رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
البعد الكنسى
+++++++++++++ واضح أن حديثنا مع الشباب، سواء على المستوى الجماعى أو الفردى، يجب أن تكون له أبعاده الكنسية، عن إيمان واقتناع بأن الشباب هو جزء من جسد السيد المسيح.. الكنيسة، وأن كل شاب أو شابة يجب أن يقتنع بعضويته فى هذا الجسد المقدس، التى أخذها بالمعمودية، وينميها من خلال الحياة الكنسية اليومية، سواء فى الكنيسة.. المبنى، أو فى الكنيسة.. المنزل، أو حتى فى الكنيسة.. القلب. وأهم أبعاد الحياة الكنسية هى : 1- العقيدة الأرثوذكسية : إذ ينبغى أن تتأسس حياة الشباب على عقيدة مستقيمة، وتنعقد حياتهم على مفرداتها، إيماناً، وحباً، وسلوكاً يومياً. 2- الطقس الحى : إذ يعيش الشباب السنة الكنسية الطقسية يومياً وأسبوعياً وشهرياً، فى شركة حية مع الرب يسوع رأس الجسد، ومع القديسين السمائيين، ومع أخوته الذين يجاهدون فى طريق الملكوت، وهم بعد أحياء فى هذه الأرض. 3- الجذور الآبائية : حتى يتشرب الشباب فكر الآباء القديسين معلمى الكنيسة وقديسيها، ويتأملوا ويتمثلوا سلوكهم اليومى، ويقتدروا فى جهادهم اللاهوتى والعقيدى والروحى والكرازى.. 1- العقيدة الأرثوذكسية لاشك أن عقيدة كنيستنا هى العقيدة ذات السمات الإيجابية.. منها أنها : أ- عقيدة سليمة : بمعنى أنها مضبوطة بالكتاب والتقليد والتدقيق فى موضوع ما، الأسرار، الشفاعة، الصلاة من أجل الراقدين، الأصوام، الأعياد، وغير ذلك من المواضيع، وكنيستنا تفخر - بنعمة الله - أنها قدمت للمسيحية علماء اللاهوت الذين استطاعوا أن يقتنوا الإيمان المسيحى والعقيدة السليمة، ويصيغوا قانون الإيمان وحقائق المسيحية، بأسلوب دقيق شهد له العالم المسيحى آنذاك، وما يزال!! ولعل عودة العائلتين الأرثوذكسيتين للعائلة الواحدة قريباً إن شاء الله - إلى صيغة كيرلس الاسكندرى كانت، وسوف تكون، سبباً فى الوحدة الأرثوذكسية: طبيعة واحدة لكلمة الله المتجسد.. ب- عقيدة مستقيمة : وأقصد بذلك أنها لم تمل يمنة أو يسرة.. بدأت من عصر الرسل، وحتى الآن، فى خط مستقيم، محافظ بدون أدنى انحراف، البعض انحرفوا يميناً، واحتج عليهم بعض منهم فانحرفوا يساراً، فإذ ما جلسوا وتقاربوا للحوار، وإذا عادوا إلى الجذور الأرثوذكسية ملجأ وملاذاً!! ليس ندعى شيئاً متميزاً فى أشخاصنا، ولكن لأننا لم ننحرف لا يميناً ولا يساراً.. أنها طبيعة الأشياء، وحركة التاريخ!! ج- عقيدة شاملة : فهى لا تميل إلى المبالغة فى أمر على حساب الآخر، فنراها تتحدث عن الإيمان دون أن تهمل الأعمال، وتكرم العذراء دون أن ترفعها إلى مصاف الألوهية.. وتسمح بقراءة الكتاب المقدس والتأمل فى كلماته، دون أن تعطى لكل فرد حرية التفسير، فالمسيحية لن تبدأ بنا.. وتعطى الكهنوت سلطة وكرامة، دون أن تغمط الشعب حقه فى صنع القرار الكنسى.. تتحدث عن النعمة وتتحدث عن الجهاد أيضاً.. وهكذا فى شمول يعطى المسيحية -وصورتها الشاملة المتكاملة. د- عقيدة كتابية : فمع أن الكنيسة القبطية كنيسة تقليدية، تؤمن بأهمية التقليد الكنسى، وأن الكتاب نفسه هو عطية التقليد وجزء منه، إلا أنها تؤمن أن الكتاب المقدس هو الحكم على كل عقيدة أو تقليد أو طقس.. لهذا فكل عقائد كنيستنا كتابية.. مئات الآيات للأسرار والشفاعة والتقليد وتطويب العذراء ومسحة المرضى بالزيت والكهنوت والمذبح... الخ. لاشك أن عقيدة كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، هى الفهم السليم للكتاب والحياة، ولا نقصد بذلك تعصباً، ولكنه التراث الذى تسلمناه من الآباء دون زيادة أو نقصان. لقد عاش آباؤنا المسيحية والإنجيل والمجتمع، ونحن ندرس حياتهم وأقوالهم وتفسيراتهم للكتاب المقدس ولاهوتهم، ونجتهد أن نستمر فى نفس الطريق. وهكذا إذ نضرب بجذورنا فى عمق التاريخ، وفهم وسلوك الآباء، ترتفع الساق إلى فوق، وتورق وتزهر وتثمر لمجد السيد المسيح... وبناء ملكوت الله. 2- الطقس الحىّ كنيستنا فيها طقس حىّ، مشبع فكرياً ووجدانياً وروحياً، والطقس فى الكنيسة هو وعاء العقيدة، ليس فقط من جهة المحتوى التعليمى الذى تقدمه لنا الكنيسة فى كل طقس، ولكن أيضاً كتعبير وجدانى وروحانى وذهنى عن مدلول هذا الطقس فى حياتنا الداخلية والخارجية.. الطقس فرحة تعليم، وتعبير، وتذوق، وشبع، لكافة عقائد الكنيسة، من هنا مهماً سلامة العقيدة، ولكن دون انتقاص من أهمية استقامة الحياة اليومية فى الباطن والظاهر. الطقس إذن هو : 1- وعاء يحوى شكل ومضمون العقيدة. 2- تعبير عن الحياة الكامنة فينا. 3- تعليم عقيدى ولاهوتى وسلوكى، ودعوة إلى الخدمة. وكل طقس فى كنيستنا تنطبق عليه هذه المواصفات، فمثلاً عندما نصلى القداس الإلهى... نحن نجد فى القداس منطوق العقيدة والإيمان السليم فى وجود الله الذى "جبل الإنسان على غير فساد"، ثم قصة سقوط الإنسان وفدائه، ثم حلول روح الله، ثم امتداد الفداء فى الأفخارستيا، ثم الإيمان السليم فى طبيعة واحدة للسيد المسيح، من طبيعتين اتحدتا "بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير"... كذلك فالقداس الإلهى تعبير عن الحياة الكامنة فينا، "إذ طهرتنا كلنا، توحدنا بك، من جهة التناول من أسرارك المقدسة"، "أنعم لنا بالميلاد الفوقانى من الماء والروح"، "وصيرنا أطهاراً بروحك القدوس". ثم أن القداس الإلهى، بطقوسه التفصيلية، مدرسة تعليمية من تحركات الكاهن، إلى الشموع والبخور والرشومات والخبز والخمر، وحلول الروح القدس، الذى يكف الكاهن بعده عن أن يرشم الشعب بالصليب، لأن عمانوئيل أصبح فى وسطنا، لذلك يتجه الكاهن نحو الشعب، ويرشم نفسه، تاركاً للحمل الإلهى أن يبارك هو الحاضرين... تفاصيل كثيرة جميلة، لو درسناها سنتعلم الكثير. لذلك يجب على الخادم أن يحيا الحياة الكنسية اليومية، كعضو فى جسد السيد المسيح فالمؤمن المسيحى الأرثوذكسى، له حياة خاصة، ذات سمات متميزة، منها على سبيل المثال : 1- صلاة المزامير يومياً : عصارة الآباء، طلبات جديدة، وعظ للنفس، اتحاد بمناسبات مسيحية هامة كل يوم، مشاعر متحركة ومتباينة. 2- الصلوات السهمية : طلباً للمعونة والرحمة، كما علمنا الآباء، إذ قال القديس أنطونيوس لتلميذه، أن يصلى دائماً: "ياربى يسوع المسيح ارحمنى، ياربى يسوع المسيح أعنى، أنا أسبحك ياربى يسوع المسيح". 3- القراءات اليومية : فى القطمارس حسب اليوم.. تسعة إصحاحات على الأقل فى كل قداس. 4- السنكسار : تذكار يومى للقديسين والمجامع والمعجزات لنتمثل بهم. 5- التسبحة اليومية : بفصولها الكتابية، وعمقها اللاهوتى، وألحانها الخالدة. 6- الأصوام المقدسة : الأربعاء والجمعة، والأصوام المتعددة، اتحاداً بميلاد الرب، وصلبه وقيامته، واقتداء بالعذراء والآباء الرسل وأهل نينوى. 7- المناسبات الكنسية : فى البصخة المقدسة وتسابيح كيهك. 8- الأعياد المقدسة : السيدية الكبرى والصغرى، وغيرها لنحيا المناسبة، وننال فاعليتها فى حياتنا. 9- سر الأفخارستيا : قمة الشبع الروحى من خلال القداسات اليومية. 10- الآباء : دراسة مستمرة لأقوالهم لننتفع بها فى حياتنا وخدمتنا. وهكذا نكون نحن، وشبابنا، أرثوذكسى العقيدة والحياة نمجد الله، ونسلك فى تمسك دون تعصب، وفى محبة للجميع دون تنازل عن عقيدة أو عن مبدأ. 3- الجذور الآبائية فالإنسان المسيحى يجب أن يسير على درب الآباء، وعلى آثار الغنم... لهذا عليه أن يدرس تاريخ الكنيسة بكل ما حواه من إنجازات، وبكل ما يشمله من دفاع عن المسيحية السليمة والأرثوذكسية الحقة، فى مواجهة الهرطقات التى واجهت الكنيسة عبر عصورها المتعاقبة. والمقصود هنا، ليس الترف الفكرى، والبحوث العقلانية، لكن التيقن من أن كل جهادات الآباء، عبر التاريخ الطويل، كانت من أجل : X أن يحيوا المسيحية الأرثوذكسية فى عمقها. X وأن يقننوا الإيمان المسيحى السليم. X وأن يدافعوا عن هذا الإيمان فى مواجهة الهرطقات والانحرافات. X وأن يقدموا لنا مثالاً نقتدى به. ولذلك فحين واجهت المسيحية الهرطقات، كانت تهتم - جوهرياً - بما هو لخلاصنا، ولم تكن تقصد كلمة هنا أو هناك، أو فلسفة لا طائل منها، فمثلاً : 1- عقيدة ألوهية السيد المسيح : فى مواجهة هرطقة آريوس، ما أهمها، لأن عدم اليقين من أن الرب يسوع هو الكلمة المتجسد، أبن الله وابن الإنسان، سر التقوى، الله الذى ظهر فى الجسد... هذا التشكك يضيع علينا كل مفاعيل الفداء، وطريق الخلاص. 2- عقيدة ألوهية الروح القدس : فى مواجهة هرطقة مقدونيوس، كانت أساسية لخلاصنا، ومازالت، لأن الروح القدس هو المبكت والمرشد والمقدس، وبدون عمله ليس لنا خلاص.. فلو كان مخلوقاً ومحدوداً، فكيف سيخلصنا؟! 3- عقيدة الثئيؤطوكوس : "والدة الإله" فى مواجهة نسطور، الذى شق الإيمان بالسيد المسيح إلى إله منفصل عن إنسان، ولم يقل أنه اللاهوت متحداً بالناسوت، بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير... ولو كان الأمر كما كان يرى نسطور، لكان الفادى إنساناً محدوداً لا يخلص - إن استطاع - سوى إنسان واحد.. وهكذا يفقد الفداء بعده اللامحدود فى مواجهة خطية آدم ذات العقاب اللامحدود. إن اللاهوت قد اتحد بالناسوت، فصار الرب يسوع : X إنساناً... يمثل البشرية. X يمكن أن يموت... ليحمل حكم الموت عنا. X وهو لا محدود... ليحمل عقاب خطيتنا اللامحدودة. X وبلا خطية... لأن فاقد الشىء لا يعطيه. X وخالق... يستطيع إعادة خلقتنا ثانية. 4- عقيدة الجسد الحقيقى للمسيح : فلو كان جسد السيد المسيح خيالاً أو غازياً كما قال الدوسيتيون فى القرن الأول، فهاجمهم القديس يوحنا فى رسائله، وكما قال أوطاخى فيما بعد، فحرمته الكنيسة الجامعة... نقول... لو كان جسد السيد المسيح خيالياً، إذن فاللاهوت يرفض أن يسكن فى بشريتنا، وهكذا نهلك... نعم سيسكن فينا بالنعمة والتبنى، وليس كما حل كل ملء اللاهوت جسدياً فى السيد المسيح لأنه ابن الله بالطبيعة. هذه مجرد أمثلة لأهمية دراسة التاريخ، وكتابات الآباء الذين دافعوا عن الإيمان السليم، وقننوا العقيدة الحقة، وسلموها لنا، لنحفظها، ونسلمها للأجيال التالية، لا كتراث فكرى ممكن الاستغناء عنه، ولكن كتوصيف لاهوتى للإيمان الذى تسلموه، الإيمان الذى يخلصنا الآن، وإلى منتهى الدهور. لهذا يجب على الخادم الكنسى أن يدرس : k تاريخ الكنيسة : بكل عصوره وأحداثه... k حياة الآباء : الشهداء واللاهوتيون والقديسون.. k أقوال الآباء : فى الروحيات، واللاهوت، والعقيدة، والقوانين.. وأمامنا عدد هائل من الآباء وكمية ضخمة من كتاباتهم مثل : 1- آباء ما قبل نيقية : ويتسم تراثهم بالبساطة الشديدة مثل: يوستينوس - ايريناوس - هرماس - تاتيان - اثيناغوراس - كليمنضس الاسكندرى - هيوليتس - نوفاتيان.. الخ. 2- آباء ما بعد نيقية : حيث بدأت المناقشات اللاهوتية رداً على هرطقات كثيرة ظهرت بعد ذلك مثل كتابات: أغسطينوس - ذهبى الفم - أثناسيوس - غريغوريوس النزينزى - غريغوريوس النيصصى - يوحنا الدمشقى - كيرلس الأورشليمى - امبروسيوس - كاسيان - افرايم السريانى.. الخ. ويمكن تصنيف الآباء جغرافياً حسب المناطق : 1- آباء مصر، خاصة مدرسة الإسكندرية وآباء البرية. 2- الآباء الانطاكيون. 3- الآباء الكبادوك. 4- الآباء اللاتين. ويمكن تقسيم كتابات الآباء حسب موضوعاتها : 1- كتابات دفاعية. 2- تفسير الكتاب المقدس. 3- عظات ومقالات. 4- رسائل. 5- ليتورجيات كنسية. 6- كتابات - شعر وتسبيح. 7- حوارات - (ديالوج). 8- نسكيات. 9- قوانين كنسية. 10- تاريخ كنسى. أمام هذا المحيط الشاسع من كتابات الآباء، يقف كل منا كطفل صغير على شاطئ محيط ضخم، ينهل من كتاباتهم، ويقرأ تفسيراتهم ويشبع بروحانيتهم، ويستفيد من خبراتهم وتعاليمهم. وأمامنا الكثير من كتاباتهم باللغة العربية، بفضل مجهودات الكثيرين، وأهمهم القمص تادرس يعقوب.. المهم أن نقرأ، وأن نتعلم.. |
24 - 08 - 2014, 09:35 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: البعد الكنسى
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
|