم من المرض القاتل الذي سببه أطباء كلسوس بإنكارهم الغاية الإلهية واعتبارهم اللذة هي الخير الأعظم. كما أود أن أحذر الذين جذبناهم… من العودة إلى استخدام أدوية الفلاسفة الآخرين)) (راجع كتاب مدرسة الإسكندرية اللاهوتية – أوريجانوس، تأليف المستشار الدكتور/ زكي شنودة – مدير معهد الدراسات القبطية ص16و17). [4] أنظر الدولة والكنيسة للدكتور رأفت عبد الحميد – الجزء الثالث – ص21و22 وأيضاً مدرسة الإسكندرية الفلسفية بين التراث الشرقي والفلسفة اليونانية ص86 [5] مثل عبادات الربة كيبلى Cybele والأم الفريجية العظيمة Magna mather و إيزيس المصرية، ومترا الفارسي، وآراء الغنوصيين والديانات الأخرى في فارس والهند والحبشة وكذلك أفكار الخارجين على الكنيسة ومقاومي التقوى وأضداد المسيح رب المجد (أنظر مدرسة الإسكندرية الفلسفية بين التراث الشرقي والفلسفة اليونانية ص86. [6] GREG. NAZ. ORAT, VII, 6, 7 [7] Tbid. XVII, 31. أنظر الدولة والكنيسة للدكتور رأفت عبد الحميد الجزء الثالث صفحة 23 [8] Farrar, vol 1p 352 [9] Schaff [10] أنظر تاريخ الكنيسة تأليف يوسابيوس القيصري ترجمة القمص مرقس داود الطبعة الثانية 20مايو 1979 صفحة 256 و257، أنظر أيضاً مدرسة الإسكندرية الفلسفية بين التراث الشرقي والفلسفة اليونانية صفحة86. [11]وهم تلاميذ الفيلسوف اليوناني زينون (336 – 204ق.م) وأُطلق عليهم هذا الاسم نسبة إلى رواق بوليجنوتس المزخرف بلوحاته والمسمى الرواق المصور، بأثينا، الذي اتخذه زينون مقراً له يجتمع فيه بمريديه فدعيَّ أصحابه بالرواقيين. وقد أسس زينون هذه المدرسة في أثينا 294ق.م، وفلسفتهم هيَّ محبة الحكمة، والحكمة هيَّ العلم بالأشياء الإلهية والإنسانية، والمعرفة عندهم حسية، وكانوا ينشدون السلام الروحي، ويتمسكون بالفضيلة، ويرفضون تعدد الآلهة. والتناقض الذي لم يتوصلوا لحله أبداً هو: (كيف يكون الإنسان حُراً للسعي وراء المثال الأسمى، وهوَّ – بالضرورة – مُقيد) (راجع المعجم الفلسفي تأليف الدكتور عبد المنعم الحفني ص135 وص136 وأيضاً دائرة المعارف الكتابية الجزء الرابع ص158) [12] أنظر آباء الكنيسة الكتاب الأول صفحة 117 [13] أنظر آباء الكنيسة الكتاب الأول طبعة أولى 1992 صفحة 18و19 [14] انظر تاريخ الكنيسة المصرية تأليف لويزا بوتشر ترجمة دياكون د.ميخائيل مكس اسكندر ص15 [15] الرواقيين: stoicism ، أصلهم ( هم تلاميذ الفيلسوف اليوناني زينون 336 – 204ق.م) انظر الهامش 32و أيضا (أنظر أعمال الرسل:17: 18، 28، 32 ) {راجع المعجم الفلسفي ص 136، دائرة المعارف ص 158 الجزء الرابع} [16] راجع دائرة المعارف الجزء الأول ص275 وأيضاً موسوعة الأنبا غريغوريوس – الدراسات الفلسفية ص31 [17] أنظر الدولة والكنيسة للدكتور رأفت عبد الحميد الجزء الثالث ص27 والحاشية رقم 60 [18] عن سلسلة تاريخ البطاركة (1) ما ر مرقس الرسول ومدرسة الإسكندرية – إعداد أمير نصر – تقديم الأنبا موسى [19] الغنوصية: Gnosticism وهيَّ تشتق من كلمة Gnosis بمعنى المعرفة، وفلسفتها توفقيه تمزج بين الديانات والأساطير، وقال رواجها أنه يوجد إلهين أحداهما خير والآخر شرّ ، وأن النفوس تفيض من إله الخير ، والإنسان يخلُص بالمعرفة. { أنظر المعجم الفلسفي ص229} [20] انظر مدرسة الإسكندرية اللاهوتية أوريجانوس تأليف المستشار/ زكي شنودة ص22 [21] نفس المرجع السابق ص20 [22] المقصود بالعصر النيقاوي: نسبة لمجمع نيقية المعروف في القرن الرابع الذي أُقيم بسبب البدعة الأريوسية والذي انبرى له القديس أثناسيوس الرسولي مدافعا عن الحق مستخدماً كلمة homoousion أي من جوهر الله أي أن الكلمة (المسيح الرب) هو من جوهر الله. يقول المؤرخ جيبون: { إن أسم أثناسيوس الخالد لا يمكن أن ينفصل أبداً عن عقيدة الثالوث التي كرس لها حياته وكل قدراته العقلية وكل كيانه… وقد شهدت كل ولاية من ولايات الإمبراطورية الرومانية ما كان يتحلى به أثناسيوس من فضائل وما كان يعانيه من آلام في سبيل قضية واحدة الإبن مع الآب في الجوهر التي أصبحت عمله الوحيد وهمّه الوحيد.؛ } أنظر القديس أثناسيوس الرسولي البابا العشرون للقمص متى المسكين ص47 [23] أنظر المرجع السابق ص10 وص11 [24] Dean Stanely, Lectures on Hist. of East. Church [25] Dean Stanely, op., p. 229 – 237 |
||||
16 - 06 - 2012, 01:57 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: مصادر شرح الكتاب المقدس في القرن الأول وأهم الترجمات
الجزء السادس – سمات مدرسة الإسكندرية ومنهجها : أ- بدأت مدرسة الإسكندرية كمدرسة للموعوظين (1) Catechumens طالبي العماد، من أجل تعليمهم الإيمان المسيحي بالدراسات التي تؤهلهم لنوال سرّ المعمودية، وفتحت المدرسة أبوابها من أجل الجميع‘ فقد انفتحت المدرسة على جميع الناس ومن كل الطبقات والمراكز الاجتماعية الفقيرة والغنية والديانات المختلفة والأعمار المختلفة أيضاً … بل لم تقتصر الدراسة بها على اللاهوت وحده… بل كان برنامجها منذ القرن الثاني، يقوم على أساس موسوعي متكامل شامل أي Encyclopedic لذا سُميت الديدسكاليون Διδασκαλειον أي مدرسة تمثل حركة لاهوتية ومركزاً للدراسة والحياة الإيمانية التقوية كجزء لا يتجزأ من الحياة الكنسية التي هيَّ في صميمها حياة تلمذة (2). ويقول Carl S.Meyer : ( كانت هذه المدرسة مركزاً للتعليم الفلسفي والعلمي كما للتعليم اللاهوتي، فإنه بالنسبة للسكندريين: كل معرفة إنما تُساهم في إدراك الحق الذي يبلغ ذروته في اللاهوت المسيحي) (3) ب- أخذت المدرسة بنظام التدرج في التعليم؛ فغالباً ما تبدأ الدراسة بسلسلة من العلوم غير الدينية ( العلمانية secular) من خلالها يكسب المعلم غير المؤمنين ويُقوم الأفكار الفلسفية والعلمية. جاذباً القلب والفكر نحو المعلم الوحيد والحقيقي يسوع المسيح. ثم تأتي بعد ذلك الأخلاقيات والسلوك المنضبط، مع التوضيح، أنه ليس بكافي في حياة المسيحي لأن الحياة المسيحية ليست قاصرة على الأخلاق الحميدة بل في جوهرها هو التغير لشكل صورة الله أي الإنسان يتغير لصورة الله الذي خلق عليها أي أن يتغير على شكل المسيح نفسه وكما قال القديس بولس الرسول “ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير لتلك الصورة عينها من مجد لمجد كما من الرب الروح” (2كو3: 8) وأخيراً يدرس اللاهوت المسيحي في شكل تعليقات وشرح للكتاب المقدس. وقد امتازت المدرسة بعدم الفصل بين الدراسة وحياة الإيمان والتقوى؛ فقد كانت العبادة تُمارس بشكل دقيق وبجدية جنباً إلى جنب مع الدراسة. يتشارك المعلمون وتلاميذهم الصلاة والصوم وحياة النسك والتقوى. وكان الأساتذة في حياتهم مثال يحتذي به. وأهم ميزة عُرفت في المدرسة العلاقة الشخصية بين الأساتذة وتلاميذهم، فكانت تقوم على حياة التلمذة في أسمى صورها. وكانت تهتم المدرسة أيضاً بالبحث العلمي، وكان أساتذتها يهتمون بتقديم المشورة في البحث والتنقيب مع المناقشة المستمرة. ج- ملامح برنامج تعليم الموعوظين: الحياة المسيحية دائماً ما تبدأ بالميلاد الجديد من الماء والروح، أي المعمودية، والعماد في العصور الأولى كان معظمه للبالغين، لذلك كان يتم مرة واحدة في السنة باحتفال مهيب وعظيم في ليلة عيد القيامة أي مابين سبت النور وأحد القيامة حيث تدور القراءات الكنسية حول موت الرب وقيامته وحول النور والقيامة والاستنارة. وقد كان المتقدمون للمعمودية يقضون فترة كبيرة كموعوظين ليتعلموا المبادئ الأولى للمسيحية استعداداً لمعموديتهم الآتية. وكانت فترة استعدادهم هذه تكتمل بدورة للتعليم المكثف أثناء الصوم الأربعيني المقدس. وقد سجلت لنا كتابات آباء الكنيسة الكثير من تلك العظات والتي كانت تُلقى على الموعوظين والتي شملت عظات موجهة إلى: 1- طالبي العماد. 2- المعمدين حديثاً. (4) ج1- محتوى تعليم الموعوظين: ركز الآباء في توجيهاتهم للموعوظين على أن المعمودية ليست طقساً خارجياً شكلياً خارجياً، بل هيَّ سرّ الاتحاد مع المسيح ولبسه على الاعتماد على قول بولس الرسول : “لأن كلكم الذين اعتمدتم في (5) المسيح قد لبستم (ye put on) المسيح” (غلا3: 27) فالمعمودية ليست مجرد طقس ليتسمى الإنسان مسيحياً، بل ليكون فعلاً مسيحياً، أي اللابس المسيح، مكتسي به، به يحيا ويتحرك ويوجد، معتبرين أن السرّ الكنسي والحياة العملية ليسا نقيضين ولا منفصلين، فالسرّ الكنسي هو الأساس والحياة المسيحية العملية مؤسسة علية. وقد استفاض الآباء في شرح العقيدة على مستوى الفعل والعمل، وأيضاً استفاضوا في شرح الأخلاقيات ورموز المعمودية وفي تعريف السرّ، لكي يكون الموعوظ مسيحياً فعلاً وحقيقي بالمعمودية وليس فقط على مستوى الاسم، بل لكي يدخل في شركة مع المسيح، وهذه الشركة هيَّ في حد ذاتها سرّ وهيَّ زرع الله فينا. ويوصي الآباء المعمدين حديثاً لكي ينموا في السرّ الذي دخلوه ولا يكونوا ساكنين أو يلقوا عنهم الإتحاد الذي صاروا فيه شركاء للمسيح ولُقبوا فيه بالمعمدين والمستنيرين، وحثوهم على الاحتفاظ بالبريق الأول وقوة الاستنارة التي نالوها بالمعمودية بل وأكثر من ذلك بأن يجعلوا النور يشع فيهم ببريق أقوى ويتقدموا دائماً وينموا في النعمة والحق. وفرق الآباء بين أن يُسمى الإنسان مسيحياً وبين أن يكون مسيحياً بالفعل والحق، وذلك بما يُقدمه من طاعة للوصايا المقدسة والعهد الذي تم مع العريس السماوي يسوع المسيح: “الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحبُني والذي يُحبُني يحبه أبي وأنا أُحبه وأُظهر لهُ ذاتي” (يو14: 21) ج2- برنامج أو المنهج لتعليم الموعوظين كالآتي: 1- بنود الإيمان المسيحي 2- معاني سرى المعمودية والميرون. 3- شرح الموعظة على الجبل. 4- تفسير الصلاة الربانية 5- شرح علاقة الرب يسوع المسيح بالمُعمد باعتبارها علاقة تُمثل الآتي: 1) الكرمة بالأغصان (يو15: 1) 2) الراعي بالغنم (يو10: 1) 3) حجر الزاوية بالأحجار (1بط2: 4) 4) رئيس الكهنة بالكهنة (عب2: 17) 5) آدم الثاني بالخليقة الجديدة (1كو15: 45) 6) الرأس بأعضاء الجسد (1كو12، أف4: 4) 7) العريس بالعروس (رؤ19: 7) ج3- عظات وكتابات الآباء للموعوظين: لقد سجل لنا علم الباترولچي أهم أعمال الآباء للموعوظين ونذكر منها الآتي: 1) مقالات القديس كيرلس الأورشليمي لطالبي العماد. 2) مقالات القديس كيرلس الأورشليمي عن الأسرار للمعمدين حديثاً. 3) مقالتان للقديس يوحنا ذهبي الفم لطالبي العماد. 4) ثمانية مقالات للقديس يوحنا ذهبي الفم لطالبي العماد. 5) مقال للقديس أغسطينوس عن قانون الإيمان للموعوظين. 6) عدة مقالات القديس أغسطينوس عن الصلاة الربانية للمستعدين للعماد. 7) عظة لسينسيوس Synesius of Gyrene في عيد الفصح للمعمدين حديثاً. 8) أحاديث وإرشادات موجهة إلى معلمي الموعوظين للقديس إغريغوريوس النزينزي. 9) كتابات وعظات القديس أمبروسيوس عن الأسرار. 10) عظات الأب ثيؤدور أسقف العراق وهيَّ عبارة عن تعاليم وعظية للمعمدين حديثاً. 3 – مدرسة الإسكندرية والتفسير الرمزي: كان اهتمام المدرسة الرئيسي والأول منصباً على دراسة الكتاب المقدس وقد ارتبط اسمها بالتفسير الكتابي؛ وكان شغل هذه المدرسة التفسيرية الأول هو اكتشاف المعنى الروحي في كل موضع وراء سطور الكتاب المقدس. وطبعاً قد بدأ هذا التفسير الرمزي للفيلسوف اليهودي فيلون كما رأينا سابقاً ، وقد تبنى الآباء الأولون بالإسكندرية هذا المنهج التفسيري، حاسبين أن التفسير الحرفي في حالات كثيرة لا يليق بالله. وقد وجدوا هذا المنهج عند الرسل أنفسهم، وهيَّ ظاهرة بوضوح في الرسائل في العهد الجديد (6) . فمثلاً في (غلاطية4: 21-31)، استند الرسول بولس إلى أشخاص تاريخيين (إسحق وإسماعيل وسارة وهاجر) وانطلق من هُنا ليُبين حُرية أبناء الموعد في أورشليم العُليا: ” وكل ذلك رمز لأن هاتين هما العهدان أحداهما من جبل سيناء الوَالِدُ للعبودية الذي هو هاجر… وأما نحن أيها الإخوة فنظير اسحق أولاد الموعد” (غلا4: 24و28) وهو يشرح أسلوبه في فهم العهد القديم بقوله: “لأن كل ما سبق فكتب من أجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء” (رو15: 4) ونجد أيضاً أن الرب نفسه قد استخدم هذا الأسلوب، الذي أصبح قاعدة عريضة في شرح الكتاب المقدس، فمما لا شك فيه أن بشارة الرب يسوع وهو بعد في الجسد أعطت الكنيسة القاعدة الأساسية لفهم الكتاب المقدس. وقد اتخذ الرب موقفين تجاه العهد القديم: أنه يستند إلى العهد القديم أحياناً في حرفيته ويؤكد سلطانه ولكنه يعود ويُعطيه معنى جديداً نقدياً (7) ، معنى روحي. فمثلاً نرى الرب يسوع يُجيب الناموسي الذي أتاه متسائلاً: “ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية ؟!!” بذكر الوصية الثانية في شريعة موسى كما هيَّ (مر10: 19) وهو يلوم أيضاً الفريسيون لأنهم تركوا “وصية الله” (مر7: 8-9). ولكن عندما أُتُهِمَ بأنه نقض الناموس أجاب أنه أعطى الناموس تفسيراً جديداً، “التفسير بالروح القدس” الذي كان داود نفسه قد استخدمه: “لأن داود نفسه قال بالروح القدس…” (مر12: 36) وبما أن داود نطق بالروح القدس فموسى والأنبياء أيضاً قد نطقوا بالروح القدس، وللشعب أن يفهم الكتاب المقدس في الروح القدس الذي به تكلم الأنبياء. ومن هنا نستطيع أن نرى ونستوعب، أن العهد الجديد بجملته يرى العهد القديم ككتاب رجاء، وكتاب نبوءة تنتظر استكمالها في يسوع المسيح ابن الله الظاهر في الجسد في ملء الزمان. وقد بنت الكنيسة منذ البداية موقفها على أسلوب يسوع في شرح الكتاب المقدس، فرفضت حرفية الناموس واستبدالها بحرية أبناء الله. وبما أن الكتاب كله موحى به من الله فهوَّ صادق صدق مطلق، ولكن معناه لا يمكن أبداً أن يكمُن في حرفيته بل في روحه، أي في فهمنا له روحياً. وهذا المفهوم الروحي استمدته الكنيسة من قاعدة أساسية ألا وهيَّ المسيح وأعضاؤه… ويقول القديس مكسيموس المعترف (منتصف القرن السادس) عن موقف الكنيسة من الكتاب المقدس: { الأناجيل الأربعة وُلِدَت من إتحاد الميلاد بالآلام الخلاصيه… وقد نُشِرَت في المسكونة من خلال سير مكرسة، سير الرسل والقديسين والمبشرين لتُشفي جرح الإنسانية الذي أحدثه عصيان آدم، وتُثَبتْ كل من يتقبل الكلمة في الإيمان والحق} (8) عموما، نجد القديس أكليمنضس الإسكندري أستخدم هذا النوع من التفسير – أي الرمزي – ولكن تلميذه أوريجانوس (Origene) هو الذي شكل نظامه ووضع قواعده وقام بنشره في الشرق والغرب، حتى نُسب إليه. وقد بلغ أوريجانوس بالمدرسة إلى القمة في هذا الشأن. فتأثرت بأفكاره، وإن كانت قد تحررت بعد ذلك من مبالغته في التفسير الرمزي. ويلاحظ أن آباء المدرسة كانوا أكثر دقة وإفرازاً من العلامة اليهودي فيلون Philon، كما اختلفوا معه أيضاً في الهدف، فقد طبق فيلون التفسير الرمزي على العهد القديم لاكتشاف معانٍ فلسفية وأخلاقيات من خلال الرموز، أما آباء مدرسة الإسكندرية فوجدوا في العهد القديم بما احتواه من شخصيات وأحداث ونواميس وطقوس انعكاسات للعمل الخلاصي والحياة السماوية . (9) على أي حال كان لهذا المنهج أهميته، ولكننا في نفس الوقت لا نقدر أن نتجاهل أضرار المبالغة في استخدامه، لهذا وجد هذا المنهج معارضة، كما نادى آباء المدرسة فيما بعد بالاعتدال في استخدامه. فالمعنى الرمزي له أصوله الشرعية المعتمدة في الكتاب المقدس، خصوصاً عند القديس بولس الرسول: ” وكل ذلك رمزُُ لأن هاتين هما العهدان أحداهما من جبل سيناء… أما أورشليم العُليا التي أمنا جميعاً” (أنظر للأهمية غلا4: 21-31) * وهنا نجد أن الرسول استخدم كلمة رمز (آية24)، ووردها في صورة الفعل للمقارنة بين كل من ابني إبراهيم باعتبارهم رمزاً للعهدين. ومع ذلك – أي بالرغم من استخدام المعنى الرمزي بكثرة في العهد الجديد وعند الآباء – فإن الميل إلى إيجاد تفسير رمزي لكل سطر في الكتاب المقدس مع إهمال المعنى الحرفي تماماً، هوَّ أمر لا يخلو من الخطر والمخاطرة، وتحميل الكلام أكثر من معناه بحسب فكرنا نحن وتصوراتنا وليس حسب قصد الله منه (10) ______________________________ (1) موعوظين = catechumens مأخوذة عن اليونانية وتعني “تحت التسليم” والفعل يعني “يتعلم شفوياً”، وقد استخدمت كنسياً بمعنى طالبي العماد. (سلسلة آباء الكنيسة ص10) (2) حياة وفكر آباء الكنيسة – الموسوعة الآبائية 1 ص 154 القس أثناسيوس فهمي جورج (3) سلسلة آباء الكنيسة ص10 (4) حياة وفكر آباء الكنيسة ص156 (5) حسب النص الأصلي (اليوناني) (6) راجع الكتاب المقدس – أسلوب تفسيره السليم للشماس د/إميل ماهر (7) ليس المقصود هنا نقضاً للناموس أو أسفار العهد القديم من أي جهة لفظية أو معنوية أو نوع من أنواع النقض للأسفار بأي حال من الأحوال، بل المقصود هوَّ نقض للمفهوم الخطأ للشريعة والأسفار وذلك بسبب قساوة القلب وعمى البصيرة (أنظر للأهمية القصوى ولفهم المعنى المقصود مرقس7: 1-23) (8) الكتاب المقدس وحياتنا الشخصية ص42 (9) مقدمات في علم الباترولچي القمص تادرس يعقوب مالطي ص2 (10) انظر الكتاب المقدس أسلوب تفسيره السليم ص74 ، ص75 |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أعظم وأهم ما جاء في الكتاب المقدس |
القرن الصغير في سفر دانيال في الكتاب المقدس |
وحيد القرن كحيوان بري في الكتاب المقدس |
قوة وحيد القرن في الكتاب المقدس |
الكتاب المقدس: الترجمات |