رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العلاقة بين الاهل واولادهم " هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت" ( متى3/17). في معمودية يسوع على نهر الاردن اعتلنت بنوته الالهية وعلاقته بابيه السماوي. عندما ارسل الآب روحه القدوس واستقر على يسوع بشبه جسد حمامة، اعلن انه " ابنه الحبيب". فالروح القدس هو حب الله، المتبادل بين الآب والابن في سرّ الثالوث الاقدس. حيث يستقر الروح القدس تحلّ محبة الله، كالشمس، حيث يستقر شعاعها يحلّ النور والحرارة. بادل الابن الالهي الحب للاب بقبوله رسالة الفداء وتتميم ارادته الخلاصية. وسينادي يسوع اباه، في حياته العامة، " اباّ " للتحبب والتودد (مر14/36)، كما ينادي اطفال اليوم والديهم بلفظة اصبحت عالمية " papà اي ابتاه الحبيب". هذا الروح اياه، يقول بولس الرسول، عندما يستقر فينا، وهو روح الابن المرسل الينا من الآب، " يجعلنا نهتف يا ابانا" ( روم 8/15؛ غلا4/6). عندما احبت مريم الله، وعاشت بملء النعمة وقبلت الرسالة الموكولة اليها على يد الملاك، ارسل الآب اليها الروح القدس اي حبه الاسمى، فاصبحت حاملاً بابنه الوحيد. كانت مرضاة الله عليها، كما ستصير على ابنه المتأنس. هذا شأن كل واحد منا، اذا احب الله وحفظ كلامه وعاش بمقتضى وصاياه، احبه الله وارسل اليه روحه القدس، فينال مرضاة الله. من خلال علاقة الله الاب بالابن الالهي، تعتلن علاقة كل اب بابنائه في العائلة الدموية، الناتجة من الانجاب والتربية، كما تلك الناتجة من كل ابوة وامومة روحية في الكنيسة (راجع افسس 5/22-31). من بين المشاكل العائلية، تُطرح اليوم العلاقة بين الاهل والاولاد، وهي في الاساس ينبوع فرح وسعادة ونضج لدى الاهل ولدى ابنائهم وبناتهم. اذا اختلت هذه العلاقة او تشوهت، وقعت المأساة في العائلة. من مظاهر الخلل من جهة الاهل: عدم الاكتراث بشؤون الابناء لانشغالهم بشؤون اخرى، كالعمل او اللهو او الادمان على الكحول او المخدرات او لعب القمار، وكالتسلّط، والابوية والامومة المفرطة (maternalismepaternalisme,)؛ ومن جهة الابناء او البنات: التمرد، الرفض، عدم التواصل. وقد تفشت "عقدة اوديب" كما يسميه علم النفس التحليلي، اي الرغبة الدفينة بقتل الاب او الام. هذا الخلل نجده ايضاً بين المسؤول والجماعة سواء في الكنيسة ام في المجتمع. نرى اليوم عملية شيطانية ترمي الى التفرقة والقطيعة والانفصال، ليس فقط بين الطبقات الاجتماعية والرجل والمرأة وهذا وذاك من الناس او الفئات، بل ايضاً بين الآباء وابنائهم وتضع الابناء ضد آبائهم. نقول " عملية شيطانية"، لان لفظة "شيطان- diabolos" تعني ذاك الذي يفرّق ويقسّم بين الناس. وهكذا تُسمم الحياة العائلية التي هي أصفى ينبوع للفرح في الحياة البشرية، والعامل الاهم لاتزان الشخص ونضوجه. فكم من آباء يتألمون الماً عميقاً لشعورهم بانهم مرفوضون من ابنائهم او محتقرون بالرغم مما ضحوا في سبيلهم! وكم من ابناء يتألمون الماً شديداً بسبب عدم فهمهم او رفضهم من قبل ابيهم او امهم وربما يسمعون في لحظة غضب " انت لست ابني او ابنتي!". حدد الملاك مهمة يوحنا المعمدان بانه " يردّ قلوب الآباء الى البنين، وقلوب الابناء الى الآباء" ( لو1/17؛ ملاخي3/24). من الضرورة متابعة هذه المهمة اليوم، باطلاق مبادرة مصالحة كبيرة هي مبادرة شفاء العلاقات المريضة بين الآباء والابناء، والتغلب على عمل الشيطان بالتماس حلول الروح القدس هاتفين:" هلم ايها الروح القدس! نقِّ ما كان دنساً، أرو ما كان جافاً، إشف ما كان معتلاً، ليّن ما كان صلباً، دفّء ما كان بارداً، وقوّم منا الانحراف!" المطلوب، في هدي انوار الروح، فعل ايمان واقتداء. الايمان بان الابوة والامومة ليستا مجرد عملية بيولوجية، بل مشاركة في ابوة الله. والاقتداء بابن الله المتأنس، المنتمي الى عائلة نما فيها بالطاعة والقامة والنعمة والحكمة ( راجع لوقا 2/51-52). هكذا يختصر بولس الرسول هذا الحل: " ايها الآباء لا تغيظوا ابناءكم لئلا يصدموا! ايها الابناء اطيعوا آباءكم لانكم بهذا ترضون الرب!" (كول3/20-21). عدم اغاظة الابناء تعني صبر الوالدين عليهم وتفهمهم، وانتظار نضوجهم، وعدم المطالبة السريعة بما يرغبون لهم او منهم، ومعذرة اخطائهم، وتشجيعهم وعدم اقناطهم، وتقدير مبادراتهم. مطلوب من الاب والام ان يكونا للاولاد الصديق ومحط الثقة والمثال والكنز الاثمن. *** |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هل صراعات العلاقة علامة على أن العلاقة ليست مشيئة الله |
الاهم انا ولا احنا |
أحيانًا أشخاص تكون لهم العلاقة الظاهرية، وليس لهم العلاقة القلبية |
يسوع هو الاهم |
في الامس كنت الاهم |