أدخنة «أسمنت حلوان» تقتل مواطنى المنيا..
نقلا عن مبتدا
"حتى النفس مش طايلينه"، "الجميع أصابه الاختناق والأمراض الرئوية ونفس الهواء أصبح له حساب"، بهذه الكلمات وصف مواطنو قرية بنى خالد بالمنيا، حالهم فى القرية الكائنة شرق النيل بمركز سمالوط.
الأهالى: مسؤولو المصنع يجعلوننا نوقع على أوراق لا نعرف حقيقتها مقابل سلع
سحب الأدخنة السوداء والبيضاء تغطى سماء قرية بنى خالد
مسؤولو محافظة المنيا: مصنع «أسمنت حلوان» قانونى
يعانى 12 ألف مواطن من سكان القرية من كارثة بيئية كبيرة منذ عشرات السنين، سببها الرئيسى وجود مصنع "أسمنت حلوان"، الذى يمتلكه مستثمر إيطالى، يجاور منازل القرية، ويطلق أدخنة سوداء طوال اليوم، ما يحرم أهالى القرية من نفس واحد نقى، ليخالف جميع الشروط البيئية، مقابل تأكيدات مسؤولى المحافظة على قانونية المصنع، نظرا لإنشائه قبل المنازل بسنوات.
"مبتدا" انتقل إلى القرية بعد تعدد شكاوى الأهالى، وعندما خطت أقدامنا القرية، وجدنا أن مداخن المصنع كانت تطلق كميات كثيفة من الأدخنة السوداء لأكثر من نصف ساعة، وبعد أن توقفت لدقائق قليلة، تحولت إلى أدخنة بيضاء جيرية، تسير على هيئة سحب فوق منازل القرية، ثم تتساقط على الشرفات والملابس وتسبب أمراض الحساسية، ناهيك عن ضيق التنفس والاختناق.
وقال أحمد صابر عتريس، 47 عاما: "أعيش فى القرية منذ حوالى 25 سنة، والمصنع منذ إنشائه يطلق الأدخنة بشكل مستمر، ما يسبب جميع أنواع الحساسية وضيق التنفس للأطفال والمسنين، وأصبت بضعف فى أحد صمامات القلب بسبب التعرض للأدخنة، ونصحنى الأطباء بالعيش فى منطقة نظيفة، لكننى لا أقدر نظرا لسوء حالتى الاجتماعية، حيث أعمل فى فرن للخبز، ولا أملك إلا منزلى المكون من غرفة وصالة، وأعيش فيه أنا وزوجتى وأولادى الأربعة".
صلاح محمد، لا يختلف كثيرا عن جاره أحمد صابر، حيث فقد إحدى عينيه بسبب المسحوق الأبيض الذى يتساقط على منزله ليل نهار، وأضاف: "هناك مادة مثل البودرة تتراكم فوق الملابس والجلد، ولا تتوقف فى أى وقت، وسيدات القرية يضعن الملابس المغسولة داخل المنازل، خشية تلوثها بتلك البودرة، التى تتساقط من أدخنة المصنع".
وأشار صلاح إلى أن مسؤولى المصنع يقومون بين الحين والآخر بتوزيع سلع غذائية على أهالى القرية، ويجعلونهم يوقعون على أوراق لا يعلمون حقيقتها نتيجة لجهلهم، مشيرا إلى أن تلك الأوراق قد تكون موافقة منهم على عدم تضررهم من المصنع.
بينما أكد خيرى فؤاد، نقيب المعلمين بمركز سمالوط، وأحد أبناء المركز، أن المصنع يتسبب فى هلاك النباتات والمحاصيل الزراعية، مشيرا إلى بوار عدد كبير من الأراضى بعد أن أصبحت عرضة لتساقط المسحوق الأبيض للمصنع بشكل دائم، مطالبا مسؤولى البيئة بالتحقيق فى الكوارث البيئية الناتجة عن المصنع، والكشف عن أسباب إصابة العديد من أبناء القرية بأمراض التحفر الرئوى والحساسية وأمراض الدم.
وأعرب عبدالله فتحى، أحد الفلاحين بالقرية، عن قلقه من الغلاية الهائلة، التى تتبع المصنع، وتضم كميات هائلة من المازوت المغلى، مؤكدا أن انفجارها سيسبب هلاك القرية، مؤكدًا وجود العشرات من المصابين بأمراض الدم والصدر بسبب المصنع، إلا أنهم لا يتحدثون نظرًا لفقرهم الشديد.
من جانبه، نفى اللوء جمال قناوى، رئيس مركز سمالوط، فى تصريح خاص لـ"مبتدا"، تلقيه أى شكاوى من أهالى القرية بشأن المصنع، مؤكدا وجود حملات بيئية تتابع المصنع والمصانع المجاورة، للتأكد من سلامتها، وعدم مخالفتها لقوانين البيئة، وتشغيلها للفلاتر بشكل مستمر.
وأشار قناوى إلى "أن المصنع عندما بنى كان يبعد عن المنازل بمسافة كبيرة، لكن المواطنين أخذوا فى الزحف العمرانى، حتى وصلوا إلى حى المصنع، وليس العكس".