ما المراد باشتراك الصفات ؟
المراد به أن لشخص المسيح الواحد صفات الطبيعتين حتي أن كل ما يمكن أن يقال في كل منهما يمكن أن يقال فيه لا أن لكل من الطبيعتين صفات الأخرى فيصح أن يوصف المسيح بكل ما يصدق علي ناسوته وعلي لاهوته كما يصح أن يوصف الإنسان بكل ما يصدق علي نفسه وعلي جسده مثال ذلك قولنا أن الإنسان خالد وغير خالد ومخلوق من التراب وابن الله وعلي هذا النسق يمكننا أن نقول أن المسيح محدود وغير محدود وأنه يجهل أموراً ويعلم كل شئ وأنه دون الله ومساو له وأنه منذ الأزل وولد في وقت معلوم. وعلي هذا المبدأ أي أن ما يصدق علي كل من طبيعتي الشخص يصدق عليه يجب تفسير آيات كثيرة من الكتاب المقدس وقد قسمنا هذه الآيات إلي أربعة أصناف وهي :
1 – ما كان المحمول فيه علي كل الشخص ومثاله كون المسيح فادينا وربنا وملكنا ونبينا وكاهننا وراعينا الخ فإن هذه الأقوال تصدق عليه بالنظر إلي كل شخصه لا باعتبار كونه إلهاً فقط أو مجرد إنسان.
2 – ما كان الموضوع فيه الشخص والمحمول لا يصدق إلا علي اللاهوت. ومثاله قول مخلصنا قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن وقوله أيضاً بالمجد الذي كان لي عندك قبل تأسيس العالم وما شاكله كثير. فإن المسيح استعمل ضمير المتكلم في هذه الأقوال باعتبار كونه شخصاً غير أن المحمول لا يصدق إلا علي اللاهوت.
3 – ما كان الموضوع فيه هو الشخص المحمول لا يصدق إلا علي الطبيعة البشرية. مثاله قول يسوع أنا عطشان ونفسي حزينة حتى الموت وقول البشير بكي يسوع وكذلك جميع الآيات التي مضمونها أن مخلصنا كان يمشي ويأكل وينام ويري ويلمس ويسمع صوته الخ.
4 – ما دخل تحت الصنف الأول من هذه الأصناف ولكن يمتاز عنه في كون الموضوع مما يختص بالطبيعة الإلهية والمحمول لا يصدق علي نفس الطبيعة الإلهية بل علي الطبيعتين الإلهية والإنسانية معاً في حال الاقتران. ومثاله قول الرسول فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل (1 كو 15 : 28) فالموضوع هنا هو الابن باعتبار كونه إلهاً وإنساناً معاً والإشارة إلي تسليمه الملك الذي تقلده كوسيط بين الله والإنسان لأجل إجراء عمل الفداء. ومثال آخر هو قول المخلص الآب أعظم مني فهذا لا يصح علي الطبيعة الإلهية بل يصح علي الإله والإنسان معاً أي علي المسيح باعتبار كونه وسيطاً. فيتبين مما تقدم أن الكتبة الأطهار نسبوا إلي مخلصنا صفات الناسوت وصفات اللاهوت بدون نظر إلي الاسم الذي سموه به وذلك باعتبار كونه شخصاً واحداً فسموه الرب والابن ونسبوا إليه ما يصدق عليه فقط باعتبار كونه إلهاً وإنساناً معاً.