تجسّد كلمة الله (لوقا2/1-20)
وُلد كلمة الله بحسب الجسد البشري ليرمم صورة الله في الانسان، المخلوق اصلاً على صورته (تكوين1/26)، وقد شوّهها الانسان بخطيئته. فكان كلمة الله المتجسد فادي الانسان ومخلّص العالم. وسيقول آباء الكنيسة: " تأنس الله ليؤلّه الانسان".
لوحة الميلاد تكشف مضامين سرّ الكلمة المتجسّد، من خلال الاقوال والاحداث:
هذا الكلمة المتجسّد هو " المخلص، المسيح الرب"؛ وهو " مجد الله" الظاهر في صورة الانسان المرممة ببشرية المسيح؛ وهو السلام على الارض" و " الرجاء للبشر".
هذه الكلمة قالها الملاك للرعاة، وهؤلاء تنادوا للذهاب الى بيت لحم ليروا الكلمة، وعندما وصلوا أخبروا بالكلمة، ومريم حفظت في قلبها كل ما قيل عن الكلمة. اما الرعاة فعادوا فرحين بالكلمة، ممجّدين الله بها، ومسبحين على ما سمعوا ورأوا بشأنها.
يقول القديس مكسيموس المعترف (+662):
" وُلد كلمة الله مرة واحدة بحسب الجسد. ولكنه بحبه للبشر يودّ ان يولد باستمرار بالروح في الذين يحبونه. يصبح طفلاً صغيراً ويتكّون فيهم مع الفضائل، ويظهر بمقدار ما يتضّح له ان من يقبله جدير به. غير انه يظلّ مستتراً عن الجميع، بسبب عظمة سرّه".
ولكن، كيف يولد عند الذين يحبونه؟ انه مثل حب الزرع، اذا وقع في الارض الطيبة، أثمر "الواحد مئة". الارض الطيبة هي القلب البشري المحب، مثل مريم العذراء التي قبلت كلمة الله، اولاً "بالايمان والرجاء والمحبة"، ثم فبلته جنيناً في حشاها. وكان يكبر فيها وهي فيه " بحفظها الكلمة في قلبها والتأمل فيها" (لو2/19). انها القدوة في كيف نسمع كلام الله: نحفظه في العقل والذاكرة، ثم نتأمله في القلب، فيظهر في الموقف والمسلك. مريم اعطت كلمة الله جسداً بشرياً، اما نحن فنعطيها امتداداً في حياتنا، ونموذجنا بولس الرسول الذي قال: " انا حيّ! لا انا! بل المسيح حيٌّ فيَّ" ( غلا2م20).