رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شفى يسوع رجلاً ممسوساً أعمى وأخرس
نصّ الإنجيل وجيءَ إلى يسوع برَجُلٍ مَسَّهُ الشيطانُ أعمى وأخرَس. فشفاهُ حتّى تكَلَّمَ الأخرَسُ وأبصَر. فدَهِشَ الجموعُ كُلُّهُم وقالوا : " أليسَ هذا ابنَ داود ؟ " وسَمِعَ الفرّيسيّونَ كلامَهُم فقالوا : " إِنَّما هذا يَطْرُدُ الشياطينَ بِبَعْلَ زَبولَ رئيسِ الشياطين ". فعَلِمَ يسوع أفكارَهُم فقالَ لهُم : " كُلُّ مملَكَةٍ تَنقَسِمُ تَخْرَب، وكُلُّ مَدينةٍ أو بيتٍ ينقَسِمُ لا يَثبُت. فإنْ كان الشيطانُ يَطرُدُ الشيطانَ فقدِ انقَسَم، فكيفَ تثبُتُ مَمْلَكَتُهُ ؟ وإنْ كنتُ بِبَعلَ زَبولَ أطرُدُ الشياطين، فبِمَنْ يَطرُدُهُ أبناؤُكُم ؟ لذلك هُمْ سيحْكُمونَ عليكم. وأمّا إذا كنتُ بروحِ اللهِ أطرُدُ الشياطين، فقد وافاكُمْ ملكوتُ الله. أَنَّى لأحَدٍ أنْ يدخُلَ دارَ الرَجُلِ القويِّ ويَنهَبَ أمتِعَتَهُ، إذا لم يوثِقْ ذلك الرجلَ القويَّ أوّلاً، ثمَّ يَنهَبُ بعدئذٍ دارَهُ " (متى 12/22-29) قال الجمع : أليسَ هذا ابن داود جاء الناس إلى يسوع برجلٍ قد استولى عليه الشيطان، وسألوه أن يخرجه منه. وكان الرجل أعمى وأخرس. لقد دخل الشيطان في جسم هذا الرجل فعقد لسانه، وسدل على عينَيْه حجاب العمى، فحرمه رؤية جمال مخلوقات الله، ومنعه من الترنيم بحمده تعالى مع جماعة المؤمنين في اجتماعات الصلاة. وتطلّع يسوع إلى هذا المسكين فرئف به، وأخرج منه الشيطان وأعاد إليه البصر والكلام، فأخذ الرجل يرى ويتكلّم، واستطاع منذ ذلك اليوم أن يعيش بين الناس عيشةً كريمة تليق بمقامه الحرّ المخلوق على صورة الله ومثاله. صنع يسوع هذه المعجزة أمام جمهور الشعب، فدهِشَ جميعُهُم، وأخذوا يتساءلون في ما بينهم : " أليسَ هذا ابنَ داود، المسيحَ الذي نحنُ ننتَظرُ مجيئهُ ؟ " لقد كانوا على حقّ عندما طرحوا هذا السؤال على أنفسهم. فالمعجزة التي صنعها يسوع كانت عظيمة قهرت بلحظةٍ واحدة قوّة الشيطان الجهنّميّة، وأظهرت أنّ يسوع هو المسيح الذي يفوق جميع الأنبياء بسلطته وتفوّقه على الأرواح الشريرة. إنّما هذا يطردُ الشياطين ببعلَ زبول رئيسِ الشياطين رأى الكتبة والفرّيسيّون هذه المعجزة فنسبوها لا إلى قدرة يسوع الإلهيّة، بل إلى سلوكه الخدّاع الذي حمله على أن يأتَمِرَ مع رئيس الشياطين ليُدخِلَ الضلال إلى قلوب الناس. قالوا : " إنّما هذا يطرُدُ الشياطينَ ببعلَ زَبول رئيسِ الشياطين ". فردَّ يسوع عليهم هذه التهمة الباطلة بثلاثة أجوبة قاطعة أفحمهم بها وبيّن حقدهم وحسدهم. قال في الجواب الأوّل : كلُّ مملكةٍ تنقسم على نفسها تنهار. فإذا كان رئيس الشياطين يطرد الشياطين فإنّ مملكته تنقسم على نفسها وتنهار. ولذلك، فإنّه حرصاً على وحدة مملكته وثباتها لا يرضى بان يطرد أعوانه الشياطين من أجسام الناس. فالتهمة إذاً تهمة باطلة. وقال في الجواب الثاني : إنّ بينَكم كتبةً وفرّيسيّين من أبنائكم يقومون بطرد الشياطين من أجسام الممسوسين. فهل يلتجئون للقيام بهذا العمل إلى رئيس الشياطين أم إلى قدرة الله ؟ ألا تقولون إنّهم يلتجئون إلى قدرة الله ؟ فلماذا تقولون إنّهم يلتجئون إلى قدرة الله، وتتّهموني بأني ألتجئ إلى رئيس الشياطين ؟ إنّ قولكم هذا دليل على أنّ حُكْمَكم المُتَحيِّز حكمٌ باطلٌ وضالّ، لا يقبل به أحد، حتّى ولا أبناؤكم الذين يسعون لإخراج الشياطين. وقال في الجواب الثالث : إنّي صنعت للرجل صنيعاً حسناً، فشفيته وأعدْت إليه كرامته الإنسانيّة المهدورة. وهذا برهان على أنّي قد أخرجت الشياطين بروح الله الساكن فيَّ. فعملي هذا إشارةٌ واضحة إلى أنّ ملكوت الله قد أخذ ينتشر بينكم فافتحوا له قلوبكم، ودعوه يدخل إلى نفوسكم، ليزيح عنها الحقد والحسد، ويضع مكانهما الإيمان ومحبّة الحقيقة. بهذه الأجوبة الثلاثة بيّن لهم أنّهم يتعامَوْن عن رؤية الحقيقة الناصعة، ويتصرّفون تحت تأثير الحقد والحسد، فيرفضون الإيمان بان يسوع هو المسيح المنتظَر الذي جاء إلى العالم ليخلّص البشرية الواقعة تحت سيطرة إبليس. حالة الخاطئ تشبه حالة الممسوس إنّ من استسلم إلى الخطيئة وعاش فيها كان شبيهاً بالرجل الممسوس. فالعاهات الثلاث التي حلّت به، وهي العبوديّة والعمى والخرَس، تحِلّ بالخاطئ العنيد 1- العبوديّة : إنّ الخاطئ عبدٌ للشيطان يرزح تحت نير عبوديّته. إنّ هذه العبوديّة، وإنْ كانت غير محسوسة ولا مَرْئيّة، عبوديّةٌ واقعيّةٌ ومُرّة، ولها نتائجها الوخيمة. فإذا مات، وكان في الدنيا عبداً للشيطان، بقيَ عبداً له في الآخرة، فحُرِمَ مشاهدةَ الله السعيدة، وأُلقيَ في هوّة الهلاك، تعذّبه الشياطين بلا هَوادة مدى الأبديّة. 2- العمى : إن الخاطئ أعمى، لا يُبصر قذارة نفسه، ولا شناعة الخطايا التي تُهين جلال الله تعالى، ولا مساوئ الشهوات البشريّة الفاسدة التي تؤذيه في ماله وجسده وسمعته بين الناس. وهذا ما يجعله أعمى قابعاً في بؤرة الآثام لا يخرج منها. 3- الخرَس: وهو أخرَس، لا يسبّح الله مع إخوته المؤمنين الصالحين ولا يتكلّم معهم. وإذا ما تكلّم فإنّه يتكلّم مع رفاق السوء ليتابع وإيّاهم مسيرة الخطيئة، ويسعى معهم للعثور على فُرَص التمتّع بالملذّات المحرّمة. فالخاطئ عبدٌ للشيطان أعمى وأخرس لا يتمتّع برؤية جمال الفضيلة الرائع، ولا يترنّم بأناشيد المحبّة التي يُنشدها الأبرار مدى الأبديّة في الحياة السعيدة. يسوع يُنقذ الخاطئ من عبوديّة الشيطان عمل يسوع للرجل الممسوس عملاً رائعاً، فأنقذه من عبوديّة الشيطان وعمى العَيْنَين وعقدة اللِّسان. وهو يعمل اليوم للخاطئ أكثرَ مِمَّا عمله في الماضي للرجل الممسوس. إنّه لا ينتظر مَنْ يجيء بالخاطئ إليه ويطلب منه الشفاء، بل يأخذ المبادرة من تلقاء نفسه، ويأتي إليه ليُنقذه من عبوديّة الشيطان، ويُزيل عنه عمى القلب وعقدة اللِّسان، ويجعله ينعم مع سائر المؤمنين بكرامة أبناء الله. وهذا ما أشار إليه بوضوح مثلُ الراعي الذي انطلق إلى البرّية وأخذ يبحث عن الخروف الضالّ. فلمّا عثر عليه حمله على كتفَيْه، وجاء به إلى البيت، وفرِحَ به مع أصدقائه لأنه أنقذه من الموت. يقول يسوع للخاطئ : لا تيأسْ. أنا أقوى من الشيطان أراد يسوع أن ينعش في قلب الخاطئ الإيمان بقدرته الإلهيّة والرجاء في الحصول على أسباب الخلاص، فأكّد لـه بأسلوبٍ شعبي ولغةٍ قِتالية أنّه أقوى من الشيطان، وأنّه قادر على إنقاذه من سيطرة إبليس ، فلا داعي للخوف واليأس. قال : مَنْ كان قويّاً ومتحصّناً في بيته لا يقوى عليه إلاّ مَنْ كان أقوى منه. فهذا الأقوى يُهاجمه في داره، ويُكبّله بالقيود، وينزع عنه أسلحته، ويستولي على أمتعته، ويطرده من مسكنه. فالقويّ هو الشيطان الذي استولى على جسم الخاطئ واتّخذه مسكناً لـه، وتحصّن فيه بأسلحته الشيطانيّة، واطمأنّ إلى سُكناه الدائم فيه. ولكنّ يسوع أقوى منه، فإنّه يهاجمه في بيته بأسلحته الإلهيّة، ويسيطر عليه، ويكبّله بالقيود الأبديّة، وينزع عنه أسلحته ، ويطرده من جسم هذا الإنسان، ويلقيه في الهوّة الجهنّميّة، ويحرّر الخاطئ من طغيانهِ ، ويجعله ينعم بالراحة والحرّية والسعادة الدائمة. ولذلك يقول للخاطئ : " لا تيأسْ. أنا يسوع مخلّصك أقوى من الشيطان". (متى 12/29) التطبيق العملي 1- إذا صادفتَ أعمى وأخرس قلتَ في نفسك : ليس لهذا الإنسان حظٌّ في الحياة لأنّه يعيش في الظلام ولا يقوى على التعبير عن حاجاته وعواطفه. فهل الخاطئ المتمسّك بخطاياه أسعدُ منه حظّاً ؟ أقمْ مقابلة بينهما وبيّنْ أيُّهما اكثر بؤساً. 2- إنّ التخلّص من العمى والخَرَس يكاد أن يكون مستحيلاً، حتى مع تقدّم الطبّ والعلوم الطبيعيّة. ولكنّ يسوع وضع تحت تصرّف الخاطئ وسائل متعدّدة ليُنقذه من عمى القلب وعقدة اللِّسان، ومِنْ أبرزها التأمُّل في الإنجيل، والصلاة الجماعيّة والفرديّة، وقبول سرّ التوبة، وطلب شفاعة أمّنا مريم العذراء. أوضحْ أنّ هذه الوسائل الروحيّة تنقذ الخاطئ من عماه وخرَسه. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
شفى يسوع رجلاً أعمى في بيت صيدا |
شفى يسوع رجلاً يدُه شلاّء |
شفى يسوع رجلاً مقعداً في كفرناحوم |
شفى يسوع رجلاً مصاباً بمرض الإستسقاء |
شفى يسوع رجلاً أبرص |