رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقدمة سفر أستير هو أحد سفرين في الكتاب المقدس تسميا بأسماء نساء. وتخلو صفحات هذا السفر من ذكر اسم الله؛ فعلى مدار السفر كله لا توجد كلمة "الله" أو "الرب" أو "إله إسرائيل"، ورغم ذلك فأحداث السفر كله تعلن وبصوت مرتفع عن وجود الله وتدخله وتحكمه الرائع في كل صغيرة وكبيرة تحدث في حياة شعبه وأبناءه الذين يثقون فيه. قال "متى هنري" ـ أحد المفسرين ـ "رغم إنه لم يُذكر اسم الله في هذا السفر إلا إن أصابعه واضحة فيه". فنستطيع أن نرى عبر أحداث هذا السفر قدرة الله الكاملة- نعم الكاملة- نحو أولاده. فهو يستطيع أن يتدخل في كل أمور حياتنا الصغيرة والكبيرة والتي تبدو مستحيلة أو حتى الأمور التي صدر فيها الحكم وباتت منتهية في أعين الجميع. فالله يهتم .. ويستطيع أن يتدخل بقدرته وقوته العجيبة.. وأن يغير الظروف والأوقات والأزمنة.. وأن يحرك قلوب الملوك (أي الذين لهم سلطة علينا) لتصير كل الأمور إلى خيرنا. وسوف نتأمل من خلال هذا السفر على مدار ثلاث مقالات عن هذا الإله العجيب الذي لم يُذكر اسمه فيه، ولكن أعلن بقوة عن نفسه وعن رعايته واهتمامه بشعبه وأولاده. 1. إله النصرة.. يحول كل الأمور لخيرنا. 2. إله التعويضات.. أقوى من الحرمان. 3. إله الحماية.. أقوى من مؤامرات الأعداء. I. إله النصرة يحول كل الأمور لخيرنا يحكي الأصحاح الأول من سفر أستيرعن غضب الملك أحشويروش على الملكة الجميلة "وشتي" لعدم طاعتها له في حضور الحفل الذي أقامه الملك لجميع رؤسائه وعبيده، كما يحكي عن حكمة حكماء الملك الذين أشاروا عليه بإصدار قراراًً إمبراطورياً لا يُنسخ بأن يكون الرجل متسلطاً في بيته، وبالتالي عزل وشتي الملكة عن المُلك لتكون درساً لكل معتبر (أس 22:1). ويبدأ الإصحاح الثاني بمشورة غلمان الملك الذين أشاروا عليه بإختيار زوجة جديدة تملك مكان "وشتي". وخاضت أستير تلك المسابقة لتُختار كزوجة للملك. وقبل أن أتكلم عن يد الله ونعمته التي أعطاها لأستير في أعين جميع الذين رأوها ولا سيما في عيني الملك، دعونا نتأمل ظروف وشروط تلك المسابقة لإختيار الملكة الجديدة. كانت مشورة الزواج من فكر غلمان الملك ولم تكن من مشورة الحكماء العارفين الأزمنة الذين أصدروا قراراً حكيماً في الأصحاح الأول يتوافق مع كلمة الرب. وكان القرار يحث الشعب أن تُكِنْ الزوجات الاحترام والتقدير لأزواجهن (أستير 20:1)، وهذا ما يتفق مع كلمة الرب "أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة.." أف5: 23،22. لقد إختار الملك السير وراء مشورة الغلمان ولم يفكر أن يستشير الحكماء! وكَمْ هو الفرق بعيد بين مشورة الغلمان التي تمتلئ من الفساد والجموح وراء الرغبات.. وتفتقر إلى الحكمة والنضوج، وبين مشورة الحكماء التي تتوافق أراءهم مع كلمة الرب؟َ! لقد ذاق رحبعام بن سليمان نتائج الأخذ بمشورة الغلمان عندما رفض مشورة الشيوخ الذين كانوا يقفون أمام أبيه وفضل عليها مشورة الأحداث، فقادته مشورتهم إلى الانكسار وانقسام المملكة التي ملك عليها عوضاً عن أبيه (1مل 13:12). وكَمْ من مرة أخذنا بمشورة أصدقائنا ولم نأخذ بمشورة القادة والرعاة الذين وضعهم الله لنا؟ وكَمْ من مرة عملنا بمشورة الأحداث التي لا تتفق مع كلمة الرب ولكنها ترضي رغباتنا وأهوائنا ؟ فلقد كان الشرط الأول في مشورة الغلمان هو ".. ليطلب الملك عذارى حسنات المنظر" أس 2:2. فكان الشرط الأول هو الجمال. ولكن ألم تكن "وشتي" جميلة لكنها لم تكن مطيعة؟! وكم منا اليوم وهو يفكر في الإرتباط يجعل شرطه الأول والأعظم مُنصباً على الجمال متغاضياً عن كلمة الرب على لسان سليمان ـ الذي ارتبط بألف امرأة ـ "الحُسن غش والجمال باطل. أما المرأة المتقية الرب فهي تُمدح" أم 31: 30 والشرط الثاني هو أن تُجمع الفتيات العذارى حسنات المنظر وتُدفعن ليد هيجاي خصي الملك حارس النساء ولتُعطين أدهان عطرهن سنة كاملة. وكَمْ من شباب منا يفكر بنفس المنطق "الفتاة الجميلة ذات الملابس الأنيقة المزينة من الخارج.. "ولا تفكير في الحياة الداخلية، والاهتمام بالصلاة، أو التعليم والثقافة، أوقدرتها على تحمل المسئولية.. ألخ. والشرط الثالث هو أن يختار الملك منهن من تحسن في عينيه. وكَمْ تحمل هذه العبارة من وراءها أصل الخطية والسقوط، بالضبط تماماً كما حسنت الثمرة في عيني حواء وآدم. ألم يختار شمشون الارتباط من إحدى بنات الفلسطينيين متجاهلاً وصايا الله وكلمات أبيه، قائلاً له ".. قد رأيت امرأة.. إياها خذ لي لأنها حسنت في عيني" قض 14: 2-3. فكل ما يحسن في العين البشرية ما هو إلا شهوة، والشهوة تقود إلى الخطية والخطية نتائجها مدمرة. فكَمْ هو رائع أن نفعل ما يحسن في عيني الرب لا ما يحسن في أعيننا. فكَمْ من مرات إستحسنا أموراً في عيوننا وقلوبنا وصارت خادعة ومدمرة. أما أستير، تلك الفتاة التي خاضت منافسة اختيار الملكة، فمَنْ هي؟ 1. فتاة مسبية في أرض غريبة مات أبواها وأخذها ابن عمها مردخاي ليربيها. 2. فتاة جميلة الصورة حسنة المنظر (أستير 7:2). فلم تكن أستير جميلة الصورة فقط بل تميزت عن جميع الفتيات بإنها حسنة المنظر بما فيها من جمال داخلي جعلها تنال نعمة في عيني كل من رآها. فقد كانت نفسها راضية وقانعة وشاكرة لما هي عليه، الأمر الذي جعلها دائماً طلقة فزادها جمالاً. 3. كانت مطيعة لكل وصايا وتعاليم ابن عمها مردخاي.. وظلت خاضعة له ولتعليمه حتى بعدما أصبحت ملكة، فلم تتعالى عليه ولا على وصاياه ولم يعرف الكبرياء قلبها. إن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله؛ فلقد استخدم الله كل الظروف السيئة. واستخدمها ببراعة فائقة ليرسم صورة رائعة عن معاملات الله مع أولاده، مُعلناً عن وجوده خلف كل الأحداث التي تحدث في حياة الذين يحبونه ويثقون فيه. فيخبرنا الكتاب المقدس في (أستير 17:2) "فأحب الملك أستير أكثر من جميع النساء ووجدت نعمة وإحساناً قدامه أكثر من جميع العذارى فوضع تاج المُلك على رأسها ومَلّكها مكان وشتي". لقد استخدم الله كل الظروف لأجل مُلك أستير؛ استخدم وقت السبي، واستخدم مشورة الغلمان التي كان هدفها الجمال والتفكير الضحل في الأمور الجسدية، واستخدم قرار الملك الذي يفعل ما يحسن في عينيه، كما استخدم جمال أستيرأيضاً. لقد نسج الله أمراً عظيماً من خلال كل هذه الأحداث؛ فسهولة الأمور ليست دليل على وجود الله كما أن الأمور الصعبة لا تعلن دائماً عن عدم وجود الله أو عن بُعده عنا أو نسيانه إيانا. تأمل معي كَمْ من أمور بدت وكأنها ليست في صالح أستير.ولو كانت أستير تفكر في تلك الأمور بمنطقنا لضاقت وتذمرت وأعلنت عن ضيقها من الله الذي تركها ونساها. لكن بالفعل كانت أستير على النقيض من تلك الأفكار، فقد كانت واثقة من إلهها الذي يحبها، وأن كل الأمور تعمل معاً لخيرها.. فلم تدع الخوف والقلق يسيطران عليها. فيُحكى إنه لما جاءت نوبة أستير للدخول للملك، كان لها الحق في طلب أي شيء تريده. فيقول الكتاب ".. لم تطلب شيئاً إلا ما قال عنه هيجاي خصي الملك حارس النساء" (أس 2: 15). نعم لم تطلب شيئاً؛ فكَمْ من مرات اندفعنا وراء تطلعات ورغبات وأطماع، مُرجعين ذلك إلى إننا عشنا محرومين، أو إننا نعاني من ضغوط وأحمال وظروف أقوى منا ؟ فبالرغم من قسوة ظروف أستير، إلا إنها لم تلجأ إلى أي من هذه الأمور، بل كانت واثقة بأن الله يستطيع أن يعطيها أكثر جداً مما تطلب أو تفتكر. قال أحدهم "كما إن "التورتة" لذيذة في طعمها إلا إن مكوناتها لا تكون لذيذة على إنفراد، فالملح مثلاً الذي يضاف إلى عجينة "التورتة" ليس رائع الطعم وهو منفرد، ولكن وهو متداخل في كيان "التورتة" فهو رائع ومفيد لضبط المذاق". وهكذا حياتنا قد تمر بأحداث وظروف تبدو صعبة حزينة، ولكن يجب أن نتعامل معها بثقة، فإله كل نعمة إلهنا الحي يستطيع أن يغير كل شيء ويحول كل شيء إلى خيرنا، ويجعل لنا من خلال تلك الأمور حالاً أفضل بل وأعظم مما نفتكر. أريدك أن ترفع قلبك الآن شاكراً ومعظماً وحامداً الله على كل الظروف التي تمر بها.. مُعلناً ثقتك في محبته ورعايته لك.. وإن إلهك أعظم وأقوى من كل التحديات التي تمر بها. أمين |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يا رب اعطينا روح النصره وابعد عنا كل لحظة يأس وفشل |
امر احالة متهمي جبهة النصره |
انت ابني المحبوب صُلبت لأُعطيك النصره |
يسوع ضامن النصره لك |
النشره الجويه فى فتره الامتحانات |