منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 02 - 2015, 07:26 AM
الصورة الرمزية sama smsma
 
sama smsma Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  sama smsma غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

مطران منتفخ بالغرور_ غريغوريوس النيسي

مطران منتفخ بالغرور_ غريغوريوس النيسي




مطران منتفخ بالغرور


بقلم القديس غريغوريوس النيسي


بعض الأشخاص أبلغونا أن نيافة الحبر الموقر هلاديوس يتخذ موقف سيء تجاهنا، ويصرح للجميع بأنني أنا المتسبب في متاعبه الأسوء. في البداية، لم أصدق ما قالوه، مستشيراً فقط نفسي وحقائق الأمور. لكن عندما وصلت لنا تقارير على نفس المنوال من جميع الجهات، بل وحدثت بعض الأحداث تؤكد هذه التقارير، رأيت من المناسب عدم إغفال سوء النية هذه، وهي بعد في مهدها قبل تطورها، إذ هي - ومازالت - بلا أي جذور. لذلك كتبت لشخصكم الموقر في رسالة، ولآخرين كثيرين الذين يمكنهم بطريقة ما أو بأخرى مساعدتي على مقصدي، مستحثاً غيرتكم في هذا الشأن.

هكذا جرت الأمور، لقد احتفلت مع شعب سبسطية بالتذكار الأول لنياحة الأسقف بطرس المبارك، والتذكارات المعتادة التي يحتفلون بها في هذا الوقت للشهداء القديسين الذين سكنوا هناك (شهداء سبسطية الأربعين). وكنت في طريق العودة إلى مقر كنيستي، عندما أبلغني أحد الأشخاص بأن هلاديوس ذاته مقيماً في الوقت الحاضر في منطقة الجبل يحتفل بتذكار الشهداء. في البداية، استمريت في رحلتي، معتبرا أنه من الأنسب أن يعقد الإجتماع بيننا في المطرانية نفسها. لكن عندما أجتهد أحد أصدقائه لمقابلتي، مؤكداً لي أنه كان مريضا, غادرت العربة حالاً في المكان الذي أدركتني فيه هذه الاخبار، وأكملت المسافة المتبقية على ظهر جواد، مترنحاً على حافة هذا التسلق الوعر جداً صعب الإجتياز، الذي طوله نحو خمسة عشر ميلاً كما سمعنا من السكان المحليين. بصعوبة تقدمنا للآمام، بعض الوقت مشياً على الأقدام وبعض الوقت على ظهر الجواد، ووصلت باكراً في الساعة الأولى (6 ص) – إذ أنني قد وظفت جزء من الليل – من النهار إلى أنديمونا، إذ أن هذا هو اسم الموضع الذي كان يقيم فيه كنيسة مع أثنين آخرين من الأساقفة.

نظرنا عن بعد، من ارتفاع يكشف القرية على هذا التجمع الكنسي المكشوف. وخطوة تلو الأخرى، ونحن ممسكين الخيول بالأيدي، تقدمت أنا وصحبتي مشياً على الأقدام عبر الساحة الفاصلة. وقد وصلنا في وقت تزامن فيه إقترابنا من مزار الشهداء مع مغادرته من الكنيسة إلى البيت. دون أي تأخير، أرسلنا رسولاً لكي يبلغه بقدومنا. وبعد قليل، جاء الشماس الذي يلازمه لمقابلتنا. سألناه أن يسرع ويبلغ هلاديوس حتى يمكننا أن نقضي وقتاً معه كافياً بقدر الإمكان، وننتهز فرصة عدم ترك أي أمر بيننا بدون علاج.

من ثم، جلست في الهواء الطلق، منتظراً الدعوة للدخول، صائراً في هذه الفترة الفاصلة غير المتوقعة منظراً لجميع الذين يزورون المجمع الكنسي. وعبر الزمن بنا، وإنتابنا التعب والإرهاق والضجر، الناتج من إرهاق الرحلة وحرارة النهار ومن أولئك الذين يحدقون بنا، ويومئون بأصابعهم تجاهنا. وجدت كل هذه الأشياء ظالمة جداً حتى أن كلمات النبي صارت صحيحة بالنسبة لي: "أعيت في روحي" (مز 143). لكنني تحملت حتى بلغ الوقت إلى الظهيرة. ندمت كثيراً على الزيارة وبالأكثر لأنني جلبت على نفسي مثل هذه الفظاظة. ولمت نفسي وتصرفي أكثر من الإهانة الواقعة علي من أعدائي، وتأسفت في نفسي لقيامي بهذه المجازفة.

في نهاية المطاف، أنفتح الباب أمامنا وتم السماح لنا بالدخول إلى الداخل، ودخل معي شماسي سانداً جسدي منهوك القوى بيديه. فحييته ووقفت للحظة منتظراً أن يدعوني للجلوس على كرسي. لم يحدث شيء من هذا القبيل، فتوجهت إلى مسطبة وارحت ذاتي. لازلت منتظراً سماع أي شيء حسن يقال لنا، أو على الأقل إيماءة ترحيب ما تظهر مع نظرة، لكن لم يتحقق مثل هذا الأمل. وساد الصمت كما في أثناء الليل، وكآبة مأساوية، وحالة ذهول وذعر، ووجوم وسكوت. ولفترة ليست بقصيرة، مضى الوقت كما يمضي في خمود الليل الميت. لقد أصبت بصدمة مما يجري، فهو لم يتنازل حتى ويقدم إليَّ أي تحية شائعة، أو مجاملة ما مما يقال في أي مقابلة، مثل "مرحباً"، أو "من أين أتيتم؟"، أو "نيابة عن من قد أتيتم؟"، أو "ما هو الغرض من قدومكم إلينا؟". وبدأت في تصور هذا السكون كما ولو أنه صورة للحياة في الجحيم - إلا أنني استنكر التشبيه لأنه لا يفي بالغرض، إذ أن هناك في الجحيم ثبات في الحالة، لا شيء مما يُسبب مآسي الحياة على الأرض يزعج هذا الوجود. "لأنه الإنسان عند موته .. لا ينزل وراءه مجده" (مز 49) كما يقول النبي. بل كل نفس بإعتزالها الأمور التي يتبعها كثيرين هنا، أقصد الغرور والعجرفة والإنتفاخ، تدخل المجال الأسفل مجردة وعارية من كل هذا، وبالتالي لا شيء من التقلبات الحادثة هنا توجد بينهم – بالرغم من هذا، حالتي في هذا الوقت بدت لي مثل حالة الجحيم أو سجن مظلم أو غرفة تعذيب كئيبة، وذلك عندما تفكرت ملياً في أمثلة النبل والشرف العظيمة التي ورثناها عن آبائنا، والتي سوف نتركها بدورنا إلى من يأتون بعدنا.

لماذا حقاً أذكر الطباع الرقيقة الودودة التي كانت لآبائنا نحو بعضهم البعض؟ لأنه ليس هناك عجب في أنهم كبشر بكونهم جميعهم متساوين بالطبيعة، لم يرغبوا في التعالي فوق بعضهم البعض، بل إلتمسوا فقط التفوق كل واحد على الآخر في التواضع. لكن المثال الذي شغل ذهني بصورة خاصة هو مثال سيد الخليقة كلها، الابن وحيد الجنس، "الذي هو في حضن الآب"، "الذي كان في البدء" (يو 1)، "الذي كان في صورة الله" (في 2)، "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (عب 1)، إذ أنه لم يضع نفسه فقط و"صار جسداً وحل بيننا"، بل نجده حتى يرحَّب بيهوذا خائنه عندما أقترب وقبله بشفتيه، وعندما دخل إلى بيت سمعان الفريسي وبخهه لعدم الترحيب به بقبلة (لو 7). لكنني لم أحسب حتى مساوياً لهذا المجذوم!

ومع ذلك، من أنا، ومن هو؟ لا يمكنني إكتشاف الفرق بيننا، لأنه إذا كان المرء سينظر إلى الأمور التي تخص هذا العالم، فمن أي علو نزل هو، وأين كان هذا الغبار الذي عليه أطرح؟ إذا كنت حقاً سأمتحن أمور الجسد، فنحن على قدم المساواة، سواء فيما يخص النبل أو حرية المولد، وإذا كان سيتم الإستعلام عن الحرية الحقيقية والنبالة الحقيقية أي التي للروح، فكل واحد منا "عبد للخطية" (رو 6) على حد سواء، وكل واحد منا يحتاج بالتساوي ذات الشخص الذي "يرفع خطايانا" (1 يو 3). أنه شخص آخر هو الذي أفتدانا بدمه من الموت والخطايا، إفتدانا دون أن يظهر أي غطرسة ضد أولئك الذين فداهم، ذاك الذي "يُحيي الموتى" (رو 4)، الذي يشفي كل أمراض النفس والجسد (مز 103: 3).

نظراً لأن آبهة هذا الغرور والتعالي ضدنا بدت وكأن علو السماء محدود جداً أمامها، كنت متحيراً كيف أنصح نفسي بالإحتفاظ بالهدوء. إذ أن قلبي في داخلي كان هائجاً بالغضب أمام سخافة هذا السلوك، وكان يطرح عنه كل حجج الصبر والتأني. لقد أحببت أنذاك بصورة خاصة الرسول القديس الذي وصف بشكل حيوي الحرب التي تجري داخلنا، عندما قال أن هناك ناموساً للخطية في الأعضاء يحارب ناموس الذهن، والذي كثيراً ما يجعل الذهن مقيداً وخاضعاً له (رو 7). هذا ما رأيته في نفسي، معركة بين فكرين، الواحد ضد الآخر، الواحد يحاول سحق مثل هذا الغرور والإنتفاخ، والآخر يحاول تهدئة الغضب المتضخم. وعندما أنتصر الدافع الأفضل بنعمة الله، قلت له: "ربما تحتاج للجسد بعض المعالجة التي يعوقها وجودنا، آن الأوان لكي ننسحب؟". لكنه أوضح أنه لا يحتاج لأي معالجة للجسد. فتكلمت ببعض الكلمات لعلاج الوضع كما هو عليه. بعد ذلك ذكر هو في كلمات قليلة أن شكواه ضدنا كانت بسبب الأضرار الكثيرة التي قمنا بها ضده. أنا من ناحيتي أجبته بهذه الطريقة: "بين البشر، الأكاذيب لها قدرة كبيرة على الخداع، لكن المحكمة الإلهية لا تسمح بالإستنتاجات الكاذبة التي تنشأ من الخداع والغش. في علاقتي معك، ضميري واثق بما فيه الكفاية أن يصلي طالباً الغفران عن جميع خطاياي الأخرى، لكن إذا كنت قد تصرفت بأي شكل من الأشكال ضدك، فلتبقى هذه الخطية غير مغفورة إلى الأبد". عند قولي هذا تقسى بالأكثر ولم يسمح لي بمواصلة تقديم البراهين على ما أقوله. كان الوقت آنذاك قد تعدى الساعة السادسة (12م) بكثير، وحان وقت الإغتسال، وكانت الوليمة في طور الإعداد، واليوم كان السبت، بمناسبة إحتفال الشهداء.

مرة أخرى، كيف تلميذ الإنجيل يقلد السيد الرب في الإنجيل؟! عندما كان الرب يأكل ويشرب مع العشارين والخطاة، كان دفاعه ضد أولئك الذين انتقدوه أنه فعل ذلك بدافع محبته للإنسان (مت 9). أما هذا التلميذ من الناحية الأخرى فقد أعتبر مرافقتنا على المائدة نوع من اللعنة والتدنيس.

بعد كل هذه المشقة التي تكبدناها في الطريق المؤدي للمكان، بعد التحمص في الشمس المحرقة جالسين على أبوابه في الهواء الطلق، بعد كل الكآبة النكدية التي تحملناها عندما مثلنا أمام عينيه، يصرفنا مجدداً لكي نكدح بشكل مؤلم بجسد ضعيف ومنهك للغاية، لنكابد نفس المسافة على نفس الطريق الشاق. هكذا بلغنا بصعوبة إلى صحبتنا بحلول الغروب، بعد تحمل الكثير من المعاثر في الطريق. إذ أن السماء إمتلأت بالغيوم مع هبوب الرياح، فبللنا إلى الجلد وابل من الأمطار الشديدة، إذ لم نكن مستعدين بسبب الحرارة الشديدة بأي وقاية ضد المطر. إلا أننا نجونا بنعمة الله كما ولو من فيضان أو تحطم سفينة، وفرحنا جميعاُ بالوصول إلى جماعتنا. بعد الإستراحة مع الآخرين في تلك الليلة، وصلنا إلى إقليمنا آمنين وأحياء، إلا أن هذه الإهانة الحادثة أخيراً أضيفت في الذاكرة على ما كان يقال بشأننا من قبل.

يجب من الآن فصاعداً أن ننتصح مما جرى، إذ أن عدم كبح سلوكه في المناسبات السابقة هو السبب الذي قاده إلى هذا الغرور المتطرف. لكي يمكنه أن يُحسِّن من ذاته، ربما من المناسب أن نفعل شيئاً، لكي يتعلم أنه بشر وليس له سلطة ليزدري أو يهين أولئك الذين هم من نفس الذهنية ومن نفس المرتبة. اعتبر أنني حقاً قد فعلت شيئاً ما سبَّب له مظلمة – أتكلم نظرياً – فأي تحقيق تم بشأننا للحكم بين الحقائق والشبهات؟ أين هو الدليل على هذه المظلمة المزعومة؟ أي قوانين تم الإستشهاد بها ضدنا؟ أي قرار أسقفي بحسب الشرع الكنسي أكد الحكم ضدنا؟ وحتى ولو كان قد حدث أي شيء من هذا القبييل بشكل شرعي، مقامي بالتأكيد قد يكون عرضة للخطر، لكن أي نوع من القوانين تجيز العجرفة ضد شخص مولود حراً، وتجيز الإهانة لشخص من نفس المنزلة؟

أنت يا من تتطلع إلى الله "احكم حكماً عادلاً" (يو 7: 24)، على أي أساس تحسب هذه الإهانة ضدنا جائزة؟ إذا كانت كرامتنا هي أن يتم الحكم علينا وفقاً للكهنوت، فالإمتياز الممنوح لكل منا من قبل المجمع (القسطنطينية) واحد، أو بالأحرى، مسؤولية التصويب العام يخصنا بشكل متساوي. لكن بعيداً عن كرامة الكهنوت، إذا تتطلع إلينا أحد فما الذي يحوزه أي واحد منا أكثر من الآخر؟ أسرة؟ تعليم؟ ولادة حرة بين أشرف الناس والأكثر شهرة؟ معرفة؟ هذه الأمور سيجدها إما متساوية أو على الأقل ليست بأقل شأناً فينا. لكنه قد يقول: "وماذا عن العائد المادي؟"، ربما ليس من الضروري أن أدخل في مناقشة عن هذه الأمور بشأنه (هنا يلمح القديس غريغوريوس إلى مخالفات هلاديوس المالية ولا سيما السيمونية)، يكفي أن أقول أن ما لنا كان هكذا في البداية وهو هكذا الآن، وأترك للآخرين مسألة تقصي أسباب هذه الزيادة في الإيرادات، التي تزيد بشكل يومي من خلال تعهدات جديرة بالثناء.

إذن، ما هي مرجعيته لهذه الغطرسة ضدنا، إذا كان ليس لديه أي تفوق في النسب أو كرامة لامعة، أو قوة خطابة آمرة، أو أي إحسان سابق؟ وحتى لو كان لديه أي شيء من هذا، الوقاحة ضد إنسان حر ليس لها ما يبررها، لذلك أرى أنه ينبغي أن لا يترك مثل هذا المرض – مرض الغرور – الشديد على حاله بدون معالجة. والعلاج هو أن يتم تقليص الإنتفاخ وتخفيض الآبهة الفارغة، بواسطة تفريغ ولو جزء من الغرور الذي ينتفخ بسببه. لكن كيف يتحقق هذا فهذا شأن الله.








رد مع اقتباس
قديم 17 - 02 - 2015, 09:23 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,216

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مطران منتفخ بالغرور_ غريغوريوس النيسي

ربنا يبارك حياتك
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديس غريغوريوس النيصي
شذا الناردين _ غريغوريوس النيسي
تعريف المسيحية _ غريغوريوس النيسي
القديس غريغوريوس النيصي
يا أبانا السماوي _ غريغوريوس النيسي يا أبويا السماوي القديس غريغوريوس النيسي "متى صلّيتم فقولوا


الساعة الآن 12:27 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025