رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رب الشهداء القدير القس بولس بشاى كاهن بكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل بأسيوط ١١ سبتمبر ٢٠١٤ اسمعك تسألنى ان كان رب الشهداء قدير فلماذا يتركهم يقاسون العذابات و يذوقون الموت؟!! اجيبك اننا نؤمن ان شعرة من رؤوسنا لا تسقط بدون اذن ابينا و انه لا يستطيع انسان ان يؤذينا ان كنا متمسكين بالخير و ان كانت هناك ضيقات و اضطهادات فهى ليست بمشيئة انسان انما بسماح من الله “لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا ان تؤمنوا به فقط بل ايضاً ان تتألموا لأجله” (فى29:1) لكى يتزكى ايماننا و هذا لا بحسب خطة انسان انما بحسب خطة الله نفسه “اما خوفهم فلا تخافوه و لا تضطربوا” (1بط14:3) لذلك يصاحب تذكار النيروز طقس فرايحى سبع عشرة يوماً من 1 توت الى 17 توت الموافق عيد الصليب وكأن هناك خيطاً بين فرحنا بصليب المسيح لأجلنا و بين فرحنا بآلامنا التى نتحملها على اسمه المبارك فلن يكتمل عمل الصليب فينا إلا بحملنا له “مع المسيح صلبت ” (غل20:2) فمادام الألم بسماح من الله فهو لا يمكن بأى حال من الأحوال ان يكون مدعاة للحزن بل سبباً للفرح. فى ذكرى الشهداء أبدًا لم نرَ الكنيسة على مر العصور تتشح بالسواد و لا تندب حظاً عاثراً بل يعلوها رايات الفرح و الانتصار و كأن غاية الامال و منتهى الطموح الروحى للكنيسة هو ان ترى ابناءها فى مثل هذه القوة الروحية التى تستهين بكل شىء حتى بذل النفس و سفك الدم فالهدف انبل و اسمى بما لا يقاس بالمجد الارضى “لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشىء لنا اكثر فأكثر ثقل مجد ابدياً و نحن غير ناظرين الى الاشياء التى ترى بل الى التى لا ترى لأن التى ترى وقتية اما التى لاترى فأبدية” (2كو17:4) و ما احوجنا فى هذه الايام الى اعادة النظر فى تبعات و تكلفة ايماننا و الذى نظن احياناً انه حياة رغدة رحبة سعيدة و هو كذلك, و لكن ليس بالمفهوم الارضى فإن كنا نمجد الشهداء و نعتبر يوم سفك دمائهم يوم عرسهم السماوى فلنعلم انهم لم يسيروا فى هذا الطريق و كأنهم فى نزهة او رحلة لطيفة بل عبروه كطريق ضيق ملآن بالتعب و المشقة و العرق انتهى بسفك الدم. الكتاب المقدس يصف لنا هذا الطريق بأن ما فيه من آلام هى آلام حقيقية بل و تقود الى الحزن الجسدى و لكن فى نفس الوقت تتهلل الروح التى تشعر حقاً بمشاركة الرب لها و حمله اياها “فى كل ضيقهم تضايق و ملاك حضرته خلصهم بمحبته و رأفته هو فكهم و رفعهم و حملهم كل الايام القديمة” (أش9:63) و ينسجم الاثنان معاً الجسد المكسور و الروح المتهللة فى معادلة عجيبة لكنهاحقيقة يختبرها الاتقياء و شهد لها القديس بولس و قال “كحزانى و نحن دائماً فرحون” (2كو10:6) و نفس الفكر عبر عنه القديس بطرس بصيغة اخرى حين قال “الذى به تبتهجون مع انكم الآن ان كان يجب تحزنون يسيراً بتجارب متنوعة” (1بط4:1) و كما يقول القديس كبريانوس: ]الرب يرغب ان نفرح و نسرفى الاضطهادات لأنه حينما يوجد اضطهادات تُعطَََى اكاليل الايمان و يتزكى جنوده و تفتح ابواب السماء للشهداء.[ فمهما أوتى رئيس سلطان هذا العالم من قوة فإن سلام الله الذى يفوق كل عقل يحفظ قلوبنا و فرح المسيح يثبت فينا و لايستطيع أحد ان ينزع فرحنا منا. و لكى نكون ثابتين فى سلامنا و فى فرحنا علينا ان ندرك اولاً ان المسيح هو ربان السفينة الأعظم و هو الذى يسمح بهيجان الأمواج وهو الذى بكلمة قدرته يعيدها الى هدوئها . ان الشيطان يحاول ان يضغط علينا بكل الوسائل ولكن ايماننا بأن المسيح هو ضابط الكل يرفعنا فوق كل حيله, لا تصدقوا أن الشيطان يمكن مثلاًأن يضيق على اقواتنا فيدفعنا هذا الى البحث عن وسائل عالمية لحماية انفسنا,فى الظاهر يمكن و فى الحقيقة لا يمكن لأن اقواتنا و ارزاقنا محروسة “انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع و لا تحصد و لا تجمع الى مخازن و ابوكم السماوى يقوتها الستم انتم بالحرى افضل منها” (مت26:6) لقد اعطى الله ابراهيم وعداً قائلاً “قم أمشى فى الأرض طولها و عرضها لأنى لك اعطيها”(تك17:13) أى ارض هذه التى تتكلم عنها يا رب لابراهيم؟! لقد علَّمت ابراهيم المحبة و التسامح و ها هو لوط اخذ الارض الواسعة الخضراء كما يذكر عنها الكتاب ارض سقى كنا نتوقع ان تقول لابراهيم تعال اريك ارض احسن من تلكالتى لم تعجب لوط و تعطيه الوعد بأرض جديدة خصبة لكن الله كان قد قررالبركة لا بالامكانيات و لا بالعوامل الطبيعية بل بقوة عمله الفائق و هكذا نرى فى القصة عجباً الارض المحتقرة من لوط تفيض لبناً و عسلاً و صارت ارض الموعد, اما ارض سدوم السقى الخضراء احترقت بنار و كبريت, لذلك مهما استحوذ الآخرون على الارض الجيدة و بقى لابراهيم ما بقى فإن “بركة الرب تغنى و لا يزيد معها تعباً” (أم22:10) و ماذا اقول ايضاً لأنه يعوزنى الوقت ان اخبرت عن جدعون الذى انتصر على العمونيين بثلثمائة رجل و عن باراق الذى انتصر على الفلسطينيين المسلحينبتسعمائة مركبة حديدية و عن شمشون نذير الرب الذى كان يقتل بمفرده المئات و الالوف من الفلسطينيين و عن يفتاح الذى عاش طريداً ذليلاً و لكن عمل الله به نصراً عظيماً على العمونيين و داود الفتى الذى انتصر على جليات الجبار و صموئيل و الانبياء الذين “بالايمان قهروا ممالك صنعوا براً نالوا مواعيد سدوا افواه اسود اطفأوا قوة النار نجوا من حد السيف تقووا من ضعف صاروا اشداء فى الحرب هزموا جيوش غرباء” هذا هو يا رب عملك قوتك التى تعمل بها الاعاجيب, لكن مع هذا لا تنسوا ان هناك قائمة اخرى من ابطال الايمان تمجد الله معهم و فيهم بطريقة اخرى تماماً “و آخرون تجربوا فى هزء و جلد ثم فى قيود ايضاً و حبس, رجموا نشروا جربوا ماتوا قتلاً بالسيف طافوا فى جلود غنم و جلود معزى معتازين مكروبين مذلين… فهؤلاء كلهم مشهوداً لهم بالايمان” (عب39:11) فسواء بهذه الطريقة او تلك فإن الله لا يترك ابناءه المؤمنين باسمه بل يعطيهم النصرة و يهبهم الاكاليل المنيرة و المجد الابدى الذى ليس له نهاية ويسمعهم الصوت المعزى “كنت اميناً فى القليل فأقيمك على الكثير. ادخل الى فرح سيدك” (مت21:25). |
|