رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أعمال الشرير هي كل أنواع الخطايا حسد، كذب، مكر، كراهية، خصومة، حقد، افتراء، غضب، غيظ، غرور، زهو، فقدان للرحمة، اشتهاء ما للغير، اغتصاب، إثم، شهوة رديئة، مخاصمة، استياء، اهتياج، سخرية، تجديف، نسيان لله، وكل ما عداها من الشرور. وهكذا، ماذا يجني المسيحيون الذين يقومون بهذه الأعمال من تسميتهم مسيحيين، ما لم يقضِ تجلِّ ابن الله فيهم على أعمال الشرير هذه؟ إذا قال أحد ما أن الذين على هذه الحال يشرحون الكتاب المقدس ويتفوّهون باللاهوت ويعلّمون العقائد الأرثوذكسية، فليعلم أن عمل المسيح ليس في هذا. لا يقول يوحنا الإنجيلي أن ابن الله ظهر لهذا الهدف، أي لكي يتفوّه البعض باللاهوت ويفاخروا بأرثوذكسيتهم، بل لكي يبيد أعمال الشرير. في ما يختص بهؤلاء، أقول أن على الإنسان أن يطهّر الإناء أولاً ومن ثم يضع فيه الطيب حتى لا يتدنّس الطيب نفسه وبدل العبير يخرِج رائحة رديئة. إن ابن الله، الكلمة، لم يتأنّس فقط لكي يؤمن الناس بالثالوث الأقدس ويمجدوه ويتكلّموا لاهوتياً عنه، بل لكي يهدم أعمال الشرير. من بين كل الذين تسلّموا إيمان المسيح، يُعهَد بأسرار اللاهوت والعقائد الأرثوذكسية إلى الذي أبيدَت فيه أعمال الشرير. أمّا الذين لم تزل فيهم هذه الأعمال وما زالوا مرتبكين بها بما فيه الإهانة لله والتجديف عليه، فهم بالجوهر في نفس درجة الوثنيين الممنوعين المحظورين، ليس فقط من قراءة الكتاب المقدس وشرحه، بل حتى من دخول هيكل السيد للصلاة هناك كما هو مكتوب: ?وللشرير قال الله ما لك تحدّث بفرائضي وتحمل عهدي على فمك. وأنتَ أبغضتَ التأديب وألقيت كلامي خلفك? (مزمور 16:49-17). إن الذي لا يحمل في قلبه ناموس الله يكره التأديب والإصلاح اللذين توحي بهما كلمات السيد ويسدّ إذنيه حتى لا يسمع كلمة الله التي تعلن عن الدينونة الآتية وعقاب الخطأة، أو نار جهنم التي لا تُطفأ والعذابات الأخرى في الجحيم، والحكم الأبدي الذي لا ينجو منه أي إنسان متى خضع له. إن الذي لا يكافح بكل قوته لأن يضع دائماً أمام عينيه وصايا الله ويحفظها، بل بالمقابل يزدري بها ويفضّل عكسها عليها ويتصرّف على هذا الأساس، يطرح كلمات الرب وراءه. سوف أفسّر بهذا المثل. عندما يسمع أحدهم وصايا الرب ?توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات? (متى 17:4)، وأيضاً ?؟؟؟ لتدخلوا في الباب الضيق? (لوقا 24:13)، فلا يتوق إلى التوبة وإلى إلزام نفسه بالعبور بالباب الضيق، بل يقضي أيام حياته في طيش عظيم مضيفاً إلى خطاياه السابقة في كل ساعة خطايا جديدة، مقدماً الراحة لجسده على حساب ما هو ضروري لا بل وما هو لائق، ما يقدم إشارة إلى الطريق الواسع العريض الذي يؤدي إلى الضياع، وليس إلى الطريق الضيق المحزِن الذي يقود إلى الحياة الأبدية، أليس جلياً أن هذا الإنسان يطرح وراءه كلمات الله أي أنه يزدري بها ويفعل إرادته، أو بتعبير أفضل، إرادة الشيطان؟ بالواقع، يصف داود النبي مَن يلقي وراءه كلمات الله: ?أطلقتَ فمَك بالشرّ ولسانك يخترع غشاً. تجلس تتكلّم على أخيك. لابن أمّك تصنع معثرة. هذه صنعتَ وسكتُّ. ظننتَ أني مثلك. أوبخك وأصف خطاياك أمام عينيك. افهموا أيها الناسون الله لئلاّ أفترسكم ولا منقذ. ذابح الحمد يمجدني والمقوّم طريقه أريه خلاص الله? (مزمور 19:49-23). ألا ترون أن هذا الإنسان قد نسي الله وهو يستحق عقاباً أعظم من الكافر الذي لم يعرف الله أبداً؟ إذ، كونه عرف الله، كما يقول الرسول، هو لا يمجده بل يسيء إليه في عَمْلِه أعمال الشرير. وهكذا فهو عدو الله، حتى ولو بدا وكأنه الأكثر جدارة بالثقة بين معلمي العقائد الإلهية واللاهوت الأرثوذكسي. ومن المستحيل أن يقدر هكذا إنسان على إعلان العقائد الإلهية والتفوّه باللاهوت بأمانة، إذ كيف للفكر المعتّم بضمير مدنس أن يفكر على نحو صحيح وبطهارة؟ وحده الذي تحرر من أعمال الشرير وهو ثابت في احتواء الله في فكره يستطيع أن يعلن أسرار الله بأمانة كونه لم يعد مربوطاً بأعمال الشيطان. فلينجّنا جميعنا سيدنا يسوع المسيح من هذه الأعمال حتى ندخل ملكوته، له المجد إلى الأبد. آمين. |
|