يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون (لو 23: 34)
أبونا بطرس سامى كاهن كنيسة مارمرقس المعادى
١٧ فبراير ٢٠١٥
يا ربي و إلهي و مخلصي يسوع المسيح أشكرك من أعماق قلبي على محبتك وخلاصك، أشكرك يا من تقدمت أولاً للصليب “ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ” (اش53 : 7). لقد فعلت هذا يا رب لكي ما تعطي بموتك لنا حياة، لقد كان الموت قبل موتك رعباً و مجهولاً، لقد كان الموت مخيفاً و مرعباً، أما الآن بعد أن رضيت يا إلهي أن تجوز الموت حباً بنا وأن تدوس موت الإنسان بجسد الإنسان وأن تقوم من الأموات بجسدي وأن تصعد به عن يمين الآب في السموات وتصعدني معك “وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (أف2: 6)، أنت الذي أعطيتني هذا الجسد لأتناوله فأتحد به صار موتي موتك، وصارت حياتى حياتك فصار للموت الثاني استحالة أن يتسلط علىَّ..
فليمت جسدي يا رب لأني لي فيك حياة أبدية، حياة حقيقية لأن هذه الحياة التي نحياها هنا لن تكون حياة حقيقية أبدية إلا فيك يا مخلصي.. أي في جسدك الذي هو كنيستك التي بها صرنا واحداً معك.
يا ربي و إلهي يسوع المسيح أيها الإبن الوحيد الجنس وكلمة الله الذي لا يموت الأزلي القابل كل شىء من أجل خلاصنا، المتجسد من القديسة والدة الإله الدائمة البتولية مريم، بغير استحالة المتأنس المصلوب المسيح الإله، بالموت داس الموت أحد الثالوث المقدس الممجد مع الآب و الروح القدس خلصنا.
خلصنا يا رب وارحمنا وإقبلنا إليك رغم ضعفنا، شاهدت يا رب أولادك الذين قُتلوا من أجل اسمك القدوس شاهدتهم وهم يرنمون ثم يصرخون يا ربي يسوع ويُذبحون يا مخلصي كما ذُبحت أنت من أجلهم، ولم أشعر لحظتها رغم ضعفي إلا بأمنيات حقيقية أن أكون منهم وأكون معهم لألقاك يا إلهي بدمي الذي اتحد بدمك في سر الشركة، الذى أعطيته لى.
بكيت يا رب كما بكى الجميع ولكن بكيت على خطاياي التي سببت لك أيها الفادي الحنون أن تُصلب من أجلي، ولكن حبك جعلك تصنع هذا لتخلصني فليس أقل من أن أريد كما يريد كل مسيحي حقيقي أن يصنع هكذا يموت أيضاً من أجل هذه المحبة.
ألم يقل سفر النشيد أن ” المحبة قوية كالموت” نعم يا رب المحبة الإلهية قوية كالموت لم يدركها إلا الإنسان الذي رآك تموت عنه على الصليب لكي تخلصه، فاشتهى أن يجوز نفس الموت معك ومن أجلك ولكن يا رب كما كان دمك على الصليب سبباً لخلاص الكثيرين وإيمانهم و كما كان دم الشهداء عبر القرون الأولى هو حربنا و سيفنا الذي نشرنا به إيماننا، أثق أن دم إخوتى هؤلاء الشهداء لن يكون سوى حرباً و ناراً تحرق الشر و تجذب قلوب أبناء كثيرين للمحبة، لأنه كما كان هكذا يكون من جيل إلى جيل و إلى دهر الدهور آمين.
و لأننا نحن جسدك و كما كنت أنت على الصليب من تعب نفسك ترى و تشبع (أش 53)، ترى نفوس الكثيرين الذين سيؤمنون بصليبك و فدائك و عمل محبتك، هذا الصليب الذي به صار خلاصنا وحياتنا، هكذا يا إلهى أرى أولادك الشهداء الآن معك و هم فرحون لأن في شهادتهم التي رآها العالم سيكون هناك خلاص لكثيرين وسيضم الرب كل يوم لكنيسته الذين يخلصون، و أراهم وأصلى معهم ومع كل مؤمنيك أن تسامح وتغفر وترحم هؤلاء القتلة لأنهم بالفعل لا يدرون ماذا يفعلون، يا رب كما قال بولس عن اليهود أنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد، أقول معه عن هؤلاء أنهم لو عرفوا لما قتلوك ثانية بقتل أولادك و لكن أثق أن في قتلهم و طلبنا الرحمة من أجلهم سيكون هناك حياة لكثير منهم و ستكون هذه التقدمة ليست إلا شركة فى آلامك يا مخلصنا الصالح.
يا رب أطلب رحمة من أجل القتلة و من أجل كل من يؤيدهم و أطلب معونة لأجل أهل كل شهيد، أثق تماماً أنك تسد كل إحتياج بنعمتك، و أخيراً أطلب السلام لبلادنا ورئيسنا و شعبنا المصري كله، لك المجد فى كنيستك إلى الأبد آمين.