مفاعيل سر التوبة
مما لا شك فيه أن الروح القدس هو مصدر قوة كل سر. فهو من يعصف في كل الأسرار بشكل غير منظور عبر أدوات منظورة حسية. هذه القوة المقدسة الموجودة في كل سر، على الرغم من أنها تتمم في الكنيسة وفقاً لطقوس ورسوم معينة، إلا أنها غير محدودة ولا تستنفد مفاعيلها في الشكل الذي تظهر لنا فيه.[22]
وسر التوبة كسائر الأسرار، فيه الجانب المنظور، الذي يشمل اعتراف التائب أمام الكاهن، وقراءة إفشين الحل من قبل الكاهن، بالإضافة إلى الجانب غير المنظور، الذي تعمل فيه قوة الروح القدس، فتزيل الآثام، وتعطي التبرير، وتمنح المصالحة مع الله، وتعتق المعترف من عقاب الخطيئة الأبدي، وتهب الرجاء بالحياة الأبدية.[23]
الكنيسة تعتقد بإمكانية الغفران لكل الخطايا بواسطة سر التوبة والاعتراف. فرحمة الرب لا توصف وهي أوسع من خطايانا كلها. لكن ذلك مرهون بالتوبة، "فليست خطيئة بلا مغفرة إلا التي بلا توبة" (القديس اسحق السرياني).[24] ففقدان رجاء التوبة بشكل كامل، وإسكات صوت الضمير، وتأصل الشر في قلب الإنسان، هو تجديف على الروح القدس ولن يُغتفر؛ ففي هذه الحالة يصير الإنسان مشابهاً للشيطان، وتكون إذ ذاك خطيئته للموت (1يو5 : 16_17)، وذلك لمعاندة مثل هذا الإنسان ومحاربته للحق والتقوى.[25]
إذاً مفاعيل سر التوبة والاعتراف تتوقف على قبول الإنسان لها، فالغفران والحل هما ممكنان في كل الحالات بالتوبة الحقيقية الصادقة.