صرخة ألم
وانطلاقًا من هذا الواقع السيّئ، كان لا بُدّ لنا من أن نطلق صرخة تهزّ الضمائر والقلوب. صرخة صدّ وردع لكلّ هذه الميول الشريرة، التي تنخر بقوّة جميع المجتمعات البشريّة وخصوصًا مجتمعنا المسيحيّ. صرخة ثورة وانتفاضة على الشرّ والفساد، وأخيرًا صرخة تحسّر على أنفسنا ممّا ينتظرها.
هذه الصرخة نطلقها من أعماق قلوبنا، ونودّها أن تدخل إلى أعماقكم أيضًا بكلّ محبّة وغيرة مسيحيّة صادقة. فلنتذكّر معًا صرخة الربّ لقايين "ماذا فعلت بأخيك"؟! وصرخات الحبّ والحزن معًا التي يطلقها يسوع المتألّم المعلّق على الصليب أبدًا بسبب معاصينا:
ماذا فعلتم بمسيحيّتكم ومعموديّتكم؟!
ماذا فعلتم بصورة الله فيكم؟! وماذا فعلتم بوزناتكم؟!
لكن للأسف، هذه الصرخات لا يسمعها الكثيرون، لأنّ الخطيئة التي أصبحنا عبيدًا لها، صمّت آذاننا، وغشت عيوننا، فبتنا لا نسمع كلام الله ولا نشاهد نوره. وإذا ما سمعناه، فنعيشه بحسب أهوائنا وفلسفتنا وعلى طريقتنا. فنفسّر كلام الله في الإنجيل وتعاليم الكنيسة بحسب ما يحلو لنا وبحسب ما يتوافق مع طريقة عيشنا ومبادئنا. ولكن هذا الفادي لم يتركنا، وهو حاضر دومًا ليغفر لنا، وهنا صرخته الأكثر محبّة على الصليب: "اغفر لهم يا أبتِ لأنّهم لا يدرون ماذا يفعلون".