رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خدمة التسبيح _ نيقيطس الرمسياني خدمة التسبيح نيقيطس الرمسياني (الكارز والأسقف) (عظة قيلت نحو عام 370م) هل هناك فرح أعظم من ذلك الناتج من إبهاج أنفسنا بالمزامير، وإنعاش أنفسنا بالصلاة، وتغذية أنفسنا بالدروس التي تقرأ فيما بينها؟ مثل الضيوف الذين يتمتعون على المائدة بتشكيلة غنية من الصحون، هكذا تُعيد نفوسنا وتتمتع بالوليمة الغنية التي للدروس والتراتيل. أيها الأخوة، لنُفرح قلب الله من خلال الترتيل بإنتباه وعقل يقظ غير مشوش بالكلام البطال. لأنه هكذا يدعونا المزمور: "لأن الله ملك الأرض كلها، رنموا قصيدة بفهم" (مز 8: 46 س)، أي يجب أن نرنم بفهم وتمعن، ليس فقط بالروح (فيما يتعلق بصوتنا) بل أيضاً بالذهن. يجب أن نفكر بشأن ما نرتله، لئلا نفقد ثمرة جهدنا بواسطة الكلام المشّوش والأفكار الغريبة. يجب أن يكون صوت ونغم ترنيمنا مناسب ولائق بتديننا. يجب أن لا يكون النغم ميلودرامي مُثير، بل إعلان للمسيحية الحقيقية بداخلنا. يجب أن لا يتضمن النغم أي شيء مسرحي، بل يجب أن يحركنا نحو الحزن على خطايانا. طبعاً، يجب أن نغني جميعنا في تآلف وإنسجام، بدون نبرات متنافرة. يجب أن لا يتباطأ أحد منكم بشكل متنافر في مقطع أو نغمة، بينما يتقدم زميله بسرعة شديدة، ويجب أن لا يرتل أحدكم بطبقة خافتة جداً بينما يرفع آخر صوته. يجب أن يُطلب من كل واحد المساهمة بالجزء الذي يخصه في إتضاع من أجل صوت الجوقة ككل. يجب أن لا يرتل أحد بطريقة غير لائقة سواء أعلى أو أبطأ من البقية، كما ولو بتفاخر ومباهاة فارغة أو من أجل كسب إحترام الآخرين. يجب أن تُجرى خدمة التسبيح كلها في حضرة الله، وليس من أجل إرضاء أو إسعاد البشر. فيما يتعلق بإنسجام الأصوات، عندنا نموذج ومثال في شخصية الثلاثة فتية القديسين، الذي قال عنهم دانيال النبي: "حينئذ أخذ الثلاثة بفم واحد يُسبحون الله ويُمجدونه ويُباركونه في الأتون، قائلين: مبارك أنت أيها الرب إله آبائنا" (دا 3: 51، 52). أرأيتم كيف أنه من أجل تعليمنا كُتب أن الفتية الثلاثة كانوا يمجدون الله بتواضع وبتقوى بفم وصوت واحد. لذا، لنرتل كلنا معاً كما من صوت واحد، وليضبط كل واحد منّا صوته بالطريقة نفسها. إذا كان هناك أحد لا يستطيع الترتيل بشكل متناغم مع الآخرين، من الأفضل أن يرتل بصوت منخفض بدلاً من إغراق الآخرين، بهذه الطريقة سوف يشارك في الخدمة بدون التداخل مع الغناء الجماعي. بالطبع، ليس كل شخص له صوت مرن وموسيقي. يقال أن القديس كبريانوس (الأسقف والشهيد) قد دعى صديقه دوناتوس الذي كان يعرف عنه أنه مُغني جيد للإنضمام إليه في الخدمة الكنسية، قائلاً له: "لنقضي اليوم كله في فرح، حتى لا تكون هناك ساعة واحدة من العيد بدون بعض النعمة السماوية. ليكن العيد مدوياً بالأغاني والتراتيل، بما أنك لديك ذاكرة قوية وصوت موسيقي. تعال إلى هذا الواجب بشكل منتظم. أنك ستُغذي أصدقائك المحبوبين إذا أعطيتنا شيء روحي نستمع إليه. هناك أمر مُغري في الحلاوة الروحية، وأولئك الذين يرتلون حسناً لديهم نعمة خاصة لإجتذاب أولئك المستمعين إليهم نحو حياة التقوى". وإذا كان صوتنا غير مزعج ومتناغم مع نغمات الدُف الذي يتم اللعب به بشكل جيد، سوف يكون مصدر بهجة لأنفسنا ومصدر تهذيب لأولئك الذين يسمعوننا. و"الله مُسكن المتوحدين في بيته" (مز 68: 6) سوف يجد تمجيدنا المتّحد المتناغم موافق له. عندما نرتل يجب على الكل أن يرتل، عندما نصلي يجب على الكل أن يصلي. وعندما يُقرأ الدرس يجب على الكل أن يبقى صامتاً، حتى يسمع الجميع. لا يجب أن يصلي أحد بصوت عال فيزعج الشخص الذي يقرأ. وإذا صادف وجئت بينما يُقرأ الدرس، مجِّد الله فقط وأرسم علامة الصليب ثم أعطي أذن صاغية لما يُقرأ. من الواضح أن وقت الصلاة هو الذي نصلي فيه جميعنا. بالطبع يمكنك الصلاة بشكل خاص حينما تريد وحسبما تشاء، لكن لا تتغيب عن الدرس بحجة الصلاة. يمكنك الصلاة عندما تريد، لكن لا يمكنك الحصول على الدرس وقتما تريد. لا تظن أن ما تتحصل عليه من جراء الإستماع للدرس المقدس هو شيء ضئيل. الحقيقة هي أن الصلاة تتحسن إذا كان ذهننا قد تغذى مؤخراً على القراءة الإلهية، وصار قادراً على التجول بين الأفكار المقدسة التي سمعها مؤخراً. تؤكد لنا كلمة الرب أن مريم أخت مرثا أختارت النصيب الصالح عندما جلست عند قدمي الرب يسوع، تستمع باهتمام شديد لكلمة الله بدون أي تفكير في أختها (لو 10). فلا نتعجب إذن، إذا رأينا الشماس يُحذر الجميع بصوت واضح مثل المنادي لكي يفعلوا كل شيء سوياً، سواء أن كانوا يصلون أو يركعون، يغنون الألحان والتراتيل أو يستمعون للدروس. الله يحب "المتوحدين" بنفس واحدة ويجعلهم يسكنون في بيته (كما قلنا قبل ذلك مز 68). وأولئك الذين يسكنون في هذا البيت، يعلنهم المزمور أناس مباركين لأنهم سوف يسبحون الله إلى أبد الآبدين آمين. |
|