منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 18 - 09 - 2014, 03:02 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,545

القلب العطوف - البابا شنودة الثالث

القلب العطوف - البابا شنودة الثالث
اليوم أود أن أحدثكم عن القلب العطوف المملوء بالحنان والرقة الذي يفيض إشفاقا علي كل أحد، حتي علي الذين لا يستحقون‏..!‏
وحنو الإنسان علي غيره، قد يشمل الكائنات جميع، فيحنو علي العصفور المسكين، وعلي الزهرة الذابلة، وعلي الشجرة العطشي إلي الماء‏.‏ ويحنو علي الحيوان الضعيف الخائف من وحش يفترسه‏!‏

**‏ وقد يكون الحنو في نواح مادية أو جسدية‏.‏ كما يكون في نواح نفسية أو معنوية‏.‏ وخلاصة الأمر أن القلب العطوف يفيض بحنانه في كل المجالات وعلي الكل‏.‏ فيشفق علي الفقير المحتاج، وعلي المريض المتألم‏.‏ كما يشفق علي اليائس المتعب نفسي، وعلي الخاطئ الساقط المحتاج إلي من يأخذ بيده ويقيمه‏.‏

**‏ والحنان ليس مجرد عاطفة في القلب، وإنما القلب العطوف تتحول فيه العاطفة إلي عمل جاد من أجل إراحة الغير‏.‏ ذلك لأن الحنان النظري هو حنان قاصر ناقص، يلزمه إثبات وجوده بالعمل‏.‏ فهو لا يحنو بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق‏.‏

**‏ القلب العطوف يجول يصنع الخير‏.‏ ولا يقول عن الساقطين الخاطئين إنهم لا يستحقون، بل يري بالحري، أنهم يحتاجون‏.‏
أليس أن الله ـ تبارك اسمه ـ وهو في علو قداسته، نراه يشفق علينا، ونحن في عمق خطايانا‏.‏ وهكذا يستر ولا يكشف‏!‏ وكم من أناس غطسوا في الشر، فلم يكشفهم ولم يفضحهم، ولم يشأ أن يعلن مساوئهم للناس‏.‏ لأنهم لو انكشفوا لضاعوا، وانسد أمامهم الطريق إلي التوبة بعد فقدهم ثقة الناس‏..!‏

**‏ لذلك فإن القلب العطوف لا يتحدث عن أخطاء الناس، ولا يشهر بها، ولا يقسو في الحكم عليها‏.‏ بل قد يجد أحيانا لهم عذر، أو يخفف من المسئولية الواقعة عليهم‏.‏ وإن قابلهم، لا يفقد توقيره لهم، معطيا إياهم فرصة لإصلاح وضعهم‏.‏ بل إنه قد يضحي بنفسه من أجلهم، ويحمل بعض المسئولية عوضا عنهم‏!‏
قال أحد القديسين إن لم تستطع أن تمنع من يتكلم علي الغير بالسوء، فعلي الأقل لا تتكلم أنت‏.‏ وقال أيضا إن لم تستطع أن تحمل خطايا الناس وتنسبها إلي نفسك لتنقذهم، فعلي الأقل لا تستذنبهم وتنشر خطاياهم‏..‏

**‏ إن القلب العطوف يعيش في مشاعر الناس‏:‏ يتصور نفسه في مكانهم، ولا يجرح أحدا‏.‏ ويبرهن علي نقاوة قلبه بعطفه علي الكل‏..‏ وهو يعرف أن الطبيعة البشرية حافلة بالضعفات‏.‏ وربما أقوي الناس تكون في حياته أيضا ثغرات‏.‏ لذلك فإن القلب العطوف ينظر إلي الناس في حنو، حتي في سقوطهم أيضا‏!‏ وبهذا كان أقوي المرشدين الروحيين هم الذين يفهمون النفس البشرية، ولا يقسون عليها في ضعفاتها‏..‏

**‏ إن القلب العطوف، لا يعامل الناس بالعدل المطلق مجرد، بل يخلط بالعدل كثيرا من الرحمة‏.‏ ولا يزن بميزان عدل جاف حرفي يطبق فيه النصوص‏.‏ بل أيضا يقدر الظروف المحيطة، سواء كانت عوامل نفسية أو وراثية أو تربوية أو عوامل اجتماعية‏..‏ أما الذي يصب اللعنات علي كل مخطئ، دون أن يقدر ظروفه أو يفحص حالته، فإنه قلب لا يرحم‏..‏

**‏ أيضا القلب العطوف دائما يعطي‏..‏ وهو يعطي في حب، وباستمرار، ودون أن يطلب منه، بل بدافع داخلي‏..‏ إنه دائم التفكير في احتياجات الناس ليقوم به، دون أن يقولوا له‏.‏

**‏ هذا القلب العطوف يريد أن يريح الناس وأن يسعدهم‏.‏ وإن وضعت في يده مسئولية، يستخدمها لراحة الناس‏.‏ وإن وهبه الله ثروة أو سلطة أو أية إمكانية، فإنه يستخدمها أيضا لأجل راحة الناس، كل الناس‏.‏

**‏ والقلب العطوف لا يستطيع أن ينام، إن عرف أن هناك شخصا في تعب أو احتياج‏.‏ بل يظل يفكر ماذا تراه يفعل لأجله‏.‏ لذلك كان من المستحيل علي مثل هذا القلب أن يؤذي أحد، لأنه يتألم لآلام الناس أكثر من تألمهم هم‏..‏

**‏ والقلب العطوف يعطي من حبه وليس من مجرد جيبه، ويشعر الآخذين من عطائه أنه إنسان محب، وليس مجرد محسن‏.‏ وهو يعطي الكل‏.‏ ولا يقتصر علي الأصدقاء والأحباء وذوي القربي أو إخوته في الدين والمذهب، بل هو يريح الجميع‏.‏

**‏ وهو يعطي بكور إيراداته، أي أوائل ما يصل إليه لكي يبارك الله الكل‏.‏ يعطي المرتب الأول الذي يتقاضاه، والعلاوة الأولي، وأول ما يصل إليه من إيراد‏.‏ فالجراح مثلا يعطي أجر أول عملية يجريها‏.‏ والطبيب يعطي أجر أول كشف‏.‏ والمدرس يعطي أجر أول درس خصوصي‏.‏ والصانع يقدم أجر أول عمل يقوم به‏.‏ والزارع يعطي أول حصيد أرضه، وأول ثمر شجره‏.‏ كل ذلك يقدم عطية للمحتاجين والمعوزين‏..‏

**‏ وأجمل ما في العطاء أن يعطي الإنسان من أعوازه ليسد احتياج غيره‏.‏ وفي هذا منتهي الحب والحنو‏.‏ لأن فيه تزول الذاتية، وتحل محلها محبة الغير، بل تفضيل الغير علي المعطي نفسه‏.‏
وفي كل هذ، يشعر القلب العطوف بأنه إنما يعطي من مال الله لعيال الله، دون أي فضل من جهته‏!‏ وكيف ذلك؟
في الواقع إننا لا نعطي شيئا من مالنا، بل من الله الذي أعطانا ما نعطيه، وأعطانا أيضا موهبة العطاء‏.‏ فكل شيء نملكه هو ملك لله‏.‏ ونحن مجرد وكلاء علي ما عندنا من مال، قد استودعنا الله إياه لكي ننفق منه علي وجهات الخير، وهو الذي يعطي القلب العطوف ما فيه من عطف وإشفاق‏
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
البابا شنودة الثالث| إذا كان القلب غير كامل
الله العطوف البابا شنودة
قساوة القلب لها اتجاهان ( قداسة البابا شنودة الثالث )
البابا المحب العطوف مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث
أهمية القلب فى الحياةالروحية - البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 02:14 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024