المسيحيّة في الأمس واليوم
وفي مقارنة بسيطة بين مسيحيّي الأمس ومسيحيّي اليوم، يظهر لنا الفرق الشاسع. لقد عاش المسيحيّون الأوائل حياة اضطهاد وعذاب دائم، وكانت دماء الشهداء ثمن وجودنا اليوم، حملوا الصليب بفرح طيلة أجيال واستشهدوا، لتبقى المسيحيّة رمزًا للشهادة والمحبّة والعطاء والسلام شاهدة على حبّ الله. وما تميّز به أجدادنا هو عمق إيمانهم وصلابته، جاهروا به دون خوف لأنّهم مدركون تمامًا أنّه حقّ. كانوا متماسكين وعائلة واحدة، يجمعهم إنجيل الله ووصاياه وتعاليم الكنيسة المقدّسة. كانوا رمزًا للوحدة والإلفة "أنظروا كم يحبّون بعضهم البعض" (أعمال الرسل).
كانوا فعلاً شهود حقّ، حملوا الكلمة وكان عهدًا عليهم أن يوصلوها بأمانة إلى أولادهم وأحفادهم، لا بل كان واجبًا عليهم أن يغنوها أكثر بدورهم.
هل نعمل نحن على أن تصل أيضًا إلى أولادنا وأحفادنا؟!
فبعدما فقدنا الحرارة في إيماننا، بدأت قيمنا المسيحيّة الروحيّة والإنسانيّة، تذوب أمام أعيننا يومًا بعد يوم وكأنّ شيئًا لم يحصل!
فهل نحافظ على المسيحيّة بمخالفة وصايا الله والكنيسة؟!
هل نحافظ على المسيحيّة باستخفافنا بالقيم والأخلاق، وبارتكابنا الخطيئة بكلّ استهتار وبساطة؟!
وهل نحافظ على المسيحيّة باستباحة القتل والزنى والسرقة والبغض والحسد والغيرة، وكلّ ما هنالك من خطايا شنيعة ومكروهة؟!
هل نحافظ على المسيحيّة بعبادتنا مئات ومئات الأصنام الأرضيّة، وتركنا لخالقنا الذي أحبّنا وضحّى بابنه الوحيد لخلاصنا؟!
هل نحافظ على المسيحيّة بهتك القدسيّات، والكفر المباشر والغير مباشر بالتعاليم الإلهيّة والاستخفاف بالأسرار المقدّسة؟!