رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة الخدمة التواضع في الخدمة-6- بقلم قداسة البابا شنودة الثالث المفروض في الخادم أن يتصف بصفات روحية ولعل في مقدمتها التواضع ومن أهمية هذه الصفة أن السيد المسيح قال لتلاميذه:تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلبمت11:29. كان يمكن أن يركز علي فضائل كثيرة تتمثل في شخصه القدوس.ولكنه ركز علي التواضع والوداعة. ذلك لأن الذي يخدم ,كثيرا ما يحارب بالكبرياء أو العظمة إذ يجد إنه قد انتقل من صفوف المخدومين إلي مصاف الخدام.وإنه أصبح من الأشخاص المهمين في الكنيسة,ومن الأشخاص الذين يؤخذ رأيهم في سيامة كاهن جديد للكنيسة بل ربما يكون هو أحد المرشحين للكهنوت..لذلك نريد أن نقدم بعض ملاحظات في هذا الموضوع. *** 1- لايجوز أن ينسي الخادم أنه خادم: حسن هذا اللقب إنه خادم,وليس سيدا! ولم نعطه لقب كارز,أو معلم,أو مدرس... وظيفته أن يخدم,لا أن يسيطر أو يتكبر فالكبرياء ليست من صفات الخدم..والعجيب أن السيد المسيح نفسه لقب نفسه بلقب خادم.وعلي الرغم من أنه ملك الملوك ورب الأربابرؤ19:16,إلا إنه انحني وغسل أرجل تلاميذه لكي يعطيهم مثالايو13:15,5.بل قال أيضا: إن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرينمت20:28 ولقب خادم قد تلقب به الملائكة أيضا,فقيل عنهم في الرسالة إلي العبرانيينأليس جميعهم أرواحا خادمة ,مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاصعب1:14وقيل في المزمورالذي خلق ملائكته أرواحا وخدامه نارا تلتهبمز104:4 وكما لقب الملائكة بأنهم خدام كذلك الرسل أيضا يقول القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبلوسمن هو بولس ومن هو أبلوس؟بل خادمان أنتم بواسطتهما1كو3:1ويقول عن مساعده تيخيكسيعرفكم بكل شيء تيخيكس الأخ الحبيب والخادم الأمين في الربأف6:21ويقول عن أبفراسالذي هو خادم أمين للمسيح لأجلكمكو1:7وقال عن القديس مرقس الرسولإنه نافع لي للخدمة2تي4:11. وقال بصفة عامةكفايتنا من الله,الذي جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد2كو3:6,5وقال إن الله أعطانا خدمة المصالحة..نطلب عن المسيح :تصالحوا مع الله2كو:20,18. والآباء الرسل عند اختيار الشمامسة السبعة,قالوا أما نحن فنعكف علي الصلاة وخدمة الكلمةأع6:4 آباؤنا الرسل كانت لهم خدمة الكلمة وخدمة المصالحة والآباء الكهنة عموما هم خدام المذبح,وكلمة شماس معناها خادم. والكاهن الذي يستلم الذبيحة,يسمي في الطقس الكاهن الخديمحتي الأرملة التي كانت تخدم في الكنيسة اشترط فيها الرسول أن تكونمشهودا لها في أعمال صالحة..أضافت الغرباء ,غسلت أرجل القديسين1تي5:10والعناية بالفقراء نسميها الخدمة الاجتماعية وحتي اجتماع مدرسي التربية الكنسية,نسميه اجتماع الخدام.فمادمت يا أخي خادما,أسلك في اتضاع كخادم ولايرتفع قلبك من الداخل.. افهم الكلمة في جوهر معناها,ولاتجعلها تفقد حقيقتها ومدلولها...كان القديس أوغسطينوس يصلي من أجل رعيته قائلا:أطلب إليك يارب من أجل سادتي عبيدك..إن كنت خادما ,فيجب أن تتصف بالطاعة..طاعة لله,وطاعة لرؤسائك في الخدمة ومدبريك. بعض خدام التربية يتحدون الأب الكاهن,فلا يحترمونه ولا يطيعونه,ومع ذلك يقولون إنهم خدام!!!ونفس الوضع نقوله عن الكاهن الذي لايطيع أسقفه!!ونقوله عن أعضاء مجلس الكنيسة الذين ينفردون بالعمل دون مشورة رئاستهم الكنيسة!! لاتظن أنك أحد قادة العمل الرعوي أو التعليمي في الكنيسة بل تذكر باستمرار أنك خادم,واسلك كما يليق بخادم واحذر أن تفقد تواضعك لأنه كما يقول الكتابقبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروحأم16:18 *** 2- من الأمور الأخري التي تجلب التواضع في الخدمة:التلمذة. التلمذة: يظن بعض الخدام أنهم لما أصبحوا خداما انتهي بالنسبة إليهم عصر التلمذة وهذا فهم خاطيء إنما لكي تحتفظ بتواضعك,احتفظ باستمرار تلمذتك كل المسيحيين في العصر الرسولي كانوا يدعون تلاميذا والسيد الرب لما أرسل الأحد عشر للكرازة,قال لهماذهبوا وتلمذوا جميع الأمممت28:19وفي انتشار الكرازة قيلوكانت كلمة الله تنمو,وعدد التلاميذ يتكاثر جداأع6:7إذن استمر تلميذا للرب وتلميذا للكنيسة,ولا يكبر قلبك. وإن شعرت أنك صرت معلما,وأصبحت فوق مستوي التلمذة اعرف جيدا أنك بدأت تسقط في الكبرياء أتذكر أننا حينما كنا خداما في مدارس الأحد في كنيسة الأنبا أنطونيوس,منذ حوالي 45 سنة,كان كل خادم يجلس كمستمع أو كتلميذ في أربعة اجتماعات كل أسبوع:في اجتماع الأسرة,واجتماع الخدام واجتماع الشبان وفي الفصل الكبير الذي كان يبدأ في السابعة والربع مساء بعد إنتهاء التدريس في باقي الفصول وباستمرار كان الخدام يتعلمون من غيرهم فيستمرون في تواضعهم.. قل لنفسك باستمرار مازلت أتعلم ومحتاجا أن أعرف وإن عشت في حياة التلمذة,ستتخلص من مشاكل كثيرة: ستتخلص أولا من روح الجدل وكثرة المناقشات المقاوحة وتكون مستعدا أن تتقبل الرأي الآخر بروح طيبة لأن الذي يدخل فيهم روح الجدل,يسلمهم إلي روح العناد وتصلب الرأي ويظنون أنهم يفهمون أكثر من الكبار,بل وقد يظنون أنهم هم الكبار. احتفظ إذن بطفولتك الروحية,حسب قول الرب:إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السمواتمت18:3..وما أكثر الأمثلة لقديسين عاشوا تلاميذ: يشوع ظل تلميذا لموسي طول حياته,إلي أن رقد موسي في الرب:وإليشع ظل تلميذا لإيليا إلي أن صعد إلي السماء.فودعه بعبارةيا أبي يا أبي,يا مركبة إسرائيل وفرسانها2مل2:12والقديس أثناسيوس الرسولي مع أنه كان بابا الإسكندرية,احتفظ بتلمذته للقديس أنطونيوس الكبير,ولما كتب سيرته قالوأنا نفسي صببت ماء علي يديهأي كان يخدمه. كان التلاميذ قديما,يجلسون عند أقدام معلميهم فلا يجلسون إلي جوارهم ولا أمامهم بل كان المعلم يجلس علي كرسي, تلاميذه جلوس علي الأرض عند قدميه وعن هذا قال القديس بولس الرسولولدت في طرسوس كيليكية ولكن ربيت في هذه المدينة مؤدبا عند رجلي غمالائيلأع22:3هذا هو اتضاع التلميذ أمام معلمه ويعتبر أيضا أنه ليس فقط يعلمه,بل يربيه أيضا ويؤدبه. ما أصعب أن خادما يقرأ كتابا أو كتابين فيتكبر علي معلميه. ويتكبر أيضا علي أبائه الكهنة,ويفرض مشيئته علي أب اعترافه فإما أن يوافقه الأب علي رأيه,أو يعصاه!!وهكذا يصير حكيما في عيني نفسه,الأمر الذي نهانا عنه الكتاب فقاللاتكن حكيما في عيني نفسكوعلي فهمك لاتعتمدأم3:5,7...عش إذن تلميذا متواضعا: والتمس المعرفة من كل مصادرها: تتلمذ علي أب اعترافك وعلي آباء الكنيسة وعلي الاجتماعات الروحية وتتلمذ علي الطبيعة علي زنابق الحقل وطيور السماء وتتلمذ علي الكتب الموثوق بها..ولا تظن -مهما كبرت-أنك قد ارتفعت عن مستوي التعليم.. أن تاريخ الكنيسة يسجل لنا قصصا عجيبة عن اتضاع القديسين في التلمذة. تصوروا واحدا من الآباء الكبار مثل القديس موسي الأسود يطلب كلمة منفعة من الصبي زكريا فلما يستحي الفتي منه قائلاأنت عمود البرية,وتطلب مني كلمة؟!..يجيبه القديسصدقني يا ابني لقد عرفت من الروح الذي عليك,أن عندك كلمة أنا محتاج أن أعرفها..! والقديس مكاريوس الكبير أخذ كلمة منفعة من راعي بقر وكان الآباء يلتمسون كلمة منفعة,بينما كانت لهم سيرة ملائكية يشتهي الكثيرون أن يتعلموا منها التواضع في التعليم صدقوني أكثر ما يتعب كنيستنا حاليا هو عدم التواضع في التعليم. كل خادم يأتي له فكر جديد,من تأملاته أو من قراءاته:يحاول أن يجعله عقيدة ويدرسه للناس ..وهناك نوع من الكتاب,يروق لهم إلغاء المفهوم السائد ليقدموا بدلا منه مفهوما جديدا,وكأن الواحد منهم قد اكتشف ما لا تعرفه الكنيسة كلها والناس جميعا!وكأنه يعلم ما لا يعلمون. المشكلة هي تقديم المفاهيم الشخصية,وليس تعليم الكنيسة وعقيدتها. ومحاولة للجدل وللإثبات,ولإقناع الناس بخطأ المفهوم السائد..والبعض قد ينتقد طقس الكنيسة,والبعض يغير ألفاظ القداس,والبعض يقدم ترجمات غير مألوفة للكتاب المقدس والبعض يصرح بزيجات بعكس قوانين الكنيسة..والبعض يصلي بقداسات غير مألوفة في كنيستنا.. وكل واحد من هؤلاء يعتبر نفسه مصدرا للتعليم وكأنه جبهة مستقلة في تعليمه أو جزيرة قائمة بمفردها في المحيط وإن تدخلت الكنيسة لإصلاح الوضع,يقيم الدنيا ويقعدها ويحيط نفسه بمجموعة خاصة من تلاميذه لتسانده ويقف ضد الكنيسة وينادي بأن تعليمه هو السليم,والكل مخطيء! وقد تجد لكل فرع من التربية الكنيسة منهجا خاصا: أمين الفرع لايعجبه المنهج العام,فيعدل فيه ويبدل أو يضع منهجا خاصا يري ءنه الأفضل والأصوب وإن شاء الله سنضع منهجا موحدا,ونأخذ فيه رأي الآباء وقادة الخدمة نرجو بعد وضعه أن يتواضع الخدام ويعملوا به ولايقف لنا أحد ليقول:من حقي أن أعترض ...من حقي أن أرفض! من حقي أن أسير حسب فكري!وإلا فأين هي الديموقراطية في الكنيسة!!ولا يقول له أحد:أين هو التواضع؟! الكنيسة الأولي تميزت بالفكر الواحد لأنها كانت كنيسة متضعة تخضع لفكر قادتها.أما البروتستانتية التي نادت بالحرية في التفسير والتعليم فقد تكونت فيها مذاهب متعددة زادت علي المائة وتشتت الناس في عقائد مختلفة.. أما الكنيسة المحافظة التقليدية فإنها تحفظ الإيمان سليما ولا تسمح بالمفاهيم الفردية التي تتحول إلي عقائد,بل تنصح أصحابها بالاتضاع. الخادم المتواضع أيضا لايستعرض معلوماته!!إنما يقدم التعليم في أسلوب روحي هاديء لايحاول أن يفلسف المعلومات,ولا أن يمسك ببعض الكلمات ويضع أمامها النص العبري أو اليوناني أو بعض الترجمات الإنجليزية. وقد لايكون الشعب علي علم بشيء من كل هذا وقد لا يكون كل هذا لازما لإثبات الفكرة التي يقدمها وقد لاتكون المراجع التي يستخدمها سليمة وقد يتبع في ذلك بعض المذاهب التي تسير بالمنهج العقلاني لا بالمنهج الروحي.. الخادم المتواضع ينزل إلي مستوي المخدومين ولا يبهرهم بمعلومات فوق مستواهم لاتفيدهم بشيء إنه لايفكر في ذاته والمستوي الذي يريد أن يأخذه الناس عنه إنما ينشغل بفائدة الناس الروحية بينما تختفي ذاته تماما لذلك يحضر درسه أو عظته أو محاضرته ولا مانع عنده أن تكون ورقة تحضيره ظاهرة فهو لا يضيع فائدة السامعين من أجل أن يأخذوا عنه فكرة إنه يتكلم من الذاكرة... الخادم المتواضع يهتم بتحضير درسه ولايعتمد علي معلوماته السابقة ولا علي ذاكرته كما يفعل بعض الخدام الكبار,ولا يحضرون ما يقولون فتبدو كلماتهم أحيانا ضعيفة لأنهم لم يتواضعوا بل وثقوا بأنفسهم وبقدراتهم أزيد مما يجب.. الخادم المتواضع يحترم عقليات السامعين مهما صغروا,ويبذل كل جهده لكي يقدم لهم كلاما دسما يشبعهم. التواضع والذات الخادم المتواضع ينكر ذاته يختفي لكي يظهر الرب,كما قال القديس المعمدان ينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقصيو3:30أما غير المتواضع فيتخذ الخدمة ليبني بها ذاته بطريقة خاطئة فهو يفكر كيف يرتقي في الخدمة وليس كيف يرتقي بالخدمة ويفكر في مستوي المجالات التي يتكلم فيها وربما يسعي إلي المناصب وقد يصطدم بقيادات الكنيسة ويتعود كيف يأمر وينهي وينتقد. وربما يفتخر بخدمته ومدتها ومستواها يقول أنا لي 20 سنة في الخدمة أنا خرجت أجيالا ويكبر في عيني نفسه ويريد أن يطاع لا أن يطيع ويصطدم بالأنظمة الموضوعة ويحكي قصصا عن ماضيه ويدخله روح العظمة. الخادم المتواضع يكون كالنسيم الهاديء في دخوله وخروجه لايشعر به أحد يكون رقيقا دمثا وديعا لطيفا في معاملاته,لايخدش شعور أحد لايجرح إنسانا لايهتم بتولي مناصب في الخدمة, يطيع في كل ما يوكل إليهلايخاصم ولايصيح ولايسمع أحد في الشوارع صوتهمت12:19ولا يرتئي فوق ما ينبغيرو12:3. احذر أن تفقدك الخدمة تواضعك لأن كثيرين كانوا متواضعين قبل الخدمة ثم تغيروا أما أنت فلا تكن كذلك,لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!مت16:26. |
|