رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرجاء المسيحي الحقيقي قبل أن نتكلم عن الرجاء المسيحي وعمّا يمكن أن يقدمه الى العالم لا بد من نلقي نظرة سريعة على الدوافع التي أدّت الى أزمة الإيمان في العصور الحديثة وبالتالي أدّت الى أزمة الرجاء المسيحي. تظهر هذه الأزمة بوضوح تام خاصة عند فرنسيس باكون. يرى باكون أن الإختراعات والإكتشافات التي بدأت منذ زمن قريب ما هي إلاّ بداية لاكتشافات جديدة ينتج عنها عالم جديد هو مملكة الإيمان. للرجاء عند باكون شكلاً جديدًا يسميه الإيمان في التطور. والتطور يُبنى على العقل والحرية، عقل هو قوة خير وللخير، وحرية تقود الإنسان الى كماله. انهما الأساس الجديد للجماعة البشرية الجديدة. أما عمانوئيل كانط فيؤكد على أن الثورات، وبخاصة الثورة الفرنسية، استطاعت تسريع زمن العبور من إيمان الكنيسة الى إيمان العقل أي الى "مملكة الله". ليس ملكوت الله هذا هو ذاته الملكوت الذي بشّر به يسوع المسيح، إنما الملكوت الذي يصل الى حيث أيمان الكنيسة تخطاه الزمن واستعيض عنه " بالإيمان الديني" أي الإيمان العقلي. وفي هذا الملكوت هناك، مع النهاية الطبيعية لكل شيء، امكانية وجود نهاية مضادة للطبيعة فاسدة من الناحية الأخلاقية. ومع كارل ماركس وثورته البروليتارية ساد الإعتقاد أنه بمجرد انتزاع أملاك الطبقة السائدة وسقوط السياسة وباشتراكية وسائل الإنتاج تتحقق أورشليم الجديدة. اعتقد ماركس أنه بتنظيم الإقتصاد يترتب كلّ شيء. خطأُه الحقيقي هو المادية، نسي أن الإنسان يبقى إنسانًا. نسي الإنسان ونسي أن الحرية تبقى دائمًا حرية حتى في الشر. ونتساءل نحن المسيحيين ماذا نستطيع بعد أن نرجو خاصة في ظلِّ الاوضاع التي نعانيها؟ وماذا يمكننا أن نقدم للعالم الذي فقد الرجاء والإيمان؟ قبل كل شيء لا بدّ من أن نؤكد بأن التقدم يعطي إمكانيات جديدة للخير ولكنه يُنتج أيضاً إمكانيات سحيقة ومخيفة للشر لم تكن سابقًا. إذا لم يرافق التقدم التقني تقدمًا في تربية الإنسان الأخلاقية، في نمو الإنسان الداخلي، فهذا ليس تقدمًا إنما تهديد للإنسان والعالم. في هذا التقدم الصحيح والمعافى يلعب العقل البشري دورًا أساسيًّا في التمييز بين الخير والشر. هكذا فقط يصبح العقل عقلاً بشريًّا حقًا لا عقلاً متسلطًا. يصبح العقل بشريًّا فقط إذا كان بإمكانه أن يدل الإرادة والحرية على الطريق، وإلاّ يصبح تهديدًا له ولكل مخلوق. إن الملكوت العقلي المحقق بدون الله ينتهي مؤكدًا بالمخرج الفاسد لكل شيء على ما يصف كانط. العقل بحاجة إذًا الى الإيمان ليكون هو ذاته كاملاً. والإنسان بحاجة الى الله وإلا بقي بدون رجاء. يخطىء كل من يعتبر ان الإنسان يُفتدى بالعلم، هذا نوع من الرجاء الكاذب. صحيح انه باستطاعة العلم أن يساهم كثيرًا في أنسنة العالم والبشرية، ولكن باستطاعته أيضًا أن يهدم الإنسان والبشرية، إذا لم يكن الله موجودًا فيه وفي تقدمه. ليس العلم من يفتدي الإنسان بل المحبة التي تجلّت في يسوع المسيح. عندما يختبر الإنسان في حياته حبًّا كبيرًا، عندئذٍ تكون ساعة الفداء، فيعطي إذاك معنى جديدًا لحياته. "لا الموت ولا الحياة لا الأرواح ولا القوات، لا الحاضر ولا المستقبل، ولا الكواكب ولا السماوات، ولا الأعماق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلني عن محبة الله التي في المسيح يسوع " (رو 8: 38 ? 39). لذلك نقول، من لا يعرف الله من خلال يسوع المسيح، وإن استطاع أن ينعم بأنواع عديدة من الرجاء، هو في الواقع وفي العمق بدون رجاء، فالرجاء الحقيقي الرجاء الكبير للإنسان هو الله فقط. ومن مسّه الحب يفهم حقيقة ما هي الحياة في عمقها. فالحياة بكاملها علاقة بمن هو نبع الحياة، بمن هو ذاته الحياة والحب. وبقدر ما نكون متحدين به يصبح بمقدورنا أن نصير حقًّا للآخرين، للجميع. يقول القديس مكسيموس المعترف بأن من أحب الله أحب أيضاً قريبه بدون تحفظ، عندها يصبح غير قادر على الإحتفاظ بغناه، فيوزعه مثل الله معطيًا كل واحد ما هو بحاجة إليه. إذاً الله هو أساس الرجاء لا أي اله، بل الإله الذي يحمل وجهًا بشريًّا والذي احبنا غاية الحب. ليست مملكته شيئًا نتخيله ما وراء الطبيعة، حاضر في مستقبل لا يتحقق أبدًا، بل مملكته حاضرة حيث هو محبوب وحيث حبه يضمنا إليه. وحده حبه يعطينا أمكانية الثبات والرجاء في عالم هو بطبيعته غير كامل. |
02 - 09 - 2014, 05:23 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: الرجاء المسيحي الحقيقي
شكرااااااااااا ربنا يعوض تعب خدمتك
|
||||
02 - 09 - 2014, 07:57 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الرجاء المسيحي الحقيقي
شكرا على المرور
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المسيحي الحقيقي لا يمكن أن يتوقف أبداً عن حمل راية الإيمان المسيحي |
الإيمان المسيحي هو الرجاء الحقيقي |
هذا هو الرجاء الحقيقي |
إن الرجاء الوشيك للرب يسوع هو الرجاء المسيحي |
الرخاء الحقيقي |