عام جديد بنظرة جديدة
إمتياز عظيم لنا أن نصل الى هذا اليوم من السنة، حيث نلمس به يد القدير وهي تقلب صفحة من كتاب تاريخ حياتنا وتفتح صفحة جديدة أمامنا، فما أجمل أن نأتي بتعهدات للعام الجديد لكي نمجد بها الرب معتمدين على نعمته، قوته ورحمته. وفي تأملي هذا سأذكر بعض ألأمور المهمة التي يدعونا الرب ان نتممها، والتي ذُكرَت في رسالة تسالونيكي الأولى الاصحاح الخامس:
1. ساهرين وصاحين
(عدد 6): يحرضنا الكتاب المقدس على السهر، وذالك لأن طبيعتنا تميل الى النوم والإسترخاء. فحياة السهر تحفظنا من الوقوع في الخطية، وهذا يتم بالمواظبة على الشركة مع الرب، وحفظ قلوبنا تحت تأثيره، بمعنى أن نسلّمه حياتنا بالكامل لأنه سهران علينا ويريد أن يدربنا ويعلمنا ويزيل كل الشوائب من حياتنا، فهو الذي يزيل الزغل من الفضة ليُخرج منها إناء للصائغ (امثال4:25). لنصحَ إذاً منتظرين يوم الرب تاركين انشغالنا بالأمور الأرضية التي من الممكن أن تلهينا عن علاقتنا بالرب، ولنسهر مثل الأم الفاضلة، التي تقوم إذ الليل بعد وسراجها لاينطفئ، أي بمعنى انها لا تتأثر بالظروف الحالكة لأنها تعتمد على كلمة الله التي هي سراج لرجلها ونورٌ لسبيلها، لذلك تستطيع أن تراقب أهل بيتها، فهي تهتم بأولادها وعيناها تلاحظان كل شيء. إنها ليست الأم الخافقة التي تبحث عن راحتها، بل بالمحبة والحكمة تُراقب من بعيد وتوجه وتنصح.
2. لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة هي رجاء الخلاص
(عدد8): لقد كان الجندي الروماني يلبس الدرع للوقاية من الإصابة بجروح خطيرة، وهكذا الحال معنا، فيجب علينا أن نحيا حياة الإيمان بإطاعتنا لكلمة الله وهذا سيظهر من خلال فكرنا، أعمالنا وأفعالنا، كما ويؤهلنا للثبات أمام هجمات ابليس ومكائده والتغلب عليها في حياتنا اليومية. فعلينا أن نثق بحماية الله وكفايته وعلينا ان نعتمد عليه إعتماد كُلي، عندها نستطيع ان نغلب العالم. درع الإيمان يؤهلنا لنحيا على الأرض ويحفظنا للابدية فنستطيع ان نقول مع بولس الرسول" لأني عالم بمن آمنت وموقنً أنه قادر أن يحفظ وديعتي الى ذلك اليوم". (2تيم12:1). أما بخصوص المحبه، فإنَّ مَحبتنا للرب لا تكون حقيقة وكاملة إن لم نحب الأخوة، فالمحبة هي الإلتزام الواعي بالتضحية من اجل الآخرين، وهذا الإلتزام بالمحبة يجعلنا نحتمل كل شيء، كما انها العلامة المميزة لتلاميذ يسوع، فعندما ننطق بكلمة محبة فنحن نعبّر عن الله لأن المحبة هي جوهر وطبيعة الله. إنها درع لحمايتنا فعندما نلبس المحبة التي هي رباط الكمال، نحفظ بيوتنا، أولادنا و حياتنا للأبدية كما تُحفظ الرسالة بالغلاف إلى أن تصل الغرض المقصود.
خوذة الخلاص: كما أنّ الخوذة كانت تحمي رأس الجندي الروماني من ضربات العدو المميته، فهكذا ينبغي ان نلبسها ونحن نتكل بالكامل على خلاص الله ويقينته لحماية فكرنا من جراء شظية متطايرة من مدفعية عدو الخير الثقيلة التي ستدخلنا الى حقول الغام من التجارب الخطيرة.
3. مسالمين
(عدد 13): إن دعوة الرب لنا بأن نكون مسالمين. فهذا يتطلب منّا أن نتنازل عن أصغر حقوقنا وأن لا نطالب بها. لقد منحنا الرب السلام لأنه رئيس السلام، فيا ليتنا نثبت انظارنا عليه وحده وليس على افكارنا، ميولنا، رغباتنا وخططنا، وهذا ما يجعلنا ننجو من مجادلات بلا نفع والتي تؤدي الى الخصام والنزاع، وكذلك تفادي العثرات المحزنه والمباحثات عديمة الفائدة. اذا رَكّزنا النظر على رئيس الإيمان باستمرار، فسنتمتع بقيادته، فلا نضيع حتى نظرة واحدة على ما لا يرضيه.
4. مشجعين
(عدد 41): الجميع بحاجة لتشجيع، فكم من اشخاص يتعبون من اجلنا ولا نشكرهم! كلام التشجيع يبني صغار النفوس الذّين يرون انفسهم أقل مما يراهم الرب، كلمة تشجيع واحدة ممكن أن تفرج الوجه وتنعش الروح، وتنقل الآخرين من محطة الفشل الى محطة الأمل، وتضع الثقة بالنفس، فمن الممكن أن ننطق بكلمة صغيرة ذات مفعول كبير. ولكي نكون مشجعين علينا ان نتشدّد بالرب لأنه مصدر تشجيعنا وفرحنا، ولندرب فكرنا بالأمور الأيجابية.
5. فرحين ومصلين
(عدد17:16) الفرح دائماً يزيد مع الصلاة والشكر، فكلما قضينا اوقاتاً في الصلاة فلا بد ان يظهر ذلك على وجوهنا، إذ ليس من مستحضرات تجميل مثل نعمة الله القادرة على تحويل حياتنا من العبوس الى الفرح. فرحنا هو شهادة لقيمة وغلاوة المسيح في حياتنا، وكلما كان هو مصدر الفرح الوحيد الذي في القلب، كلما ازداد القلب نقاوة. ليجعل الرب كلً سيدة تقوم باعمالها في بيتها، خدمتها وعملها بعزم وقوة ورضا.
6. شاكرين
(عدد18) الشكر يحرر ويشفي لأنه بعكس التذمر، وهو النغمة التي تُزعج أذن الشيطان. إنّ شكرنا في كل الظروف يغير حياتنا ويغير طريقة كلامنا، فيصبح حال لساننا يعبر عن حضور الله الذي في حياتنا، الشكر وصفة علاج لجمع مشاكلنا وامراضنا، ان ارادة الله لحياتنا هي الشكر ويجب ان يكون من القلب.
7. ممتنعين عن كل شبه شر
(عدد22): وهذا يأتي بتدريب ضميرنا على الصلاح، فالضمير الصالح يجعلنا واضحين في تصرفاتنا، فلا نسعى لإخفاء امور معينة في حياتنا، مما يجعلنا نحيا ببساطة وإخلاص، محافظين على نقاوة دوافعنا وخلوها من كل اغراض ذاتية.
8. مقدسين
(عدد 23): مخصّصين ومكرسين للرب، (لأن ارادة الله قداستكم). فالرب يطلب منا ان نكون قديسين وبلا لوم وعثرة وعيب، وهذا يتم باطاعتنا للروح القدس. القداسة هي الإبتعاد عن الأشياء التي لا ترضي الله وتمجده، فلا نتساهل مع الخطية لأنها حتماً ستُدمرنا. يا ليت صرخة قلوبنا تكون صرخة عميقة وتقول :"يارب قدسنا حتى نقول لا لإبليس لأنه يُنجّس، ونعم لله لأنه يُقدّس"، ولنسلك بالروح مظهرين ثمره في حياتنا. واخيراُ دعونا نحقّق هذه الأمور بالصلاة قائلين:" استطيع كل شيء بالمسيح الذي يقويني".