رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو التقليد ؟ هناك حقيقة راسخة في الإيمان المسيحيّ هي أنّ الإيمان يعتمد على مصدرين: الكتاب المقدّس وتقليد الكنيسة. من هذا التعريف نلاحظ أنّ التقليد ليس فقط مجموعة من العادات والحركات والممارسات الّتي يقوم بها الإنسان تعبيراً عن انتمائه إلى جماعةٍ معيّنة، بل أعمق من هذا بكثير. التقليد والكتاب المقدّس موضوعان على مستوى واحد. فكما لا يمكننا تغيير نصوص الكتاب المقدّس، لا يمكننا تغيير التقليد. ومع ذلك، ليس التقليد، كما الكتاب المقدّس، أمراً جامداً. إنّه حيويّة وحياة. ومَن يقول حياة، يقول نموّ وتغيير. فكيف يكون ذلك؟ التقليد يشبه الكنيسة. له بعدان: إلهي وإنساني. إنّه على صورة المسيح في هذا الأمر، والمسيح منبعه وأساسه وعماده. فالتقليد إذاً أبديّ سرمديّ في هيئته الإلهيّة، ثابت لا يتغيّر ولا يمسّه الزمن بفساد لأنّه جزء من الوحي الإلهي بالمسيح، وهو استمراريّته الحيّة عبر الزمان والمكان. لكنّه في بعده البشريّ، أيّ البعد الّذي يمكّننا من استيعابه، مدعوّ إلى أن يتطوّر ويتحوّل ويتأقلم مع الظروف الجديدة الّتي يواجهها. هناك إذاً بعدان للتقليد، أو مستويان، ومن الضروري التمييز بينهما. الواحد منهما ثابت والآخر متحوِّل. الواحد إلهيّ والآخر بشريّ. فالعقائد الكنسيّة كعقيدة الثالوث أو التجسّد أو الفداء والأسرار الكنسيّة هي تقليد ملهم من الروح القدس لا يمكننا المساومة فيه بأيّ شكلٍ من الأشكال، كأن نقول إنّ يسوع بشرٌ مثلنا لا أكثر، حتّى وإن كان في هذا القول حلّ ظاهريّ لمشكلةٍ قائمة بيننا وبين الديانات الأخرى. أمّا أسلوب الصيام وأوقاته كما أساليب الاحتفال بالرتب الليترجيّة، فهي من التقاليد البشريّة الّتي يمكننا تطويرها. فكما أنّ الكنيسة هي في العالم وخارج العالم، تاريخيّة وأبديّة، فإنّ التقليد يتطوّر ويتحوّل عبر التاريخ، ويظلّ هو هو في جوهره. فمن واجب الإنسا الّذي يعيش في الحاضر أن يأوّنه. ما يكوّن الإنسان، سواء على المستوى البيولوجي أو الثقافي، قد فُرِضَ عليه فرضاً بسبب ظروف ولادته وبيئته وتربيته، وعليه أن يعرف هذا ويقبله كعطيّة من الله. لكنّ هذه الخصوصيّة تختلف من جيلٍ إلى جيل، وعلى التقليد أن يتأقلم معها. فالروح القدس لا يتحدّد بأيّ شيءٍ بشريّ. إنّ التقليد هو مثل الحياة الروحيّة، يخصّ الإنسان الحر القادر على التمييز. فإذا انحصر الأمر في نسخ الاستعمالات السابقة والعادات القديمة، يكون التقليد ميّتاً وموجّهاً إلى أموات. ولأنّ شريعة الروح شريعة حرّيّة، يعرض التقليد على الإنسان أمثلة الأجداد. وعلى هذا الإنسان أن يستقبل هذه الأمثلة، وأن يظلّ كما هو. بهذه الطريقة، يدخل التقليد في حوار عبر الزمن. حوار قوامه الوفاء والاستقلاليّة، وبنيته الشراكة والاختلاف، حيث يميّز الإنسان في الروح القدس ما ينبغي الحفاظ عليه وقبوله، وما يمكنه أن يتطوّر حين تتغيّر ظروف الحياة التاريخيّة. ووظيفة الكنيسة، المؤتمنة على التقليد، ليست أن تفرض وجهات نظرها على التاريخ، بل أن تعلن ملكوت الله لعالمٍ ساقط كي ينال البشرى ويقبلها بحرّيّة. فالأمر الوحيد الهامّ في الكنيسة هو ملء الحياة في الروح القدس. لقد وضع آباؤنا أسس التقليد. ويتوجّب علينا أن نستقبل تعاليمهم بروح تواضع وطاعة للكنيسة، وبالإيمان والانفتاح. التقليد هو أيضاً حقيقة مكتسبة يجب قبولها كما هي. فعقائد الإيمان الّتي حدّدها الآباء بإلهامٍ من الروح القدس في أثناء المجامع المسكونيّة تؤلّف الأسس الراسخة للتقليد. فيجب إذاً استقبالها بحرّيّة لكي نعيش منها في نفس إلهام الروح القدس، ولا يمكننا تعديلها عشوائيّاً. قد يمكننا إعادة صياغتها أو تعميق مفاهيمها. لكنّ الحقيقة الّتي تحتويها لا تُمَس. هذا ما يهب التقليد قوامه وبنيته الصلبة، ويحميه من الانحلال أو الضمور عبر الزمن. |
10 - 09 - 2014, 12:39 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: ما هو التقليد ؟
شكرا مارى
ربنا يبارك خدمتك |
||||
11 - 09 - 2014, 09:42 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ما هو التقليد ؟
شكرا على المرور |
||||
|