رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العظة علي الجبل ج.22 .. بقلم مثلث الرحمات طيب الذكر :البابا شنودة الثالث ٦ ديسمبر ٢٠١٤ لاتظنوا أني جئت لأنقض الناموس والأنبياء..ما جئت لأنقض ,بل لأكمل مت5:17 الناموس والأنبياء: إنه كلام جديد,ومثله أيضا عبارته التي تكررت كثيرا: سمعتم أنه قيل للقدماء..أما أنا فأقول لكم. لذلك فحتي لايفهم الناس أنهم أمام دين أو مذهب جديد,قال لهمما جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء..ما جئت لأنقض,بل لأكمل مت5:17 عبارة الناموس والأنبياء تعني العهد القديم كله.. وحسب مفهوم اليهود:الناموس هو ناموس موسي أي الأسفار الخمسة التي كتبها موسي النبي,وهي:التكوين,الخروج,اللاويين,العدد ,التثنية,وتسمي أيضا الشريعة أو شريعة موسي أما عبارة الأنبياءفتعني باقي كتب العهد القديم وكانت كتب الناموس والأنبياء موزعة علي المجامع لكي تتم قراءتها بترتيب خاص. وبسبب هذا قال القديس يعقوب الرسول في مجمع أورشليم لأن موسي منذ أجيال قديمة له في كل مدينة من يكرز به إذ يقرأ في المجامع كل سبتأع15:21. السيد المسيح أراد أن يطمئن الناس علي الناموس والأنبياء. إنه جاء يقدم لهم الشريعة المسيحية ولكن ليس علي أساس أن شريعة العهد القديم قد انتهت ونسخت. لذلك قال لهمفإني الحق أقول لكم:إلي أن تزول السماء والأرض لايزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس,حتي يكون الكل.. فمن نقض إحدي هذه الوصايا الصغري,وعلم الناس هكذا يدعي أصغر في ملكوت السمواتمت5:19,18. نعم,تزول السماء والأرض ولاتزول نقطة من الناموس. إلي هذا الحد,كانت نظرة السيد المسيح إلي شريعة العهد القديم إنه لايمكن أن ينقضها لماذا؟يقول الرسول: الناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحةرو7:12. كل الكتاب هو موحي به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب..2تي3:16. وكم قد تغني داود النبي بالناموس والوصايا فقال ناموس الرب كامل يرد النفس..وصايا الرب مستقيمة تفرح القلبمز19:8,7وقال للربناموسك هو درسي..هو تلاوتيمز119. وقال أيضاشريعتك هي لذتي..شريعة فمك خير في من ألوف ذهب وفضة لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي,لهلكت حينئذ في مذلتي ..كم أحببت شريعتك اليوم كله هي لهجي,ما أحلي قولك لحنكي أحلي من العسل لفمي,سراج لرجلي كلامك ,ونور لسبيلي كلمتك ممحصة جدا,عبدك أحبهامز119وقال أيضا في نفس المزمور: لكل كمال رأيت منتهي,أما وصاياك فواسعة جدا بهذا الشغف كان النبي العظيم يتغني بوصايا الله وناموسه وكلامه ويفرح به ويلتذ..فهل يمكن نقض كل هذا؟!هل الوحي الإلهي يمكن نقضه؟!مستحيل..هذا هو الناموس الذي قيل عن الرجل البار إنهفي ناموسه يلهج نهارا وليلامز1والذي عنه قال الرب ليشوع بن نونلايبرح سفر هذه الشريعة من فمك,بل تلهج فيه نهارا وليلا لكي تتحفظ للعمل حسب كل ماهو مكتوب فيه لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلحيش1:8وهذا هو الناموس الذي قال الرب عنه للشعب. لتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم علي قلبك وقصها علي أولادك وتكلم بها حين تجلس في بيتك,وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم..تث6:7,6. وقال الرب أيضاواربطها علامة علي يدك ولتكن عصائب بين عينيك واكتبها علي قوائم أبواب بيتك وعلي أبوابكتث6:9,8فهل هذا كله يمكن أن ينقض؟ولاشك أنه كان يسمع عظة السيد المسيح بعض من الفريسيين وسط الجموع يضعون الوصايا عصائب بين أعينهم..مت23:5 بل أن السيد المسيح كان يوجه الناس إلي كتب العهد القديم وما ورد فيها ولذلك قال لهم. تضلون إذ لاتعرفون الكتبمت22:29. وقال لهم أيضا موبخاأما قرأتم قط في الكتب..؟مت21:42وقيل إنه فتح ذهنهم ليفهموا الكتب,وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي..لو24:46,45. وبنفس الأسلوب كان يتكلم رسله فالقديس بولس الرسول يقول لتلميذه تيموثاوس مادحا إياهوانت منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان..2تي 3:15. وكم قد اقتبس السيد المسيح من الناموس واستخدم آياته.. وحتي في تجربته علي الجبل كان يستخدم آيات من الناموس ويقول مكتوب..ومكتوب أيضا..اذهب يا شيطان لأنه مكتوب..مت4:10,7,4. إن العهد القديم له احترامه في الكنيسة لأنه كلام الله موحي من الله والرسول يقول كل الكتابموحي به من الله ونافع للتعليم وكلمةكلتشمل العهدين ,ونحن نضع العهدين:القديم والجديد,في كتاب واحد. إنهما معا يكونان الكتاب المقدس بلا تفريق وحينما نعلم أو نعظ إنما نعظ منهما كليهما وليس من العهد الجديد وحده. ولكن لعل البعض يسأل سؤالا هاما وهو: ألم ينقض السيد المسيح تعاليم كثيرة كانت موجودة في القديم؟ألم يقدم شريعة جديدة؟ ألم يقم المسيح بثورة تعليمية؟ألم يغير مفاهيم الناس؟ألبم يقدم لهم تعاليم لم يسمعوها من قبل؟ألا تشهد العظة علي الجبل بكل هذا؟كيف إذن نفهم عبارة إنه لم ينقض الناموس؟نجيب علي هذه الأسئلة بالنقاط الآتية: 1-الفهم السليم للناموس: إن المسيح لم ينقض الناموس إنما قدم للناس الفهم السليم للناموس. مثال ذلكمحبة القريبسمعتم أنه قيل للقدماء تحب قريبك..أما أنا فأقول لكمأحبوا أعداءكم..مت5:43,42إنه لم ينقض الناموس ويقول كلا لاتحبوا أقرباءكمبل أضاف علي محبة القريب محبة الأعداء أيضا وهكذا أكمل الناموس. وأقصد بعبارة أكمل الناموسأنه أكمل فهمهم للناموس. فكلمةالقريب كانوا يفهمونها بمعنياليهوديفأفهمهم أن كل بشري هو قريبهم. فالبشر كلهم إخوة من نسل واحد إذن السامري قريب لهم,وكذلك الأممي وهكذا في فهم معنيالقريبقدم مثل السامري الصالحلو10:29-27 إذن هؤلاء الذين تعتبرهم أعداء,هم أيضا أقرباء لك,يدخلون في نطاق وصية تحب قريبكوبهذا لايكون المسيح قد نقض الناموس وإنما أكمل فهمهم له.. لم يكن السيد المسيح ينقض الناموس إنما كان ينقض المفاهيم الخاطئة التي تلقاها الناس من قادة مضلين كالكتبة والفريسيين هؤلاء الذين كانوا يتعدون وصية الله بسبب تقاليدهممت15:3. هؤلاء الذين كانوا يحزمون أحمالا ثقيلة عسرة الحمل ويضعونها علي أكتاف الناس. بل كانوا بتعاليمهم الصعبة يغلقون ملكوت السموات أمام الناس فلا يدخلون هم ولايدعون الداخلين يدخلونمت23:13,4 هؤلاء الذين وبخهم السيد المسيح قائلا:إن الله أوصي قائلا:أكرم أباك وأمك أما أنتم فتقولون:من قال لأبيه وأمه قربان هو الذي تنتفع به مني فلا يكرم أباه وأمه فقد أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكممت15:4-6ووبخهم قائلا:ويل لكم أيها القادة العميان القائلون من حلف بالهيكل فليس بشيء ولكن من حلف بذهب الهيكل يلتزم!!مت23:16وقال لهم أيضاويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون لأنكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان كان ينبغي أن تعلموا هذه ولاتتركوا تلكمت23:23. كذلك صحح السيد المسيح مفهومهم لعبارة عين بعين وسن بسنمت5:38. هذه العبارة لم تكن قاعدة للمعاملات الفردية إنما كانت للأحكام القضائية يحكم به القضاة بالعدل في الخصومات بين الناس فالتعويض الذي يأخذه المعتدي عليه يطابق تماما الخسارة التي نالته هنا لم ينقض المسيح الآية إنما تركها للقضاة إن حكموا بها يكونون عادلين. ولكنه كل التشريع القضائي بتشريع التعامل الشخصي. وكما يقول المثللو تصالح الخصمان لاستراح القاضيفقال السيد في مجال هذا التعامل لاتقاوموا الشر..وقد حدث هذا في العهد القديم أيضا إنه يذكرنا بما حدث من يوسف الصديق علي الرغم من شر أخوتهتك37:147صم24:10وكذلك يذكرنا بموقف داود النبي من اعتداءات شاول الملك عليه وموقفه أيضا من سب شمعي بن جيرا له2صم16:5-12. جاء السيد المسيح ليصحح المفاهيم لا ليغير الشريعة. وصدق الكتاب حينما قالهلك شعبي من عدم المعرفةهو4:6ما أكثر المدارس الخاطئة التي كانت تضللهم..وهكذا قال لهم الرب في العهد القديم يا شعبي مرشدوك مضلونأش3:12وكرر نفس العبارة أيضا فقال مرشدو هذا الشعب مضلينأش9:16. وقبيل ميلاد المسيح كانت هناك طوائف كثيرة مضللة للشعب حتي أنه قال عن هؤلاء جميع الذين أتوا قبل هم سراق ولصوصيو10:8وكتان منهم أيام المسيح الكتبة والفريسيون وأيضا الصدوقيون الذين ما كانوا يؤمنون بالروح ولا بالملائكة ولا بالقيامةمت22:23أع23:8ولهذا نقول:عبارةسمعتم أنه قيل للقدماء لم تكن باستمرار موجههة للناموس إنما أحيانا لما سمعوه من تعاليم الناس. مثال ذلك سمعتم أنه قيل:تحب قريبك وتبغض عدوكفهنا عبارة تبغض عدوكهي من تعاليم الناس أو من شروحاتهم ومفاهيمهم لأنه لا توجد أية في العهد القديم تأمر الإنسان بن يبغض عدوه. فهنا المسيح يتكلم عن الفهم السائد ويصححه. ومن مظاهر هذا الفهم الخاطيء الحرفية في فهم الناموس فجاء السيد المسيح لكي يقدم لهم روح الناموس التي تفهم بها نصوصه. 2- الروح وليس الحرف: وكما يقول الكتابلا الحرف بل الروح لأن الحرف يقتل ولكن الروح يحيي2كو3:6وفي الوقت الذي ألقي فيه السيد المسيح عظته كان الكتبة والفريسيون يتمسكون بحرفية الوصايا تمسكا يخرج بهم عن روحها ومفهومها . ومن أمثلة حرفيتهم في فهم الناموس تعليمهم بخصوص تقديس السبت. هذه الحرفية التي جعلتهم ينتقدون المسيح انتقادا مرا لأنه كان يشفي بعض المرضي في يوم السبت,حتي أنهم قالوا للمولود أعمي الذي منحه السيد المسيح بصرا في يوم السبت إن الذي شفاه هو إنسان خاطيء وقالوا أيضاهذا الإنسان ليس من الله,لأنه لا يحفظ السبت متمسكين بقول الرب عن السبت لاتعمل فيه عملاتث5:14فكان لابد للسيد المسيح أن يشرح لهم مفهوم العمل في السبت مهما اتهموه بكسر السبت ونقضه. إن عبارة عملا من الأعمال لاتعمل فيهلا23:3لاتعني عدم العمل بمعني مطلق لأنه يجوز عمل الخير في السبوت. فالذهاب إلي الهيكل عمل وقراءة الكتب المقدسة عمل وتعليم الناس عمل..إنما المقصود بوصية السبت عدم العمل فيه هو أن الإنسان لاينشغل في السبت بأمور العالم الدنيوية ولكن لا مانع من أن يعمل رحمة لإنسان محتاج إليها وعمل الرحمة ليس ضد الوصية شفاء مريض وإراحته من آلامه في يوم سبت ليس نقضا للناموس وهكذا أجاب السيد المسيح علي سؤال يحير الفريسيين وهو:هل يحل الإبراء في السبوت؟مت12:10. قال لهممن منكم يكون له خروف واحد فإن سقط هذا في السبت في حفرة أفما يمسكه ويقيمه؟فالإنسان هو أفضل من الخروف إذن يحل فعل الخير في السبوتمت12:12,11وهنا لم يكن السيد ينقض الناموس في وصية السبت إنما كان يشرحه ويوضح المقصود منه ويكمل فهم الناس له. وفي العظة علي الجبل,كما حارب الحرفية حارب أيضا السطحية ودعاهم للدخول إلي الفضيلة في عمقها. 3-الدخول إلي العمق: الفضيلة ليست مجرد ممارسات إنما هي محبة للخير داخل القلب والممارسات مجرد تعبير عن حالة القلب الداخلية. والخطية ليست فقط الممارسة الظاهرة وإنما هي محبة الشر داخل القلب وعن هذه المحبة تصدر الممارسة الخارجية. بهذا يبدأ الزني داخل القلب قبل ممارسته بالجسد. وهذا ما أراد السيد المسيح أن يعمله للناس. وكذلك القتل يبدأ أولا في القلب:كراهية أو قسوة وقد تظهر هذه الكراهية كأخطاء للسانرقا-أحمقوتتطور إلي القتل إذن معالجة القلب واللسان تكون أولا: والعطاء هو أصلا محبة للفقير والصلاة هي محبة لله. ومادامت محبة قلبية إذن لا علاقة لها بالمظاهر الخارجية وإلا كان هدفها مديح الناس,وحينئذ لاتكون الصدقة صدقة ولا الصلاة صلاة..إنما إنسان يبحث عن أجر من الناس وقد استوفي أجره في كل هذا يريد المسيح أن يوجه الناس إلي العمق. إنه لايريد الناس أن يفهموا الناموس بطريقة ناموسية أعني مجرد أوامر ونواه. إنما الفضيلة قبل كل شيء هي محبة الله ومحبة الناس وبهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياءمت22:4والسيد المسيح أراد أن يوجههم إلي هذا العمق فلا يكتفون بطاعة الناموس بدون روح وبدون محبة لله وللناس. وهذه المحبة أرادها الله في العهد القديم أيضا الخارجية الخالية من الحب ذكرهم السيد المسيح بهذا الأمر وقال لهمحسنا تنبأ عنكم أشعياء أنتم المرائين كما هو مكتوب:هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيدا وباطلا يعبدونني وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناسمر7:7,6مت15:9,8 ونفس هذا اتلمعني هو تعليم بولس الرسول عن الناموس. فهو حينما يقول لستم تحت الناموس بل تحت النعمةرور6:14ويقصد أنكم كأبناء لله بالإيمان والمعمودية لستم في بر المسيح تعيشون بمجرد الأوامر والنواهي التي للناموس بل بمحبة الأبناء لأبيهم إذ صرتم أبناء فلكم البر الذي يأمر به الناموس ولكنه بطاعة العبيد إنما بالنعمة التي يعيش بها الأبناء. ومع ذلك فبولس الذي تكام عن النعمة لم ينكر الناموس. إنه يقول عن نفسه من جهة الناموس فريسي ..من جهه البر الذي في الناموس بلا عيبفي3:6,5ويقول عن نفسه أيضا لست بلا ناموس لله بل تحت ناموس المسيح1كو9:21ولكنه الوصايا في جو النعمة والمحبة كأبناء . وهذا ينقلنا إلي نقطة أساسية وهي تكميل الناموس بالمحبة ماذا قصد المسيح بعبارة ما جئت لأنقض بل لأكمل؟. |
|