رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صورة أرشيفية يعد المشهد المصرى الحالى ملتبسا للغاية، فى ظل حالة الاستقطاب والانقسام التى تعيشها مصر، خاصة منذ ظهور نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، والتى أسفرت عن الإعادة بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى، والمرشح المستقل أحمد شفيق، والذى يراه الكثير من المتابعين محسوبا على النظام السابق باعتباره قد شغل منصب رئيس الوزراء خلال الأيام الأخيرة للرئيس السابق حسنى مبارك على مقعد الحكم قبل تنحيه فى فبراير 2011. فى ظل حالة الشد والجذب التى تشهدها مصر حاليا نتيجة لاختلاف الأفكار والتوجهات التى تتبناها مختلف القوى السياسية والثورية سواء فيما بينها من ناحية، أو حتى بينها وبين الشارع المصرى من ناحية أخرى، تذكرت مقولة النجم عادل إمام فى خطبته التى ألقاها فى مسرحيته الشهيرة "الزعيم"، عندما تساءل "لماذا قمنا بالثورة؟.. أنا لا أعلم لماذا قمنا بالثورة". ولعل العديد من المتابعين للمشهد السياسى الحالى فى مصر وكذلك العديد من أبناء الشعب المصرى يرددون التساؤل الذى أثاره من قبل الزعيم فى خطابه الكوميدى الشهير. لقد عكس خطاب "الزعيم" الديكتاتور أن ثورته قد قامت فقط من أجل فتح الباب أمام فئة معينة إلى سدة الحكم فى بلاده، لتحقيق مصالحها الشخصية ونهب الثروات، دون الالتفات إلى متطلبات شعبه، حتى أنه لا يدرك الأسباب التى دفعته للقيام بثورته، وهو ما أدى إلى قيام ثورة جديدة، قادها الشاب "زينهم"، استطاع من خلالها القضاء على الرموز التى أفسدت الحياة السياسية فى البلاد، متبنيا أحلام البسطاء من أبناء شعبه الذين عانوا الأمرين خلال حكم الديكتاتور. من هنا نجد أن الأزمة الحقيقية التى واجهها الزعيم، فى مسرحية عادل إمام الشهيرة، كانت قد ترتبت فى الأساس على الانفصال الكامل بين ثورته وأهدافها من ناحية، وطموحات وأمال شعبه من ناحية أخرى، وهو ما يعد التهديد الذى يواجه الثورة المصرية وأهدافها، من وجهة نظرى. خاصة وأن الواقع المصرى بعد الثورة لم يعكس الأهداف التى اندلعت من أجلها الثورة المصرية والتى قامت على عدد من الشعارات التى رفعها ملايين المصريين آنذاك، منها على سبيل المثال "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"، وكذلك "إيد واحده". فى الواقع أن المعضلة الرئيسية التى تواجهها الثورة المصرية فى الوقت الحالى، هى أن كلا من الثوار والقوى السياسية الأخرى، ومن بينها تلك القوى التى تمكنت من تحقيق مكاسب كبيرة من الثورة، قد ابتعدوا تماما عن الأهداف التى قامت الثورة من أجلها، نتيجة انفصالهم الكامل عن الشارع المصرى، وأزماته ومتطلباته التى كانت سببا رئيسيا فى قيام الثورة التى أطاحت بمبارك ونظامه فى العام الماضى. فمن جانبهم لم يتمكن الثوار من توحيد أفكارهم وأيديولوجياتهم من خلال تشكيل كيان سياسى يمكن أن يتبنى أهداف الثورة ومبادئها، وبالتالى يمكنهم تشكيل ضغط سياسى على صانعى القرار من خلاله، وإنما انصب تركيزهم فقط على تنظيم التظاهرات والاحتجاجات. وبالرغم من الأهداف النبيلة لتلك التظاهرات والتى عكست البراءة الثورية التى اتسم بها شباب الثورة، الذى يسعى بكل طاقته نحو تحقيق مستقبل أفضل لبلاده، إلا أنهم لم يلتفتوا إلى تداعيات تلك التظاهرات على رجل الشارع العادى الذى عانى كثيرا من الوضع الاقتصادى والأمنى المتدهور منذ ما يقرب من عام ونصف. أما القوى السياسية الأخرى – والتى تمكنت من تحقيق أغلبية مقاعد البرلمان – قد سعت هى الأخرى نحو تحقيق مكاسب سياسية فقط دون النظر للثورة وأهدافها. فقد سعت تلك القوى للاستئثار بكل شىء، بل وتفصيل قوانين من أجل اقصاء أشخاص بعينهم من المشهد السياسى باعتبارهم "فلول" النظام السابق، رغم أن هذا السلوك الإقصائى يتطابق مع سياسات الحزب الوطنى المنحل، وكان سببا فى الثورة التى دعت إلى تحقيق قدر من التوافق. المشهد الحالى فى مصر يعد انقلابا على الثورة وقواها السياسية والثورية، فالقوى الثورية تجاهلت الشارع الذى ساهم بقدر كبير فى نجاح الثورة المصرية وإسقاط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، والقوى السياسية تجاهلت هى الأخرى أهمية تحقيق قدرا من التوافق السياسى يمكن من خلاله تحقيق الاستقرار السياسى والمجتمعى. أعتقد أن نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة كانت ترجمة حقيقية للتمرد المجتمعى على الثورة التى فقدت صوابها من وجهة نظرهم، فتفوق الفريق شفيق – الذى ينظر إليه البعض باعتباره ركنا من أركان نظام مبارك – ربما على حساب مرشحين آخرين رآهم البعض ممثلين للثورة. فى حين أن جماعة الإخوان ومرشحها لم تحقق ما سبق وأن حققته منذ أربعة أشهر فقط من اكتساح كبير خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ربما يكون التمرد المجتمعى على الثورة، والذى ظهر جليا فى نتيجة الانتخابات الأخيرة، دليلا على حالة من الغضب الشعبى والتى قد تتحول إلى ثورة جديدة فى حالة تردى الأحوال بعد انتهاء جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية، إلا أن الثورة الجديدة سوف تطيح بكل شىء أمامها، وربما تقودنا إلى المجهول. |
|