08 - 09 - 2014, 03:02 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
جلس عن يمين الآب
بعد أن تمم السيد المسيح عمل الفداء وصعد إلى السماوات جلس عن يمين أبيه، وليس المقصود هنا الجلوس الجسماني في المفهوم البشري فالله ليس له يمين أو يسار وليس هو محدود في طبيعته، ولكن المعنى في جلوس الابن عن يمين أبيه هو أنه بعد أن أكمل عمل الفداء أخذ ماله من مجد وكان ذلك المجد مخفي في زمان تجسده "الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمن العظمة في الأعالي" (عب 1: 3)، فالسيد بعد أن اجتاز السماوات جلس عن يمين أبيه (مر 16: 19)، وهذه هي صورة المجد وكانت غير منظورة للتلاميذ وقت الصعود. (والرب لم ينقص شيئا بسبب تجسده كذا لم يزد شيئا في صعوده، لا هو قل في تجسده ولا هو كثر في صعوده، فمجده لم ينقص حينما أخذ جسدا بشريا، ولا هو أخذ مجدا ليس له حينما صعد إلى السماء فإنه أي المسيح جلس عن يمين العظمة أي الآب وفي هذا الرد على هرطقة أريوس- "شرح (عبرانيين 1: 3) لأغسطينوس". وهذا المفهوم يتضح في صلاة المسيح الوداعية "أنا مجدتك على الأرض، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته، والآن مجدتني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم " (يو 17: 5). وفي جلوسه عن يمين الآب جلس على عرش مجده (مز 46). "إذ بالعدل والحق أتقن كرسيه" (مز 97: 2)، فيسوع الذي وضع قليلا عن الملائكة بتجسده، جلس في يمين العظمة في الأعالي، صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم (عب 1: 3-4). إن السيد دخل إلى مجده وقد سبق إشعياء أن تنبأ عن هذا
"أنا الرب هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر" (إش 42: 8). وفي جلوس السيد في مجده أخضع كل شيء تحت قدميه وهو ما شرحه القديس بولس الرسول "وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته، الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات. فوق كل رئاسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضا. وأخضع كل شيء تحت قدميه" (أف 1: 19-22).
وهو ما سبق أن تنبأ به داود النبي "قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك" (مز 11: 1)، ورآه دانيال النبي "أُعطى سلطانا ومجدا وملكوتا" (دا 7: 13). إن السيد المسيح في حياته على الأرض أوضح ذلك الأمر لتلاميذه إذ قال لهما " دفع إلىَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض" (مت 28: 18).
وبعد أن جلس السيد وملك فإن الخليقة أصبحت تشترك مع السمائيين لتقدم السجود
"وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين مستحق هذا الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة" (رؤ 5: 12). فالخليقة الساقطة التي عُتقت من الموت وارتفعت بصعود الرب وجلست معه في السماويات تجثو له وتمجده من أجل تدبير عمله المجيد،
لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء (الملائكة) ومن على الأرض (البشر) ومن تحت الأرض (الذين عتقهم من الجحيم) ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب مجد الله الآب (في 2: 8-11). وفي ذلك أيضا يقول القديس بطرس في رسالته عن المخلص
"إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين قوات مخضعة له" (1 بط 3: 22 ). وإننا إذ نتمتع ببركات هذا الصعود نشكر الله ونسجد له ونمجده إذ حسبنا نحن المؤمنين مع هؤلاء الساجدين له، ولساننا ينطق بالتسبيح لرب المجد،
لقد صعد السيد وجلس الملك في مجده، ومساكين هؤلاء الذين لا يريد و ن أن يملك عليهم فهم وقت الدينونة ينوحون وليس من فائدة "و حينئذ تنوح جميع قبائل الأرض" (مت 24: 30)، حقا أنهم مساكين لأنهم يصيرون تحت موطئ قدميه ويسمعون صوت الحكم المخوف هؤلاء الذين لم يريدوا أن أملك عليهم آتوهم واذبحوهم قدامي (لو 19: 27)، أما نحن فقد صار لنا جلوس السيد في مجده مصدر القوة والتعزية، وهي التي رآها إستفانوس وهو يستشهد وأعلنها أثناء محاكمته أمام المجمع اليهودي
"ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين الله" (أع 7: 56).
|