منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 14 - 02 - 2015, 04:52 PM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

المحبة الأولى (٢)


القس بولس بشاى كاهن بكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل بأسيوط
١٢ فبراير ٢٠١٥
المحبة الأولى (٢)



جدران مغشاة بالذهب والأحجار الكريمة ونقوش صنعة أمهر فناني العالم باختصار تحفة فنية وروحية، تتحول في ساعات إلى أطلالٍِِ محروقةٍ بالنار. لكم الحق أيها الكهنة وشيوخ الشعب أن تبكوا بمرارةٍ حين وقفتم لتدشين الهيكل الجديد البسيط الذي لا يقارن بالهيكل الأول فى مجده.. لكن هذا هو حال الخطية وما تفعله، فهل يمكن أن يستعيد الهيكل الجديد مجده وجماله الأول؟! نعم فهذه هى القصة المتكررة مع كل إنسان حينما يجلس مع نفسه ويتذكر جمال وبهاء المحبة الأولى لله.. حتماً ستسيل الدموعُ.. هل لي يا رب أن يعود قلبي – هيكلك الحقيقي – إلى جمال ونقاوة محبته الأولى؟


أشكرك على وعدك الأكيد عن هيكلك القديم الحجري والمتجدد اليوم لهيكلي اللحمي “هكذا قال رب الجنود مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول قال رب الجنود” (حجى 2 : 9).
قد تكون المحبة الأولى هي أول لقاء بشخص الرب، وهل تنسى المرأة الخاطئة طوال حياتها لحظة توبتها وارتمائها عند أقدام الرب؟ و هل ينسى صموئيل النبي الهيكل ولقائه المبكر بشخص الرب وهو يناديه بصوته العذب في سكون الليل؟ وهل ينسى زكا مكانه بين فروع الجميزة حيث الفرحة الغامرة بأول لقاء بشخص الرب؟ يقول التقليد أن زكا كان يخرج كل صباح باكراً قاصداً شجرة الجميز ليرويها ويتأمل مكانه بين فروعها بنظرات مليئة بالحمد والشكر لله ليعود وقد امتلأ صدره بنسمات المحبة الأولى. فذكريات اللقاء الأول بشخص الرب لها طابع خاص يستحيل أن يمحوه الزمن “إن نسيتك يا أورشليم تنسى يمينى” (مز 137 : 5) بل كلما جاءت ببال الإنسان يطفر فرحاً كالمولود أعمى الذي يظل يذكر أول مرة في حياته رأى النور “كنت أعمى و الآن أبصر”.


وقد يقصد بالمحبة الأولى أنها الأولى من جهة قوتها، فليس بالضرورة أن تكون هناك حادثة معينة أو تاريخ معين لإنفتاح القلب بالحب ناحية الله بل تكون الحياة عبارة عن سلسلة معاملات محبة بين الله والإنسان قد تعبر بين قمم وقيعان، لا نتذكر فيها أول لقاء.. وتكون محبتنا الأولى عندئذ هي أعلاها قوة وحرارة و أعمالاً. وسواء كانت المحبة الأولى من جهة قوتها وحرارتها أو هى البصمة الحلوة التي تركها أول لقاء يتلامس فيه الإنسان مع الله لا يتطرق إلى أذهاننا بأي حال أن هذه القوة في المحبة الأولى وروحها النارية لا يمكن أن يستعيدها الانسان..


فكثيراً ما يحاربنا عدو الخير بأنها أمر يصعب استرداده وكأننا بقوتنا عشنا هذه المحبة وكأنها اطلالاً يذكرها الإنسان ويطويها الزمان بغير رجعة. صحيح أن كثيرين كانت محبتهم الأولى حياة ممتدة عبر السنين من مجد إلى مجد، وكلما عبرت بها الأيام لا تزيدها إلا قوة كالطيب النقي تزداد قيمته وعطره مع الأيام. كثيرون من القديسين كانت حياتهم عبارة عن محبة أولى متنامية باستمرار، مثل إبراهيم أبو الأباء ظهرت محبته للرب في الطاعة الأولى عندما تغرب وترك أهله وعشيرته ثم نمت يوم أن داس على رابطة محبته لإبنه اسماعيل وطرده مع الجارية إلى أن وصلت القمة يوم أن رفع اسحق ووضعه على المذبح.. كما نصلي في القسمة: لما نظر الله محبتك فيه قال أقسمت بذاتي أني بالبركة أباركك.


ولكن كم من القديسين هبط بهم الفتور لأدنى المستويات ولكنهم رجعوا، وإن كنا في ضعفنا كثيراً ما ينتاب حبنا فترات فتور يعاتبنا عليها الله “عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى”.. لا نيأس حينما نتذكرها فهي لن تكون بأي حال من الأحوال مجرد ذكريات إنما هي الحافز الذي يدفعنا لنعود بقوة أعظم “مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول”.


والحق أنه ليست هناك روشتة تصف كيف نسترد المحبة الأولى إلا التي قال عنها القديس بولس الرسول “لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا” (رو5:5) اذن فكل ما يضرم فينا روح الله القدوس يشعل فينا تلك المحبة وكل ما يحزنه يطفئها فينا.. لذلك نلاحظ أن الرب لما عاتب ملاك الكنيسة لم يذكر له سبب الفتور تفصيلاً وترك الأمر لفحصه هو لذاته.. أذكر أنت من أين سقطت، كيف فقدت حلاوتها؟
لذلك من المفيد لنا أن تكون لنا فترات خلوة لكي نجلس مع نفوسنا في هدوء وسكون كما يقول اشعياء النبى “بالرجوع والسكون تخلصون بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم” (أش 30 : 15) نفحص فيها أسباب فتورنا لنكتشف من أين كانت الضربة ونقف على الأسباب التي تحدرنا من المحبة الأولى.


قد تكون كثرة المشغوليات فى العالم “مرثا مرثا انت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلى واحد أما مريم فاختارت النصيب الصالح الذي لن ينزع منها” (لو 10: 41 -42) . أو قد يكون السبب عدم كبح جماح محبة العالم والإنغماس فيه كما يقول يوحنا الرسول فى رسالته الأولى “لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليس فيه محبة الآب” (1يو 2: 15)
وكما يقول القديس اغسطينوس: “إن سكنت فينا محبة العالم فليس هناك سبيل لمحبة الله ان تدخل، فأترك محبة العالم لتحل محبة الله.”
أو قد يكون القلق و ضعف الإيمان أو تمردنا على تأديبات الله.. كلها أسباب لفتور المحبة وننسى أنها “أمينة هي جروح المحب وغاشة هى قبلات العدو” (أم 27 : 6)


أو قد يكون هناك إصرار على الخطية مع تبرير الذات أو غياب الإتضاع وانسحاق القلب أمام الله وهكذا ثعالب كثيرة قد تفسد كرم المحبة، فاذكر أنت من أين سقطت وتب.. كل هذا يمكن أن نكتشفه بهدؤنا مع نفسنا في مكان مناسب كالأديرة وبيوت الخلوة.. فمثلاً ما أروع الهدوء فوق قمة جبل أسيوط فى دير العذراء عندما نرى العالم صغيراً والمدينة على اتساعها كنقطة في الكون الفسيح ويكتشف الإنسان أن كل ما في العالم من صخب وضوضاء وخصومات واحقاد ولهث وراء الغنى.. العالم لا يساوى شيئاً أمام جلسة بين يدي الله أتذكر فيها أني – وسط كل هذا الكون الفسيح – أنا موضوع حبه وتبدأ النفس تصفو من كل التعلقات التي تعوقها عن محبة الله ونستطيع أن نسمع لصوت الرب صافياً من أي تشويش، فنسترجع حلاوة المحبة الأولى ونقول مع عروس النشيد “أنا لحبيبي و حبيبي لي” (نش 6: 3).


رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القلب -قداسة البابا تواضروس ٢٠٢٢/١٢/٢٨
رسالة مريم العذراء في مديوغوريه إلى العالم في ٢٥ تشرين الأوّل ٢٠٢٢
عظة البابا تواضروس اليوم ٢٣/٢/٢٠٢٢ اجتماع البابا 23 فبراير 2022
عظة البابا تواضروس اليوم ٢٣/٢/٢٠٢٢
(رسالةُ ملكةِ السّلام من خلال إيفان في ٢٢ كانون الثاني ٢٠٢٢)


الساعة الآن 04:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024