شهداء نعوا أنفسهم قبل الرحيل.. كيرلس وصبري وأبو غزالة
الدستور
لم يكن يعرف وقتها حينما خط ذلك النعي لزميله أنه سيلقى نفس المصير بعد عدة أيام، وسيُكتب له نعي مماثل، تكتب معه نهايته، كا نوا منذ ساعات قليلة يقفون جانب بعضهم البعض يتبادلون الضحكات والبسمات، فظهر لهم شبح الإرهاب حاصدًا أرواحهم، فتلاشت البسمات وخفت صوت الضحكات، وعلا مكانها صوت الوطن ينعي أبطاله الأوفياء.
الشهداء المصريين اللذين راحوا ضحية الإرهاب في حادث أمس بالشيخ زويد، ومن سبقوهم في حوادث أخرى، الجميع كانت كلماتهم قبيل استشهادهم توضح توقعهم بحدوث تلك النكبة، وأيضًا اتفقوا في نعيهم لزملائهم اللذين سبقوهم دون سابقة إنذار.
حادثة أمس، التي جاءت فيها صفحات الشهداء صادمة للغاية ما بين توقعاتهم بالاستشهاد ونعيهم لزملائهم.
بالتجول في صفحة الشهيد "أبو غزالة"، نجده علق قبل ذلك الحادث وكأنه تنبأ بموته ورحيله، كاتبًا: "اللهم اخرجنا من تلك الدنيا بدون خطايا، ويوم القيامة أكتب لنا الجنة شهداء دون حساب أو سابقة عذاب"، فستجاب له الله ليحلق شهيدًا في جنته.
ومن التوقع والصدمة إلى النعي، كتب ناعيًا صديقه النقيب "محمد مجدي": "الله يرحمك ويكتبك من الشهداء، من أحسن الناس أدبًا، وأكثرهم خجلًا، وأعفهم لسانًا، كان آخر لقاء بيننا منذ شهرين، اللهم الحقنا به على خير وأحسن إليه وأكتبه في الشهداء وأنزل برد السكينة على أهله "النقيب محمد مجدي"، ليضرب مثالًا أخر في حادثة "الشهيد الذي ينعي شهيدً مثله".
ومنه إلى المجند "صبري محمد"، شهيد وضحية حادث الشيخ زويد، الذي كانت آخر كلماته حمدًا لله بقوله: "احمدك يارب النهارده ذكرى أول يوم ف الميري عدت سنه وباقي 35يوم معانا يارب" ليرحمه الله من تلك المشقة ويدخله جناته شهيدًا حوله الملائكة.
وقبل وفاته بدقائق كتب آخر منشور له على صفحته بالفيس بوك، دعى الله أن خدمته تنهتي على خير، بقوله: "الحمد الله قلبت مطر وفاضلى10دقايق وأخلص الخدمة، استرها يارب، مش مطمن"، لتصدق نبوئته بعدها بدقائق.
ولم تخل صفحته من النعي لأحد أصدقاؤه الشهداء وكأنه يلوح لهم من بعيد بقوله: "ربنا يرحم زمايلنا اللى استشهدوا انهارده، ويصبر أهاليهم والله أن العين لتدم على فراقهم وفى النهاية مابيروحش غير عساكر مالهومش أي ذنب كل اللى يهمهم أنهم يخلصوا ويرجعوا لأهاليهم على خير".
وفي تتابع للشهداء المصريين اللذين دخلوا في دوامة نعي بعضهم لبعض، وتوقعهم استشهادهم في أي لحظة، كتب المجند "كيرلس فاضل حليم"، على صفحته بالفيس بوك :" فاضلي 49 يوم ميري وتبدأ حياة الحرية يارب هون، بعض الأحلام بسيطة لكنها مستحيلة"، حقًا مستحيلة فلم ينتظر الإرهاب استكمالا تلك الأيام الباقية ليحصد روحه تاركًا أهله متحسرين على فقيدهم.
نعي قبل أيام قليلة أحد زملاؤه في منشور له: "الله يرحمك يا صاحبي بجد كنت راجل وأطيب شخصية عرفتها واتعاملت معاه كان نفسي تقوم بالسلامة ونتخرج مع بعض بس إرادة ربنا فوق كل شئ وأكيد عند ربنا أحسن بكتير من الأرض وأرفها ادعيلنا ربنا يصبرنا ويصبر أهلك".
الشهيد "محمد أحمد حجازي" ضحية تفجير أتوبيس للجيش المصري، كان أول شهيد توقع وفاته عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، فكان له منشور قبيل الحادث بيوم، قائلًا فيه عن أحداث رفح: "يا شهداء رفح أطمئنوا أنتم السابقون ونحن اللاحقون بكم بإذن الله تعالى".
ونعى أيضًا صديقه الشهيد رامي الجنجيهي من قوة قطاع الأحراش، بذلك المنشور: "كنت لسه معايا من 20 يوم، ومكنتش أعرف أن دي آخر أيامك يا صاحبي والله أنت حرقت قلبي، بس أنت أكيد في مكان أحسن منى دلوقتي يا رامي، ربنا يصبرنا ويصبر أهلك ومراتك ويبارك في بنتك ويغفرلك"، فأطلقوا عليه بعد وفاته شهيدًا ينعي شهيد.