رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أجساد القديسين بركة القس بولس بشاى كاهن بكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل بأسيوط ٤ ديسمبر ٢٠١٤ شريعة تحتم بأن من يمس ميتاً عليه بتدقيق شديد أن يمارس طقس تطهير غاية في الدقة وكذا من يمس متعلقات ميت أو حتى يمس رجلاً تلامس مع ميت تنطبق عليه شريعة التطهير أيضاً.. هكذا كتب لنا موسى النبي في سفر العدد. ونقلب صفحات العهد القديم فنجد أنفسنا أمام حادثة تستوقفنا تفاصيلها، أثناء حرب موآب مع بني اسرائيل كان هناك ميت محمول في طريقهم لدفنه فلخوفهم من الغزاة انزلوه بسرعة إلى قبر اليشع النبي، فما أن لمس الجثمان عظام اليشع حتى قام واقفاً حياً. نحن نعلم أن اليشع في فترة خدمته تقدست حياته وطلب ان يأخذ نصيب اثنين من روح إيليا وأن طلبته كبار اقتدرت كثيراً في فعلها وهو من القلائل المعدودين في الكتاب الذين صنعوا معجزة إقامة موت، فقد أقام ابن المرأة الشونمية من موته، لكن واضح أن القوة التي ينالها القديسون من الله لا تسكن فقط أرواحهم بل تشمل الكيان كله.. يقول القديس كيرلس الأورشليمي: إن اليشع وهو في عالم الأحياء أقام ميتاً بروحه، فلكي لا تبقى أرواح القديسين وحدها مكرمة، بل ليؤمن الناس أن لأجساد القديسين تلك القوة عينها، فالميت الذي سقط في قبر اليشع عاش إذ لمس جسد النبي الميت. وفي حادثة أخرى حدثت في زمن موسى النبي نفسه الذي دون شريعة التطهير لمن لمس الميت يحمل موسى عظام يوسف الصديق حسب وصيته: “أنا أموت ولكن الله سيفتقدكم ويصعدكم من هذه الأرض إلى الأرض التي حلف لإبراهيم وإسحق ويعقوب.. فتصعدون عظامي من هنا”(تك24:50) و هكذا حملوها لمدة 40 سنة بقيت معهم وفى وسط الشعب والرب يحفظهم ويحفظها حتى وصلوا بسلام لأرض الموعد.. بل أكثر من هذا نجد أن بني اسرائيل كانوا حريصين على إتمام وصية يوسف في وقت حرج جداً، إذ كانوا في هروبهم يحملون ما غلا ثمنه وخف وزنه كالذهب ومن بين ما اعتبروه هكذا عظام يوسف أيضاً. هكذا نحن أيضاً نكرم أجساد القديسين والتي من خلالها نسبح الله في قديسيه الذين تجلت فيهم قدرة الله ونعمته الفائقة، فما هم إلا آنية خزفية لكن امتلأت من نعمة الله – الكنز الحقيقي، فتقدس كل الكيان روحاً وجسداً.. نعم، وجسداً.. فإن كان جسد القديسين حتى بعد موتهم وفى ظل شريعة التطهير امتلأ بكل هذا التقديس فكم وكم يتقدس بعمل المسيح الخلاصي عمل الروح القدس فيه بسر المعمودية وحلوله داخله بالميرون “إن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم” (1كو19:16) والإتحاد بالمسيح في سر الإفخارستيا حتى أن القديس بولس يسمو جداً بهذا الجسد ويقول “إن اجسادكم هي أعضاء المسيح” (1كو15:16) نعم لقد تقدس هذا الجسد المنتصر على أهوائه وشهواته وأصبح بمثابة جبهة قتال وموقعة نصرة عملية على الشيطان الذي يحاول أن يجعل من الجسد موقعة الهزيمة “لأن كل ما في العالم من شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم” (1يو16:2) “و لكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات” (غل24:5) فيصبح الجسد فى الحياة المقدسة ساحة انتصار يرتفع فوقها صليب رب المجد. القديس أثناسيوس الرسولي يقول: إن النعمة الإلهية توجد في نفوس وأعضاء القديسين. وبنفس المعنى القديس يوحنا ذهبي الفم يقول: بالموت لا تتغرب أجساد القديسين عن النعمة التي كانوا يحيون بها بل تزداد بهاءاً.. لذلك يقول القديس أمبروسيوس: إذا قلت لي ماذا تكرم في الجسد الفاني؟ أقول لك إني أُكرم في جسد الشهيد الجراح المقبولة لأجل اسم المسيح وأكرم أجساد المعترفين المقدسين بالإعتراف بالسيد وفي القديسين أكرم ذكرى الفضيلة الخالدة ابداً، أكرم في التراب بذرة الخلود، أكرم الجسد الذي علمني أن أحب الرب وأن لا أَرهب الموت لأجل الرب، لماذا لا أكرم ذلك الجسد الذي جرحه الشياطين في العذابات ويرتجفون منه الآن في القبر (مشيراً إلى طرد الأرواح الشريرة بطلب شفاعتة القديسين ولمس أجسادهم). والرائع في الأمر أن الكتاب يشهد أن حتى متعلقات القديسين لها بركة خاصة، فيخبرنا سفر الأعمال أنه “كان يؤتى عن جسده (بولس) بمناديل أو مآزر إلى المرضى فتزول عنهم الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة منهم” (اع12:19) لقد كانت رفات القديسين في الكنيسة الأولى ولازالت قناة لا يستهان بها لمعجزات الله، ليست فقط المادية كالشفاء ولكن الروحية أيضاً كطلب المعونة والصلاة من أجلنا لكي يكمل الرب غربتنا في مخافته وأن يعيننا كما أعانهم.. كما حدث مع البابا بطرس – خاتم الشهداء، ففي اللحظات الأخيرة له على الأرض والتي كانت بالتأكيد مليئة بالمهابة والمخافة والاستعداد للعبور إلى أورشليم السماوية، في هذه اللحظات تحديداً طلب البابا من الجنود المكلفين بقطع رأسه أن يتركوه يصلي عند قبر القديس مرقس الرسول طالباً بركة روحية خاصة لأجل هذه اللحظات المهوبة. لهذا من الطبيعي أن يكون هناك سعي على مر العصور من الكنائس لحيازة رفات القديسين.. يقول يوحنا كاسيان عن رحلته إلى براري مصر أن بعض الرهبان استشهدوا على يد البربر فحملت أجسادهم بواسطة أساقفة الإيبارشيات المجاورة لهم وكل الشعب المسيحي، ومن شدة سعي الشعب لأخذ بركتهم تنافس أهالي مدينتين على أحقية كل منهما في الاحتفاظ بالأجساد، أهالي الكنيسة القريبة من مكان ميلاده وأهالي الكنيسة القريبة من مكان استشهاده. إن أجساد القديسين ذخائر بركة يكرمها الرب ويكرمنا من خلالهم.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قيام أجساد القديسين |
لماذا نكرم رفات القديسين (أجساد القديسين / ذخائر) |
نحن لا نعبد أجساد القديسين |
أجساد القديسين |
رفات القديسين (أجساد القديسين / ذخائر) |